رشفات سياسية في كؤوس أدبية 8-17

الرشفة الثامنة :

            الله يخرب بيتك ، يا مَن خربت بيتنا! (طرفة مصرية قديمة)

كان أحد المصريين يتجول في الشوارع ، ويصيح : (الله يخرب بيتك ياللي خربت بيتنا) ، ويكرّرها دون توقف . وحين يسأله الناس : مَن هذا الذي خرب بيتك !؟ يقول :لا أدري (باللهجة المصرية : ما اعرفـش ) . ثم اقترب منه أحد عناصر الشرطة ، وطرح عليه السؤال : من هذا الذي خرب بيتك ( باللهجة المصرية : مين دا اللي خرب بيتك ، يا جَدع انتَ !؟) ، فقال :  ( مااعرفش) . فقال له الشرطي بنزق ، باللهجة المصرية ( ما تعرفش ازّاي ، وانت داير بالشوارع تهيّص وتدعي ..!؟ ازّاي تدعي على راجل ، بخراب بيته ، وانتَ ما تعرفوش!؟) فقال الرجل (مااعرفش) . فبادر الشرطي إلى اقتياد الرجل إلى النظارة ، واحتجزه فيها حتى الصباح ، ثم حوله إلى المحكمة . فقال له القاضي :

-       (انتَ تهمتـك يا ابني ، إنك ماشي بالشارع ، تهيّص وتدعي ، وتقول : الله يخرب بيتك ياللي خربت بيتنا . وأنا باسألك : مين ده اللي خرب بيتك ؟)

-       الرجل ( مااعرفش ياسيدنا القاضي) .

      كرّر عليه القاضي السؤال نفسه ، فكرّر الجواب نفسه.

وحين ملّ منه القاضي ، وأيقن أنه لن يجيب على السؤال ، أصدر عليه الحكم ، قائلاً:

أولاً : حكَمتْـك المحكمة ثلاثة أشهر (لأنك عامل هيصَة وشوشَرة بالشارع).

ثانيا: حكمتك المحكمة ستّة أشهر ( لأنك ما تعرفش اسم الريّس ) !

 ( سؤال : هذه الطرفة خاصّة بمصر، أم يمكن أن تشمل دولاً أخرى !؟ هذا السؤال مطروح على أولي الألباب ، بين المحيطين !).

                                   20/2/2007        

     الرشفة التاسعة :

                                 نماذج فريدة من السيادة ..!

حلّ رجل حضري ، ضيفاً على أحد زعماء القبائل في البادية ، فبالغ القوم في إكرامه والحفاوة به. وحين أوى إلى فراشه ، لم يستطع النوم ، لعدم تعوّده على نوع الفراش ، ومشاهد البيئة البدوية المحيطة به ، والتي لم يألفها ..!

 وفي الصباح قام باكراً ، والناس نيام ، فكتب أبياتاً من الشعر،على قطعة كبيرة من الخشب، وانسلّ خارجاً من مضارب القبيلة ، مبتعداً عنها .

حين أفاق أصحاب البيت ، لم يجدوا الضيف ، ووجدوا الأبيات .. فقرأها بعضهم ، فاستبدّ بهم الغضب ، وأخذتهم الحميّة ، وهمّوا بركوب خيلهم ، للّحاق بالرجل ، والانتقام منه ، بسبب أبياته التي كتبها .

 وحين سألهم صاحب البيت ، زعيم القبيلة ، عن سرّ غضبهم وحميّتهم ، قرأ له أحدهم الأبيات، وهي :

  مَن رامَ أنْ يَـلـقى تَباريحَ الكُـرَبْ            مِن نفسه فَـليأتِ أجْـلافَ العَـربْ

  يَـرَ الجِمالَ والجِـلالَ والخَـشَـبْ            والشَعرَ والأوبارَ.. كَـيفَـما انقـلَبْ

 أسـرَقُ خَـلْـقِ الله . . عنْ أمّ وأبْ             وأخْـشَنُ الناسَ ، وأخْزى مَن نَهَبْ

 تألم الشيخ لسماع الأبيات ، وجحود الرجل ، الذي حظي بإكرام بالغ ، فردّ على الجميل ، بهذا السلوك القبيح . لكن الشيخ كتم ألمه في نفسه ، وقرر أن يبادر إلى معالجة الموقف بحكمة ، كيلا يلحق رجاله بالضيف ويؤذوه .. فقال للرجال : هل أنتم متأكّدون من أنكم قرأتم الأبيات بشكل صحيح !؟ فقالوا له : نعم يا شيخ . وأعادوا له قراءتها ، كما قرأوها أول مرة . فتبسّم الشيخ ـ وكان شاعراً ـ وقال لهم بهدوء وثقة : لا لا.. أنتم أخطأتم في قراءة الأبيات، فهي لا تُقرأ هكذا !

