صورة العيد في شعر شريف قاسم

سمي العيد بهذا الاسم لأنه يعود، ويتكرر في كل عام .

وقد أوجد الله العيد في الإسلام بعد عبادة مقدسة من أداء أركان الإسلام، فالفطر يأتي بعد الصيام، وعيد الأضحى يأتي بعد فريضة الحج، فنحن نفرح بالقيام بالطاعات، وأداء حق الله علينا.

وليس العيد في الإسلام لمن لبس الجديد، بل العيد لمن طاعته تزيد.

ومن آداب العيد أن يغتسل المسلم، وأن يذهب إلى المسجد باكراً بعد أن يأخذ من الطيب والعطر، وأن يكثر من التكبير، ويذهب من طريق، ويرجع من طريق آخر، وأن يسلم، ويبارك لكل من يراهم عرفهم أم لم يعرفهم، وأجاز العلامة مصطفى الزرقا تهنئة النصارى بأعيادهم، ومنعها البعض، ...والشاعر المسلم إنسان مرهف الحسن يتلمس قضايا أمته، ويشاركها في أفراحها وأتراحها.

صدى زفرة ... في فــرحــة العيـد:

وها هو الشاعر الأديب الأريب (شريف قاسم)، يقول مصوراً فرحة العيد:

فـرحةُ الـعيدِ لـم تزلْ في فؤادي ...تَــتَــثَـنَّـى بـــأعـــذبِ الإنـــشــادِ

لِــلـيـالٍ فـــي أمـسـنِـا مـقـمـراتٍ ... دانـيــــاتٍ بـــبــهــجــةِ الأولادِ

وابــتـسـامـاتِ أهــلِــنـا وبـنـيـنـا ... فــي وجــوهِ الأجــدادِ والأحـفادِ

وافــتـرارِ الـمـنـى بـلُـقيا تـجـلَّتْ... بـلـقـاءِ الأرحـــامِ فـــي الـمـيـعادِ

ففي العيد تتجدد فرحة الأهل بصلة الأرحام، ولقاء الآباء والأحفاد، وقد حض الإسلام على الإحسان إلى الجوار الكرام، يقول الشاعر في ذلك:

وكـرامُ الـجيرانِ خـفَّتْ خُـطاهم ... لـلـتـهاني فـلـيـس مـــن إيــصـادِ

كـم مـشينا إلـى الـمساجدِ نشدو... بــجـمـالِ الـتـكـبـيرِ فــــي الآرادِ

وتـموجُ الـدروبُ بـالنَّاسِ جـاؤوا ...لـلـمكانِ الـمـشهودِ فــي الأعـيـادِ

لــــم يــزالـوا يـكـبِّـرون فَـيُـلْـفَى... رجـعُ تـكبيرِهم بـصوتِ الـحادي

ويصور الشاعر مظاهر الفرح في بلادنا حيث تكبيرات المساجد، والسلام على أهل المسجد، ..وهذا يؤكد أن عزة الدين لم تطمسها المحن والمصائب، حيث يقول شاعرنا:

فـهـنا الـفـضلُ والـعـقيدةُ تـحيي     ... فــي حـنايا الـقلوبِ أسـمى وِدادِ

عـــزَّةُ الــدِّيـنِ مـا طـوتها الـرزايـا ...أو تـخـلَّـى فـرسـانُه عــن جــلادِ

ولا يعكر فرحة العيد وصفاء الذكرى السعيدة سوى جرائم العدو من يهود وأذنابهم، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، ونفذوا تلك الجرائم بالتعاون مع الطابور الخامس..

كـم عـدوٍّ فـي جـبهةِ الشَّرِ وافى ... بــصـنـوفِ الإيــــذاءِ والإفــسـادِ

وأثــيــمٍ أضــغـانُـه مـــا تـخـلَّـتْ ... عــــن طــعــانٍ لأُمَّـــةِ الأمــجـادِ

فــتـنـادى لـلـبـغيِ مـــعْ سـفـهـاءٍ  ... لـيَـشُـوبُـوا أفــراحَـنـا بـالـتَّـمادي

ويُــوالـون كـــلَّ صـاحـبِ حـقـدٍ ...كــي يـنـالوا مــن روعــةِ الأبـرادِ

وتبقى المحافظة على بهجة العيد واجبة رغم كيد العدو، وأحزان الأمة:

وهــو الـعـيدُ لـم يـزلْ فـي سُـمُوٍّ ... رغمِ عـصفِ الإعـصارِ والأنـكادِ

أنْـبِـئُـوهـم أنَّ الـمـشـاعـرَ تـبـقـى   ... فــي نـفـوسِ الـشـعوبِ والـعُـبَّادِ

والعقيدة الإسلامية السمحة أقوى من مكر العدو وخبثه وكراهيته، والإسلام رسالة الخلود مهما تكالب الأعداء..

