تجربتي مع الفيس بوك...

هنادي نصر الله

[email protected]

من أشدِ المتمسكينِ بأهمية التغيير؛ أدعمُ جيدًا شعار حماس الذي اتخذته عنوانًا لحملتها الإنتخابية في عام ألفين وستة" الإصلاح والتغيير"..

لم أكنْ في بدايةِ رحلتي الإعلامية مقتنعة بوسائل التواصل الإجتماعي الحديث؛ لأنني لم أرَ كثيرين فاعلين وناشطين إيجابيين، كثيرٌ من الشباب استثمر هذه الوسائل كبوابة للترفيه والتسلية وإنشاء العلاقات؛ وقليلٌ منهم من استثمرها بهدفِ تسويق شخصيته للعالم الخارجي وتطوير ذاته؛ ونفع مجتمعه..

مع قناعاتي بأن " الفيس بوك" على وجه التحديد؛ لن يُفيدني؛ كنتُ أردُ على كل من يسألني عن عنوان حسابي بأنه لا حسابَ لي لأنني لا ولن أقتنع به..!

مع مرور الوقت؛ وخلال دعائي لربي ـ جلّ في علاه ـ كنتُ أسأله ومازلتْ في سجودي أن ينفع بيّ الإسلام والمسلمين؛ وأن يُسخر لي كل الأبواب من أجل ذلك؛ شيئًا فشيئًا بدأتْ قناعاتي تتغير لصالح إنشاء حسابٍ على الفيس بوك؛ يُعبر عن هويتي الإسلامية، شخصيتي التواقة للتغيير،عنفواني وانتفاضتي التي تدعوني دومًا لأن أكون غير عادية في مجتمعٍ يتعطشُ دومًا لكل نموذجٍ يأخذ بيده إلى عالمٍ جميل..

قلتْ لِم لا أُنشأ حسابًا فيسبوكيًا، لا أقبل فيه الصداقات من أجل الحديث والددرشة، بل من أجل تسويق أفكاري، نشر تعاليم ديننا الإسلامي، أبدأ يومي بأذكار الصباح وأطلب من كلِ من يُشاهدونّ منشوراتي أن يُرددونها، نصلي الضحى جميعًا، نحثُ بعضنا البعض ـ على المكشوف ـ لا في غرف الدردشة المغلقة أو ما يُعرف بالخاص ـ  على كلِ شيءٍ جميلٍ وفيه خير في دنيانا وآخرتنا..

وبالفعل كان لي حساب؛ انتشرَ بسرعةٍ غير عاديةٍ بين الناشطين وقادة المجتمع الفلسطيني بل والعربي؛ حيث أضافني كثيرون من المؤثرين في عالم الدعوةِ والإصلاح والتوجيه والتثقيف وحتى السياسيين، لم أرفض أحدًا عبر صفحتي، استوعبتُ آراء الجميع، على اختلافِ انتماءاتهم السياسية والفكرية والأيدلوجية والمهنية، من باب أن ديننا دينُ السماحةِ ودينٌ يحترم الآخرين..

قلتُ أفكاري وترجمتها على هيئة خواطر ومقالات وكتاباتٍ نثرية، وتحمستُ لأن أحشدَ لها أكبر عددٍ من الجمهور؛ نجحتُ في ذلك؛ حتى أن كثيرين تواصلوا معي من أجل إلقاء المحاضرات حول التنمية البشرية؛ إذ أنني أحبُ كثيرًا الجانب التنموي وأسعى دومًا لترسيخ مفاهيمه وأصوله وجذوره من بابِ أن كل فردٍ في المجتمع لديه ميزة تُميزه عن غيره، ما عليه إلا أن يكتشفها ويُنميها..

صفحتي التي لم يتجاوز عمرها ستة شهور، كانتْ ثائرة ضد الواقعِ السائد، صفحتي كانتْ تفضحُ كل الظلم، الظلم الإجتماعي أو ما يُعرف" بالنفاقِ الأخلاقي" وكانتْ تكشفُ زيف مبادئ البعض، كانتْ لا ترحمُ كل من لا يحترم المبادئ الوطنية، وكل من يتنكر لشعبه لأجلِ إرضاء عدونا وعدو حقوقنا الوطنية..

كنتُ أتمنى لحسابي الفيسبوكي أن يستمر ويستمر؛ لأتمكن من تأسيس لوبي ضاغط على كلِ من يقمعون الحريات العامة؛ على كلِ من يُحاربون " الحرية" تحت مسمى" الإساءة للآخرين"..

كنتُ أتمنى أن نؤسسَ لعهدٍ يتبني الحقيقة، يُدافع عن الحقِ حتى الرمق الأخير، يقولُ للأعوجِ على الملأ أنتَ أعوج ولا يخشى الردى ولا يهاب المنون..

كنتُ عبر حسابي الفيسبوكي أقول" المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"..

كنتُ أقول" أجلْ إني قوية؛ لكنني قوية بأخلاقي، بديني،كنتُ أقول لم أجد زينةً للإنسان أجمل من زينة الأخلاق"..

كنتُ أقول على الملأ على للرسائل الخاصة لا للدردشة، إنني أقول ما يحلو لي قوله دون مواربة وهذه أفكاري بلا رتوش..

من خلال حسابي؛ تناقل كثيرون من الهواة والناشطين أفكاري، شاركوها عبر صفحاتهم، بيدّ أن هناك من لا يروق لهم لأن يكون حسابي بوابةً من بواباتِ التغيير والتثقيف والتأثير؛ لتكون النتيجة أن أستيقظ صباح هذا اليوم وقد تعطل حسابي من قبل إدارة فيس بوك..

والسؤال.. لماذا؟؟ أليس من حقنا أن نُعبر عن آرائنا بحرية؟؟ ثم لماذا عندما ندافع عن موقفٍ لحماس مثلاً يُغلق الحساب دون سابق إنذار، بينما أولئك الذين يقذفون ويطعنون ويشتمون ولا يكفون عن التجريح والإساءة للمقاومةِ وللشرفاء لا تتوقف أو تتعطل حساباتهم.؟؟

هل يُعلن أيضًا الحرب على المسلمين من بوابة الفيس بوك؟؟

يا إدارة الفيس بوك..بتُ مقتنعة أنكِ لم تُهدي العرب والمسلمين هذه الوسيلة التكنولوجية إلا لتدميرهم ومحاربتهم؛ بدليل أنكِ عطلتِ حساباتِ ناشطين كثيرين مؤثرين على الخارطةِ الفيسبوكية..