دليلُ الحروفِ

محمد الهجابي

[email protected]

1 _ حروفُ الوجْهِ

كلّ وجهٍ بحروفهِ تجلّى،

كذا!

ولكلّ حرفٍ في الصّفحةِ منزلة.

لا تشي الحروفُ بغير ما تسخُو به،

متى هبّ الحرّاس يعلنونَ عنْ إغلاقِ الأبوابْ.

الحروفُ التي ظلّت متسكّعةً في الهوامش،

نامت تحتَ الآباط الزَنخة.

الحروفُ التي ولجت المعابدَ خرجت بخواتم تتبعُها الزغاريدُ،

ثمّ هاجرت على الفور إلى أحضانٍ جديدة.

الحروفُ التي ضاجعت تيارَ الوادي حملها

الماءُ الجارفُ صوبَ حتْفِها بقاع البحْر.

الحروفُ التي ضيّعت البدايات انتهت إلى غيابْ.

الحروفُ التي امتهَنت حرفة «الفيدور» بالبارات، ارتفعَ سهم نجمها، فحلّت، بمقتضى مرسوم حكومي، في طاقم خفر الحاكم، وباقي أفراد البطانة.

وحدَها الحروفُ التي استقلّت أجنحةَ السنونوات حلّقت فوقَ البنايات،

ثمّ حطّت على درابزين سلم يكسوه نباتُ لبلابْ.

الحروفُ القائمةُ بالخدمة أسرّت لرئيس شرطةِ الأخلاقِ

بأنّها حبلى منْ سِفاح،

والفاعلُ حضّر كلّ أدوات العمل المرعية سوى منْ قلَم،

والقلمُ في صندوق،

والصندوقُ في آخر مثله،

والآخرُ بلا ليْم،

لكنّه يوجدُ أسفلَ فراشٍ بقصر الحاكم،

ويعاني من مرض الفالج.

باقي حروف صفحة الوجْه تجمّعت عندَ قبوة الفَم،

ثمّ وجّت كالفراشات. 

2 _ البرهانُ

تمضي كلّ الحروف التي علقت برموش الأصابع

في دورتيْن.

مقدارَ قدمٍ واحدةٍ تسلكُ،

ثمّ تعودُ الهوينى

نحوَ منابع الكلامِ بيْن كفّيْن.

تزفرُ كما الرّياح العطشى،

وكما صمت القبورِ تضجّ.

وفي ساعةٍ من زمنٍ لا يُحْتسبُ،

تحنّ هذه الجذاذاتُ إلى دفّتيْن.

..............

تقولُ الحكايةُ:

ثمّة شيخٌ على قارعة الطريق، يقعي بين خطيْن،

ينكتُ الأرض بقضيبٍ من قصبْ.

وليسَ هناكَ، ما عداهُ، غير أنين الفلاة،

وريحٌ منْ صميمها سوادٌ قد وقبْ.

وثمّة كتابٌ كالرقيم،

وثوى تومئ،

وجُدّة،

وأوانْ.

تعبَ الشيخُ،

آهٍ، تعبْ،

فهلْ يحصلُ البرهانْ؟

.. يحصلُ البرهانْ!