الخاطرة ٢٨٩ : علم الجمال في نقد مسلسل - النمر -

خواطر من الكون المجاور

رغم أن المسلسلين ( نسل الأغراب و النمر ) لهما نفس الموضوع ، شخص يعود إلى بلده بعد حوالي عشرون عام لينتقم من أولئك الذين ألحقوا به الضرر ، وكلاهما أيضا يستخدمان العنف في تحقيق هدفهما ، ولكن هناك فرق شاسع بين المسلسلين من حيث تكوين الشخصيات والأحداث مثل الفرق بين بين الأبيض والأسود وبين الخير والشر . فمسلسل (نسل الأغراب) يعاني من جهل تام بمبادئ علم الجمال (الإستاطيقا) سواء في كتابة السيناريو أو في الإخراج . بينما مسلسل ( النمر ) حاول على الأقل تطبيق المبادئ الأساسية لهذا العلم . فكما ذكرت في الأجزاء الماضية أنه بدون الإعتماد على مبادئ علم الجمال يخسر العمل هويته الفنية ويتحول إلى عمل شيطاني هدفه تدمير القيم الإنسانية في المجتمع . لهذا كنت بعد مشاهدة كل حلقة من مسلسل نسل الأغراب اشاهد مباشرة حلقة من مسلسل النمر ليساعدني على نسيان ذلك المجتمع الهمجي الذي إخترعه مؤلف ومخرج المسلسل ( محمد سامي ) وأراد أن يعيشه مشاهدي مسلسل نسل الأغراب .

مسلسل نسل الأغراب تكلمنا عن عيوبه الكثيرة بالتفصيل في مقالة ماضية ، وهنا سنتكلم عن علم الجمال في نقد مسلسل النمر بشيء من التفصيل أيضا لنوضح الفرق بين نوعية اسلوب العنف في تحقيق الإنتقام بين مسلسل نسل الأغراب ومسلسل النمر .

لا أدري إذا كان إختيار كلمة (النمر) ليكون عنوانا لهذا المسلسل قد حصل من إحساس فطري ل(محمد صلاح العزب) مؤلف قصة المسلسل أو من تحليل عقلي . فاختيار صفة (النمر) للتعبير عن شخصية بطل المسلسل يتفق تماما مع مبادئ علم الجمال . فلو كان (محمد سامي) مؤلف ومخرج مسلسل نسل الأغراب ملم بعلم الجمال لكان أطلق على مسلسله أسم (نسل الذئاب) بدلا من نسل الأغراب ولكان في تلك المشاهد التي يعرض فيها أسد داخل القفص وضع ذئب بدلا من أسد لأن روح شخصيات أبطال المسلسل لا علاقة لها بالأسود على الإطلاق . فالفرق بين شخصية بطل مسلسل نسل الأغراب وشخصية بطل مسلسل النمر هو تماما كالفرق بين الذئب والنمر أو بشكل عام بين الفصيلة الكلبية والفصيلة القططية. أفراد الفصيلة الكلبية (كلب ، ذئب ، ثعلب...إلخ) هي رمز الروح النجسة في معظم الديانات ، والفنان الحقيقي لا يسمح بأن يكون البطل الرئيسي لعمله الفني من هذه الروح النجسة . أما أفراد الفصيلة القططية (الأسد ، النمر ، القطة ....إلخ) فهي رمز الروح الطاهرة في معظم الديانات ولذلك نجد أن أول تمثال ضخم في تاريخ البشرية كان تمثال أبو الهول الذي يمثل رأس إنسان وجسد أسد. هذا التصنيف الروحي لأفراد الفصيلتين ليس تصنيفا عبثيا ولكن من وحي إلهي . فرغم أن الفصيلتين هما من الثديات اللاحمة (المفترسة) ، ولكن هناك فرق كبير في طبيعة السلوك ، فالذئب مثلا عندما يهاجم قطيع من الخرفان فهو رغم أن خروف واحد منها يكفيه ليؤمن غذائه ويسد جوعه ، ولكن روحه الشريرة تجعله يهاجم منها قدر المستطاع ، ومن المعروف أن عضة الذئب عادة تؤدي إلى وفاة الماشية فأي هجوم من الذئب على القطيع يعني وفاة عدد كبير من أفراد القطيع هكذا وبدون أي فائدة للذئب فقط سببها إشباع غريزة القتل عنده . أما الأسد فسلوكه مختلف تماما فمعروف عنه أنه لا يذهب إلى الصيد إلا عندما يجوع ، فيصطاد فريسة واحدة ليسد جوعه ، ومعروف عنه أنه صياد كسول فهو عادة يهاجم الحيوانات المفترسة الأخرى ويأخذ منها ما اصطادته هي ليؤمن غذائه . ومعروف أيضا أن الأسد الشبعان لا يشكل أي خطر على بقية الحيوانات . ولهذا كان الأسد يمثل رمز البطولة والشجاعة بينما الذئب يمثل رمز الروح الشريرة في ثقافات الشعوب القديمة .

