وهل عقمت الأرحام

وفى ظل هذه السحابة المعتمة

ومع هذه الأجساد التى هرمت قبل أوانها

ومع هذا الشيب الذى ضرب الرؤوس .

والتجاعيد التى لعبت بالوجوه.

والقلوب التى حاصرها الوجع قبل أوانها

ووهنت شرايينها قبل أن يتحرك الدم فيها

مع الليل وأوجاعه

مع الأمراض وتفشيها

والحياة ومتاعبها وكبدها

تغيرت أحوال الكثيرين وأفعالهم فى حق بعضهم البعض

تغير أخلاقيات الكثير حتى صارت لا تسرّ عدو ولا حبيب

تغيرت كثير من القلوب فحلّ بها  مالا يجب بدلا مما هو واجب .

تأخرت شموس وأقمار كثيرة من أخلاقيات مَنْ كنت تعرفهم ومَنْ لاتعرفهم

أضاع كثير من الناس المواعيد والعهود والمواثيق.

ضَعف الوازع الدينى لدى الكثير والله المستعان .

صار الكثير لايبالى فى تصرفاته تجاه الغير التى قد تكون سببا فى تعاسته أو ضيق حياته .

صار الكثير إلا من رحم الله لا يبالى  بمن هم حوله أقرباء أم غير أقرباء .

ذهب الوفاء إلى خبر كان وهانت العشرة وتبددت الآمال على يد  من صنعوها

تداعيات متلاحقة  صار القابض فيها على أخلاقياته وجمال سماته ودينه غريبا فى مجتمعه .

يبحث ليل نهار عن حلول و مخارج وتحليلات لعلها تريحه شيئا ما  ..

يتيه من كثرة التفكير ..

يحتار من ذهول مايرى من الناس القريب والبعيد على السواء..

بل تروح  الحيرة به يمنة ويسرة فيفكر فى نفسه لعله قد يجدها هى المعوجّة والناس جميعا معتدلون  .

يعيد النظر ويراجع الحسابات فيجد أنه سليم النية للغاية حسن التصرف أما غيره مراوغون مُتصنّعون إلا من رحم الله .

فلا يجد بعد حيرته سوى أن يقدم العزاء لنفسه فى أمور كثيرة من حوله ..

يؤدى واجب العزاء والمواساة لأناس صحيح أنهم أحياء لكن ماعادوا وماصاروا كما كانوا أحياء وأحبّاء .

وبعد رحلة الإستعانة بربه لتبدأ شيئا فشيئا حيرته الى زوال حين يتذكر قول نبيه الحبيب محمد صل الله عليه وسلم : فطوبى للغرباء.

ومع هذه السحب وذاك الغيم اليومى الذى صار سمتا واضحا لملامح حياتنا

صرنا نحتاج بلهفة وضرورة بالغة

الى أناس نرفع بهم همتنا

يرفعوننا بجميل تعاملاتهم  قبل كلماتهم .

فيصلب عودنا وتتقوى أجسادنا وترتاح صدورنا

نتقوّت بهم وبكلماتهم

نتشرب من مائهم وأخلاقياتهم وكلماتهم وصدق تعاملاتهم

نبدد بهم ظلمتنا

نجدد بهم روحنا

نطارد بهم ومعهم كل مستغرب صار يغمرنا ويحكم حياتنا ويلحق بقلوبنا وأرواحنا

يبعثون فينا الأمل

يساعدوننا  على العمل

يُحيون بأخلاقياتهم وكلماتهم فينا الفكرة

يتحطم بنا معهم وبمعيتهم  شعور الإحباط  واليأس والوحدة

يمنحون  قلوبنا العافية بعدما أرهقها الدهر

نجدد بهم  نشاطنا و دمنا وإيماننا

ويبقى السؤال  !!!

هل  من بَشر على هذه البسيطة التى تُدعى الأرض..

يتواجدون ويستطيعون أو من الممكن أن يكونوا قادرين على صناعة ذلك

إن لم يكن هناك هذا النوع من الناس

أو كان نادرا وجوده

فمن المنطقى والواجب رحمة بأرواحنا ألا ننتظر حتى يأتينا الغيث

ولنكن نحن ,  أنا و أنت مَنْ يصنع تلك الكلمة الطيبة ويصنع من قبلها الخلق الأطيب والصادق الأقوم .

هنا و سنتحول وقتها إلى  روح جديدة تسرى فى أجساد مَنْ حولنا وأجسادنا قبل غيرنا

فيحييها الله بفضله ثم بفضل نور الكلمة الطيبة وبنور أخلاقنا الحقيقية وسمتنا النورانى

ولن يحرمنا الله الأجر برحمته. 

يبقى قبل ذلك وبعده أن نعقد النية ثم نجددها لله ..

أخيرا ويبقى السؤال ..

هل عجزت الأرحام وعقمت أن تلد من يجيدون صناعة الكلمة الطيبة والقدوة الحسنة من أنفسهم  ؟

وسوم: العدد 643