الساسة وماأدراك من الساسة

جمعة (وحدهم السوريون من يحرر سورية)

طريف يوسف آغا

[email protected]

مُنذُ بَدءِ الخلقِ ظهرَ بَشرٌ

سَمّاهم بقيةُ الناسِ أنذالا

ثُمَّ ظهرَ اللصوصُ والمنافِقونَ والقَتلةْ

وظهرَ أيضاً مَنْ مارسوا الاحتيالا

فاختصرَ الناسُ كلَّ هؤلاءِ بلقبٍ

اتفقوا أنْ يلقبوا أصحابَها بالحُثالَةْ

فاجتمعَ هؤلاءُ للتَداوُلِ وقَرروا

أنْ يُجَمِّلوا صورتَهمْ ويحيطوها بِهالَةْ

فوضعوا ماسَمّوهُ "عِلمَ السياسةِ"

وسَموا أنفسَهُمْ "ساسَةْ" ليَخدَعوا الجُهّالَ

واخترعوا مِنَ المناصِبِ الرُؤساءَ ونوابَهُمْ

والوزراءَ والأمراءَ وأصحابَ الجلالَةْ

وأقاموا مادعوهُ مَجالسَ الشعبِ والبَرلماناتِ

لِيُفَصِّلوا القَوانينَ على مَقاساتِهمْ، قِصاراً وطِوالا

ثُمَّ أنشأوا الأُمَمَ المتَّحدَةْ ومَجلِسَ الأمنِ

ليتَقاسَموا الغَنائِمَ ويُوَزعوا الغِلالَ

ووضَعوا القانونَ الدُوَليَّ الذي ظاهِرهُ عَدلٌ

ولاأرى بداخلهِ إلا شَراً وقُبحاً وأوحالا

فلا الشَرَفُ في قاموسِهِمْ ولا الأخلاقُ

هَمُّهُمْ في الحياةِ أنْ يَنهَبوا الأموالَ

ولوَثيقَةِ حُقوقِ الانسانِ قِصّةٌ أُخرى

يُرَدِدوها لَيلَ نَهارَ حتّى أضحَتْ مَوّالا

وهيَ لهمْ كالجرَسِ في عُنقِ البقرَةْ

أو كالراقِصَةِ تَضعُ في الكاحِلِ خِلخالا

فما مُؤتَمَراتُهُمْ إلا للتَنديدِ والوعيدِ والقَلَقِ

وما قَراراتُهُمْ إلا للضِحكٌ على الذُقونِ إجمالا

فصارتِ السَرقاتُ مَشروعةً والجرائِمُ مُبرَرةً

جَعلوا الحَلالَ حَراماً والحَرامَ حَلالا

القَويُ يقتلُ الضَعيفَ والكَبيرُ يأكُلُ الصَغيرَ

وكُلُّ العالَمِ يَنحني للقَويِ والكَبيرِ إجلالا

في بلادٍ وَصَلتِ "المافيا" إلى الحُكمِ

وعندنا وَصَلَ مَنْ جَعلَ الدِماءَ شَلالا

مُغتصِبُ الحُكمِ بالدَبابَةِ صارَ بَطَلاً

والقرودُ والكلابُ صارتْ فُرساناً وخَيّالَةْ

عَمالِقَةُ المجرمينَ يَتقاسَمونَ العالَمَ بَينهمُ

ويُشعِلونَ مابينَ شعوبِ الأرضِ اقتتالا

وأقزامُهمْ إذا سَلَّموا بعضَ أسلِحَةٍ

يُترَكونَ ليَحرقوا بِلادَهُمْ ويُحيلوها أطلالا

فلا كأنَ مُدناً تُدَمَّرُ على رؤوسِ ساكِنيها

ولاجُلَّ الذينَ يموتونَ، يموتونَ أطفالا

لانَظلمُ الساسَةَ إنْ أغرقناهُمْ بُصاقاً

ولانَتَجنى عَليهِمْ إنْ أمطرناهُمْ نِعالا

وباختصارٍ فمرادِفُ السِياسَةِ هِيَ النَجاسَةْ

ومَنْ لايُصدِّقُ ذلكَ، فهاهي سوريةْ مِثالا

ولكنَّ اللهَ يُمهِلُ أمثالَ هؤلاءَ إلى حينٍ

يُمهِلُهُمْ ولكنْ لاينالونَ مِنهُ إهمالا

فالظالِمُ سَيفٌ مِنْ سُيوفِهِ، يَنتقمُ بهِ

ثُمَّ يَنتقمُ مِنهُ، وحينها يُشبعهُ إذلالا