أخـبـروهـم أنَّ الـعـقـيدةَ أقـــوى  ... مـــن فــلـولِ الأسـافـلِ الأوغــادِ

نَـبِّـهـوهم بــمـا طـــواهُ عَـمَـاهـم     ...عــن خـلـودِ الإسـلام فـي الآبـادِ

وأما أعداء الأمة فسوف يطويهم النسيان، وسيؤول مصيرهم إلى التباب والخراب:

سـيُـوارونَ فـي الـتَّبابِ وتُـطوَى   ... صـفحاتُ الأشـرارِ تـحتَ الـرمادِ

وســيـبـقـى تـكـبـيـرُنا يـتـعـالـى     ...   من دمــشـقٍ إلـى ذرا بــغـدادِ

ومن الشَّرقِ فوحُه وإلى الغربِ . ... . يـثـيرُ الأطـيـابَ بـيـن الـبوادي

ويبين الشاعر فضل العيد وأهميته، فهو باب للخير والإحسان، ويغزز الصفات الكريمة، فشعار المسلمين (خير الناس أنفعهم للناس)..

أفــلـحَ الـمـؤمنون فـالـعيدُ بــابٌ .. لــلــمـزايـا الــكــريـمـةِ الأبـــعــادِ

فـافعلوا الـخيرَ قـد أُمـرتُم ولولا ...عـمـلُ الـخـيرِ لا تــرى مـن جـوادِ

وأطـيـعـوا نـبـيَّـكم كـــي تـنـالوا   ... مـبـتَـغَاكم فـــي جــنَّـةِ الـمـيـعادِ

مَـــن يُـعَـظِّمْ لـلـهِ مــن حُـرمـاتٍ   ...يــتــســنَّـمْ مــــدارجَ الـــزُّهَّـــادِ

فـالـتـكـاليفُ سِــفـرُهـا يـتـجـلَّى     ... بـجـميل الـثَّـوابِ يــومَ الـتَّـنادي

والمـلـبُّـون إذْ دعــاهــم إلــهــي ... لـــرشــادٍ فَـلْـيـبـشـروا بــالـرِّفـادِ

فالعيد هو تعظيم لشعائر الله، ولا يجوز بحجة الفرح بالعيد أن يتجاوز المسلم الملتزم آداب الدين وأحكامه وسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مثل مصافحة النساء، والاختلاط والتبرج، فالعيد لمن طاعته تزيد:

قـالَها اللهُ فـي الـمثاني فـأصغى   ... لـلـنـداءِ الـمـيـمونِ خـيـرُ الـعـبادِ

مَـــن يُـعـظِّـمْ شـعـائرَ الله يـغـنَمْ   ...مـن هـدايا الـرحمنِ طـيبَ الـزَّادِ

فهو يقتبس معانيه من القرآن الكريم، (ومن يعظم شعائرالله فإنها من شعائر القلوب)،..

فــي الـكـتابِ الـمبينِ فـخرٌ وعـزٌّ ... وقـبـــولٌ ورفـــعـــةٌ لــلــعـبـادِ

فــيـه يـا قـوم ذكـرُكـم وهُـداكـم     ...  وعلاكــم ومــهـجُ الإرشـادِ

قــربـاتٌ لـــم تُــبـقِ لـلـمرءِ ذنـبًـا... إنْ أتـاهـا بــنــيَّــةٍ واعــتــمـادِ

وينصح الشاعر شريف قاسم إخوانه المسلمين بتحري سبيل الفلاح والرشاد والترفع عن المعاصي، فيقول:

فَـتَـحَرَّ الأفـعـالَ تُـرضـي فــؤادًا   ...بـاتَ يرجو الـفلاحَ في الميعادِ

والـفـتوحاتُ عـلـمُها عـنـد ربِّــي ...حـيـثُ سُــلَّ الـفِـدا مـن الأغـمادِ

وهـــو الـنـصـرُ مـــن إلــهٍ كـريـمٍ ... لـيس يـنسى الألـى مـن الـقُصَّادِ

وحاشا لله أن يخيب من دعاه وقصده بصدق وإخلاص، فهو وكيل المؤمنين وسوف ينصرهم، ويدحر عدوهم:

