أعظم إنجاز ...!

إنجاز عظيم ضخم . بل هو أعظم إنجازات الانقلاب العسكري الدموي الفاشي، لم تذكره الأذرع الإعلامية ضمن القائمة التي تقدمها للناس صباح مساء من قبيل المشروعات الكبرى التي لم تعُد بمليم واحد على مصر حتى الآن مثل القناة الجديدة ، والعاصمة الإدارية الكبرى ، واستصلاح المليون ونصف مليون فدان. والاستزراع السمكي ، والطرق الجديدة التي لا مثيل لها بينما طريق مصر اسكندرية الزراعي لا يصلح إلا لسير التكاتك!

الإنجاز العظيم الضخم الذي جعل مصر تنتقل إلى رأس القائمة الدولية؛ هو ارتفاع نسبة الطلاق في المحروسة وخاصة بين الأزواج الشباب! لدرجة أن مترجمة طلبت الخلع من زوجها لأنه لا يتحدث معها بالإنجليزية!    

لقد صارت مصر الأولي عالميًا في نسبة الطلاق ووقعت ثلاثة ملايين حالة طلاق  في خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بواقع 240 حالة يوميًا . أي في سنوات الانقلاب العسكري الذي دمر مصر ماديا ومعنويا.

وكشف تقرير حديث نشر مؤخرا لمركز معلومات مجلس الوزراء عن وجود هذا العدد من حالات الطلاق يوميا كما بلغ عدد قضايا الخلع التي تم رفعها أمام محاكم الأسرة في العام 2016 المنصرم 250 ألف قضية خلع علي مستوي الجمهورية.

أكدت ذلك دعاء شلقامي رئيس مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة بالمنيا في ندوة نظمتها إدارة الشباب والطلاب بقاعة مجلس المدينة. حيث أوضحت أن نسب الطلاق في مصر ارتفعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بشكل يستحق الدراسة لاحتلال مصر المرتبة الأولي عالميًا في نسب الطلاق ووصول عدد المطلقات في  السنوات الثلاث الأخيرة ثلاثة ملايين مطلقة. كما أوضحت أن نسبة الطلاق في الفئات العمرية للشباب حديثي الزواج مرتفعة للغاية في الفترة ذاتها .

وذكرت أحدث الإحصائيات أن نسبة الطلاق في الفئة العمرية من 20 إلي 35 سنة تصل إلي 40% من إجمالي حالات الطلاق. وأن معظم حالات الطلاق للشباب تحدث خلال الخمس سنوات الأولي من الزواج.

وفي السياق ذاته تمضي على قدم وساق إجراءات تعديل قانون الطفل وتسعى بعض الأطراف لإشعال النار بين الناس بسبب رغبتها في حرمان الرجال من الأبناء وتمكين المرأة من عنق الرجل لتفرض عليه شروطا مذلة ومهينة بحجة أنها الطرف الأضعف الذي ينبغي أن ينحاز إليه القانون.

إن محاولات تمزيق المجتمع وتفتيته عن طريق تأجيج الصراعات داخل الأسرة المصرية المسلمة لها جذور بعيدة لم يكن أولها قانون الشقة من حق الزوجة ولا العفش من حق المطلقة ولن يكون آخرها حرمان الآباء من الأبناء ولو تزوجت أمهن المطلقة، فخصوم الإسلام متأكدون أن الجالية الإسلامية في مصر لا تملك من أمرها شيئا بعد أن تسلط عليها خدام الغرب واليهود وأوسعوها قهرا وكيدا وإذلالا ، وجعلوها غريبة في دارها وزمانها وأفسحوا المجال للشيوعي واليساري والملحد والطائفي وكل من لا يعرف الله. ولذا يسلطون عليها السفهاء والأوغاد والبلطجية ليسفهوا دينها ويهاجموا عقيدتها ويغيروا ويبدلوا في ثوابتها تحت دعاوى التجديد والحداثة والتنوير ومكافحة التطرف والتشدد، ويتخذون من المرأة مجالا حيويا لتخريب العقيدة والمجتمع جميعا .

