عيون

مريم سيد علي مبارك/الجزائر

[email protected]

رغم أن شعر الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي لم يكن شعرا سهلا بل كان شعرا صعبا يحتاج إلى ثقافة أدبية ولغوية عالية لكى يفهمه من يقرأه إلا أن له وجهة نظر في الشعر أشاطره الرأي فيها إذ يقول :

"إن في الشعر العربي قيودا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه" وهذه القيود بالفعل هي الوزن والقافية، ثكلتهما أمهما اللغة العربية،

فإليك أبتي أهدي شعري الذي من أجلك نظمته حرّا ...

وإليك أبتي أهدي شعري وإن سمّوه نثرا...

)وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا( الإسراء 24

عيون

"أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ...."

محمود درويش

أنا لا أحن إلى خبز أمي..

ولا إلى قهوة أمي

لا تعجبوا والحواجب لا تقطبوا..

فالخبز يصنعه أبي والقهوة والرّيحان..

والقمح يغرسه أبي والتين والرّمان..

***

غراس أبي

عرق يتصبّب من عيدان..

لبنٌ يطعم للصبيان..

لحنٌ يَعزِفُ للألحان..

غصنٌ يتدلَّى للأغصان..

***

غراسُ أبي

تعب وتضحية وثمار

لا تفنيها الأزمان..

***

غِراسُ أبي

قيم وفضائل..

والخير تحصده من البستان..

***

هذا أبي والخبز يصنعه أبي

والقهوة والرّيحان..

والزهر يسكبه أبي

في الكأس والفنجان..

***

أبي قلبك داري وقراري..

أنا لن أعيش في غير دارك..

لن أموت في غير صَحنك..

في غير حِصنك..

في غير حضنك..

***

أبي..أنا نبتة إن نموتُ

فبفضل غصنك واخضرارك..

بفضل وردك واحمرارك..

بفضل سقيك وانهمارك..

أنا طفلة إن كبرت

فبفضل صبرك وانتظارك..

بفضل شقيك وانشقاقك..

***

 هل أنسى نومي وسُهارك ؟

هل أنسى ظلمي وحِلْمُكَ واقْتِدَارك؟

هل أنسى عطشي وانغمارك ؟

هل أنسى نهرا ؟

هل أنسى فيضا  ؟

هل أنسى بحرا ؟

هل أنسى عيونا كالعيون ؟؟

تتدفّق عطرا..

تتدفق مطرا..

تتدفق بحرا وفجرا..

أبي..

أتراك تدري ما حياتي ؟

ما بقائي ؟

ما فنائي ؟

أتراك تدري ما تساوي؟؟

تساوي البحر..

تساوي الفجر..

تساوي العمر..

***

أنا لا أحن إلى خبز أمي..

ولا إلى قهوة أمي..

لا تعجبوا والحواجب لا تقطبوا..

فالخبز يصنعه أبي والقهوة والرّيحان..

والزهر يسكبه أبي في الكأس والفنجان..