حين سقطت الأقنعة

لا ريب, فيما نعتقد, بأن الخطأ موزّع بأقدار متفاوتة بين الاطراف المقتتلة في بلادنا العربية. وأن الخطأ (بل الإثم) أعظم ما يكون لدى من يستظهرون بالاعداء التاريخيين على بني أبيهم, وعلى من يضربون بآداب الحرب في الاسلام عرض الحائط فلا يرحمون شيخوخة ولا طفولة ولا يrفهم شيء دون استباحة الحرمات وتدمير المدائن وتشريد مئات الالوف من «مواطنيهم» على نحو ما نرى في العراق وسوريا واليمن, وما نتوجّس خيفة أن يكون تمهيداً وتوطئة لاعادة تقسيم الوطن العربي بما يلائم مطامع القوى المتربصة به المتداعية عليه من روس واميركان واوروبيين وايرانيين ومن لا ندري ممن يُجرّؤهم وهن الامة عليها..

ولا ريب, فيما نعتقد, ان ما بلوناه في هذه السنوات الحسوم قد محّص كثيراً من الدعاوى القومية, والانسانية, والمتجلببة بالاسلام, وأظهرنا على حقيقة القوى التي تجثم على انفاس الشعوب وتصادر حرياتها وتهتضم كراماتها, ولا تأبه آخر المطاف ان تدفنها تحت الانقاض وان تجعل مدائنها قاعاً صفصفاً أو صعيداً زلقا. 

لقد سقطت الاقنعة عن مدّعي العروبة ومدّعي الاسلام ومدّعي الاشتراكية ومدّعي الانسانية, واسفرت الوقائع المفجعة عن وجوه ترهقها غبرة الطائفية, وذلة التبعية, وعار الاستخذاء, وقبح الجبروت, ثم عن خلائق مشرّدة في الافاق او محرّقة في مساكنها أو مسوقة الى مصايرها «المعروفة» تحت وقع السياط أو تحت عجلات الدبابات وقصف الطائرات كما شاهدنا ذلك في الفضائيات!!

انها حقائق تشيب لهولها النواصي, وتجعل الحليم حيران, ولكنها–فيما يبدو–لا تهز لاصحاب القرار في استمرار المذابح بقية من ضمير أو صبابة من ندم, بل هم في طغيانهم يعمهون, لا يندى لهم جبين مما اقترفوه, بل يصطنعون الابواق ويستأجرون المبهرجين, ويمضون في سكرتهم يعمهون.

كلام مجمل تفيض من بين سطوره اسباب الغضب واسباب البكاء, اما تفصيله فكاف لتسويد اسفار واسفار من تاريخ أمة عميت عما يحييها, وتقّحمت ما يهلكها,:

ألا إنه العقل, هو كاشف الغطاء عما يلعبه اللاعبون, وهو المرجع واللّجأ حين تصطرع الظنون.

وسوم: العدد 698