مديحُ الكفِّ

محمد الهجابي

[email protected]

(1)

ليسَ لي منْ مكانٍ حميمٍ

أخلُدُ إليه

سوى حجمُ كفّي،

أظلُّ أُدوْزنُ خطوطَهُ

على إيقاعاتِ الرِّيحْ.

ليسَ لي سوى هذه الكفُّ حضناً

الآن،

كيْ أستَريحْ.

مدرجَ نَملٍ عابرٍ أقيمُه عندَ المسا،

قبلَ أن أرْتجَ بابَ الرؤيا دوني،

وأَحتبي بالعبارَة،

وسماواتٍ لنجمٍ لا يني يغزلُ اللّيلَ إلى المطلع.

ليتَ كفَّ اليدِ تطولُ حَجْمي،

ليتَ الحجمَ نَجمْي،

يظلُّ يُشعلُ ذبالةََ ظلّي،

متى إلتاثَ عليَّ أمري

وشالَ ميزانُ الرِّبح والخَسارة.

              (2)

الإيماءاتُ التي تَدحْرَجت على المَدْرج،

من قبلُ،

لمْ تُقِمْ معنى

لأنّ الأصابعَ بقيتْ غافيةً.

ولأنّ العناصرَ رسَتْ في القاع،

ولم تَسمُكْ مثلما كانَ متوقَّعاً.

ولأنّ الكفَّ، التي بحثَتْ عنْ أَرسانٍ،

وعنْ طواعيةٍ،

لأقامةٍ إجباريةٍ،

أو لمنْفى مأهولٍ بحروفٍ مغتمَّةٍ،

في مظانِّ  مابيْن القوسيْن،

ومابيْنهما منْ تهاويل ضاوية،

لا تقْضي وكداً.

ولأنّ الكفَّ،

تلكَ الكفُّ،

التي تحرَّكت على مَضضٍ،

عادتْ بصوتٍ مُصْمتٍ،

لا يردُّ رداً.

              (3)

الكفُّ التي آوتْني،

الكفُّ هذه، صغيرة.

ولعلْمكُم،

هي خَلاصةُ شرنقةٍ،

ودونَ الخادرة.

الكفُّ هذه،

بجميلِ اليرقانات توجُّ

كلَّما دبَّ في خطوطها

نبضُ الدَّم

وحسُّ المكابرة.

           (4)

كفِّي أنا،

كفِّي هذه،

علَّمتني كيفَ أصنعُ طيَّارةَ ورَقْ،

وأمرقُ بها خلافَ التيار

كيْ تتربَّعَ عرشَ العنقْ.

ثمَّ علَّمتني كيفَ أحرقُ دمَ الأصابع

كيما أحفظَ التناسبَ

بيْنَ حرفِ الاشتعالِ

وحرفِ الانطفاءِ،

تماماً مثلَ تناسبِ المرابع.

         (5)

ليسَ لي منْ سكَنْ

أنصِّبُ عليه متكئي،

وقدْ اجتويتُ مطارحي القديمة،

سوى حجمُ هذه الكفُّ الصغيرةُ؛

الحجمُ البسطُ هذا؛

هوَ ما تبقّى لي

منْ خارطةِ الوطنْ.