همسات القمر 67

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*في هدأة ليل يلوك أحلامي العتيقة ملقيا إياها في بئر بلا قرار

أقف على بوابة مهترئة المفاصل تكاد تهوي على عابريها

تتردد خطوتي ما بين إحجام وإقدام

أستجمع شجاعتي..أنفث في روعي همسة تحاكي لون قوس قزح

أزفر..آهة.. اثنتين.. وأكثر

أشدّ قامتي.. أعلي هامتي.. أحدق في سماء الأماني برجفة ودعاء

تسندني عصا التوكل..يدفئني ثوب اليقين والثقة برب العالمين

أتجاوز كل المعيقات وأمضي قدما غير آبهة بحفر الطريق ...

ولا زلت كلما تعثرت، أنهض من جديد.. أبحث عن يوم عيد.. أستبشر بفجر شمس هنائي يستجلب ويعيد

*ترتجف أناملي ما بين رهبة الحرف وسطوة المشاعر

تحاول التفلّت وإقصاء قلم بات يرهقها بكثرة مطالبه وشدة إلحاحه

لا مناص.. تكمل عملها وهي تتمتم عبارات التذمر التي لا تنتهي..

أشعر بها كطفل عنيد لا توقفه عبارات التهديد والوعيد

أزجرها بنظرة.. وفي داخلي بسمة ترتسم بمداد شقاوتها

*تجتاحني حمّى ذكريات تلقيني على كف ريح هذيان مارقة

أغدو ريشة في مهبّها، تقذفني هنا، تلقيني هناك، تذروني في بقاع ما سبرت غورها ولا أدركت كنهها

أعدو وأعدو.. وأجدني في نفس تلك النقطة وكأنني لم أبرح مكاني، ولا غيّرت زماني

هي الحلقة المفرغة التي لا باب فيها ولا نافذة.. 

هي الحكاية كدولاب هواء، أو مطحنة غابرة من قديم العصور!

وأبقى بعجزي، أغلي كمرجل أنين وأمور!

*أتسلّق أكتاف حلم أشرف منه على رحب الفضاء معللة نفسي بشهد الأماني

يشدّني نسر كاسر يتربّص بطير ضعيف شرا، فلا يقوى على الفرار ..

أنكمش على نفسي في محاولة يائسة لاستجلاب بعض من إحساس بالأمان

أنزلق مرتجفة وأنا أبحث عن ملاذ آمن يعصمني ويدرأ عني مخاوف أصبحت تتملكني وتشدّ على عنقي، فما أكاد أملك النفَس أروي به ظمأ الحياة

ماذا جرى؟ ومن للعبث في نفوس بريئة قد انبرى؟ وماذا بعد يا ترى؟؟!!

*تتحرر الحروف لتطلق قصيدة النفس الحالمة بغد مشرق رهيف.. 

أيكتب لها مصافحة واقعها حقيقة لا خيالا أو سرابا؟

*مضطربة أحاسيسي..مرتبكة مشاعري.. شريدة هي أفكاري على بوابات التساؤل واستجداء الجواب من فم صامت أخرس

تدور العينان تبحثان عن مساحات ناجية من تصحّر متجبر بسط جناحي ظلمه واسترخى

يرتجف القلب وترتعش زهوره الرقيقة خوفا من يد قاسية تسلبها الحياة..

نظرة وفكرة ورعشة..

ويبقى الجواب في جوف غيمة سابحة، لست أدري ..أتمطر فتنعش الربيع الذابل؟ أم تذوي وتتلاشى لتنتكس من بعد أملها السنابل!

*في الصمت.. أعزف لحن مشاعري بأناة وهدوء.. أتنقل متجاوزة كل مسافات ضاربة عرض الحائط بأية حدود

أعيش في عالمي الخاص..أهرب من ضجيج الحياة.. أبحث عن سلوة لحزن أو بسمة لثغر.. أسرح بفكري غير آبهة بمقص رقيب أو معارضة من بعيد أو قريب.. أكون أنا.. كما أعرفني.. بتجردي.. ببساطتي.. بتمردي وشقاوتي .. بدمعتي وابتسامتي ..

في الصمت.. أجد دنيا غير الدنيا .. في الصمت بقعة من صفاء ومساحات كبيرة من الصدق والنقاء

عجيب أنت يا صمت.. جميل أنت حين تتعالى على خيبات الواقع وسوط الكبت

مرحبا بك يا صمت!

*ترتحل الروح نحو مشارف الحلم تمتّع ذائقتها بلذيذ الثمار

تعزف على ناي نيسان، وتكتسي حلّة بهاء من آذار

*يطربني لحن ويأخذني في دروب سحره نغم

وعلى نافذة الحلم يقف عصفور ترانيمي

بخفة يضرب على أوتار قلبي

وبرقة يستدعي بوحي وهمسي

ترتسم القصيدة باندفاع لا أملك صده

ويتعالى لحنها بعنفوان لا أقوى رده

وتبقى الحكايا سائرة في دروبها ما بين حرف ولحن

وسوم: العدد 665