إبراهيم عيسي وبائعة الذرة

إبراهيم عيسي وبائعة الذرة

محمود القاعود

[email protected]

على ناصية شارعنا وعقب صلاة العصر ، تأتى بفرن الغاز .. والأنبوبة وتفترش مكانها المعتاد هى وكنتها – زوجة ابنها - ومن حولهما يقف أحفادها يلعبون ويمرحون .. تشوي أكواز الذرة وتبيع "الكوز" بجنيه وأحيانا بجنيه ونصف الجنيه !

دائما ما تشدني هذه الظواهر .. هذه عادتى .. سألتها ما هو المكسب الذى تحصل عليه فى اليوم .. أجابت أن المكسب غير محدد .. أحيانا سبعة جنيهات فى اليوم ! وأحيانا عشرة ! وأخري ثلاثة عشر جنيها ! وأردفت : طبعا قيمة الغاز من هذا المكسب !

ذكرتنى بتلك المرأة الخمسينية التى التقيتها قدرا عقب الفجر أثناء إحدى الرحلات ومعها طست به قطع من "الجبن" تذهب لتبيعه بالإسكندرية .. سألتها عن أحوالها قالت أنها مُطلقة منذ أمد بعيد .. ولديها أربعة بنات زوجت ثلاثة منهن .. وبقيت بنت واحدة فى الإعدادية تسعي لتجهيزها وتزويجها ! شعرت بآلام دهمتني فجأة .. جعلتنى مكتئباً طوال اليوم ..

كان السؤال الذى يطرح نفسه بقوة وقتها : أين ما يُسمي المجلس القومي لحقوق المرأة ؟ أين هؤلاء الفاشلات اللائي تخصصن فى الحديث عن غشاء البكارة والختان وتحريض الزوجات ضد أزواجهن بزعم حقوق المرأة ؟ ما هو عمل هذه الجمعيات لهؤلاء النسوة اللواتى لا يجدن من ينفق عليهن ؟ أى عار هذا ؟

أما الآن ففى ظل هذا الانقلاب النازي الدموي ، السؤال : ما الذى سيقدمه أناس جاءوا للحكم عبر دهس جماجم المصريين ؟ وهل يجوز أن نتكلم على عدالة اجتماعية فى ظل هذه الغابة التى نعيش فيها ؟

لنأخذ نموذج أحد سدنة الانقلاب الصليبي الذين روّجوا له وأيدوا قتل وسحل من يعترض على الانقلاب على الشرعية والدستور والديمقراطية .. إبراهيم عيسي الذى يقدم نفسه كفيلسوف وإعلامي وروائي وعالم فلك وأى حاجة !

إبراهيم عيسي بدأ فى مدرسة روزا اليوسف حيث العمالة الصريحة للأمن وكتابة التقارير ، وبدأ صعوده المريب بالهجوم القذر على الشيخ الشعراوي وتولي رئاسة تحرير جريدة الدستور عام 1995 ، وعينت له الدولة حراسة أمنية بزعم أنه تلقي تهديدات بالقتل ! ولما خرج عن النص أغلق ساويرس جريدته عام 97 ..

عاد مرة أخرى عام 2005 فى إطار صفقة مع نظام حسني مبارك .. بموجبها يدعى عيسي أنه يعارض النظام ومن خلاله جريدته يسهل للأمن ملاحقة المعارضة الحقيقية وكشف تحركات من يعارضون حسني مبارك ..

عمل إبراهيم عيسي من 2005 وحتى 2010 على الترويج لأكذوبة اضطهاد الأقباط .. وسمح لقساوسة التطرف والإرهاب أن يكتبوا مقالات أسبوعية بجريدته من عينة فلوباتير ومتياس نصر منقريوس ويوتا مرقص عزيز .. كما روّج بوقاحة منقطعة النظير لأكذوبة ظهور "العذراء" فوق كنيسة بالوراق ! وأخذ يروج من خلال مقالاته أن المسيح عليه السلام صُلب وأن النصاري يوحدون الله ! كما نشر دراسات قذرة تنال من الصحابة والأحاديث النبوية الشريفة ، وتنشر المذاهب الضالة ..

وفى إطار اختلافه مع رجال الأعمال الذين يموّلون جريدته لرفضهم رفع مرتبه ترك الجريدة .. ثم جاءت ثورة يناير وزعم أنه أحد قادتها ! وأسس جريدة "التحرير" ودخل فى بيزنس الفضائيات واشترك مع بعض رجال الأعمال فى تأسيس قناة التحرير التى كانت حصته منها بعد بيعها 56 مليونا !

ادعى أنه يعارض المجلس العسكري إبان حكم طنطاوي وعنان .. ثم سخر كل مفردات مستنقع السفالة التى تشربها طوال عمره ليشنع على جماعة الإخوان المسلمين .. حتى تسبب هذا الهجوم فى قربه من ساويرس ليمنحه برنامجا فى قناته "أون تى فى" مقابل مائتى ألف فى الشهر !

ظل إبراهيم عيسي طوال حكم الرئيس محمد مرسي يتهجم بالمقالات المنحطة التى تعبر عن مستواه وأخلاقه .. وانتقل لقناة "القاهرة والناس" ليقدم وصلات الردح وقلة الأدب مقابل ثلاثمائة ألف فى الشهر ! ثم انتقل لـ"أون تى فى " مرة أخرة مقابل ما يُقارب النصف مليون شهرياً .. ليواصل تقديم وصلات الردح والإفك .. وليسب الشعب الذى قاطع مسرحية ما تُسمي " انتخابات الرئاسة" ويتهمه بالجهل وعدم التربية ! المهم أن يرضى عنه سيده ساويرس ..

إبراهيم عيسي وظيفته فى الحياة هى بث الأكاذيب والطعن فى الأعراض وتشويه سمعة عباد الله .. ويتقاضي على هذه الوظيفة ما يقارب المليون ( عائد دخله من جريدة التحرير وعمله بالفضائيات ) ..

ليس لمثل عيسي أن يدافع عن بائعة الذرة .. أو سيدة لا تملك ثمن حليب لرضيعها .. أو مطلقة انقطعت بها السُبل .. أو شباب لا يجدون مأوي .. المهم هو أن يعد الملايين التى تدخل جيبه .. وليذهب الشعب إلى الجحيم !

إبراهيم عيسي لا يعنيه فى الانقلاب سوي غياب العدالة .. تلك العدالة التى إن كانت موجودة لتمت محاكمته على ما نهبه من أموال .. لتمت محاكمته على ازدراء الإسلام الحنيف .. لتم تقييمه من الناحية المهنية وأنه لا يساوي "تعريفة" فى سوق الصحافة والعلم ..

إبراهيم عيسي لا يدافع عن الانقلاب من وجهة نظر سياسية فهو لا يفقه سوي " لغة المال" أو كما يقول المثل " قرش ببصل وبصل بقرش " ! وفوق هذا يدفعه كرهه للإسلام  لاتخاذ مواقف نازية مجرمة تجاه من يعارضون الانقلاب الصليبي .. فالمهم لديه أن يعلو الصليب فوق راية التوحيد ..

ويبقي أن نعتذر لبائعة الذرة .. نحن فى غابة .. لا مكان بها للفقراء والمهمشين والمحرومين ومن يخالفون سياسة الطاغوت .. هذه الغابة لا تحفل إلا بإبراهيم عيسي ورفاقه فى كباريهات "التوك شو " !