مَـن دعـا اللهَ صـادقًا لـم يُـخَيَّبْ     ...وســتُـطـوَى حــكـايـةُ الأصــفـادِ

إنَّــــــه اللهُ فــاتَّــخــذْهُ وكـــيــلا   ...فــالأعــادي مـصـيـرُهـم لـلـبَـدادِ

فَــلَـدَى شـعـبِـنا الـعـظـيمِ يـقـينٌ ... بــانــتــصــارٍ فاللهُ بــالــمــرصـادِ

وهـي الـسُّـنَّـةُ الأثــيـرةُ كــانـت   ...وســتـبـقـى الــنـبـراسَ لــلــروَّادِ

ما وَهَـنَّـا ولــــن نــهــونَ فَــــزَادٌ ... من كـريـمِ الـميراثِ خـيرُ عِـمادِ

وهذا الدين الرباني رمز للسماحة والطهر، وأنواره ستبدد الظلام والجاهلية الحمقاء، وفي الصوم زاد وأي زاد، فالمستقبل لهذا الدين رغم ما ترونه من انتفاش الباطل وأهله:

فَــهُــدَى ربَّـانـيَّـةِ الــدِّيـنِ أبــقـى     ...     مـن هُراءِ الـفـجَّـارِ والأوغــادِ

فـاقـرأ الـتـاريخ الـمـجيدَ وأيـقنْ     ...     أنَّ ذا الــنـورَ لـم يــكـنْ لـلـنَّـفادِ

نـورُ شمسِ الورى يضيءُ فأبصِرْ     ... ما لـفـضـلِ الأنوارِ فــي الآرادِ

دعـــــوةُ اللهِ والـمـنـاهـجُ كُــثــرٌ     ... إنَّــمـا لـــم تــعـشْ لـخـيرِ الـبـلادِ

هـي عـاشت عـلى مـصالحِ قـومٍ     ...   سخَّـروهـا لـوأدِ نــفـعِ الـعـبـادِ

هي جـاءت صـناعةً مـن أنـاسٍ     ...   ومــصـيـرُ امـتـدادِهـا لِـلـعـوادي

إن الشرائع الأخرى قامت على نهب خيرات الشعوب، وسرقة مقدرات الأمم، وإذلال الأحرار، بينما شرعنا، فهو يقوم على تحقيق التوازن بين مصالح الدين والدنيا، وأينما تكون المصلحة، فثمّ شرع الله:

إنَّمـا شِــرعـةُ الإلهِ اصـطـفاها   ... ربُّ كـلِّ الـــورى لــيـومِ الـمَـعادِ

فــنــظــامٌ ذو فـــطـــرةٍ أزليٌّ     ...   أبــــديٌّ لــلــخــيـرِ والإرفـــادِ

يـهـبُ الـنَّـاسَ فـضـلَ ربٍّ كـريمٍ ... نــعـمًـا لا تــغـيـبُ فــي الآمـــادِ

فـيـه يـحـظى بـالـمكرماتِ تـقيٌّ ... ويُـــقـــادُ الــكــفَّــارُ بــالأصــفـادِ

فـمـلـوكُ الـخـلـودِ شُـعـثٌ وغُـبـرٌ... حـيـث عـاشـوا الـحـياةَ كـالـعُبَّادِ

فـي مـحاريبِ أنسِهم قد تجافوا ...عـن مـساوي أهلِ الهوى والرُّقادِ

فــهُـمُ الـقـومُ مــا تـنـاسوا نــداءً ...لـطـريـفٍ فـــي عـيـشـهم وتــلادِ

ولا ينسى الشاعر شريف قاسم التذكير بفضل الصلاة والصيام والقيام ودورها في تزكية النفس المؤمنة، وتهذيب الأرواح الطاهرة:

فـي صـلاة تحيي القلوبَ وتُلفي ...في ظــلال الـقـرآن خـيـرَ الـزَّادِ

وصــيـام والــحـج بــعـدُ يـنـادي.. وزكــــــــاة لـــمـــوســرٍ ذي ودادِ

وقـيـام فـي الـليلِ طـوبى لـقومٍ     ..أفـــردُوهُ لـــلــهِ ذي الإســـعــادِ

ومـــزايـــا أثـــيـــرة واهــتــمـام... يـتـوالـى مـــن ســاعـة الـمـيـلادِ

وما أعظم هذا الدين الحنيف فهو يعطي على الفرح والتهاني بالعيد الأجر والثواب الجزيل، ولنستمع إلى الشاعر، وهو يقول:

