وزارة لا تعرف سجادة الصلاة ؟

حين تستعرض تاريخ وزارة الثقافة منذ نشأتها تجد أنها تقف بصفة عامة في الصف المعادي للإسلام الكاره لرموزه وعلمائه ، الموالي لغير المسلمين ، المتبني للتغريب والذوبان في الآخر ولو كان بوذيا أو عابد بقرة !

كان من سوء حظي أني عشت وشهدت نشاط الوزارة من بدايته حتى الآن ، وهو عمر طويل ، تحفظ ذاكرتي بعض حوادثه وأعلامه وافكاره . المؤكد أن سجادة الصلاة لم تُبسط في مكتب الوزير إلا في فترة علاء عبد العزيز القصيرة التي حاصره فيها الشيوعيون والعملاء والمرتزقة وسماسرة الحظيرة!

أول وزير بعد انفصال الثقافة عن الإرشاد ( أي الإعلام ) كان اليوزباشي الشيوعي ثروت عكاشة الذي استعان بالشيوعيين بعد أن حلوا أحزابهم المتناحرة ، ودعمهم خروشوف الذي طالب البكباشي الحاكم أن يوليهم أمور الثقافة والإعلام جميعا ، فكانت لهم اليد الطولى في كل المرافق الثقافية والإعلامية ثم امتدت إلى التعليم .. وبالطبع كانت ضراوتهم في الحرب على الإسلام شرسة وقاسية ، ويكفي أنهم جعلوا الرجعية والجمود والتخلف والظلام أسماء للدين الحنيف!

حاول السادات أن يقلص نفوذهم بعد مؤامرتهم عليه من داخل الاتحاد الاشتراكي ، ولكن محاولته لم تنجح ، فقد كانت جذورهم وفروعهم لما تزل ممتدة في أعماق الكلمة المكتوبة والمصورة والمجسمة لدرجة أن كل من هاجموا الشيوعية أو الماركسية تم استئصالهم تماما من الواقع الثقافي ، ويكفي مثالا على ذلك ما صنعوه بالكاتب الرائد النابغة على أحمد باكثير الذي أماتوه قهرا عام 1968.

تعاقب على الوزارة بعض الوزراء المعتدلين مثل عبد الحميد رضوان وأحمد هيكل ولكن العناصر الشيوعية المتجذرة في أعماق الوزارة كانت أقوى ، حتى جاء الوزير الفنان (!) الذي استوطنها لما يقرب من ربع قرن ، فصنع حظيرة مُحْكمة ضمت المثقفين الشيوعيين وأشباههم وراحت تصنع ثقافة شكلية احتفالية مفرغة من المضمون الإنساني ، وإن كانت حريصة على مهاجمة الإسلام وقيمه وأخلاقه ونشر كل هابط من الفنون والآداب والأفكار والاحتفال بالغزاة ، والأخطر من ذلك أن الوزارة تحولت إلى خزينة مفتوحة ينهب منها الحظائريون ما يقدرون عليه من أموال وامتيازات وجوائز وفقا للقانون الذي صنعوه على أعينهم ، لدرجة أن سماها بعض الناس وزارة الشيكات !

ومن الطرائف ذات الدلالة أن أحدهم وهو سمسار ثقافة وشاعر سابق ، رأس مؤتمرا عربيا للشعر أقامته الوزارة ، ولم يخجل أن يمنح نفسه جائزة المؤتمر المالية الكبيرة ، وحرم منها شاعرة كبيرة تستحق تقديرا أكبر ؛ رشحها بعض المؤتمرين للجائزة وهي الشاعرة الراحلة نازك الملائكة ، ولكن صاحبنا الحظائري رئيس المؤتمر طوّع اللجنة الخاصة بمنح الجائزة لرغبته الانتهازية .

بعد الثورة في يناير 2011 تولى الوزارة عدد غير قليل من الوزراء ،وكلهم للأسف باستثناء علاء عبد العزيز كانوا ضد الثقافة القومية وأساسها الأول وهو الإسلام .

