اللّامحتجب

مادونا عسكر

أيّها المحتجب عنّي

بالحواسِ،

واللّامحتجب عنّي

في ذاتي،

بيني وبينك زرقة السّماءِ

وأفق أشقرُ

يخطّ لك أشعاري.

أيّها المحتجب عنّي

بالبصرِ

واللّامحتجبُ عنّي

في بصيرتي،

أرغب في ربح الموتِ

لأصير إليكَ

يا مبتغاي ومنيتي.

أرغب المكوث معكَ

في حرم الخلودِ

والاستغناءَ

عن متاع الحياةِ.

وما متاع الحياة سوى فناءٍ

يحجبك عنّي

ويحرق أشواقي.

ما قيمة حواسٍ

 لا تمنحني رؤيةَ

جمالك الأخّاذِ

وتعيق تسرّبَ النّورِ

إلى أحشائي.

أعتقني يا الحبيبُ

فالجسد بات منها

يعاني،

يتفتّت ألماً

والرّوح تهيم شوقاً

تتوق إلى الانصهارِ.

إن كان يا الحبيبُ

طريق الآلامِ

يقصّر إليك المسافاتِ

فامنحني الألم داءً

يعصى على كلّ دواءِ.

حياتي هي أنتَ

يا من بيديهِ

موتي وإحيائي

لا أحسب العمر إلّا

مسيرة حجّ للقياكَ

في ما بعد الأزمانِ

ولا أحسب جمالي إلّا

برقعاً يخفي

ما منحتني من سرّ الجمالِ.

يا من جمّلتني

وطبعت صورتك البهيّة

في ملامحي.

أشتهي

أن أشرب معكَ

عصير الكرمةِ

ونثمل حبّاً

حتّى الانتفاءِ

فلا أعود أرى إلّاكَ

يا من لا أرى إلّا بعيونهِ

جمال أحبّائي.