قراءة في قصة الولد الخفي

سهيل إبراهيم عيساوي

clip_image002_f8032.jpg

قصة  الولد  الخفي ،  معدة للأطفال  مترجمة من  اللغة  الانجليزية  ، تأليف لترودي لودفغ ، رسومات لباتريس بارتون ،  صدرت الطبعة الأولى عام 2013 ، النص  بالعربية  لأياد  برغوثي ، تحرير النص وتدقيقه  منى سروجي . القصة  التي  بين  ايدينا اصدار  مكتبة الفانوس 2019 ، ووزعت  لطلاب  الصف  الأول  ضمن  مشروع  مكتبة  الفانوس ،  وطبعت  في  مطبعة الحكيم  - الناصرة  .

القصة  :  تتحدث  القصة  عن  ولد  خفي ،  حتى  أن  المعلمة  لا  تراه  ، لأن  لديها مشاكل مع ادم  الذي  يرتفع  صوته  كثيرا ، ونورة  التي  تئن ودائمة  الشكوى  والتذمر ،  عندما  تشعر أن  الامور  لا  تسير  كما  تريد ، ادم  ونورة  يستحوذان على  مساحة  كبيرة  من  حيز  اهتمام  المعلمة والتلاميذ ،  أما  راني  فلا  مكان  له . عند اختيار  اللاعبين  ،  يتم  اختيار  جميع  الطلاب للعب في  الاستراحة عدا  راني ، يبقى  وحده  يتأمل وينتظر   دون  جدوى، تتحدث  مايا عن  حفلة  عيد  ميلادها ، يتذكر  الجميع  أجمل  المشاهد واللحظات   خلال  الحفل ، أما  راني  لم يدع   أصلا  الى  الحفل ، وخلال  درس  الفنون ، يلعب  الأطفال  ألعاب  الطاولة ويقرأون  الكتب ، أما راني ، يبدع  في  رسمه ، يرسم تنينا  يتسلق بناية عالية وينفث  النار  من  فمه ، يرسم كائنات فضائية  عالقة  في  معارك بين  المجرات ، وقراصنة طماعين  يبحثون  عن   الكنز ، وأبطال  خارقين  لديهم  القدرة  على  كسب  الاصدقاء ، يدخل  تلميذ  جديد  الى  الصف ،  اسمه  يونج ، المعلمة  سلوى تعرفهم  عليه ، في  استراحة الغذاء  يأكل  يونج بالعودين ، يضحك عليه  جميع  الطلاب  عدا  راني ، ويتسأل  راني  في  سره ايهما  أفضل  أن  يضحك  عليك  التلاميذ ، أم  أن  تكون  ولد  خفي ؟ 

يجد راني  طبشورة  على  الأرض يرسم  رسمة ، الرسمة  تعجب  يونج، عندما  تطلب  المعلمة من  الطلاب  ان  يتوزعوا  الى  مجموعات  يحاول  راني  الانضمام  الى  يونج  لكن  فادي  يصرخ  في  وجهه  ويقول " سبقتك !  أنا  مع  بونج  ، ابحث  عن  شخص  اخر "   عندها ينظر  راني  الى الأرض ، ويتمنى لو  يستطيع ، أن  يرسم  عليها  حفرة  لتبتلعه وتخفيه  عن  الأنظار .

تطلب  المعلمة  من  التلاميذ  كتابة  قصة وفق ما  يشاهدون  في  الصورة ، فادي  يستفسر " أي نوع  من  الناس  يمكن أن يسكن في  بناية مثل هذه " يونج  يشير  الى  راني  ويقول  يمكنه  أن  يرسم  سكان  البناية  ليناسبوا القصة التي  سوف  يكتبوها ، يبسم  راني  ويتناول  قلمه الذي  يجلب له  الحظ ، راني  لا  يحب  الاستراحة  يشعر  بطولها  وثقلها ، لكن  يونج  يناديه ،  ليجلس  بينه  وبين فادي على نفس  المائدة وفادي يهز  براسه مرحبا  ، تنتهي  القصة  "  ربما  راني  ليس  خفيا  الى  هذه  الدرجة "

رسالة  الكاتب  :

-         ضرورة  ان  يبحث  كل  منا  في  المدرسة  والصف  عن  الولد  الخفي ، من  أجل  دمجه  مع  اقرانه  واترابه  بالصورة  المثلى .

-         علينا  الانتباه  الى  ظاهرة  الاقصاء ، وابعاد  بعض  التلاميذ  من  مجريات  الامور  في  الصف  والمدرسة  مما  يسبب لهم  الألم والاحباط  .

