مصادر التنظير للأدب الإسلامي : المصدر الرابع

 (وثيقة خلود المذهب الإسلامي واستمراره)

وتمثل هذه الوثيقة استمرار المذهب الإسلامي في الأدب، عبر قرون التاريخ العربي والإسلامي في أدب اللغة العربية والآداب الإسلامية، وهي إثبات لقدرة هذا الدين، في قلوب أتباعه من خلال استمرار مذهبه الأدبي، وقدرته على توجيه الأدب العربي لصالحه، وهي الوثيقة التي تنفي تهمة الموت والوأد التي يلعبها دعاة التغريب.

حيث حاول دعاة التغريب تمرير أفكارهم الخبيثة، التي تصور أنَّ الإسلام انتج أدباً إسلامياً في فترة الدعوة الأولى (أدب الصحابة) وبعدها انتهى تأثير هذا الإسلام على الأدب العربي، وعاد الأدب العربي إلى سابق عهده قبل الإسلام، بمؤثرات قليلة من الإسلام.

ولذلك نجد أنَّهم يحاولون وباستمرار طمس حياة مذهب الإسلام في الأدب أو النظرية الأدبية الإسلامية، وينكرون استمرارها من اجل تشويه الأدب العربي وحرف مساره في محاولة لوأد هذا الأدب، من خلال عدم تشجيع الدراسات النقدية الجامعية للتنقيب عنه، واعترفوا به فقط ضمن تاريخ الأدب العربي كمذهب منقرض لا امتداد له.

وهنا يتأكد الواجب الكبير على دعاة النظرية أو المذهب الإسلامي في الأدب، ان تنصب دراستهم النظرية والعملية على الأدب العربي، لإثبات إسلامية هذا الأدب، لان هذا الإثبات معناه استمرار حياة وخلود المذهب الإسلامي، وفي هذا تحصين للأدب العربي من الهجمة التغريبية التي تحاول تفريغه من خصوصيته، وإلحاقه بالآداب الغربية.

لقد قام دعاة التغريب بطرح نظريات الالتزام في الأدب الغربي؛ لإغراق العقل العربي بها، ولطمس معالم الالتزام الذي طرحه الإسلام في الأدب، قبل قرون إمعاناً في تعميق الغزو الثقافي، ودفعاً له باتجاه التبعية، مع أن الأدب العربي هو أدب إسلامي في تياره العريض الغالب، ولكن المد الإسلامي في داخله يتفاوت حسب موجات الوعي الإسلامي العام من حين لآخر.

ويمكن استخراج النماذج الإسلامية الرائعة في الأدب العربي عبر عصوره المختلفة، التي تثبت إسلامية هذا الأدب نثراً وشعراً، حتى نصل إلى أدبنا المعاصر، مما يجدد أملنا، في كشف النظرية الإسلامية في الأدب، وتخليصها من عمليات الوأد والتشويه، وإثبات أصالتها وعراقتها وجذورها الممتدة في تاريخ الأمة، وبهذا نندفع خطوة إلى الأمام نحو الالتحام بجذور الأمة، لتمتد شجرة الإسلام إلى مستقبلها المنتصر الأكيد بإذن الله سبحانه وتعالى.

ومتابعة هذه الوثيقة عملياً، معناه انتقال النظرية الإسلامية من مرحلة المقاييس الأدبية المستخرجة من الوثائق الشرعية الثلاث، إلى ميدان التطبيق في الأدب العربي عبر عصوره في شعره ونثره، ومحاكمة هذا الأدب بهذه المقاييس الإسلامية لمعرفة مدى استجابته للنظرية الإسلامية ومقاييسها ثم إغناء وتصويب مسارها في الفهم والتطبيق، واكتشاف المدارس الأدبية التي ظللها المذهب الإسلامي في الأدب.

وفي ذلك ميدان واسع للإثراء، شريطة أن تتضح النظرية أو المذهب والمقاييس أولاً، ثم تبدأ عملية التطبيق التي تحاكم بمقاييس النظرية، أما اختلاط النظرية والتطبيق وعدم تمايزهما، فهو طريق في اتجاه الفوضى النقدية في التنظير والتطبيق.

وفي هذه الوثيقة ميدان واسع للتطبيق على نصوص الأدب العربي عبر عصوره، واثبات لخلود المذهب أو النظرية الإسلامية في الأدب العربي والآداب الإسلامية الأخرى، من خلال الاستجابات التي ظهرت في الأنواع الأدبية المختلفة.

وسوم: العدد 823