مقدمة للمجموعة الشعرية (بلا وطن)

مقدمة

                   شَرَّفَ   اللهُ  ألـسـُنَ  الشُّــعراءِ

                  بـكلامٍ   تـَلاهُ   وحـيُ السَّّــمَـاءِ

               لو مَضَتْ  " عينُهم " هرعتُ فـِدََاءً

               أرسُمُ " البَاءَ  " مِنْ حروفِ  البَرَاءِ

تحيةٌ طيبةٌ مباركةٌ أيَّها القارئُ الكريم  

إنَّها الغربةُ والألمُ وفراقُ وطنٍ وكثيرٌ مِنَ الحبِّ ..

بلا وطن  

نعم  .. منذُ ما يربو عن ثمانيةَ عشر عاماً وأنا أُقيمُ بعيداً عن بلدي وأرضي وحارتي وجيراني وأصدقائي وأقاربي   ..

أعيشُ بعيداً عن فُرْنِ  البلدِ  .. بعيداً عن جبلِ الأربعينِ الذي طالما تنشَّقتُ فيهِ نسائمَ الحبقِ ، وتفيئتُ تحتَ أشجارِ الكرزِ وأمضيتُ فيهِ أسعدَ أيامِ حياتي . 

ثمانيةَ عشر عاماً وأنا أحِنُّ إلى مدرسةِ " تشرينَ  " الابتدائية التي مكثتُ فيها ست سنواتٍ ناعمة . 

كنتُ دائماً أسألُ روحي عن أخبارِ مدرسةِ " القسَّام " الثَّانوية. 

طالما ذهبَتْ بيَ الذكرياتُ وأنا في مجلسي بمدينة الرياض إلى سوقِ البلدِ إلى ساحةِ " البازار " إلى دكانِ أبي رحمه الله . 

ذهبتُ إلى جارنا " أبو عادل  " وأفطَرتُ في دكانه . 

وكم مَشيتُ مُغرِّباً حيثُ بستاننا، وقطَفتُ ثمارَ الكرزِ  ، وطَعِمْتُ مَرارَ  " المَحلَب " فوجدتهُ حلواً أمامَ مَرارِ الغربة .

لا أظنني قادراً على وصفِ  حبي واشتياقي لبلدي  "  أريحا " 

كيفَ يكتبُ المرءُ عن دمهِ  ؟ كيفَ يكتبُ عن نبض قلبه ؟ 

متى كان هذا ومَنْ وجدَ إلى ذلك سبيلا ؟ 

نعم .. لقد صَمَتَتْ أنفاسُ  " بلا وطن  " أمامَ حبِّ الدَّم ِ ونبضِ القلبِ. 

عندما قلَّبتُ صفحات ِ " بلا وطن" زارني طيفُ دمشقَ ، تذكرتُ ساحةَ  " الحجاز  " ووقفتُ أمامََ محلّ  " فلافل أبي نواس " وجلستُ في "  مقهى الحجاز"  أحتسي كأسَ زهوراتٍ ساخنة وشممتُ عطرَ الياسمين. نظرتُ مِنْ شُرفَةِ غرفتي في " فندقِ الشَّرقِ " وخرجتُ منهُ أسابقُ النَّاسَ على ركوبِ " الباص " في البرامكة  لمَّا وقعَتْ عجوزٌ دمشقيةٌ وقبَّلتُ يَدَهَا . 

وذهبتُ مُسرعاً إلى سوق ِ " الحميديَّةِ" أعدُّ الخُطَى حتى وصلتُ    " بكداش  " فبَرَدَتْ روحي ، ثمَّ زرتُ حمَّامَ  " نور الدين الشهيد" إلى أنْ صلَّيتُ في الجامعِ الأمويِّ .

ذهبتُ بعدها كعادتي مَشياً على الأقدامِ إلى حيِّ العمارةِ نزولاً ، فالقَيتُ التحيةَ على ( صلاح الدين الأيوبي ) وتأملتُ جسرَ الثَّورةِ ثمَّ دخلتُ في زُقاقِ حيِّ العَمَارةِ حتى بلفتُ حمَّامَ  " الخانجي" فغسلتُ روحي .

وتناولتُ فطوري مع شقيقي " أيمن " في مطعم ( سعيد الصفصاف ) ونحنُ نقولُ ما أطيبَ هذهِ  " الفتَّة"  .بعدَ زيارتي لأخي في بيتهِ في حيِّ العمارةِ اصطحبني لصالةِ  " الفيحاء"  حيثُ كان لاعباً في فريقِ الشرطةِ للكرةِ الطََّائرةِ عندما كان يقفزُ  قلبي مع كلِّ قفزةٍ  لهُ .

وركضتُ على رصيفِ طريقِ " العدوي " متَّجهاً شمالاً أريدُ ( حلب ) فتوقفتُ بُرهةً وضحكتُ كثيراً على تلكَ الأيامِ التي عشناها في " القابون  " 

في كلِّ ركنٍ مِنْ أركانِ دمشقَ لي ذكرى  . 

لم أنسَ مذاقَ النَّابلسيةِ في الصالحية ، لم أنسَ ضحكةَ الفنَّانِ   " محمد العقَّاد أبو جاسم" في مطعمهِ في شارع الحمراء. 

في حديقةِ تشرين وطريقِ بردى وابنِ النَّفيسِ وطريقِ المزََّةِ  . ولا ينتهي الكلامُ عن دمشقَ التَّاريخِ مهد حضارةِ بني أمية  .

في هذه المجموعة الشعريَّة امتزج حبُّ الوطن أولاً  ، ومزيداً مِنَ العشقِ والوجدانِ وما مِنْ قولٍ جرى فيهِ على هجاء . 

فما استحسنتَهُ فيه أيها القارئ الكريم  فهو مِنْ فضلِ اللهِ  عليَّ ، وما كان فيهِ من خطأ أو زللٍ فمن نفسي والشيطان فجُدْ  بالصَّفحِ  " ألا تحبُّونَ أنْ يغفرَ اللهُ لكم " 

شكراً مِنَ القلبِ للأستاذِ الأديبِ ( محمد الجوير ) الحصيف النَّيرِ المنيرِ على تكرُّمهِ بمراجعةِ هذهِ المجموعةِ  . 

وباقةُ شكرٍ عطرةٍ للسَّادةِ الكرام 

( دار النخبة للطباعة والنشر والتوزيع في القاهرة )

                     والحمدُ للهِ رب العالمين

وسوم: العدد 714