فسأله أحدهم : وكيف تُقرأ يا شيخ؟ فقال الشيخ : تقرأ هكذا:

مَنْ رامَ أن يُـلْـقيْ تَباريحَ الكُـرَبْ              عَن نفسه ، فـليأتِ أخلافَ الـعَـربْ

يَـرَ الجَـمال ، والجَـلال ، والأدبْ              والشِعْـرَ، والأوتار.. كَيفما انـقـلَبْ

أشْـرفُ خـلْـقِ الله .. عن أمّ وأب              وأحسَنُ الناس ، وأجْـزَى مَنْ وهَـبْ

 فقالوا له : أهكذا تقرأ الأبيات يا شيخ ؟

فقال الشيخ : نعم ، هكذا ! ولكنكم تسرّعتم في قراءتها ، وظلمتم ضيفكم ، وكدتم تتبعونه كي تؤذوه ، وهو لم يقل بحقّنا إلاّ خيراً .

فجمع الشيخ الحكمة ، مع كرم اليد ، وكرم النفس .. وأكرم ضيفه بداية ، وحفظه من الانتقام على سوء فعله ، في النهاية !

                                          18/3/2007

   الرشفة العاشرة :

          أ ) إلى فَـرائس كسرى.. وطَرائده :

 أيَـلهو بكمْ غِلمان (مانيْ) و(مَزدكِ)               وأنتمْ حَيارَى .. بينَ لاهٍ ومُـشتَـكِ !؟             فإنْ لمْ تَصونوا الدينَ ، صونوا نساءَكمْ              وأبناءَكـمْ ، مِن كلّ باغٍ ومُـشـركِ

 وإلاّ.. فـظـلّـوا سِلعـةً وفَـريسةً              لأجنادِ كسرى .. واهلِكوا شَرّ مَهْـلِكِ!

ب) ديك الهند وبغداد ، بين الأمس واليوم ( ديك الهند هو ديك رومي ، احتلّ الهند وبغداد بالأمس ، واحتل بغداد اليوم ) :

1- بالأمس :          إنّ ديكَ الهندِ قـدْ باضَ ببغدادَ وزارهْ !

2- واليوم: على كلّ عودٍ صاحبٌ وخَـليلُ           وفي كلّ بيتٍ رَنـّـةٌ وعَويلُ !

ت)  عِزّة الحِمَى :

 1- لا رآني الله أرعَى روضـةً                 سَهلةَ الأكنافِ ، مَن شاءَ رَعاها

2 – تـُخْصِبُ الدنيا ، فلا أطرقُها                رائـداً.. إلاّ إذا عَـزَّ حِـماها !

ث) غضَب :

أصبحَ السَـفْـحُ مَـلعَباً للـنُسورِ                فاغضَبي يا ذُرا الجِبال.. وثُوري

ج) أوثان.. وأوطان :

 أيَموتُ في رئَـتيْ صُداحي                     والـزَيـفُ يَـغْـمر كلّ ساحِ

والجَهلُ.. سِكّـينُ الجِـراح         ...         يَـدِبّ حـتّى فـي الـجِـراح

وثَـنَ الشهور، وحارسَ ال       ...            وطـنِ الـذليلِ الـمُسـتَـباحِ

أدْمَـيْـتَ عِزتَـنا ، أخا ال          ...       العُـزّى .. أمـالَـكَ مِنْ بَراحِ!؟

ح ) قِـلّـة.. وعِـزّة :

تُـعَـيّرنا أنّا قـليل عَديـدنا                   فـقـلتُ لها : إنّ الكرامَ قَـليلُ

وما ضَـرّنا أنّا قليل ، وَجارُنا                 عَـزيزٌ، وجارُ الأكـثَرين ذلـيلُ !؟

                                         25/2/2007   

    الرشفة الحادية عشرة :

   أ) حمار أحمد شوقي .. بين الأمس واليوم :

   1- بالأمس قال شوقي :

     سقطَ الحمارُ من السفينة في الدجى              فبَـكى الرفاق لـفَقدِه..وترحّموا

    حتى إذا طـلعَ الصباح أتـتْ بـه              نحـوَ السفيـنةِ مَوجة تَـتـقدّم

    قالت : خذوه ، كما أتاني .. سالماً               لـمْ أبتـلـعْه..لأنه لا يُـهضَم

  2- واليوم للحمار شأن آخر:

                  قَـرّوا .. فـما سقطَ الحمار مِن السفينة .. يا رفاقْ

                  هو ما يزال يقودها.. كَـلِـفاً ، على قـدَم وسـاقْ

                   ونَـهيقُه حاديْ الورَى .. ما بينَ طنجةَ والـعراقْ

ب) نفوس كبيرة :

