قصّة لقاء

مادونا عسكر

جلست في المساءْ

والصّمت يغمر أطراف كوني

والصّلاة تناجي بهاء حزني...

عيناك تصغيان كما السّماءْ

إلى خرير الدّمع في نفسي

وسراج الوقت يسامر الكرى في حنايا المكانْ

ثمّ يخبو،

ويغفو في مهد الأسرارِ

تسافر به الرّؤى إلى أرض الجمال في بلادي...

نَقرةٌ، نَقرتان، ثلاثْ...

تهمس العذوبة عند نافذتي الصّغيرة

عرفتها أناملك السّنيّة

تشدو اللّقاء الموعودْ

تنادي نفسي من هزيز الوجودْ...

عرفتها  همساتك الشّجيّة

تحاكي رخامة الحزن في قيثارتي

تبلّغ البهاء أوان تلاقٍ قبل الزمان كانْ...

ما أقصر الطّريق إليكَ

وما أبعدها...

أخفّ إليكَ

يسبقني النّبض الموجعُ

تزاحمني العبراتْ...

جذلة هي... مغتبطة

أرخت إشراقها على وجهي

وراحت تجذبني نحوكَ

كما الرّيح في عصفها الشّديدِ

تجذب صغار الأغصانْ...

ما أقصر الطّريق إليكَ

وما أبعدها...

سبل مزدانة باللّيلكِ

بالزّهر الخجولِ...

بيادر قمح توافي بكائر السّلام في الكرومِ

تبارك عطايا الرّبّ في صباحات وجهك المحبوبِ...

أغمض العينين أعبّ دفء جلال الحضورِ

قلبيَ زاخر بزنابقَ قمراءْ

ونفسيَ تشتهي البوح للمحبوبِ...

... أمدّ يديَّ... أرفع حجاب السّتارْ

 أشرّع نافذتي على هوىً أقبل من عمق الغروبِ

وإذا بقطرات تائهة

عن أسراب الأمطار شاردة...

 تتراقص على حافة الخشبِ

تتلاطمُ...

تتعثّرُ  وتندثرُ

ثمّ تهوي على الأرصفةِ الحزينة...

أغلقُ نافذتي

وأعود إليكَ

إلى صلاتي...

إلى رحاب قلبك الحنونِ...

أوقد نار شوقي ولهفتي

وأستدفئُ

وأنتظرُ

ساعة لمّا تأتِ بعدُ

مجيئاً لمّا يحنْ مجدهُ

وأغرق في ينابيع صمتك المتفجّرِ

تردّد همسك الأخضرِ:

" خذيني قدر ما شئتِ

في القلب أنا كائنٌ قبل انبثاق الوجودِ"...

ويطلع الصّباحْ...