أسد وبوتين والصراع بين مارس وفينوس

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين / ‏27‏/04‏/14/ يبدي  رئيس البرلمان  الاوروبي / السياسي الالماني / مارتين شولتس هذه الايام ومن خلال حملته الانتخابية من اجل انتخابه رئيسا للمفوضية الاوروبية بدعم من الاشتراكيين الاوروبيين  وفي جلساته الخاصة قلقه عن احتمال وقوع حرب بين روسيا والغرب بينما يبدي رئيس الدولة الالماني يوئاخيم جاوك تفاؤله باستبعاده عدم وقوع حرب جديدة بين الشرق والغرب ويرى ان ما يجري في اوكرانيا وسوريا غمامة صيف عن قليل تنقشع بالرغم من غمامة صيف شديدة السواد لا تزال تخيم على اجواء سوريا منذ ثلاثة أعوام بل منذ واحد وخمسون عاما تاريخ استبلاء حزب البعث  على مقاليد السلطة في سوريا عام 1963 راح ضحية همجية النظام السوري اكثر من مائتي الف انسان تصل نسبة المدنيين منهم الى خمس وثمانون بالمائة كما ساهمت همجية اسد بتشريد اكثر من  ثمان مليون نسمة وتدمير ثلثي المدن السورية .

فأجواء أسباب  الحرب العالمية الاولى  التي اندلعت عام 1914  التي راح ضحيتها اكثر من 17 مليون انسانا ووصلت حمى نارها اكثر بلاد القارات القديمة اوروبا وآسيا وافريقيا وكان الشرق الاوسط مرتعا خصبا لقوى تلك الحرب ، قد عادت من جديد منذ بدء الاحتجاجات باوكرانيا اواخر تشرين ثان/نوفمبر من عام 2013 الماضي اثر فشل الاوروبيون بجذب اوكرانيا كشريك استراتيجي لهم نجم عن الفشل سلخ روسيا لشبه جزيرة القرم عن اوكرانيا وضمه الى حظيرتها  وتحريض موسكو سكان مدن الشرق الاوكراني للانفصال عن الغرب الاوكراني او قيام دويلة مستقلة لهم . هذه السياسة أدت الى ارتفاع طبول حرب قد تقع وربما لا تقع بين روسيا واوروبا .

بالرغم من اعتناق الاوربيون النصرانية طوعا وكرها عندما اعلن الرومان  النصرانية دين دولتهم  عام 380 ميلادية الا انهم أدخلوا في دينهم فلسفة الإغريق وابقوا أيضا على بعض فلسفة الروم القديمة الذين كانوا يتخذون آلهة مثل آلهة الاغريق  القدماء ، فمن آلهة الروم ، كان مارس / اله الحرب / مثل اله الحرب لدى الاغريق / آريز / وأجمع الروم  على إله الاغريق  / فينوس / إلهة الحب والسلام  . استغل الاوروبيون  بعيد الحرب العالمية الثانية وقيام سوق اوروبيتهم المشتركة لتنتهي بقيام الاتحاد الاوروبي الالهة / فينوس/ لأهدافهم الاقتصادية فقط  بعلاقاتهم مع العالم ولعب الاله / مارس / بعض الادوار في الحروب التي وقعت بالكوسوفو والبوسنة  اذ انه لا بد من الحرب كآخر وسيلة لاحلال السلام بعد ان عجزت الالهة / فينوس /  اقناع الدول المغتصبة بكف آذاها عن الشعوب المظلومة التي تسعى لنيل الحرية في البلقان . أما ما يتعلق في سوريا واوكرانيا وشبه جزيرة القرم فانه من المستحيل ان يلجأ الاوربيون الى الإله /مارس / لوقف نزيف شعب سوريا والحيلولة دون انهيار وتقسيم اوكرانيا على حسب رأي الصحافي المخضرم بيتر شولاتور ، فأوروبا الضعيفة تستخدم قوتها الاقتصادية من خلال اتخاذ عقوبات اقتصادية ضد بشار اسد وفلاديمير بوتين بالرغم من ان هذه العقوبات لن اسلهم بردع بوتين واسد عن العنف والغطرسة .

ويرى وزير خارجية التشيك سابقا كارل شفارتسينبيرج ببوتين الذي وضعته مجلة / جيوبوليتيك / الشخصية الاكثر تاثيرا في العالم وببشار اسد الذي وصفته مجلة / فوكوس/  باسوأ رئيس دولة بالعالم ، محرضين على حرب عالمية ثالثة فأزمة أوكرانيا والحرب الذي يشنها اسد ضد فئة معينة من شعبه شبيهة تماما بأزمة شهر حزيران/يونيو عام 1914 التي اشعلت الحرب العالمية  الاولى بعد اقدام شباب من رابطة الطلاب البوسنونيين على  قتل ولي عهد قيصرية هابسبورج فرانس فرديناند وزوجته صوفيا في سراييفو وذلك من اجل الحرية وضم بوتين للقرم وتحرشه باوكرانيا ومحاولته تقسيمها  شرقا وغربا احد الاسباب الرئيسية لوقوع حربا جديدة في اوروبا والعالم مضيفا ان الاوروبيين لا يزالون يتمسكون بإلهة السلام والحب / فينوس / الا انهم يضمرون بأنفسهم العودة الى إله الحرب /مارس / لوضع حد لغطرسة اسد وبوتين .

