المكوّنات.. و..الثورة

أسئلة كبيرة، وكثيرة تطرح نفسها بقوة علينا وعلى الواقع، وإجابات، وتحليلات مختلفة ومتصادمة حول الأسباب، بله والموقف بالأصل من موقع تلك المكونات في الثورة، والوطن الواحد .

ـ هل الأمر يتعلق بحالة " مغلقة" لا يمكن الدخول إليها واختراقها ؟؟..

ـ هل يعود السبب إلى نجاح النظام في تكتيل، وجرّ أغلبية " المكوّنات" إلى خندقه، خاصة في الطائفة العلوية ؟؟...

ـ هل خطاب الثورة، وتحولاتها، وتغليب الأسلمة عليها، وعدم اهتمام المؤسسات المعنية سبب مهم في الواقع الحالي ؟؟..

                                      ***

أعلم أن الأمر يستحق، ويحتاج دراسات موضوعية بعيدة عن التشنج، والمواقف، والأحكام المسبقة، وهو ما يجب أن يحصل من مؤسسات الثورة بكل جدّية، ومسؤولية..لأن الثورة معنية بكافة فئات الشعب، بغض النظر عن مواقف الناس الحالية، ولأن وحدة الوطن أساس لا يمكن التفريط، أو التساهل في أي محاولات للشرذمة والتقسيم . ولأن " المكوّنات" جزء صميم من تلك الوحدة حتى لو كانت شريحة كبيرة منها تقاتل مع النظام، وتمارس التشبيح بكل أنواعه القذرة، والصارخة .

وكي لا نرمي الحجارة باتجاه واحد، ونكتفي بإلقاء اللوم على هذه الجهة، أو تلك، ونهرب من مواجهة الذات ومسؤوليتنا، ومن الأخطاء التي وقعنا بها، حرّي بنا، نحن المنتمين للثورة من مشارب متعددة، أن نثبت أهداف الثورة الجوهرية، وسرّ استمرارها، كثورة شعبية لكل أبناء سورية، وأنها ضد التطييف واية أشكال تقسيمية، وأنها معنية بالشعب كله، لأنها " ام الصبي"، وأن " الأكثرية السنية" بالمعنى العام لا يمكن أن تكون أقلوية الموقف، والفعل، وأن معظم الشعب السوري مسلم على اختلاف مذاهبه واجتهادات مدارسه، وفيه، ومن مختلف الطوائف اتجاهات وأحزاب مختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأن دولة الحق والتعددية تسمح في ألف باءاتها، حرية الرأي والعقيدة، والاختيار، والتحزب، وتؤكد على المساواة التامة بين جميع فئات الشعب وفق الدستور الذي يجب إقراره بأغلبية شعبية . وأن المساءلة والمحاسبة عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب مبدأ لا تراجع عنه، ويتنافى والانتقام الفردي، ومنطق الثأر، والاستئصال.

                                 ****

لقد وقفت نسبة معتبرة من المحسوبين على الطائفة العلوية، وعلى امتداد حكم الطاغية الأكبر، ووريث الحقد والعته، ضد النظام، وتعرّض المئات للاعتقال عقوداً، ولشتى أنواع التعذيب، والتشريد، وهناك من مات تحت التعذيب، أو اغتيالاً قصدياً ..

ـ ومع أشهر الثورة الأولى : السلمية، الحضارية، التشاركية.. انضمت، أو تعاطفت فئات واسعة من الطائفة العلوية، وبقية" المكونات" ثم حدثت خلخلة متلاحقة، وما يشبه النزيف المتصاعد لدرجة ندرة عدد المنضوين للثورة من المحسوبين على الطائفة العلوية، والدروز أيضا . بينما حكاية سلمية التي انضوت بقوة في الثورة منذ أيامها الأولى، وبزخم كبير.. تُظهر مسؤولية الثورة في عمليات التهميش والتغييب، والتعتيم، والمساعدات، وانعكاس ذلك على البيئة الحاضنة..وعلى السماح للنظام والقوى الطائفية من استغلال الوضع الصعب، وهجرة، وفرار آلاف الشباب، من مدذ أذرعه في المنطقة، وتقوية عصاباته التشبيحية المدعومة من جهات أمنية عليا .

ـ إن وضع" الطائفة العلوية"، وموقفها من الثورة يستحق الدراسة العميقة كي لا نستسهل صدور أحكام قطعية مؤذية، إن كان لجهة اثر ودور النظام، والقوى الطائفية، والمليشيات المذهبية الوافدة.. في تعضيد ذلك الوضع، وتصويره ككتلة صمّاء لا تقبل الاختراق..إلا في بعض السطوح الرقيقة، والهامشية، أو لجهة المواقف المحسوبة على الثورة في تحمية ردود الفعل، والوقوع بأفخاخ النظام، وبعض الممارسات الطائفية المقابلة .

كما أن وضع " الطائفة الدرزية" يحتاج الدراسة الميدانية، والموضوعية، وصولاً إلى الأشكال المناسبة للتعامل، وتفهم الوضعية ومؤثراتها ..

ـ كذا الأمر في " الحالة المسيحية" على العموم، بمذاهبها المختلفة، والتي عرفت منسوباً متراجعاً في التأييد للثورة، وانزياحات واضحة باتجاه النظام، أو الحيادية، والهجرة الواسعة .

ـ إن إبراز، وترسيخ خطاب التسامح، والمصالحة، والسلم الأهلي . خطاب الوحدة الوطنية الجامعة، وإقامة الجسور القوية مع جميع المكونات، على أسس التشاركية، وليس المناسباتية، والانتقائية، وتكليف مختصين بمهام الحوار والتفاعل مع جميع أطياف الشعب السوري يمكن أن يحقق نقلة مهمة باتجاه إحداث اختراقات مهمة لصالح الثورة، وصيانة الوحدة الوطنية بعضائد قوية، وقطع الطريق على مشاريع غربية، وإقليمية تقسيمية، وتلاعبية ..

وسوم: العدد 665