1- وإذا كانت الـنفوسُ كـباراً                تَـعبتْ في مُرادها الأجـسامُ

2- نفسُ عِصامٍ سَوّدتْ عِصاما                 وعلّـمتْـه الكَـرّ والإقـداما

   وصَـيّرتْـه بَـطلاً هـُماما                 حتّى عَـلا ، وجاوزَ الغَماما

ت) أنسام الشام:

   إذا هبّتْ الأنسامُ شاميّةَ الشَذا                 تَمايلتُ مِن سكْر، وإنْ كنتُ صاحيا

ج) عروس المجد:

  ياعروسَ المَجدِ ، تيهيْ واسحَبيْ              في مَغانـينا ذيـولَ الـشُهـبِ

 لنْ تَـرَيْ حَـبّةَ رملٍ فَـوقَـها               لمْ تُـعطّـرْ بِـدِما حـُرّ أبـيْ

 دَرجَ البَـغْيُ علـيها حِـقْـبَـةً              وهَـوَى.. دونَ بـلـوغ الأربِ

 وارتَمَى كِـبْـرُ اللياليْ دونَـها               لَـيّنَ النابِ ، كَليل الـمِـخـلبِ

                                                 3/4/2007   

   الرشفة الثانية عشرة :

                         بسطارعَريفٍ مِن بَـلدي

اسحَبْ ـ مِن فضلِك ـ ياجاري             رأسيْ ، مِن تحتِ البُسطارِ

اسحبْ رأسيْ .. ثمّ اسـألـنيْ              عن أوراقي .. أو أحباريْ

سَـلني عن شِعري ، عن نثريْ             عن آرائي .. عن أفكاري

سَـلـنـي عـن أحـلام الأطـفـالِ .. وعـنْ تَـغريدِ الأطـيـارِ

سَـلـنـي ـ إنْ شئتَ ـ عن الـتـاريخ .. ومـا فـيـه مِن أخبارِ

سَـلـنـي عنْ بَـدرٍ والـيَـرمـوكِ ، وعنْ عِـمْرانَ ، و عَـمّـارِ

سَـلـنـي عـن حَـمْـلَـةِ نابـلـيـونَ ، وأحـمدَ باشـا الجَـزّارِ

اسْـحَبْ رأسيْ ، ثـمّ اسألـني         فـبـِرأسي شَـتّى الأسـرارِ

سَـلْ عمّا شِئـتَ أجِـئْـكَ بهِ         مِن بـينِ بُـطونِ الأسـفـارِ

سَـلـني إنْ شِئتَ عن الرازي         والأخْـفَـشِ وابـنِ الأنباريْ

سـلـني عن ( نَـفْح الطيبِ) إذا أحْـبَـبْـتَ ، و( نَـيْـلِ الأوطار)

سَـلني عن قومي ، عن أهلي          سَـلني عن بلَديْ ، عن داري

اسحَـبْ رأسي ، ثمّ اسـألني          اسحَـبْه ، وعَجّـلْ يا جاري

اسحَـبْـه ، وقـلْ ليْ هـلْ هـذا الـمُـتَـكَـوّم كَـجِدارِ الـنـارِ:

بُسطارُ عَريـفٍ مِنْ بَـلـدي          فَـوقيْ ، أمْ نِـيـرُ استعمارِ!؟

                                   19/4/2007  

          الرشفة السادسة عشرة :

أ‌)       لاسيادة مع الحقد:

 لايحمل الحقدَ مَن تعلو به الرتبُ         ولا ينال العُلا مَن طبعُه الغضبُ

     ب) القدس وهمم الرجال

كلنا ، لو أسعفتنا همّة               همّنا القدسُ ، فتحيا الهممُ

كلنا أودى هوى القدس بنا          ذاك مشغوف وهذا مغرم

كلنا صرعى غرام قاتلٍ            ويحَنا ! أين المحبّ المقدِم !؟

ت)الرأي والمشورة:

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن       برأي نصيح أو نصيحة حازم

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة   فريش الخوافي قوة للقوادم

ث) الرأي والعزيمة :

  إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة       فإن فساد الرأي أن تترددا

ج) الرأي والشجاعة :

  الرأي قبل الشجاعة الشجعان       هو أولا وهي المحل الثاني

  فإذا هما اجتمعا لنفس حرة         بلغت من العلياء كل مكان

ح) حكم الذئاب :

 إلى الله أشكو أننا بمنازل           تحكم في آسادهن ذئاب

خ) الفجر الآتي :

 ياظلام السجن خيم                إننا نهوى الظلاما

ليس بعد الليل إلا                  فجر مجد يتسامى

د) الفرقة دمار : 

