الشاعر الألماني الكبير: يوهان فولفجانج فون جوته

د. عبد السلام البسيوني

ومن الذين أعجبوا كل الإعجاب بمحمد صلى الله عليه وسلم وكتبوا عنه، الشاعر الألماني الكبير جوته (28 أغسطس 1749-  22 مارس 1832) الذي أظهر إعجابه  الشديد بالدين الإسلامي وبالرسول الكريم من خلال أشعاره، وأعماله الأدبية مثل "تراجيديا محمد" ذلك الكتاب الذي انقسم إلى فصلين:

الأول تحدث فيه عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، أما الفصل الثاني فقام بتصوير معاناة الرسول أثناء تبليغه الرسالة، وما قاساه من المشركين خلال ذلك.

كما اختص جوته الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم بقصيدة مدح طويلة، مشبهاً إياه بالنهر العظيم الذي يجر معه الجداول والسواقي في طريقه إلى البحر، كما قام بكتابة مسرحية أيضاً عن الرسول ولكنها لم تكتمل بسبب وفاته، وقد وجد بعض المخطوطات لهذه المسرحية التي عمد فيها إلى التأكيد على أن محمداً صلى الله عليه وسلم، جاء بأفكار جديدة لنشر الإسلام، وروح المساواة والإخاء في العالم.

ومما قاله في الإسلام في ديوانه الشعري الديوان الشرقي الذي ترجمه الدكتور عبد الرحمن بدوي: "إذا كان الإسلام معناه أن نسلم أمرنا لله، فعلى الإسلام نعيش ونموت جميعاً.

وقد اعتقد أناس أنه أسلم، حتى إن أُستاذة الأدب الألماني كاترينا مومزن قالت: "إن علاقة جوته بالإسلام ونبيه الكريم ظاهرة، مدعاة للدهشة في حياته، فكل الشواهد تدل على أنه في أعماقه شديد الاهتمام بالإسلام، و كان يحفظ عشرات من آيات القرآن الكريم"، وفي سؤال لها حول ما إذا كان جوته قد أسلم، قالت : إن إعجاب جوته بالإسلام لا يعني بالضرورة أنه اعتنقه وترى أن جوته كان يُكِنْ تعاطفاً للإسلام، ولكنها تنفي أن يكون قد تحول إليه".

وقد كتبت الأستاذة مي كمال الدين عنه في موقع محيط:

... في قصيدته التي جاءت في أول كتاب "المغني" تحت عنوان "الهجرة" أشار الشاعر إلى

رغبته في أن يهاجر كما هاجر محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة

يقول:

الشمال والغرب والجنوب تتحطم وتتناثر/ والعروش تُثل، والممالك تتزعزع وتضرب/

فلتهاجر إذاً إلى الشرق في طهره وصفائه / كي تستروح جو الهدُاة والمرسلين/

هنالك، حيث الحب والغناء/ سيعيدك ينبوع الخضر شابّاً من جديد/ إلى هنالك، حيث

الطهر والحق والصفاء/ أود أن أقود الأجناس البشرية/ فأنفذ بها إلى أعماق الماضي

السحيق/ حين كانت تتلقى من لدن الرب وحي السماء بلغة الأرض/ دون تحطيم الرأس

بالتفكير!

وقد نظم جوته وهو في سن الثالثة والعشرين قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحينما بلغ السبعين من عمره أعلن على الملأ أنه يعتزم أن "يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي إعلانه عن صدور كتابه "الديوان الشرقي" قال إنه "لا يكره أن يقال عنه إنه مسلم"، كما يقول عن القرآن الكريم أن أسلوبه "محكم، سام، مثير للدهشة، وفي مواضع عديدة يبلغ قمة السمو حقاً"

ويشير الكتاب إلى أن المعتقدات الإسلامية الواردة في القرآن كانت تتفق مع معتقدات جوته الدينية والفلسفية ومنها فكرة التوحيد، والاعتقاد بأن الله يتجلى في الطبيعة، وأنه سبحانه يخاطب البشر على لسان الرسل.

ومن الدلائل التي تسوقها كاترينا مومزن على ارتباط جوته بالقرآن الكريم الرسالة التي بعث بها إلى هردر عام 1772 حيث كتب جوته من مدينة فتسلار قائلاً: "إني أود أن أدعو الله كما دعاه موسى في القرآن (رب اشرح لي صدري).

وكان جوته يقتبس معاني بعض آيات القرآن الكريم في مقطوعاته الشعرية الحكمية، فيقول في أحد أشعاره التي جاءت في شكل رباعيات أضفى عليها صيغة الدعاء:

يريد الضلال أن يربكني/ لكنك تعرف كيف تهديني/ فإن أقدمت على عمل أو أنشدت شعراً/  فأنر أنت لي جادة الطريق!

ومن أشعار جوته أيضاً، والتي تأثر بها بالقرآن الكريم:

هو الذي جعل لكم النجوم/ لتهتدوا بها في البر والبحر / ولكي تنعموا بزينتها..

وتنظروا دائماً إلى السماء!

وسوم: العدد 701