شيء عن الائتلاف وإمكانية إصلاحه ..

شيء عن الائتلاف وإمكانية إصلاحه ..

عقاب يحيى

ـ لن أدخل في معمعمة أزمة المعارضة التاريخية وانعكاسها الثقيل، والمباشر على الإئتلاف والثورة، وربط ذلك بقابلية ممكنة للتغيير والإصلاح الجذريين .

ـ ولا التطرق ـ أيضاً ـ للمعارضات، والتشكيلات الجديدة، وعناوين الحراك الثوري الكثيرة، ومندوبي الأركان، والعمل المسلح، وعديد المسمّيات، وإشكالياتها أيضا ، ومدى انعكاس التشتت والتعدد والتباين في العمل المسلح : كتائباً، وبرامجاً، ومرجعيات، وفوضى.. لأن مثل ذلك يزيد الأثقال أثقالاً، ويدخلنا نفقاً لانهاية له .

ـ كما أني لن استعرض ما سبق وكتبت فيه، وتكلمت مرات ومرات عن بنية، وتركيبة، ومصائب، وأخطاء، وتجربة الإئتلاف.. لأن مثل ذلك سيعيدنا إلى دائرة مغلقة لا تفتح إلا على سياط من الجلد الذي لن يفيد..

ـ  لكن، وبعد وقت طويل من عمر الإئتلاف، وتجربته. وبعد وضوح صورة الوضع من مختلف جوانبه. وبعد انكشاف حقيقة الدعم الدولي، وطبيعة القرار الخاص ببلدنا، ووعي موازين القوى الداخلية وقابلياتها على التعديل. وبعد سقوط المراهنات على تدخل خارجي حاسم : سياسياً أم عسكرياً، والتأكّد الذي لا لبس فيه على وجود قرار بإبقاء النزيف السوري مستمراً حتى مديات خطيرة يمكن أن تذهب بوحدة ومستقبل البلاد، وتشعل فيها حرباً مذهبية، وإثنية، وغيرهما تدمّر ما يتبقى منها..

جدير، والإئتلاف أمام استحقاق انتخابي يلخص مجموعة تلك الاستحقاقات كامتحان ربما نهائي له، التفكير الجدّي، العملي بعملية إصلاح شاملة، يمكن تلخيصها بأهم المحاور، والاتجاهات والبنود التالية :

1ـ القيام بمراجعة نقدية شجاعة لواقع الإئتلاف وتجربته. بسلبه الغالب عليه وأسباب ذلك. بالرهانات الخاسرة وغير الصحيحة. بموقع الوطني من الإقليمي والخارجي. بالحياة الداخلية ومدى المأسسة والروح الجماعية التي سادت، وتفعيل عمل الأعضاء، وتكريس نوع  من العدالة والمساواة في العمل والمسؤولية .

2 ـ الأكيد أن الهدف من المراجعة ليس الجلد والقدح والردح بل استخلاص الدروس، ووضع خطط العمل والتصورات والحلول الممكنة، بدءاً من : الاتفاق على رؤية سياسية ـ لم تقرّ للأسف للآن ـ وبرنامج المهمات للمرحلة القادمة من خلال إعادة النظر بتشكيل، وعدد، وعمل اللجان الداخلية، وواقع الحكومة المؤقتة ودورها وفاعليتها، والإغاثة ووحدة التنسيق والدعم، وصولاً إلى تصورات داخلية لآفاق إسقاط النظام : كيفيات ووسائل، وموقع الحلول السياسية في ذلك، أو تراكبها مع العمل العسكري، ومستحقات العمل العسكري في عموم المجالات.

