ملاحظات عائد من جنازة

معمر حبار

[email protected]

طلب منه أن يأخذه بسيارته، لتشييع جنازة أحد الأصهار له، فوافقه على الفور وتواعدا، عصرا، فكانت الملاحظات التالية..

إحترام عادات أهل الميت : بعد أداء صلاة العصر، نادى منادي في المصلين قائلا: صلاة الجنازة في المقبرة.

قال مرافقي بغضب شديد: لماذا لم تقم صلاة الجنازة بالمسجد؟.

قلت : إذا كنت في جنازة أو عرس، فاحلب من إناء القوم، بالقدر الذي يضمن دينك، ويرفع قدرك.

أثناء إدخال الجنازة إلى المقبرة، أبصرت شبابا، يتعمّدون تسلّق سور المقبرة للدخول إليها، عوض الدخول عبر الباب الصغير المخصص لذلك، فقلت:

تسلّق جدران المقبرة، يثير الرعب، وينتهك حرمة الميت : إن الله تعالى قال: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، البقرة - الآية 189.

ومن تمام الأدب مع الحي والميت، أن يدخل المرء من الباب. وإذا كان تسلّق الجدران، يعتبر سوء أدب مع الحي، فإنه مع الميت جريمة، لأن الحي يدافع عن نفسه، ويمكن أن تعتذر منه، ويغفر لمن انتهك حرمته. لكن الميت ضعيف، ولا يملك القدرة للدفاع عن نفسه، ولا مجال لطلب المغفرة والتوبة، فيزداد السوء سوء.

من تسلّق السور، لدخول المقبرة، فقد أثار الرعب والفزع لدى ساكنيها، وقد أمر الإنسان، أن لايدخل بيتا حتى يستأنس ويسلّم على أهلها في قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، النور - الآية 27. والمقبرة بيت الأموات، والقبر بيت الميت، والدخول والاستئذان، يكون عبر الباب، وليس تسلّق السور.  

موعظة حية: بعد الانتهاء من عملية الدفن، جمع الإمام حوله المشيّعيين، وألقى موعظة قصيرة جدا، لم تتجاوز 05 دقائق، جاء في مقدمتها ..

إن الشعوب الحية، لاتسأل عن كيفية سقوط المطر، إنما تسأل عن كيفية سقي الحبة في قلب الحجر.