التربية بالحوار، لو خلقني الله ولداً!!

د. محمد رشيد العويد

- أنا خارج الآن يا أمي . هل تريدين مني شيئاً ؟

- الله معك يا ولدي 

ما إن خرج عمر من البيت حتى التفتت ليلى إلى أمها وقالت : لماذا لم يخلقني الله ولداً مثل أخي عمر ؟!
ردت الأم على ابنتها : اتقي الله يا ليلى ولا تعترضي على خلقه سبحانه ، فهو  تعالى يخلق من يشاء كما يشاء .
قالت ليلى : أما كنت أستطيع أن أخرج من البيت مثل عمر دون أن تسأليني إلى أين أنا ذاهبة ؟ لو أردت أن أخرج الآن لسألتني إلى أين أخرج ؟ ومع من سألتقي ؟ ومتى سأعود ؟
قالت لها أمها : هذا لأني أخاف عليك ؟
ردت ليلى : ألا تخافين على عمر !؟
أجابتها أمها : بلى أخاف عليه ، ولكن خوفي عليك أكثر لأنك أضعف منه وأحوج إلى من يكون معك ليحميك .
قالت ليلى : كلامك هذا يؤكد أنه ليس هناك مساواة بيني وبين عمر .
قالت أمها : ليس هناك مساواة .. ولكن هذا لمصلحتك .
تساءلت ليلى متعجبة : لمصلحتي ؟! كيف !؟
أجابتها أمها : الإسلام لم يساو بين المرأة والرجل لأنه راعى طبيعة كل منهما ومن ثم أعطاه ما يسعده ويناسبه .
قالت ليلى : أي أنه فضَّل الرجل على المرأة !
ردت أمها : هذا ليس صحيحاً .
قالت ليلى : كيف ؟
أجابتها أمها : مَنْ فضَّل النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأله أحد الصحابة عن أحق الناس بحسن صحابته فأجابه صلى الله عليه وسلم  (( أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك )) ؟
قالت ليلى : لا شك في أنه فضَّل الأم على الأب ؟
سألتها أمها : ما المراتب التي أعطاها للأم ؟
أجابت ليلى : المراتب الثلاث الأولى ؟

سألتها أمها ثانية : وفي أي مرتبة جاء الأب ؟
أجابت ليلى : في الرابعة ؟
قالت أمها : ومن كان صلى الله عليه وسلم يُفضِّل في حديثه الذي يقول فيه (( من كان له ثلاث بنات ، فصبر عليـهن ، وأطعمهن ، وسقاهن ، وكساهن من جدتـه ، كن له حجاباً من النار يوم القيامة )) ؟
أجابت : واضح أنه صلى الله عليه وسلم يفضل البنات لأنه يوصي بهن ويجعل الإحسان إليهن سبباً في حجب أبيهن وأمهن من النار .
قالت أمها : هل تعلمين أن المرأة تستطيع أن تعطي زوجها من زكاة مالها إذا كان مستحقاً لها بينما لا يستطيع الرجل أن يعطي زوجته من زكاة ماله ؟
قالت ليلى : لا شك في أن هذا إكرام للمرأة .
سألتها أمها : أبعد هذا كله  تتمنين لو أن الله تعالى خلقك ولداً ولم يخلقك بنتاً ؟
أجابت ليلى : سامحيني يا أمي ، لقد كنت مخطئة ، وتفضيل الله تعالى لعباده إنما يكون بالإيمان والعمل الصالح .
قالت الأم : أحسنت يا ابنتي ؛ كما قال سبحانه (( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيراً )) النساء 124
قالت ليلى : أقول الآن بكل رضا : الحمد لله الذي خلقني بنتاً ، فما دامت هذه مشيئته فإنني أحب ما يشاء الله لي .
قالت الأم : بارك الله فيك يا ليلى على هذا الفهم فالله سبحانه يقول (( يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور )) فقد وهبك الله لنا كما وهب لنا أخاك عمر، وكلاكما هبة منه سبحانه .