قراءة في كتاب الإخوان المسلمون

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين / ‏22‏/03‏/2015لم تحظى حركة اسلامية ظهرت في العالم من اهتمام دولي مثل ما حظيت جماعة الاخوان المسلمين ، فجميع الاحزاب والحركات الاسلامية التي ظهرت الى الوجود إثر  إلغاء مصطفى أتاتورك الخلافة عام 1923 مثل حزب التحرير وجمعية الشباب الاسلامي ومنظمات هدفها إعادة الخلافة الاسلامية من جديد لم تحظى باهتمام يّذكر . فحركة الاخوان المسلمين وبتأكيد الكثير من خبراء الاسلام من الاوروبيين تعتبر أم الحركات الاسلامية ، بل ويؤكد استاذ علوم السياسة الدولية وصاحب كتاب / النظريات السياسية من القدم وحتى وقتنا الحاضر / ماكس فيبر الذي تعتبر نظرياته مواد دروس معاهد العلوم السياسية بالجامعات الالمانية انه لولا الإمام أحمد بن حنبل لم يظهر شيخ الاسلام ابن تيمية ولولا شيخ الاسلام لم يظهر الامام محمد بن عبد الوهَّاب ولولا ابن عبد الوهَّاب لم يظهر الامام حسن البنا .

وتعتقد خبيرة شئون الحركات الاسلامية آنيته رانكو في كتابها الذي وضعته مؤخرا عن / الاخوان المسلمين / من إصدار مبرة / كوربر / للدراسات والعلاقات  الدولية ، ونزل الى دور الكتب مؤخرا لينضم الى سلسلة كبيرة من الكتب التي ظهرات حديثا عن الحركات والمنظمات الاسلامية  ، ان جميع المحاولات للقضاء على هذه الجماعة فشلت والمحاولات التي تحاك ضدها ستبوء بالفشل اذ ان الشعوب الاسلامية وخاصة العربية منها وفي مقدمتها شعوب دول منطقة الخليج العربي التي وضعت بعض حكوماتها الاخوان المسلمين بلائحة الارهاب  مفطورة على التدين وحب الاسلام ، فالخليجيون وفي مقدمتها السعوديون الذين يعتبرون الامام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله فخرا لهم لن يرضوا تصنيف الجماعة المذكورة بالارهاب لما يملك مؤيدو تلك الجماعة من انفتاح على المجتمع ونبذ الارهاب وحرصهم على الحوار وبالتالي فالجماعة ليست جمعية صغيرة ليس لها أي شأن في الحياة العامة بل قوة لا يستهان بها تأثر بها وانضم اليها ساسة وعلماء ومفكرين قدموا للانسانية وخاصة للدول الاسلامية العربية  الخالص علومهم . فالسياسي البارع رئيس البوسنة الراحل علي عزت بيغوفيتش كان أخوانيا قحا استطاع أن يقنع مسلمي البلقان حمل السلاح للدفاع عن كيانهم ووجودهم بالرغم من اكثر الساسة الاوروبيين  وقفوا الى جانب الكروات والصرب بحربهم ضد البوسنة واستطاع بيغوفيتش بلباقته وحنكته ارغام الاوروبيين الوقوف الى جانب البوسنويين .وحزب التنمية والعدالية  التركي لم يخرج الا من عباءة الاخوان المسلمين وقد استطاع هذا الحزب منذ استلامه مسئولية بلاده بروز تركيا كقوة سياسية واقتصادية لا يستهان بها بالعالم . 

الاخوان المسلميون  ليسوا بمنظمة ارهابية بل وصمهم بالارهاب ضربة موجعة للاسلام وبالتالي طعنة نجلاء بقلب الامام محمد بن عبد الوهاب والسلف الصحيح  الذي يختلف تماما عن سلفية حزب النور / المصري / وجماعة فتح الله جولن /التركي / الذي يعيش بحماية امريكا بالولايات المتحدة الامريكية .

صحيح ان هناك أخطاء ارتكبها بعض زعماء تلك الجماعة . وترى رانكو ان الاخوان المسلمين لم يستطيعوا حكم بلادهم بهدوء ، نجحت الجبهة الاسلامية للانقاذ بالجزائر بانتخابات نزيهة  أشرف عليها الاوروبيون في عام 1990 فانقلب الجيش خلال اربع وعشرون ساعة على هذه الجبهة والغى الانتخابات وزج قادتها بالسجون ، نجح الاخوان المسلمين في حكم مصر بانتخابات رئاسية نزيهة عام 2012  فلم يستطيع الرئيس المصري محمد مرسي حكم بلاده بهدوء وتخلت عن مساعدة مصر بعض دول العالم ، ومن يقل بأن السعودية لم تمد يدها لمساعدته بإنعاش اقتصاديات بلاده يخطئ تماما ويتجافى الحق فقد استقبلته ومدت يدها للمساعدة .

لقد أخطأ الاخوان ، وعلى حدرأي رانكو ، بقبول خوضهم الانتخابات الرئاسية بل وترى أنهم أُرغموا خوضها وكان عليهم العزوف عنها حتى يستطيع الشعب المصري رؤية الصالح من الطالح ، والانقلاب الذي قاده وزير الدفاع ، الرئيس الحالي ، عبد الفتاح السيسي لم يكن ليتم لولا مؤامرة عربية دولية على الاخوان المسلمين وما يُطلق عليه بمنجزات الربيع العربي ، فشعوب مصر وليبيا وتونس وحاليا سوريا  أثبتوا للولايات المتحدة الامريكية ان الديموقراطية والحرية لا تأتي من الخارج وبإملاء من واشنطن وغيرها بل بإرادة داخلية محضة .

وتعرب رانكو عن قلقها أزاء الحملات المعادية للاخوان وقوع تلك الدول التي تحاربهم في فوضى العنف ، فالعسكر الذين انقلبوا على الاخوان بالجزائر ساهموا بمقتل اكثر من مائتين الف شخص ذهبوا ضحية فكر متطرف لحركات اسلامية رأت ان المجتمع الذي رضي بالانقلاب العسكري يستحق العقاب ، وها هو العنف قائم على قدم وساق في مصر وتونس وليبيا ، متوقعة حاجة الغرب والدول الاسلامية العربية الى الاخوان كمنقذ من الارهاب . ولسان حال رانكو ، لسان حال العرجي وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان عفان رحمهم الله تعالي الذي يقول:

أضاعواني اضاعوني واي فتى اضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر

وخـــــلونـي ومعتـرك المنايـا وقد شـــرعوا أسنــتهم لنحـري

ومثل قول عبيد بن الابرص :

لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي

ويقع الكتاب في حوالي 160 صفحة ويعتبر اكثر الكتب استقلالية التي ظهرت عن الحركات الاسلامية.