قوة الغرب الاقتصادية لن تكون عائقا لطموحات الصين في المحيط الهادئ فالصين اصبحت دولة عظمى بالرغم من انها لا تزال تنتهج سياسة التواضع والهدوء ، فالصينيون معروفون بهدوئهم وتنفيذ مخططاتهم بهدوء وبدون ضجيج استولوا على تركستان الشرقية ويمارسون سياسة تطهير ديني وتهجير المسلمين من أراضيهم ويتحرشون باليابانيين ويسعون فرض هيمنتهم على جزر كثيرة تقع بالمحيط الهندي والهادئ ويبسطون  تأثيرهم  على بعض بلاد ربوع افريقيا من خلال استثمارات كبيرة ينتهجونها والغرب له مصلحة اقتصادية كبيرة مع الصين بعلاقات قوية معها بعد أن فشلوا بتحريض طلبة الصين على النظام الشيوعي  الذي استطاع القضاء على تلك الاحتجاجات بقوة الحديد والنار، وتؤازر بكين موسكو بمجلس الامن الدولي ضد اي قرار يصدره من اجل انهاء ماساة الشعب السوري الا انها ومن اجل حفاظها على علاقاتها الاقتصادية مع الغرب تلتزم الصمت حيال الازمة الاوكرانية التي لم يناقشها مجلس الامن الدولي وفي نيتها وضع جميع ما تملك من قوة اذا ما صدر عن المجلس المذكور قرارا بمعاقبة روسيا  على حسب راي خبير شئون السياسة الدولية جيرنوت ايرلر الذي يشغل حاليا مسئول ملف الحكومة الالمانية  عن العلاقات مع روسيا .

واذا ما أراد الغرب وخاصة الاوروبيين بالفعل إثباتهم بأنهم دعاة سلام وحب وضع إلهتهم / فينوس / في احدى الخزائن مؤقتا والعودة الى إله حربهم / مارس / فالحرب وسيلة رئيسية لانهاء مذابح يتعرض لها شعوب على يد أنظمتهم وإنهاء مخاوف شعوب تخشى من مصادرة حرياتها ، لقد تدخل الغرب في افغانستان ويريد الخروج منها خلال نهاية عام 2014 الحالي ظنا منه ان الدولة المذكورة قد استقرت علما انه يعرف تماما انها غير مستقرة  بالرغم من تحقيقه  شيئا  من الانجازات والخروج من تلك الدولة يعني هروب من الواقع . على الغرب ان لا ينتهج بافغانستان مثل ما انتهجته الولايات المتحدة الامريكية بالعراق فقد تركت تلك الدولة في مخالب الشيعة وزرعت الكراهية بين الاكراد والعرب  ونجحت بارساء سياسة فرق تسد ، لقد استطاع الغرب  مساعدة الليبيين ضد طاغية افريقيا معمر القذافي عندما لجأ الى اله الحرب /مارس / وقام بدعم قوي للتوانسة بانتفاضتهم التي أطاحت بزين العابدين بن علي عندما استخدموا / فينوس/ من اجل السلام بتلك الدولة وبارك للشعب المصري بانجازه لارساء الحريات العامة التي استلبها منهم حسني مبارك ثم اوعز للمصريين بالانقلاب على محمد مرسي عندما علم ان مصلحته الاقتصادية والسياسية في خطر بمصر وعلى الغرب اللجوء الى / مارس / لانهاء مأساة الشعب السوري بالقوة ، صحيح  ان ليبيا وتونس تعيشان بعدم استقرار سياسي وامني الا ان المرء يستطيع ان يعيش فيهما أما سوريا فلا أحد يستطيع العيش بها لقد دمر اسد المدن واستباح دماء شعبه وشرد الملايين منه الى جانب قتله ألوفا مؤلفة منه  مثل نيرون الذي أحرق روما وهو ينظر اليها عازفا على قيثارته،  وعلى الغرب الرجوع الى / مارس / للحيلولة دون تقسيم اوكرانيا وانهيارها وتشريد شعبها واستباحة حريتهم وكرامتهم على يد الروس والعودة الى / فينوس / عندما تستقر الامور على حد رأي خبيرة شئون السياسة الدولية عضوة لجان شئون السياسة الدفاعية بالبرلمان الالماني سابقا انجيلكا بيير .

وماذا عن دور الغرب بالمسلمين ؟ فقد جمعت  جلسة  بين توماس ادوارد لورنس / 1888- 1936 / الذي يقال له لورنس العرب  صاحب هيجان الشريف حسين على العثمانيين /  مع الشريف حسين بن علي الهاشمي / 1854 – 1931/ في جدة ، فقاله له الشريف حسين : هل تعلم ان دمشق وقرطبة وبغداد واستانبول كانت شوارعها مليئة بالاضواء والحضارة بينما كانت برلين ولندن وباريس تعيش في ظلام دامس ؟ فقال له لورنس هذا مجد قديم ولكنه سيعود مرة أخرى .

طبول الحرب تدق على حسب ما يقوله مارتين شولتس بينما يستبعد ذلك الرئيس الالماني يوئاخيم جاوك ، والامل ان يكون جاوك صادقا في ذلك.