المسافر

إلى روح حسن الدردابي

المشروحي الذهبي

المسافر حط في دائرة الحلم،

 حطم جناحيه لما أعياه السفر،

كان سجينا مثلي بين أغصان الفولاذ الشائكة،

 كان طليقا علا وحط.

 في محطته الأخيرة ودعني من غير وداع

ولما سقطت الفكرة من بين جوانحه رسبت الحكاية.

كان حلما باسما يعلو الأفق.

لم يقبل على قتل ذاته لأجل علة تافهة.

 يا ابن الحلم من يدعي السعادة داخل مراجل الموت.

مرة أخرى اكذب على ذاتي

 عندما أقول أن رقعة من قماش مهترئة على كتفي

 ما تزال صالحة لأرسم لك جناح طائر.

كان حلما يكتب بجسده نشيدا لليتامى.

يشعل الأحاسيس،

 وهو يوزع بسماته وسجائره السخية على المومسات في آخر الليل.

سنديانة تحمي الأزهار من التلف.

 هبني رفيقي، قدرة على خلق الوهم لمن يعجز

 عن اقتناء لحظة حب بأبخس الأسعار.

أنت لا تكلف يدا يتعذر عليها الدخول لجيوب الفقراء:

 سوى بسمة.

لا شيء كان يشغل البال في المساحات الضيقة.

 لا مزايا للجلاد المتخفي في ثوب الحقيقة والإنصاف

 أو في زي الحارس الليلي.

 لم تكلف شيئا لرئيس الصف الأمامي،

 لجوقة المأساة التي ترعد هذا المغرب التي تحبه.

أتغادر مسرعا وبلا شراع؟

 الجوع وحده والموت وحده يسدي خدماته بالمجان

 لمن فقدوا في ألسنتهم القدرة على الإقناع.

هذا الصباح- 24 أبريل- أتى خطأ.

 الكلمات التي لم تستقم في يدي

 رددتها إلى المعجم لتهنأ بموتها.

 أنا وأحلامي لم نعد قادرين على العيش في ثنايا البياض.

 الفضاء الذي كنا نحفر فيه هوية تملأه المخاطرة.

باعوا كل شيء وما زالوا يبيعون للجلاد جلدنا العصي على السلخ.

 أين سترحل يا حسن.

هذا أمر لا يهمني كثيرا ولو قدر لي أن أرسم لك قدرا وخارطة،

 لأحلتك لوحة

 لتمضي ما بقي من شبابك ملتحفا بالضياء.

أتسافر من غير وداع

 وتترك لي غصة في الحلق

 لتشفي الأعداء بي.

 لم يكن قصد هذا.

من أناديه عندما أزور قرية الصيادين لأتعرف على هويتي المفقودة:

أخبرني الجلاد الآن وأنت بمغارة هرقل.

 لمّ أغراضك لقد أصبحت حرا.

 طار بي الفراغ إلى الطريق

 إلى تطوان

 إلى الحافلة

 إلى المدينة

 إلى الفراشة التي كانت تنتظر عودة التائه.

 كنت مثلي تسبح ضد التيار وتطير بلا أجنحة...

 لن أسكت بعد الآن.........عني كلما زار العاصمة وكثيرا ما التقينا على غير موعد. وفي الموت نغادر صامتين نحمل جراحنا بمفردنا: موت هذا الرجل هو إدانة لنا جميعا : لمن اعتقلوه لأسباب واهية ولرفاقه الذين لم ينظروا في حالته وفي حالات غيره. تركوا بمفردهم يواجهون قهر المخزن وضرب المثل بهم في القسوة والتشريد من أبسط حقوق الانسان.