الظاهرة الأدبية (4) في ضوء نظرية المعرفة القرآنية

رابعاً: حكم القلب وقيمة الحقيقة

أ. مملكة القلب في ضوء العلم البشري:

والقلب مملكة عظيمة، تتربع على عرشها النفس، والنفس هي الروح التي خالطت الجسد، والذي يهمنا هنا هو التعرف على موقف القلب من الحقائق الفكرية القادمة إليه من الدماغ، ويمكننا إيضاح هذا الموضوع من خلال مجموعة من الأفكار يمكن طرحها من خلال النقاط التالية:

1.الروح في جوهرها شيء غيبي، وإن تعلقت بعضلة القلب، من خلال علاقة ما وقف علم التشريح عاجزاً عن اكتشافها، لأنها سر إلهي مغلق في وجه العلم البشري، يقول سبحانه وتعالى: {يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85].

لقد اكتشف الإنسان القارات الخمس وامتد بطموحه إلى اكتشاف الكواكب، وبقيت نفسه التي بين جنبيه قارة مجهولة، لا يعرف عن كنهها شيئاً إلا القليل، ووقف علم التشريح عاجزاً لا يحير جواباً، أمام اقتطاع جزء من الذاكرة، أو تغيير القلب بقلب صناعي دون أن يؤثر ذلك في وظيفة أيٍّ منهما.

2.مفهوم القلب في نظر الإسلام، ليس في قطعة اللحم الكمثرية الشكل، التي مقرها في صدر الإنسان فحسب، بل بما أخفى من حقائق غيبية عظيمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وكان علم التشريح الحديث في بداياته الأولى لا يرى للقلب وظيفة أكثر من كونه مضخة للدم توزعه على أنحاء الجسم، ثم تطور علم التشريح ليعترف عنه بحقائق جديدة، منها ارتباط القلب مع الدماغ بالعصب السمبثاوي العاطفي، ومن الشهادات العلمية المذهلة عن القلب ما حققه طبيب القلب المتخصص الدكتور خلوق نور باقي -وهو طبيب تركي- حين اكتشف أن اسم الجلالة (الله) مكتوب على قلب الإنسان، وبعد التأكد من ذلك نشر تفاصيل الاكتشاف في مجلة علمية معروفة. ومن الخلاصة المترجمة ننقل عنه النص التالي في هذا الموضوع الذي يكشف تفاصيل مذهلة عن القلب: \"في أحد الأيام وأنا أتصفح كتاباً علميّاً، أخذتني الدهشة لما رأيت، فقد وجدت في صورة القلب اسم الله مكتوباً في وسطه، اعتقدت أنني تخيلت ذلك واقتربت من الصورة أكثر، فتبين لي أن اسم (الله) مكتوب وكأنه خط بأنامل فنان ماهر.

هل أخطأت؟! أسرعت إلى الطبق المعلق على حائط الغرفة وقارنته مع لفظ (الله جل جلاله) المكتوب وسط الطبق، وتبين لي أنه لم تكن مصادفة وإنما اسم (الله) كان مكتوباً على القلب دون نقصان.

نعم، بدأت أبحث لسنوات ما آمنت به من أن توقيع (الله) الموجود في قلب الإنسان قد وجدته أيضاً في أطلس طبي وضعه العلماء الغربيون بشكل دقيق واضح، وبقيت هذه الأسئلة عالقة في ذهني، ولكن الجواب كان نعم حين التشريح، إذ أخذت قلب الإنسان في يدي، وتأكدت من وجود هذا التوقيع العظيم عليه، وتأكد لي ذلك في عمليات التشريح، إذ إن قلب الإنسان عند الجميع، وقّع عليه الخالق بلا استثناء، وبوضوح تام.

كما أن مكان توقيع (الله) مدهش، مما يوحي بالدقة الفائقة لأن نسيج القلب من ألياف العضلات المنسوجة كالشبك، إلا أن مكان توقيع (الله) لا يوجد فيه نسيج عضلي، كأن هذه المنطقة خلقت هكذا ليتم وضع التوقيع فوقها، وكأن هذه المنطقة المسماة طبيّاً (أوريكولا) المؤلفة من عضوين لم تتوضح حتى الآن المعلومات حولها، وربما كان ذلك حفاظاً على السرية في هذه الناحية من القلب.

ما هي خصائص القلب؟ ولمَ وضع التوقيع الإلهي هناك؟

قال العالم القدير الدكتور (كاود برنارد) منذ سنوات: \"إن ما نعرفه من العلم عن القلب، هو الشيء القليل، مع أن أدق إحساسنا والإدراك يجعلانا نحافظ عليه في بنيته العظيمة وتركيبه الرائع، إن القلب يشبه الرسوم الموجودة على جناح الفراشة بدقته وغموضه في تركيبه\".

ويقول الدكتور نور باقي:

\"يتركب القلب من ألياف عضلية تشبه الشبكة، وهو محاط بنسيج عصبي يشبه الدورة الإلكترونية وهذه الشبكة معززة بمركز عصبي مستقل، يفوق خصائص البيوكيميا العصبية المعروفة.

أما من الناحية البيولوجية فإن جميع أعضاء جسم الإنسان تعمل بأوامر الدماغ، إلا أن القلب مع وجود مراكز تداخل عديدة، فيكون عمله مستقلاًّ وبقيادة النسيج العصبي العائد إليه، كما أن كل حجرة في القلب تنتج طاقة كهربائية واضحة وعالية وثابتة يمكن عن طريق أي نقطة في الجسم تحقيقها، والتأكد من صحة القلب، وإن القلب ومركز الأعصاب الذي يحتفظ به هو بمثابة الكمبيوتر، فترى أن عمل القلب تابع لحسابات صحيحة لا يمكن أن تتأثر حركته المتوازنة العظيمة لا بالتأثيرات الخارجية ولا بتأثير الدماغ، وليس التوقيع الإلهي على هذا الكنز الغامض مصادفة حيث يعتبر مورد الحياة ويبين مدى أهمية الحياة المتدفقة منه\" (1).

ب. مملكة القلب في ضوء المرجعية الإسلامية:

إن الحكم الفيصل في موضوع مهم كهذا، هو مرجعية الأمة (القرآن الكريم والسنة الشريفة) لنتعلم منهما الحقائق العظيمة، والتي تكشف لنا عن كثير من فطرة القلب ووظيفته واستعداداته، بما يوضح كثيراً من مقاصدنا التي نرمي إليها في فقه هذا الأمر.

*( عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية )

وسوم: العدد 851