حكماء الحضارة الإغريقية درسوا أيضا فلسفة العنف في الإنسان ، فاخترعوا مسابقات الألعاب الأولمبية من أجل تحويل العنف من النوعية الإجرامية (الذئبية) إلى النوعية الدفاعية (القططية) ، فبدلا من أن يكون حب العنف هدفه القتل واشباع غريزة القتل تحول إلى رياضة بدنية هدفها الحصول على جسم صحي سليم يستطيع مقاومة الأمراض ويساعد في ممارسة الأعمال اليومية الشاقة التي كانت تفرضها عليهم ظروف المعيشة في ذلك الزمن وكذلك الدفاع عن النفس والوطن إذا لزم الأمر . فمن خلال الرياضة أصبحت ممارسة العنف متعة للذي يمارسها وكذلك للذي يشاهدها وبدلا من أن ينمي العنف العداوه والبغضاء بين المتعاركين أصبحت الرياضة تنمي بينهما الإحترام والتقدير وكذلك المتعة للمشاهدين . الألعاب الأولمبية والرياضة بشكل عام ساهمت هي أيضا في إزدهار الحضارة وتقدم المجتمع الإنساني .

يجب أن نعلم أن مرحلة الطفولة والمراهقة هي مرحلة النمو الجسدي ، وفي هذه المرحلة الطفل أو المراهق يشعر بحاجة إلى تلك الأشياء التي تدفعه إلى الحركة والنشاط الجسدي . فأنا أذكر تماما تلك المرحلة ، فكانت أحب الأفلام لي ولأصدقائي هي أفلام العنف ، ولكن الحمدلله أن الأفلام التي كنا نراها في ذلك الوقت كان معظمها من نوع العنف الرياضي (القططي) وليس من العنف الإجرامي (الذئبي) . فكنا مع أصدقائي نقلد الحركات الرياضية التي يفعلها بطل الفيلم ونستمتع بها دون أن نستخدمها في المشاجرة أو أن نرغب في افتعال مشاكل مع الأطفال الآخرين لنتشاجر معهم . فهذا النوع من أفلام العنف نمى في داخلنا حب الرياضة وليس حب العنف والعراك مع الآخرين . ولهذا أنا شخصيا وكذلك أصدقائي بعد دخولنا في سن الرشد كنا شبانا مسالمين لديهم المقدرة على حل مشاكلهم مع الآخرين بالحوار الجميل وليس باستخدام الأيدي والأرجل كما يحدث مع أطفال وشباب هذا الجيل الجديد .

عندما نقول فيلم عنف رياضي (القططي) نقصد كمثال على ذلك أفلام جاكي شان وأفلام روبن هود وزورو القديمة . أما أفلام العنف الإجرامي (الذئبي) نقصد أفلام سيلفستر ستالوني وأفلام جيمس بوند وأفلام محمد رمضان وأحمد السقا وغيرهم .

للأسف اليوم وبسبب جهل المتخصصين بفن السينما فإن أفلام العنف الرياضي عادة تعتبر أفلام تجارية ولا تدخل في المهرجانات السينمائية ، ولكن في الحقيقة هذه الأفلام لها قيمة فنية مثلها مثل أي فيلم جاد آخر ، فهي ضرورية جدا في فن السينما ليس فقط من أجل متعة الأطفال والمراهقين ولكن أيضا من أجل متعة ذلك الطفل الذي يعيش في داخل كل إنسان مهما كان سنه ، فكل إنسان بغض النظر عن سنه يحتاج بعض الأحيان أن يشاهد فيلم أو مسلسل فقط من أجل المتعة ومن أجل تهدئة أعصابه من المشاكل اليومية . فصحيح أن الصلاة والعبادة تنمي الروح المعنوية في الإنسان ولكن أيضا مشاهدة فيلم جميل مرح ومشوق مع أفراد العائلة أو مع الأصدقاء لا يضر فهو يساعد أيضا في تهدئة الأعصاب وتنمية الروابط الإنسانية بين أفراد العائلة وأفراد المجتمع .

