أناجيل الثورة السورية

معاذ عبد الرحمن الدرويش

في مناظرة بين عالم دين مسلم و بين قساوسة و علماء دين مسيحي ، يقال أن عالم الدين المسلم جاء إلى القاعة و يحمل معه الأناجيل الأربعة و القرآن الكريم ، حمل العالم المسلم أول إنجيل في يده و قال للفريق الأخر هل هذا إنجيلكم؟.  فبعضهم وافق و البعض الآخر اعترض، فوضعه جانباً ،ثم حمل بيده الإنجيل الثاني هل هذا إنجيلكم فوافق البعض و اعترض آخرون أيضاً، فوضعه فوق الإنجيل الأول، و هكذا حتى انتهى من الأناجيل الأربعة ، ثم قال إذاً أناجيلكم كلها باطلة، و لا يوجد إنجيل حق لكي تتوافقوا عليه ، أما نحن المسلمون فلنا كتاب  واحد، كتاب حق، إنه القرآن الكريم و رفعه أمامهم.

هذا المثل مع كل أسف أصبح واقعاً مأساوياً في ثورة سورية المباركة، كم من فصيل إسلامي و فصيل ، يرفع راية لا إله إلا الله ، و يتغنى بالشعارات الإسلامية ، لكنه يعمل بمعزل عن الآخرين و كأن الآخرين من دين مختلف.

لكن السؤال الذي أتقدم به بصفتي مواطن سوري هل أحد يستطيع أن يجزم أين هو الفصيل الذي على حق - من بين مئات تلك الفصائل - حتى نتبعه و نؤيده.

هل حركة أحرار الشام، أم جبهة فتح الشام، أم جند الأقصى، أم الدولة الإسلامية، أم جيش الإسلام، أم .....و أم....و أم .....؟؟؟؟؟؟.

لا يمكن أن يكون هناك إثنان من هؤلاء على حق ، و لا ينضويان  تحت راية واحدة، لا بد أن هناك واحد فقط من بين هؤلاء جميعاً ، على حق، و الباقي على باطل،لأن الحق لا يمكن أن يتجزأ، و لا يمكن أن يفترق مع ذاته،

فأرجو أن نجد طريقة لنعرف من هو منهم على حق حتى نقف معه كشعب سوري و ندعمه بكل ما لدينا من إمكانيات، و لكي يمثلنا في ساحة الثورة ، و في الساحة الدولية أيضاً ، و بنفس الوقت يجب علينا أن نعري البقية، و نسقط مشروعاتهم الباطلة.

المشكلة الحقيقة تكمن في اختلاف المنهج و الفكر، فكل فصيل لديه مشروعه الخاص و لديه مشروعه المستقبلي و الذي يمنعه من الإندماج مع أي فصيل آخر.

لو كانت الحرب في سوريا حرب شريفة ، بين المقاتلين و جيوش الأعداء ليست مشكلة ، و سندع كل منهم كما يقول المثل " أن يقلع شوكه بيده"

المشكلة أن من يدفع الثمن هم أطفال سوريا و نساء سوريا و شيوخ سوريا و حجارة سوريا ، و لو كانت هذه الفصائل على قدر من المسؤولية الإسلامية لتوحدت تحت راية " الشيطان " كتعبير مجازي... لمحاربة أعدائنا  و قد توحدوا صفاً واحداً لقتلنا و ذبحنا ، رغم اختلاف مللهم و اختلاف دياناتهم و اختلاف مصالحهم .

و حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم واضح ، و لا يحتاج إلى تأويل ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم مسلم) .

إذا لا يوجد حرمة عند الله من حرمة دم مسلم ، و من تكون  إيديولوجيته أكبر و أهم من دماء أطفال سوريا الأبرياء من المؤكد أنه ليس بمسلم .

و ما دام الإختلاف في الإيديولوجيات ( في الفكر و في المنهج)  هو سبب كل مشاكلنا دعنا نتفق على نقاط  تقاطع بين الجميع أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يعترض على تلك النقاط لا فصائل الجيش الحر و لا الفصائل الإسلامية و لا غيرها ، و هذه النقاط موجودة في أولويات الجميع، ولنتنازل مرحلياً عن باقي التفاصيل الأخرى لدى كل منا ..لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

أولا نتوحد تحت راية واحدة و لتكون الراية عبارة عن قماشة حمراء أو بيضاء أو خضراء أو زرقاء،ليس مهما أي لون، المهم أن تكون راية واحدة و لتكن راية جديدة حتى لا ننحاز إلى أي طرف أو أي فصيل ...

 و الهدف هو إسقاط  نظام الإجرام الأسدي و بدون أي تفاصيل أخرى.

أعتقد أن هذا الأمر للمخلصين أمراً بديهياً، و لأصحاب المصالح الشخصية و الأطماع المستقبلية معقد و صعب جداً .

و لو وضعنا أمام عيوننا صور أشلاء أطفالنا  تحت الأنقاض و بشكل يومي لتجاوزنا  ما هو أكبر من ذلك بكثير في سبيل خلاص أهلنا و إخواننا مما هم فيه.

2-    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ

3-    كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ

4- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ

سورة الصف صدق الله العظيم 

وسوم: العدد 693