 كونوا جميعا يابني إذا اعترى         خطب ولاتتفرقوا آحادا

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا        وإذا افترقن تكسرت أعوادا

ذ) إلى ألسنة النفاق التي تدافع عن الخائنين :

مه.. لاتكن للخائنين خصيما          فتعيش نذلا أو تموت ذميما

ر) ممثل الشعب :

ياجالسا في مجلس الشعب           خزيان بين الذل والرعب

هلا حفظت النفس من قلق           وأبيت ذل الموقف الصعب

             الرشفة السابعة عشرة

أهدي هذه الأبيات ، إلى الضحايا الأهوازيين ، الذين التجأوا إلى بشار الأسد ، فأظهرَ لهم من صنوف المروءة العربية ، التي اشتهرت بها أسرته ، والوفاء الإنساني ، الذي ورثه عن أبيه ، مايخلّده ، ويخلّد أسرتَه ، بين الأجيال ، إلى آخر الدهر ! إذ استضافهم في السجون والمعتقلات الرحبة المريحة ( خمس نجوم !) ، التي يعرفها شعب سورية كله ..! ثم أسلمهم إلى أجهزة بلادهم ، التي التجأوا منها إليه .. وأعدّت لهم متّكأ فريداً ، في قصور وجنّات ، تحت الثرى ، لايرون فيها شمساً ولا زمهريرا ، ولا تمزّق جلودَهم فيها سياط ، ولا تكسّر عظامَهم فيها عصيّ ، أو جنازير! فليهنأ أهل الأهوازالكرام ، بالوفاء الأسدي البديع ، والمروءة العربية الأصيلة ، واللطف الفارسي النادر!

                      أحْـَسنـتُـمُ في اخْـتـيـار الحِصْـنِ والجارِ

 أحسنـتُـمُ في اخْـتـيـارِ الحِـصْنِ والـجارِ      

                                     يا لاجـئـيـنَ إلى ابْـنِ الـمَجْـدِ.. بَـشّـار!

   هـذا الـفـتَى الـشَهـمُ لا يَـشْـقَى بِه أحَـدٌ    

                               مِـن قـاصِـديـهِ ..عَـزيـزُ الـنـفْـسِ والـدارِ!

   لا سـُوءَ في طَـبْـعهِ ، لا لـؤمَ في دَمـهِ

                                      فَــلـيـسَ مِـنْ نَـْسـلِ خَـوّان وغَـدّارِ!

   وقَـدْ حَـظـيـتـمْ بـه ، مأوىً ومُـلـتَـجأً

                                   وجَـنّـةً .. لـلـشَـريدِ الـجـائعِ الـعـاري !

   قـدْ اسـتَجـرتـمْ بهِ ، في ليلِ كُـربَـتِـكـمْ         

                                    فَـما اسْـتَـجـرتـمْ مِن الرمضاءِ بـالـنـارِ !

   سـُجـونـُه لا كأنـواعِ السجـونِ .. أمـا      

                                    كـنـتـمْ بِـروضٍ ، ومـاءٍ سَـلسَـلٍ جـارِ !؟

   فـإنْ يـكـنْ لِـيَـدِ الجَـزّار أسْـلـمَـكـمْ 

                                    فـقـدْ تـَحرّى لـكـمْ عَـنْ خَـيْـرِ جَـزّارِ !

  فَـحَـرّضوا ، يـا بَـنـيْ الأهـوازِ قَـومَـكـمُ        

                                      على انْـتِـجاعِ أبِـيِّ الـنـفْـسِ مِـغْـوارِ !

 ولـنْ يـُرَى ، بَـعْـدُ ، في أهْـوازكـمْ أحَـدٌ         

                            فـوقَ الـثَـرى ، يَـشْـتـكيْ مِن بَـطْـشِ جَـبّـارِ!

  سَـتَسكـنـونَ ، جَـميعاً ، جَـوفَ مـقـبَـرةٍ   

                                         فَـسـيـحةٍ .. دونَ غَـسّـال وحَـفّـار !

 كأهْـلِ تَـدمـُرَ .. هـلْ تَـدرونَ قِـصّـتَـهمْ       

                                      صـاروا أحـاديـثَ جُـلاّسٍ وسـُـمّـار!

 وسَـوفَ يَـبْـنيْ  بَـنُـو ( فَـيـروزَ !) فَـوقَـكـمُ     

                                   قُـصـورَهـمْ .. رَمْـزَ إجْـلالٍ وإكـبـار!

 طـوبَـى لـكـمْ ، يـا بَـنـيْ الأهْـوازِ.. تُـسْـلِـمـُكـمْ    

                                بـيـنَ الـنَـعـيـمَـيْـنِ ، أقْـدارٌ لأ قْـدارِ!

                                         1/11/2007     

وسوم: العدد 701