بئر الشرق

بئر الشرق

حسين حمزة

اذهبْ يا ولدْ

خذ ما يهدهدُ قلبَك

ماءً وخبزًا من شعيرْ

اذهبْ لتملأ جرّة َحاضرِكَ بأسى غدِكَ

وانشلْ من ماء بئر الشرقِ أقلَّه عكرًا

شرّقْ لتقطفَ مرّارًا وعلّيقًا تعلّقه على عصا الراعي

وزنّارًا تراقصُ به خاصرة َبرجِ الإنجليزْ*

طللٌ هو وبقيت أنتْ

طللٌ هو وتموت أنتْ

طللٌ وتولد من جديدْ

طللٌ هو ندبةُ الماضي وجرحُ ذاكرةٍ بعيدة

والبئر جذرٌ، لا تموتْ

***

شرّقْ يا ولد

فالشرقُ مذْ كان قلادةَ العرّافِ علّقنا عليه عيونَنا

ولم نحرّرِ الماضي من غيمٍ ثقيلْ

***

شرّقْ تجدْ

حشفًا وسوءَ حراسةٍ

فالحرّاسُ قبلَ الفجرِ

ينغمسون بابن شهيدْ

وحينَ تأتي من الآفاق رصاصةٌ على إيقاع "أنت عمري"

تفحّ حناجرُنا، "مرحى بالشهيد وبالشهيد"!

***

شرّقْ يا ولدْ

هل تعرف "اللّيات"*

...كانوا يعرفونها مثلَ أصابعهم

وكنّا نعرف حجمَ الخوفِ مثل الغولِ و"أبي الكبد"

***

شرّقْ يا ولدْ

لا تسمعِ التاريخ َمن ذكَرٍ

لأنّه سيزنّر المعنى بخيط الظلالْ

اسمعْ صداك من امرأةٍ عجوزٍ، لتقولَ لكْ

كم مرّة بها مال العقالْ

وكم مرّة لم تجبِ الخيولُ

وكم مرّة شكتِ الخيولُ منَ الرجال العائدينْ

***

شرّقْ يا ولدْ

لا تنظرْ إلى الخلفِ

بلِ انظرْ إلى الجبالِ العالياتْ

علّقنا أحلامَنا

كالمعاطفِ على أوتادِ الشتاءِ، ولم نجربْ غيرَها!

والساحات رحمٌ!  تملأ الدنيا حكايا

قلْ لا أحد...

____________

*أماكن في الجليل.