مسلسل النمر هو من هذا النوع والذي يمكن لجميع أفراد العائلة مشاهدته والإستمتاع به . ورغم أنه مسلسل غير رمضاني ولكن بالمقارنة مع بقية المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان فهو أفضل بكثير من غيره من المسلسلات .

قبل الكلام عن المسلسل سنعرض ملخص سريع عن قصة المسلسل لنشرح بعض النقاط الإيجابية التي جعلته يختلف تماما عن مسلسل نسل الأغراب :

" المسلسل يبدأ بمشهد رجال عصابة يطاردون شاب صعيدي (محمد إمام) الذي يحاول الهروب منهم بطريقة بهلوانية ممتعة جدا . بعد الهروب ينتقل المشهد إلى منطقة صاغة الذهب في القاهرة حيث يتم التحضير لزفاف مَلك (هنا الزاهد) ابنة الشيمي (أحمد رياض) أحد كبار تجار الذهب مع الشاب حسن (خالد أنور) ابن تاجر الذهب عنتر (بيومي فؤاد) . ولكن ملك تكتشف أن خطيبها حسن يخونها مع صديقتها ، فتخرج من الفندق وتقود سيارتها وهي تبكي وفي الطريق تقوم بصدم (محمد إمام) فتأخذه إلى المستشفى وهناك يخبرها الطبيب أن الصدمة قد جعلته يفقد ذاكرته ، فتطلب ملك من والدها أن تكون هي مسؤولة عنه حتى عودة ذاكرته إليه وتسميه بأسم (نوح) ، ومن هنا تبدأ الأحداث تأخذ شكلا ممتعا جدا ومشوق بسبب غموض شخصية (نوح) ، فمع تتابع الأحداث يظهر عدة أشخاص يعرفون نوح وكل شخص يعرفه باسم مختلف «رجب وكرم وسليمان وجمعة» والأمر الغريب أن مع ظهور نوح في سوق الصاغة تحدث أمور غريبة تجعل كبار الصاغة يشعرون بقلق وخوف من كثرة أحداث السرقة التي تحصل في السوق ، ويتبين لهم أن الشخص الذي يقوم بهذه السرقة هو (النمر) . ففي الحلقة العاشرة توجد أغنية في المسلسل تشرح وضع شخصية نوح (النمر) الغامضة ، كلمات هذه الأغنية تقول :

" انت مين …

انت ابو قلب طيب الحنين البسيط

ولا السهن ابو قلب ميت الحويط

انت لعنه ولا نعمة… رد قول ...انت مين

انت الجدع اللي بيفهم في الاصول

ولا انت شر في اي لحظه بتبقى غول

قولها بصراحة انت مين من كل دول

عمال تغير في الوشوش انت حد مانعرفوش

انت من صنف البشر ولا من صنف الوحوش "

أحداث المسلسل تسير بشكل سلس جدا فالأحداث تتطور بشكل مشوق ، مرح وممتع ومحير ، فبدلا من أن تتوضح الأمور عن شخصية نوح تزداد غموضا . ثم شيئا فشيء يتبين أن نوح هو عبدالله ابن ماهر رضوان الذي كان أحد كبار تجار الذهب والذي تم قتله وسرقة ثروته على يد أربعة من كبار تجار الذهب (محمد رياض، نيرمين الفقي، بيومي فؤاد، أحمد حلاوة) . وأن عبد الله هو (النمر) الذي عاد لينتقم وليأخذ منهم ثروة أبيه المسروقة .

