همسات القمر 147

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*كم نتوهم النسيان ونظنه الجسر نعبره نحو ضفة الأمان، لندرك أنه بعيد عن متناول أيدينا، أو أنه الوهن ينكسر من وقع خطانا، وفي أتون ذكرياتنا اللاهبة يلقينا.. 

وكم نطلبه  مسعفا يبلسم حكايانا  يصوغها من جديد رواية بديعة تزهو بما يرضينا،  فلا يتراءى إلا كجلاد ساخر بوجه كريه كالح  يفزعنا ويدمينا..

مراوغ عنيد، كأنما قدّ قلبه من حديد

 غذاؤه روايات دافئة نسجت من دفء القلوب وترعرعت فيها حلما وأمنية، وخيالات ترسمها ضحكات الأيام وبسماتها التي انطلقت في أرواحنا كلذيذ أغنية ..

وخصمه، فصول مثقلة بالوجع، وقصائد ترسلها قيثارة حزينة في ليل السهد وأزقة الحرمان والتشريد ..

نعمة أنت للبعض.. وللبعض الآخر نقمة تتسلل في حواري الزمان والمكان..

تتنقل على مراكب سطوتك .. وتبقى في فضاء جبروتك حكايا ال.. كان يا مكان..

*تمتد يدي لمقبض الباب، أشد عليه في تردد بالغ

ما بين رغبة فتحه التماسا لنور ونسمة تروي الفؤاد

وخوف انكسار المقبض والبقاء سجينة محبس ترتسم آثار قيوده على روح تناثر ريش أجنحتها فما عادت تقوى التحليق

وما فتئت سلاسلها ألوان عذابها تذيق!

أرخي يدي.. أعود لزاويتي .. أتناول الناي البالي من تحت فراش مهترئ ..

أرسل لحني متحررا من كل قيد ولعل في حريته بعض حريتي!

*على حافة الأمنيات

إما انهيار ودمار

وإما تحليق ينزع عن النفس طعم المرار..

أيتها الأماني الدافئة.. طوّقي قلبي بغلالة نورك وامنحيني سترة النجاة ..

ضعيني على جناحي تحليقك.. واسكبي في روحي الظامئة شربة الحياة

*لا ذنب لهم، سوى أن الشيطان الأكبر رام جعلهم حطبا لناره المستعرة لإنضاج فطيرته اللذيذة التي ينفرد بها متنعما بمذاقها

معجونة بدمائهم ، مطعّمة بأشلائهم ، مخبوزة في محرابهم ..

والعالم الصامت الأصم، يتنكر لهم وينكرهم!

*كان الوجع فلسطينيا بامتياز

عليه توحّدت مشاعر أبناء الأمة وعليه رسم الجلادون خطوات عبثهم وسطوتهم.. وعليه عقد السماسرة وتجّار الأوطان آمال الثراء وحلم الكراسي وجبروت السلطة والجاه الكاذب ..

واليوم، تناسل الوجع من رحم الخيبة والخذلان.. تمطّى وتمدد ليترك له جذوة من جمر تستعر وتشتد في كل ركن لنا وبنيان..

ما عاد اليمن سعيدا.. ما عاد أهله بفطرتهم النقية وطيبتهم الوادعة يجدون ملاذا في عالم أضحى يرفع لواء شريعة الغاب ويطرق بالوجع والهم كل باب ..

ما عاد في الشام فجر يصافح القلوب الظامئة برائحة الياسمين، وحداء الحساسين .. دمار وعار، والكل متنصل غائب عن وعيه ما سيلقى من كؤوس المرار

ما عاد عراق العلم والعزم يقرأ في صفحاته الندية حروف الشموخ وروايات الكبرياء والفخار ..

ما عاد وما عاد وما عاد ..

والقائمة تكبر وتنتفخ في جيب كون مسعور كلما افترس بقعة زاد شراهة للمزيد من الظلم والدمار ..

عالم مضطرب وبلاد تشكو وتستجير من الرمضاء بالنار ..

ولا زلنا نفاخر الأمم ونتباهى بأمة المليار!!!

وسوم: العدد 718