-         حتى  المربية   ممكن  ان  تكون  شريكة  ،  في  اقصاء  بعض  التلاميذ  ،  من  خلال  الا مبالاة ،  وعدم  الاكتراث  بما  يجري  بين  التلاميذ  خلال  الحصة   والاستراحة  ومن  خلال  انشغالها   عنهم  والتأقلم  مع  الوضع  القائم .

-         علينا  الانتباه  كمربين  خلال  الاستراحة  ،  الى  التلاميذ  الذين  يجلسون  بهدوء  ولا  احد  يحدثهم  او  يلعب  معهم .

-         الطالب  الخفي  ،  في  كثير  من  الاحيان ، لا  يملك  الجسارة  ليحدث  المربي  أو  الأهل  أو  الاصدقاء عن  عذاباته  اليومية ، هو  في  الأصل يمكن  ان  يكون  يعاني  من  الانطواء والخجل  ومن  العسر  التعليمي .

-         تأثير  المجموعة  وضغطها  على  الافراد  بشكل  سلبي.

-         الافكار  المسبقة  عن  الاشخاص  ومدى  خطورتها ، تهدم  الشخصية  وتقيد والعمل  المشترك  وتشوه  الحقائق وتحبط  العزائم  وتعرقل  الابداع.

-         تشجيع   العمل  في  مجموعات  في  المدرسة  ،  لأن  هذه  الطريقة  قد  تمنح  الفرصة  للجميع  للعطاء ، وتشجع  على  دمج  الطلاب  الذين  بحاجة لدعم معنوي  وتعليمي .

-         الولد  الخفي ،  يمكن  ان  يمتلك  العديد  من المهارات  كالرسم  ولعبة كرة  القدم والقراءة والحفظ ، لكنه  بحاجة  ماسة الى  من  يرشده ويشجعه ، ويعزز مكانته  أمام اترابه ،   راني  كان  يملك  مهارة  الرسم  والابداع ،  وحتى  معلمة  الفنون  لم تلتفت  له  رغم  انه  رسم  التنين الناري  والمخلوقات  الفضائية والكواكب ،والقراصنة ، وأول  ممن  اعجب  به  وبرسوماته ،  الطالب  الجديد  يونج ، لكنه  لا  ينتمي  الى  المجموعة  التي  تقصي  راني  ،  ولا  يعتمد على  افكار  مسبقة ،  كما  انه شعر انهم  سخروا  من  طريقة  اكله  ،  لكنه  لم  يهتم  واندمج  مع  المجموعة بسرعة  وكان  دائما  يلفت  انتباههم الى  راني  ومهارته وبحقه  في  الجلوس والاكل  معهم  على  نفس  المائدة  .

-         الولد  الحفي  يمكن  ان  يكون  في  المدرسة  والبيت  والعمل ، وقد  يكون  في  داخل  كل  منا  في  مواقف  معينة ، علينا  ان  نبحث  عنه  ، وان  ندعمه  ونعزز وجوده ، ونمنحه الفرصة اللازمة ،  ونشجع  مواهبه ،  ونبحث عن  الانسان  الساكن  في  داخله .

خلاصة :  قصة  الولد  الخفي ،  نجح  الكاتب  في  اختيار  العنوان المناسب  ،  العنوان  يحمل  في  طياته  ، مأساة  الطالب  الذي  لا  يلتفت اليه  المعلم  والطلاب ،  وحتى  افراد  المجتمع  ،  ويتم  هضم  حقوقه  ،   يبتلع الاهانات  والاقصاء على مضض ،  كانه غير  موجود  بينهم على الاطلاق كانه  شبح ،  أو  وهم   وغير مرئي ، لكنه  موجود بينهم   ، بكل  حواسه وجوارحه ،  دوما  يشعر بالضيق ، رغم  ان  هذا  الولد  ممكن  ان تكون  لديه  مهارات عديدة  يفتقدها معظم  التلاميذ ،مثل  الرسم  المتقن  والخيال  الواسع والخصب ،  اضافة  ان راني  طالب  خلوق ،  لم  يكن  يزعج  معلمته  خلال  الحصة . القصة  تعالج  ظاهرة  متفشية ، وجود  شخص  لا  نعيره  اهتمامنا  رغم  حقه  الانساني والشرعي  في  المساواة  والعدل  والانصاف . ايضا  على  الأهل  التكاتف مع  المدرسة  لدعم  هؤلاء  التلاميذ ،  والعمل  على  دمجهم في المدرسة  والمجتمع  والبحث  عن  مواهبهم  وتطويرها  وتنميتها، والعمل  على  صقل  شخصيتهم  لمواجه  التحديات.

وسوم: العدد 824