بمناسبة حلول ذكرى ميلاد الشاعر السوري نزار قباني

بمناسبة حلول ذكرى ميلاد الشاعر السوري نزار قباني التي تتزامن من حلول فصل الربيع نتساءل : هل حقق مطر الربيع أمله  المنشود؟

لقد تنبأ الشاعر السوري الكبير نزار قباني بالربيع العربي قبل حلوله بسنوات في قصيدته المشهورة " هوامش على دفتر النكسة " والتي جاء في مقطعها الأخير ما يلي :

يا أيها الأطفال أنتم ـ بعد ـ طيبون

وطاهرون كالندى والثلج طاهرون

لا تقرؤوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال

فنحن خائبون

ونحن مثل قشرة البطيخ تافهون

ونحن منخورون  منخورون كالنعال

لا تقرؤوا أخبارنا

لا تقتفوا آثارنا

 لا تقبلوا أفكارنا

 فنحن جيل القي  والزهري والسعال

ونحن جيل الدجل والرقص على الحبال

 يا أيها الأطفال

 يا مطر الربيع  يا سنابل الآمال

أنتم بذور الخصب في حياتنا  العقيمة

وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة

وبحلول ذكرى ميلاد هذا الشاعر، والتي تتزامن مع ذكرى حلول فصل الربيع نتساءل  هل حقق الأطفال السوريون والعرب حلمه وأمله المنشود وقد سماهم  " مطر الربيع "  . لقد كان الأطفال السوريون بالفعل ربيع سوريا، فهم من قدح زناد الثورة السورية أول مرة ، وهم أول من قدم الأرواح من أجل الربيع السوري ، كما كان الأطفال في الأقطار العربية  وراء حراك الربيع العربي.  وبحلول ذكرى ميلاد الشاعر نزار نستحضر المقطع الأخير من قصيدته التي فضحت جيل النكسة وجيل الهزيمة ، وفيها حديث عن مطر الربيع، وهم أطفال توسم فيهم الشاعر تجاوز عقدة جيل النكسة الذي وصفه بأبشع الأوصاف والنعوت ، فهو جيل  مهزوم ، وخائب ، وتافه كقشرة بطيخ ، ومنخور كالنعل ، وهو جيل  الأمراض قيىء وزهري وسعال ، وجيل الدجل  والرقص على الحبال .  ولو قدر للشاعر نزار أن يبعث بحلول الربيع لعاين لعنة الجيل المهزوم وهي تلاحق الجيل الذي راهن عليه  ليهزم الهزيمة ويتخطى النكسة . لقد أكل سوس جيل الهزيمة بذور الخصب  ليبقي على الحياة العقيمة . ولقد لوث جيل الهزيمة بقيئه طهر الندى وصفاء الثلج ، واشتف مطر الربيع ، وحطم سنابل الآمال ،   وسوق أخباره وأفكاره للأطفال بالحديد والنار ، واستمر راقصا على الحبال  يمتهن الدجل . ماذا لو بعث الشاعر الذي توزعه الغزل الرقيق  والغضب الشديد وشاهد الطفل السوري وقد لفظه موج البحر على شاطىء الروم؟ ماذا لو شاهد آلاف الأطفال  يغادرون  بلاد الشام نحو بلاد اللئام؟ ماذا لو عاين آلاف الأطفال يتقاذفهم العباب و يبيعهم النخاس بقروش من نحاس ؟ ماذا لو عاين جند الصليب يصوبون بنادقهم صوب  أطفال يحملون رضاعات ؟ ماذا لو عاين المؤتمرات تعقد من أجل تبديد مطر الربيع في ربوع القارة العجوز ؟ ماذا لو عاين الصفقات تبرم من أجل تكريس الهزيمة ؟ ماذا لو عاين  راعي البقر والصهيون والروس والمجوس يمطرون  الأطفال  باللهب من أجل إنقاذ قشرة البطيخ والنعل المنخور والقيء والزهري والسعال والدجل والرقص على الحبال ؟  ماذا لو عاين الهزيمة تنتصر على سنابل الآمال ؟  ماذا لو عاين قيصر وكسرى يلتهمون البطيخ ويرمون بقشره أطفال الشام ؟ ماذا لو عاين الخصب يطرده الجفاف ؟ ماذا لو عاين يبابا يلتهم الجنان ؟  حتما سيتضخم دفتر النكسة ، وتتناسل هوامشه لتلعن جيل الهزيمة ،وترثي الجيل الذي يهزم الهزيمة . يا شاعر الشام  الذي ولد في ربيع ورحل في ربيع ، ها قد جف مطر الربيع ، وتهالكت سنابل الآمال ، وتسوست بذور الخصب ، وغاب عن شامك الطاهرون الطيبون، وعاث فيه فسادا المفسدون ، ولا زالت أفكارهم وأخبارهم  بضاعة تسوقها أسواق  الإعلام . هلا زرتنا يا شاعر الشام في المنام لتخبرنا  متى يأتي الجيل الذي سيهزم الهزيمة  ليرحل الجيل المهزوم ؟؟؟

وسوم: العدد 660