3 ـ إعادة نظر شاملة في النظام الأساسي تجعله متكيفاً مع طبيعة تركيب وواقع الإئتلاف كتحالف سياسي، وجهة شبه تشريعية، وما يقتضيه ذلك من وجود مؤسسات فاعلة كالهيئة السياسية وصلاحياتها، أو إيجاد امانة عامة بصلاحيات واضحة بين دورتي اجتماعات الهيئة العامة، وتحديد ما يعرف بهيئة الرئاسة ومهامها، وعلاقتها بالهيئة السياسية، ودور واجتماعات الهيئة العامة، وصلاحيات الهيئات وتقاطع حدودها، واللجان وعلاقاتها، والحكومة وطرق الإشراف عليها .

4 ـ إن وحدة العمل العسكري ووضعه تحت إشراف القيادة السياسية كان، وما يزال هدفاً رئيساً لقيام ونجاح الإئتلاف، الأمر الذي يقتضي دراسة هذا الواقع بكل تفاصيله وصولاً لمقترحات وقرارات تعمل القيادات القادمة على تجسيده .

5 ـ زيادة تمثيل المرأة بما لا يقل عن الربع مباشرة، وبما يحقق شيئاً من الفاعلية والتوازن، ويضيف قوة نوعية إليه .

6 ـ تعزيز الروح الجماعية، والتوافقية داخل الإئتلاف برفض عقلية الاحتكار، والشللية، والمحاصصات ـ المختلفة ـ عبر التشاركية في القرار والتنفيذ، والشفافية في العمل، والمحاسبة، وفي الوضع المالي الذي يجب أن يكون تحت سلطة الهيئات المعنية، وخاضعاً للرقابة والمحاسبة واطلاع الأعضاء عليه، ونشر ما هو غير سري .

7 ـ البحث في إيجاد آليات واقعية للارتباط مع الداخل، وتنشيط هيئات وفعاليات المجتمع المدني بكل ما يمكن من وسائل، وبما يعزز الطابع المدني للثورة السورية، ويمنحها قدرة التأثير الداخلي، واستعادة حواضنها الاجتماعية، وتأييد الرأي العام الدولي لها . والاهتمام بأوضاع النازحين واللاجئين والمعتقلين عبر إيجاد جهات مختصة، بالتنسيق مع الحكومة المؤقتة، والجهات المعنية بالإغاثة وغيرها .

8 ـ البحث الجاد : على ضوء المعطيات والتجربة في الخيارات الكبرى المطروحة على الثورة، وفي كيفيات بناء وتعديل ميزان القوى لصالحها، وموقع، وواقعية، وطبيعة الحلول السياسية وسقوفها، ومحدداتها .

9 ـ توطيد العلاقات مع الأشقاء العرب، والأصدقاء، حاصة في تلك الدول التي قدّمّت دعماً متواصلاً للثورة وشعبنا، وبالوقت نفسه العمل الحثيث على استرجاع وصيانة القرار الوطني .

10 ـ إن المراجعات الداخلية لواقع الإئتلاف والثورة يجب أن تمهد لعقد مؤتمر وطني جامع لقوى الثورة يناقش الأوضاع، ويضع خريطة طريق، ويكون تواصلاً، وتطويرا لمؤتمر القاهرة للمعارضة السورية يمكن أن يشكل تحولاً مهماً على طريق الإمساك بزمام المبادرة، وتكريس التوافق الوطني لقوى الثورة حول المهام والمستقبل ووسائل التغيير والتخلص من نظام الطغمة والفئوية والجريمة.

11 ـ ومما لا شكّ فيه أن انتخاب رئيس للإئتلاف، ومعه طاقم الرئاسة، والهيئة السياسية أيضاً يجب أن يتمّ في أجواء توافقية، وعلى أسس ترتبط بالبرنامج السياسي الذي يؤمن به المرشح المعني وليس غير ذلك، والتأكيد على أن العملية في أساسها حالة تشاركية تعني جميع الأعضاء بعيداً عن الشللية، والكتل، والحزبوية، والمحاصصات المشوّهة، وغيرها، وأننا ـ جميعاً ـ أمام امتحان قد يكون الأخير لإثبات مؤهلاتنا على تحمل المسؤولية بكل ما يليق بثورة عظيمة وبلد الحضارة والأبدية ..