يا عابثا بالجرح..!

سمر مطير البستنجي

يا عابثا بالجرح..!

سمر مطير البستنجي

يجرجرني الليل الماكر الى حيث مُنتهاه..

والطوارق القاهرات تحيكُ لي فِخاخ الشرود..

وعبثا احاول الفِرار الى مَضارب غفوتي..

 القيتُ بذاتي في بقعة سديميّة بين اليقظة واللّا ..ونَصّبتُ من كحل العين حُرّاسا على ابواب حدقتي كي لا استفيق؛وقليلا غفوت... غفوتُ وبي قسم غليظ ألاّ استَفيق ...

ولكن أوّاااه يا ليل منك ومني...أوّوواه يا ليل الأنا..

أوّاااه من جرح ينكأ في الصميم، يؤزّني أزّا..أوّوواه من أوداج قهر فيّ تتشدّق .....أوّووواه من شوق كما السُوسِ قد اجتهد نَخرا في حقول أوردتي، فهشّم القضّ والقضيض وتفنّن...

فيا غفوة فيّ تتلكّأ،ألا هبيني نفسكِ بالله كي لا استفيق أبداً.

 ورغما يُعاندني السُّبات...

وعشيقاتُ الأرقِ تُشاغلني ،تُراودني عن هَدأتي في تَرفِ هذا الليَّل المُوغِل في خواتيم أسفارِه..وجنيّات التَّوق الجَّريء تُحرّضني على النهوض...تُلبسني الشوق قلائد من سَعير...تُزجي بريح الجَوى الثائرة الغيور كي تنفُث السُّبات عن جفوني وتُثير..توقِظ في الصَّدر مقبرة الأيام الخاليات..التي أقام بين أجداثها من الآاااااه آلافاً مؤلّفة...ومليون تنهيدة تَنبش في القبور..

فصَحوتُ ؛صحوت وكلّي حُمّى تَفور.

كصلصالة من حَمأ السَّعير.. ،تتلظَّى بين رهجٍ واستواء..قد القى عليها الحنين أسباب الاحتراق فاتّقدت.. فهل بمقدورها  علوم الكون وقف هذا الانصهار الذي تكاد أن تَطال المشرقين حُمّاهُ..؟

فيا معتكفا في دروب السُبات آمادا..يا مُتدثرا بعباءة النسيان آحادا..انهَض..تحرّر من إثمي وامضِ... واسأل الروح المُنشطرة بفقدك أن تَستقيم، فبعضي يُمزّق بَعضي....

بعَضي يُمزّق بَعضي.

 

يا شحيح الوصل هل زوّدتك الأخبار عني.؟

هل زوّدتك الأخبار عن حالي وعنّي ؟

فقل لي بربك..!

هل قالوا لك ان الصَّبر قد تخلّى،وان جديلتي مثل العين قد ابيضّت من الحزن ،وان النهار قد اغرورق في شاسعٍ معتم ،وهل اخبروك ان البوح قد ضاعَ منّي ، وتكسّرت في هبوب الفقد أجنحة الشادي المغنّي،

فيا ذاكَ العابث بالجرح ان الجرح يؤلمني...

لا تكن كعجاف الوقت عقيم..فمُستقرّكَ ومستودعكَ انا.. فكيف تغادرني وقصر امانينا ما زال تحت الإنشاء..وآلاء حدائقنا لا زالت تُتلى..وايماننا  بالله يُمطرنا هِبات.. وفراشاتنا المبثوثة في سهول نشوتنا لا زالت تعزف على ناي صبابتنا أسرار اللحن المُقيم ..؟

إن أرّقكَ ودادي أو أشقاك الإثم عنّي..وهمَمت بالسؤال فاعلم يا خَلّي الوَجد أنّي..

يتيمة الفرح ،فقيدة المرح ،حالكة المقام .. فقمري الذي كانَ قد غدا عرجون قديم بعد التمام قد اعتَراهُ نقصان،،والبنفسج المتمايل تَرفا في حدائق انوثتي قد شاغلته الريح عبثا،يسألني عطره السَّابح في ملكوت الجَوى عنك وعني...وما انفكّ كلّي يسألني عنك وعني ؛الليل والصبح، كحلي وسواري ودفاتري..شِعري لحني قافيتي كلهم في لهاثٍ يسألني....وكلما جَنحتُ للسلم جنحوا للجنون..

فيا ذاك المقيم بين خزعبلات جنوني.. !

اليك بالهجران عنّي، وادنُ مني.. وذُد في حِمى الموت عنّي..فحُمّى السعير تلفحني.. فتغشّاني  ببردكَ والسَّلام لأسلك درب الهُدى،فلقد أشقاني الانتظار وأعياني التمنّي.

يا يقينا مبثوثا فيّ ومنّي..يا وشما محفورا في جيد ذاكرتي ان الذكرى تؤلمني...

فكلما امرتُ الذاكرة العابقة بتفاصيلك بثكلانك أبَتْ،واستعاذت من شر فعلتي،واستشرّت عليّ تمردا، وبك استزادت تمسّكاً..

فهل ما زلت مثلها تتذكر ،هل ما زلت تذكرني..!

اتذكر تفاصيل مدينتنا ؛ مدينة توقنا...

كيف أحطناها بأسوار الدعاء...ورويناها بماء الطُهر والنقاء...وبِتنا الليل نحرسها بآيات الوفاء...

فتضخّمت سنابلها بالوله ،واعشوشبت أرضها بخضرة أرواحنا..نسرينها بنفسجها ليلكها من عِطرنا عطرها قد تكوّن.. ،واقحوانها من دمنا قد تلوّن...

أتذكر وقت كان المطر يأتيها خِلسة دون مدائن العالمين ليطهرّها في الليّل من رِجس الظلام  وفي النَّهار من وشاية الحاسدين...

واليوم ؛ حزينة هي مدينتنا..وقت تَمطّى الليل على أسوار مداخلها.. وعشعشَ الغراب على أشجار حديقتها....واندحرت النجوم وجعا عن دربها،وما عاد فم السماء تبسُّما وترنّما،وما عاد في عناقيد البهاء ماءا يُنعشها؛ ويُنعشنا.

فيا ذنبا لم أفعله،ويا اثما لم ارتكبه.ويا خطيئة لم تَشأ عنها ان تسامح..!

ما زلتُ استغفر واستَزيد..ما زلت انشُر الذّات تحت سَعير الشمس كي تُذيب ما بين اللَّحم والدَّم..ما زلتُ ازورُ ملائكة الصّباح كي تغسلني بالنور طُهرا،وبالضِّياء ظُهرا..وبالدُّعاء عَصرا..وبالتهجّد سَحَرا..

أما آن الأوان أن تَغفر.. كيف..وربّ الكون قد غَفر؟

فيا صاحب الجرح ان الجرح يؤلمني.. فدع الهجران وتدانَ كإصبعينِ منّي...

ودعهم؛ دَع العالمين بغيظِهم..

فلكم اغاظهم منّا البياض ،،وأرهقهُم منّا الوداد..وأدماهُم حُسن ظنّك وظنّي...

فتدانَ؛ولا تدعهم يفرحوا بأفول الحظّ عن مدينتنا؛ عنك وعنّي...

فيا شحيح الوصل تَدانَ ،ويكفي ما كان منكَ ومني....

فالموت أهون من فراق يُقصيكَ عنّي،،الموت أهون.. الموت أهون.

فيا عابثاً بالجرح رُحماكَ انّ الجرح يؤلمُني..

انّ الجرح يؤلمُني.