لقد رأوا في بعض النساء (الدكر)، وهن الفاشلات المتحذلقات البائسات؛ وسيلة مناسبة للحديث المزعوم عن ظلم المرأة واضطهاد المرأة وقهر المرأة ، وصنعوا لها مجالس عليا وقومية ووطنية بدعوى تحسين أوضاعها ، ولكنها للأسف لم تتجاوز الكلام السمج السخيف عن الختان ورفع سن الزواج وتمكين المرأة لتضع قدمها فوق رقبة الرجل الجبار الظالم الرجعي المتخلف سي السيد صاحب العين الزائغة بالإضافة إلى المطالبة بحق المرأة في الطلاق ورفض العمل المنزلي وكأنه سبة ووصمة عار، إلى غير ذلك من قضايا لا تساعد على بناء الأسرة وتربية الأبناء وازهار المجتمع .

إن صراخ النسوة المسترجلات من أجل ختان فتاة في أعماق الصعيد مثلا، يتوقف تماما أمام اعتقال الطالبات والفتيات والنساء المطالبات بالحرية والديمقراطية والكرامة. ثم إنهن يضعن في آذانهن وقرا لكي لا يسمعن صراخ المعتقلات ظلما وعدوانا ، ولا يشرن بكلمة إلى ما تتعرض له بعض المعتقلات من تعذيب واغتصاب ، ويجعلن أنفسهن من بنها حين يذاع وينشر أن بعض البنات اللاتي يتعرضن للاغتصاب المجرم داخل المعتقلات يطلبن من أمهاتهن شرائط منع الحمل كي يتجاوزن الفضائح الاجتماعية.

لاريب أن تعديل القوانين الأحوال الشخصية لتكون المرأة هي سي السيد الذي يفهم الحياة الأسرية على أنها صراع بين عدوين لدودين يجب أن ينتصر أحدهما على الآخر ، أمر شائن ولا يتفق مع طبيعة المجتمع المسلم الذي ينبغي أن تقوم فيه العلاقة الأسرية بين الزوجين على أساس المودة والرحمة، وفقا لقوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"( الروم: 21)، هل فهمت النساء الفاشلات المسترجلات معنى وحدة الأصل الإنساني ، ومعنى السكن ، ومعنى المودة والرحمة، ومعنى الآيات التي تثير التفكر والتدبر؟

 هل يتفق هذا الهدي الإلهي مع الرغبة الجامحة لدى بعضهن لجعل الأزواج جميعا خونة ، وأهاليهم جميعا على لائحة الأعداء التاريخيين؟

إن فشل امرأة في حياتها الزوجية لا يعني أن كل النساء فاشلات ، وإن وجود زوج خائن لا يخاف الله لا يعني أن كل الأزواج هكذا ، ووجود عائلة سيئة في تعاملها لا يعني أن كل الأسر تستحق الإعدام. ومع ذلك فلو أن المجتمع تشبع بالتربية الإسلامية الصحيحة لما كانت هناك هذه النسبة الهائلة من المطلقات والمطلقين ، وما كان هناك هذا العدد المخيف من الحوادث الأسرية المزلزلة ، وما كان هناك هذا الانحلال المخيف وذلك التسيب المؤلم في العلاقات الاجتماعية .

لقد حقق الحكم العسكري الفاشي منذ 1952 إنجازا إجراميا مخيفا في سحق الإسلام وقيمه مما انعكس بالسلب على المجتمع وتمثل في سيولة القيم وانتشار الظلم والنفاق والقهر والكراهية واستحلال الغير والأمراض الخلقية المتنوعة وفقدان قيم العدل والمروءة والشهامة والإخلاص والوفاء والأمانة والصدق وغيرها .

ليس غريبا أن يخفق الانقلاب العسكري الدموي الفاشي في كل المجالات حتى عزف السلام الجمهوري في إحدى الحفلات ، وأن يهبط إلى القاع في الإنتاج والتعليم والاقتصاد والدولار والصحة والثقافة والصناعة والزراعة وغيرها ويصعد إلى المرتبة الأولى في نسبة الطلاق التحريري وليس الشفهي!

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 705