ويبقى الأمل

أطلق حروفك أريد أن أقرأ كلماتك لأنها نهرعذب تطفأ مواجعي.

مقالٌ أطلقه من شفتيك لأن حروفه لا شيء أمام حروفك وفكرك المتميز النيّر.

حين تقرأ هذه الكلمات سوف يكون صباحك نقي كنقاء أنفاسك لأن إرادتك ورغبتك في التغيير هي جمال وافي وضافي في صناعة مجد بلادك ، وأنا أعلم… أن في قلب كل فرد فينا أحاديث صامتة لا يستطيع البوح لأسباب. 

وبعد

تنظر تارة إلى هذا الكون نظرة يخيل إليك معها أنه كلٌ متكامل ووحدة شاملة وتنظر إليه أخرى فتراه أجزاء متناثرة مبعثرة، لا يجمعها إلا خيط رفيع من الوجود، وتنظر إليه ثالثة فتلقاه نصف اثنين اثنين فلا تجد شيئاً إلا وله زوج أو ضد... ترى الظلمة والنور، والسالب والموجب، الأبيض والأسود، الرطب واليابس، والذكر والأنثى ، فتكاد تحسب هذا العالم عالمين والكون كونين لشدة إزدواج مافيه وزوجية كل شيء يحمله...هكذا سنة الحياة كل شيء ورفيقه وهو في الواقع ضده وإن كان لا يستطيع الحياة بدونه.

لماذا هذا التضاد المطلق في الوجود ؟ وما السر في هذه الزوجية الدائمة؟

لاريب أن الهدف والحكمة من هذا هو أن يحدث احتكاك أو صراع بين كل منهما، والنتيجة ..هي هذه الحياة وهذا الضجيج التي جعلت من الكون كوناً حقيقياً يؤدي غرضه ويعمل ما وُجد من أجله .

إننا نتحدث عن الصراع وأسبابه ونتيجته وما يحدث في واقعنا اليوم بأشكال مختلفة منه، فالصراع يعني المعارضة والوقوف في وجه الشيء بقصد التغلب عليه إلا أنه يختلف عن الجدل وإن اختلفت النظرة واختلف التقدير.

الصراع كلمة كبيرة ذات خطر، احتلت الصدارة في فلسفات القدماء والمحدثين وشغلت أذهان جبابرة الفكر حتى يومنا هذا وحتى الدين لم يخلو منه بل كان أهم ركيزة من ركائزه ، وقس على هذا في جميع مناحي الحياة، وعلى الرغم من كل الخطر الذي يحمله الصراع إلا أنه مفيد جداً لأنه يسمح بجلاء الفكرة ووضوحها ويقدم لنا من خلال عملية التصادم بين الأطراف فرصة للمقارنة وتغليب وجهة نظر على أخرى وكشف المعاني وتحديدها بل وتطوير الفكرة الصالحة متى أثبتت صلاحها وفاعليتها فهو مفيد في مختلف المجالات.

لكن ما يجب الانتباه له هوالصراع داخل المجتمع لا بين مجموعات فكرية أو أدبية فحسب وإنما بين طبقات المجتمع وهو ما نعبر عنه بالصراع الطبقي... ويحدث ذلك عندما يتشكل المجتمع تشكلاً خاطئاً بأن تنمو في داخله طبقات اجتماعية تكون الهوة بين احداها والأخرى كبيرة بحيث لا تسمح بالتقارب والتجاوب الذي يخفف من وطأة هذه الطبقية المؤلمة.. إلا أن الصراع الطبقي لا مفر منه بحكم رغبة الطبقة الدنيا في الصعود ومحاولة العليا البقاء في مكانها والحيلولة دون اقتراب الأولى منها.

هناك صراعات أخرى كالاستبداد الداخلي في الأسرة والمجتمع حيث يكتوي بنار هذا الصراع كل الأطراف.. الآباء والأبناء، الأزواج والزوجات على حد سواء ، وهذا الصراع هام وخطر معاً كونه يمس الأسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع والركيزة الهامة في صلاحه وقوة بنيانه. ومن هنا علينا أن ننفتح ونغير طريقة معالجتنا لأمور الحياة بالاستعانة بذوي الاختصاص في علم النفس والاجتماع، حيث أن على هذا الجيل أن يتبين الطريق وأن يكون سباق والأول في أخذ زمام المبادرة لتفعيل التوجهات التربوية التي قد تساهم وتنمي الوعي والقدرة على بناء ثقافة يبنى عليها علاقة وطيدة تساعد على تخلص الكثيرين من أزمات نفسية واجتماعية ومن صراعات تمارس عليهم من قبل الأسرة أو المجتمع .

هل يمكن أن يبادر الشباب من سن 20 - 40  بفرح واعتزاز لحل المشكلات الراهنة في  قفزة ثورية تتجاوز الأفكار والعادات الهدامة التي لا تخدم الفرد - الأسرة أو المجتمع ؟

هل يستطيع كل رجل أو امرأة أن يحمل قسطه من المسؤولية في البناء الاجتماعي ؟.. وكذلك المراكز والمؤسسات  الحكومية ، ولا ننسى المبادرات الفردية في التواصل الاجتماعي بالاهتمام بهذه الجوانب.

أؤمن بذلك وواثق ...إننا سنعود قريبا ً لبناء مجتمعاتنا من جديد. لاشك أننا كنا في قدر ومصير سابق لا يليق بنا لكننا سنعود... وسوف اسمعك و تسمعني والقاك و تلقاني..وكل صراع سلبي نحوله إيجابي. فقط يبقى الأمل بداخلنا.

إن من يبادر في صناعة وإضافة أفكار جديدة تعالج من جهل الأمة وما أصابها من تأخر في فهم قضايانا الأساسية .. يكون قد فاز برضا الله وألهمه الصواب والقدرة على بناء مجتمع جديد..... فيه الفن قدرة متصرفة في الجمال، والعبقرية قدرة متصرفة في الفن، ونقصد بالفن والعبقرية والجمال هنا.... ما يقدم للإنسان في المجتمع لأن كل شيء في حياتنا يجسد المعاني الفنية والإنسانية، فالله صنع الكمال والجمال في الإنسان لكي يراه ويجعله منه وفيه وإليه وهنا تكمن المعرفة العميقة.

وستمضي الجراحُ برغم المحنْ

رغم الصراعِ ورغم الضياعِ ورغم الفتنْ

رغم الأنينِ ورغم الحنينِ وبطئ الزمنْ

ستمضي الجراحُ ويبقى الوطنْ.

هي حالةُ النفسِ الغريبة عندما..تعتاد طائعةً على الآلامِ

فلم الكآبة والحياة جميلةٌ..ولديك متسعٌ من الأحلامِ؟

وسوم: العدد 648