حتى تحافظ مشاهد العنف في المسلسل على شكلها الرياضي (القططي) حرص مؤلف القصة (محمد صلاح العزب) أن تكون أهم صفة في عبدالله (النمر) أنه لا يقتل ويحاول دوما أن تبقى يديه بريئة من دم أي إنسان ، وأن يستخدم ذكائه ولياقته البدنية وحركاته البهلوانية في تنفيذ خططه وإنتصاره على الآخرين. من الأشياء الهامة أيضا أن المؤلف (محمد صلاح العزب) اخترع شخصية بأسم سكلانس يجسدها الممثل (محمود حافظ) ليقيم مع (النمر) في بيته كصديق يعاونه في مهمته ، فشخصية سكلانس بروحه الكوميدية وطيبة قلبه وسذاجة تصرفاته أضافت نوع من الدعابة في نفوس المشاهدين ، وبدلا من أن تنتقل مشاعر الإنتقام من الكراهية والغضب إلى نفوس المشاهدين إنتقلت مشاعر مناقضة لها ، كمشاعر الصداقة والوفاء ومساعدة الضعفاء . وقد أبدع الممثل (محمود حافظ) في تجسيد هذه شخصية سكلانس على أحسن ما يرام . فوجود شخصية سكلانس في فيلم موضوعه الإنتقام هي ضرورية جدا لتحول عملية الإنتقام من شكله الإجرامي إلى شكله الإنساني والذي هدفه تحقيق العدالة .

في مجتمع سوق الذهب حيث تعامل تجار الذهب مع بعضهم البعض ومع الزبائن يتم بطرق غير قانونية فتحدث بينهم مؤامرات وعمليات إحتيال . أيضا المؤلف حرص أن يضع بينهم مَلك (هنا الزاهد) كشخصية نقيضة لهم لتمثل رمز الأمانة والنزاهة والإخلاص في عملها وفي تعاملها مع الناس . فهي تدافع عن الحق وعن العمل النزيه . وعندما تحزن أو تمر بظروف نفسية كئيبة ، تشتري بعض الألعاب والهدايا وتذهب إلى دار الأيتام لتقدمها للأطفال اليتامى فمن خلال رؤيتها لفرحتهم بالهدايا تعود إليها أيضا مشاعر البهجة والسعادة فتتخلص من تلك الحالة النفسية الكئيبة التي كانت عليها .

أيضا شخصية صفية (حنان سليمان) زوجة تاجر الذهب عنتر الحلق (بيومي فؤاد) المرأة البسيطة التي ترمز إلى نموذج المرأة المظلومة التي سلمت أمرها لله ، فبأموالها هي أصبح زوجها من كبار التجار ، ولكنه بعد ذلك أهملها نهائيا وتزوج عليها إمرأة صغيرة بالسن ، ولكن رغم ذلك نجدها تتعامل مع الجميع بحب وطيبة قلب وتحاول دوما أن تقف بجانب ضرتها وابنتها لتحميهما من أذى زوجها . ورغم أن دورها بسيط وتظهر بمشاهد قليلة وقصيرة ولكنها في كل مرة تكون هي البطلة الحقيقية للمشهد ، فكل ما يحدث في المشهد سينتقل منه فقط سلوكها الطيب إلى نفوس المشاهدين . فصفية تمثل النموذج المثالي للمرأة الأمية في الجيل القديم ، بينما ملك تمثل النموذج المثالي للمرأة المتعلمة في الجيل الحديث . ملك وصفية كان دورهما في المسلسل تصحيح هوية المرأة المشوهة التي تمثلها شمس الحلق (نيرمين الفقي) التي تخلت عن هويتها الانثوية وتحولت إلى إمرأة ذكورية لكي تستطيع حماية نفسها وابنها من المجتمع الذكوري الذي ظلمها وهي في ربيع عمرها ، ولكن اختيارها الخاطئ هذا قد جعلها في النهاية أن تخسر كل شيء .

شخصيات قصة المسلسل موضوعة بشكل يحقق توازن روحي بين روح الخير وروح الشر ولكن بشكل يضمن للعواطف النبيلة أن تنتصر وأن تدخل هي فقط إلى العقل الباطني للمشاهدين .

