خمسون عاماً في سوريا

أنس إبراهيم الدّغيم

أنس إبراهيم الدّغيم

جرجناز/معرّة النعمان/سوريا

[email protected]

خمسون  عاماً  و قلبي لا يفارقهُ          نوحُ الحمامِ و لا حزنُ النّواعيرِ

و نحنُ من آمن الدّنيا و أطعمَها          عامَ  الرّمادةِ  من  خبزِ التّنانيرِ

خمسونَ عاماً : و بردُ الظّلمِ لم يغادرْ حاراتِ دمشقَ القديمة .

خمسونَ عاماً : و ساديّة القوميّة المشبوهة تجرّدُ حجارةَ قاسيون من تاريخها العربيّ .

خمسونَ عاماً : و الفراتُ يركضُ دونَ جدوى ، و ماءُ العاصي يغتالُهُ حزنُ النّواعير .

خمسونَ عاماً : و حنطةُ الجزيرةِ تستجدي على أبوابِ المساجد .

خمسونَ عاماً : و البعثُ يأخذُ بالدّمِ و يعطي بالدّم .... و لا يُبعثون .

خمسونَ عاماً : و طريقُ التّحريرِ غيرُ سالكٍ بسبب تراكم العلوج .

خمسونَ عاماً : و أبو عبيدة يرابطُ عند باب الجابية و لمْ يُكتبْ له الفتحُ بعد .

خمسونَ عاماً : و حمامُ الجامع الأمويّ غائبٌ عن صلاة الجماعة .

خمسونَ عاماً : و أركان العرشِ منصوبةٌ على أشلاء المظلومين .......

ما مسحَ الملكُ فيها على رأس فقيرٍ ، و لا كفكفَ الحاكمُ فيها دمعةَ يتيم .

خمسونَ عاماً : و صحراءُ الوطنِ تضجُّ بالمعتقلاتِ ...... و الأرواح ، و تكتبُ تفاصيلَها قبراً قبراً .

خمسونَ عاماً : و الموتُ العربيُّ _ لا الفرنسيُّ _ يتجدّدُ في ميسلون .

خمسونَ عاماً : لمْ يعرفْ فيها أطفالُنا .... و لم يشربوا

حليباً بطعمِ المجد .

خمسونَ عاماً :  و نحنُ نقرأ فاتحةَ الكتابِ على ياسمينِ دمشقَ ...... و مجدِ دمشق .

خمسونَ عاماً : و المادّة (49) .... تُطبّقُ بحقِّ بردى الشّام .

خمسونَ عاماً : و جيشُنا السّادس عشر ..... يرابطُ على أرواحنا ، و الجولانُ خطُّهُ الأخير .

خمسونَ عاماً : و رأسُ الحسينِ في الجامعِ الأمويّ ..... يشمتُ بهِ سدنةُ النّار .

خمسونَ عاماً : و قلعةُ دمشقَ معرضٌ للفنّ التشكيليّ ....

و مقهى لزوّارٍ من خارجِ التّاريخ ......

و نصبُ صلاحِ الدّين الأيوبيّ يضجُّ بالأمل و الغضب .... و لكنْ يمنعُهُ الحجر .

خمسونَ عاماً : و صلاحُ الدّين يعاتبُ غليومَ الثّاني على آخر زيارةٍ له ......

لماذا أهديتني قبراً من رخام ؟!!!

خمسونَ عاماً : ضاعتْ فيها الهويّة .....

و المتنبّي الذي عرفهُ الخيلُ و اللّيلُ و ......

أنكر نفسَه .

خمسونَ عاماً : و الحديثُ النبويُّ غائبٌ عن قبّةِ النّسر .....

و الغربانُ السّودُ تغتالُ صحنَ الجامعِ ...... بخنجرَ فيروزَ المجوسيّ .

خمسونَ عاماً : و ابنُ الوليدِ يحاولُ قبرَهُ لرباطٍ جديد ....

و لكنْ جاءَ قرارُ العزلِ الأخير .

خمسونَ عاماً : و المحملُ الشّريفُ لم يزرْ دمشقَ ...... و لمْ ينطلقْ من دمشق .

خمسونَ عاماً : و اليدُ الأمينةُ تسرقُ الوقتَ ...... و النفط .

خمسونَ عاماً : و بلدُنا سوقٌ للبضائع الفاسدةِ ...... و الأفكار الفاسدة .

خمسونَ عاماً : و الإنسانُ عندنا لا يموتُ إلا في المستشفيات .....

بسبب نقص الأوكسجين ...... و الشّرف .

خمسونَ عاماً : و جامعاتنا تترجمُ عن اللّغات الأخرى

فما قطعتْ ظهراً و لا أنتجتْ بحثاً .....

شعارها : لا .... للتقدّم العلميّ .

خمسونَ عاماً : و علماءُ البلاط يتاجرونَ بالدّين .....و يقامرون بالمنابر

و يلقون بفقهِ الجهادِ في غيابةِ الجبِّ ..... ليخلوَ لهم وجهُ الوالي .

خمسونَ عاماً : و يوسفُ الصِّدّيقُ معتقلٌ في صحراءِ تدمر .....

بتهمةِ علاقته بالقرآن و الإنسان .

خمسونَ عاماً : أُمّم فيها الفقرُ ، و حُيّدتْ فيها العقولُ ، و صودرتْ فيها إرادةُ التّغيير ....

و صار الحكمُ دُولةً بين السّفهاءِ منّا .

خمسونَ عاماً : و الطّريقُ مقطوعةٌ على الأمّة ....

و جلّادو التّاريخ يشربونَ نخبَ انتصاراتهم على عظامِ الإنسانيّة .

خمسونَ عاماً : و التّاريخُ يكتبهُ أعداءُ الفطرةِ السّليمة .....

و يشوّهُ تفاصيلَهُ كتبةُ القصرِ ..... و الوضّاعون .

خمسونَ عاماً : و الحشّاشونَ يغتالونَ الفضيلةَ ...

تحت طائلةِ حفظِ الأمن و الاستقرار ..... و السّلم الأهليّ .

خمسونَ عاماً : و نحن شركاءُ الرّوم في سَجنِ أبي فراسٍ .... و قتل أبي فراس

لتفادي الفكر النهضويّ الجديد .... و الرّبيع القادم من وراءِ القضبان .

خمسونَ عاماً : و هيئةُ الرّقابة و التفتيش تفرضُ رسمَ العبورِ .... على الأفكارِ البنّاءة

و سوقُ الورّاقين الذين دوّنوا كتبَ الأمصار و أخبار الولايات .....

صار سوقاً للقباقيب .

خمسونَ عاماً : و رسالةُ الغفرانِ متّهمةٌ بالخروجِ على الحاكم .....

و المعريُّ رهينُ محبس الظّلم و حسب ....

بتهمة النّيل من هيبة الدّولة ..... و توهين الشّعور القوميّ عند القُرّاء .

خمسونَ عاماً : و القانونُ الوضعيُّ يحتالُ على الدّستور ....

و الإنسانُ الوضعيُّ يحارب الضّمير .

خمسون عاماً و كسرى لا يُبارحُنا  =  فهذه الثّورةُ البيضاءُ ذي قارُ

حتّى النّهايةِ و الزّيتونُ في يدنا = فلينجزِ النّورُ ما لمْ تنجزِ النّارُ