كان أبرز الوزراء الذين تولوا الوزارة جابر عصفور ، وقد تولاها مرتين الأولى عند قيام الثورة في وزارة اللواء أحمد شفيق لمدة عشرة أيام تقريبا ، وأدى اليمين الدستورية وهو يعبر دماء الشهداء الذين قتلهم النظام الذي ينتمي إليه أحمد شفيق ، ولم يبال بما فعله وهو الذي يتكلم كثيرا عن الحرية والاستنارة والعدالة والدولة المدنية ، فقد ثبت أن مغانم الوزارة أهم من مبادئ العالم كله ، ويشاء ربك أن ينهره الفريق طيار رئيس الوزراء أمام زملائه لأنه لم يبت في بعض الأوراق الخاصة بوزارته فيعود إلى بيته ويعلن أنه قدم استقالته ، ولكن رئيسه يرد بأنه لم يتلق استقالة ولا يحزنون – أي إنه أقاله ! بعد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي كانت المرة الثانية التي يؤدي فيها اليمين أمام الجنرال ، وفيها أبدع في انتقاد الإسلام والأزهر ، ومع أن الجنرال استغنى عنه بعد شهور فما زال يتقرب إلي الدولة العسكرية بنوافل الإساءة وفرائضها إلى الإسلام والأزهر.

 مثلا صرح في 20 يوليه 2016 - أن مناهج الأزهر لا يمكن أن تنتج إلا مفكرا أو شخصا داعشى الهوى، معرباً عن رفضه لدور الأزهر فيما يسمى تجديد الخطاب الديني، ورفض موقف شيخ الأزهر من الشيعة لأنهم ليسوا متطرفين.. ورأى أن الأزهر ينحاز إلى أهل السنة فقط . ثم هاجم الحجاب قائلاً :"الحجاب ليس فريضة، وكل رأى فقهى يسأل عنه صاحبه". وهو كلام سبق أن ردده جابر عصفور من قبل ، فقد زعم أنه لم تكن هناك امرأة مصرية ترتدى الحجاب قبل سنة 1970 وذلك بحسب زعمه لوجود مجموعة من مشايخ الأزهر كانوا يلجأون إلى تأويل الآيات القرآنية بشكل عصري، وأن قضية الحجاب فيها نوع من التزيد فى فهم النصوص الدينية، وأن المتمسكين بالحجاب هم الذين يستخدمون التأويل السلبى لنصوص الإسلام ( المصريون 13 أبريل 2016 ).

بعد عصفور تولى الوزارة عدد من الوزراء الباهتين الذين لا يمثلون ثقلا ثقافيا أو فكريا ، منهم شاكر عبد الحميد وهو متخصص في علم النفس ، ويمارس الكتابة الأدبية من خلال أفكاره ، وللأسف فهو في حالة عداء مع الإسلام واستسلام كامل لما يقوله الغرب عنه ، ومن أقواله : إن معظم الإرهاب فى العالم من المسلمين، وكأن سحق مئات الألوف من المسلمين في العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين وسورية واليمن وليبيا ليس إرهابا صليبيا يهوديا . ومن العجيب أنه كان الكاتب الوحيد الذي كتب دراسة رديئة عن كتاب "استخدام الحياة " المكتظ بالبذاءة والإباحية والسطحية ويعده رواية فنية ويرفعه إلى السماء ، ويسجل هذه الشهادة البائسة في الشهر العقاري تضامنا مع الكاتب الإباحي الذي لا يحسن الإملاء ولا اللغة !

ولاريب أن الوزير الحالي حلمي النمنم يقدم صورة سيئة لوزير الثقافة في بلد مسلم يعد عقل الإسلام . فقد طالب بالدم لنشر العلمانية في بلد مسلم ، وأشاد بالطاغية القتيل معمر القذافى، لأنه كما يزعم صاحب دور فى التعاون مع القارة الأفريقية. ودعا إلى  الخروج من مشروع ثقافة الموت المتمثلة فى مدرسة الإخوان المسلمين، وبعض من المدارس الأخرى من أجل تجديد الخطاب الثقافي ، وهو يقصد بالطبع ثقافة الإسلام ،  فالإخوان هم الاسم الكودي للإسلام يستخدمه من يريد الإفلات من المساءلة أمام القراء ! ونسي النمنم أن ثقافة الإسلام هي ثقافة الحياة بمعناها المادي ومعناها الروحي! ومن تجليات فكر النمنم الإقصائي الإرهابي حرمان المعارضين من جوائز الدولة ووضع قيود صارمة حتى لا يحصل عليها معارض ، ناهيك عن حديثه اللزج الدائم عن التطرف والتشدد والإرهاب الذي يلصقه دائما بالمسلمين ، بينما يغازل الكنيسة ويتقرب إليها آناء الليل وأطراف النهار!

 هذه بعض عينات لسلوك وزراء ثقافة مصر منذ بدايات الحكم العسكري عام 1952 حتى اليوم وفكرهم وتصوراتهم ، تؤكد أنهم ضد الإسلام ، ومع خصوم الأمة .!

الله مولانا . اللهم فرّج كرْب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !

وسوم: العدد 700