المؤلف (محمد صلاح العزب) قام بدوره كفنان رواية على أحسن ما يرام ، ولكن مخرجة المسلسل (شيرين عادل) لها أيضا فضل كبير في نجاح مسلسل النمر كعمل فني . فالمخرجة بإحساسها الإنثوي النقي استطاعت أن تعرض هوية شخصيات المسلسل بأنقى أشكالها لتجعل المشاهد يتعاطف معها بكامل أحاسيسه . واختيار زاويا الرؤية في تصوير المشاهد وكذلك نوعية اللقطات تم بطريقة يحقق معنى المشهد وبشكل يحافظ على توازن المشهد من الناحية الجمالية . فمثلا في بداية المسلسل تحدث عملية قتل واحدة عندما يقبض أفراد العصابة على صديق الشاب (محمد إمام) الذي هرب منهم . المخرجة وضعت الشاب في زاوية مظلمة من الشاشة بحيث يراه المشاهدين من الخلف فقط فيتم قتله بالرصاص دون أن نرى وجهه ولا أين أصابته الطلقة . فمثل هذه التفاصيل قد تبدو بسيطة ولكن لها تأثير كبير على نفوس المشاهدين . فمشاهد العنف تدخل نفوس الأطفال والشباب بسبب أخطاء بسيطة يرتكبها المخرج في طريقة عرضها للمشاهدين.

أيضا المخرجة لم تتبع الأسلوب الأمريكي الذي يستخدم اللقطات المتقطعة القصيرة الزمن ، والتي تجعل المشاهد يشعر وكأن كل الأشياء التي يراها أمامه في الشاشة تتصارع مع بعضها البعض ، فتسلسل لقطات المسلسل بالنسبة لزمن مدتها كان فيها نوع من الإنسجام يريح عين وفكر المشاهد .

كل ما ذكرته قبل قليل عن محاسن مسلسل النمر ، ينطبق على الحلقات من الأولى وحتى الحلقة ٢٥ ، أما الحلقات التي بعدها فلا أدري لماذا المسلسل سار في طريق مشابه لبقية أفلام العنف . فشعرت وكأن مؤلف حلقات الخمسة الأخيرة غير مؤلف الحلقات الأولى وأنه كتبها لتصبح مناسبة لشخصية الذئب التي يقوم بها محمد رمضان أو أحمد السقا .فنجد أسلوب الانتقام يتحول من أسلوب نمر إلى إسلوب ذئب ، فنرى مثلا بطل المسلسل يقتل مساعده الذي خانه بدم بارد ، وكذلك نجده يضع المسدس أمام عدوه عنتر الذي وصل إلى حالة يرثى لها ليدفعه إلى الإنتحار . وبدلا من أن يتزوج حبيبته ملك يتزوج شمس التي تكبره بأعوام عديدة والتي هي أيضا شاركت في قتل والده رغم معارضة والدته لهذا الزواج . أما ملك فتتحول هي الأخرى إلى فتاة مشابهة لشمس وتبدأ بالإنتقام ولكي تغيظ حبيبها النمر لأنه تزوج غيرها تتزوج هي من حسن خطيبها السابق الذي خانها والذي يلعب دور شاب شرير يساعد والده في أعماله الشيطانية ليسيطر على سوق تجارة الذهب . وكذلك نجد فجأة خال النمر الذي ساعده في تنفيذ خطته من بدايتها لتحقق نجاحها يتحول هو الآخر إلى شخص مخادع يسعى فقط لتحقيق مصالحه مثله مثل بقية تجار الذهب .... لا أدري لماذا تحولت أحداث المسلسل هكذا فجأة إلى أحداث دموية غير منطقية أفسدت جمال شخصيات وأحداث المسلسل . ولكن الذي فهمته من هذا التغيير أن جميع الفنانين الذي لديهم موهبة حقا في تقديم عمل فني صحيح ، لديهم خوف على مستقبلهم لأن تيار الفن الحديث يسير في طريق يسمح فقط للأعمال من النوع (الذئبي) أن يستمر وينجح تجاريا وكل من يحاول الخروج من هذا النوع سيكون مصيره الطرد من ممارسة عمله ، ولهذا عندما وصل المؤلف إلى وضع نهاية مثالية لقصة المسلسل (في الحلقه ٢٥) يبدو أنه أعاد قراءة القصة من البداية فشعر أنها بنوعية مختلفة كثيرا عن تلك الأعمال الشهيرة التي يلعب بطولتها محمد رمضان أو أحمد السقا ، فربما خوفه على قصته من الفشل اضطر المؤلف أن يغير نهاية قصته ليجعلها تسير ضمن معايير التيار الذي تعتمد عليه شركات الإنتاج في جميع أنحاء العالم ليضمن استمراره في كتابة قصص أخرى يمكن لها أن تتحول إلى مسلسل أو فيلم . ربما والله أعلم .

وسوم: العدد 933