فَــهُـمُ أهــلُ الـرضـا بِـسُـنَّةِ طــه ...وبــإحــيـاءِ مـوســم الأعـــيــادِ

الــتَّــهــانـي ولــلــزيــارةِ أجـــرٌ...وتُـؤدِّي الـمعروفَ بـيضُ الأيادي

أثـمـرَ الــوُدُّ مــن سـجايا نـفوسٍ ...َـلِـمُـوهَـا عـــن الـنَّـبـيِّ الــهـادي

وعـن الـصَّحبِ لـلورى حـفظوها...وبــهـا الـمـجدُ فــي الـبـريَّةِ بــادِ

وتبقى نفوس المؤمنين هي الأطهر مهما حاول الرعاع تشويه صورتهم:

لـيس يـأتي الزمانَ مهما تسامت ... أنـفُسُ الـناسِ مـثلَ أهـلِ الرشادِ

مـا قـلاهُـم غــيـرُ الـشَّـقـيِّ فـتـبًّـا...لــغــثــاءِ الـــرعــاعِ والــحُــسَّـادِ

قــد كـفـاهم ربُّ الـعـبادِ امـتيازًا ... وحــبــاهــم بـــوافـــر الإرفـــادِ

ويوكد شريف قاسم أن المؤمن صفوة الله في الخلق، فيقول:

فَـهُمُ الـصَّفوةُ الـذين اصـطفاهم ... لــلــنَّـبـيِّ الــحـبـيـبِ ربٌّ هـــــادِ

فــدعِ الـشَّـانئين فــي حـسـراتٍ ... لــم يـنـالوا مـنـها ســوى الإبـعادِ

ضـلَّـلَـتْهُم عــن الـهـدى كـبـرياءٌ .. إنْ لـجـهـلٍ أو لامـتـطـاءِ الـعـنـادِ

وهــمــا أوْقَــعَــا الـلـعـيـنَ بــنارٍ ... مـالـها فــي الـجـزاءِ من تَـهـوادِ

فَـلْـيذوقوا ثــوابَ حـقدِ وفِـسقٍ ...   فـلـظى بـانـتظارِهم فـي الـوادي

والمؤمن يدعو للحق، وأهل الباطل يدعون للإفساد ودخول النار:

كم دعـونـاهـم لـلـحقيقةِ لـكـنْ ... مـا أجابَ الأشرارُ صوت المنادي

يـبخلُ الـفاسقون عن نفعِ شعبٍ   ... ويــمــدونـهـا يــــــد الإفـــســـادِ

أَوَلَـــمْ يـبـصـر الـطـغاةُ ابـتـهاجاً ...فــــي نــفــوسِ الآبـــاءِ والأولادِ

إن الإسلام دين الفطرة، ولن يقوى الباطل على تزييف الفطرة وانحرافها، وسوف تبقى راية الحق خفاقة على مرّ السنين وكرّ الدهور:

إنَّـهـا الـفـطرةُ الـتي لـيس تـفنى ...رغـــم كـــلِّ الـتَّـزيـيفِ والأنـكـادِ

والـــروايــاتُ كــلُّــهـا ســتُــوارى ...وســتـبـقـى روايــةُ الأعـــيــادِ

ستزول كل الرايات وتبقى راية الحق عالية خفاقة.

غدا العيد !:

وكتب الشاعر الإسلامي القدير شريف قاسم يقول مستبشراً بقدوم العيد:

غـدًا الـعـيـدُ فـابـتـهجْ يــا فـؤادي   ... وتـرنَّـــم بـأعـــذبِ الإنــــشـــادِ

واشـــكــرِ اللهَ إذ حــبــاكَ بــصــومٍ ...وثــــوابٍ فـي جــنَّــةِ الـمـيـعـادِ

صـمـتَ شـهرَ الـهدى فـنلتَ ارتـقاءً     ... فـي زمـانٍ يــعــجُّ بــالإفـسـادِ

فهو يناجي قلبه ويطلب منه الابتهاج بالعيد الذي سيأتي غداً بعد الصيام والقيام والحصول على عظيم الأجر إن شاء الملك العلام، فما أحلى الزائر الكريم فهو ربيع النفوس التي هي صدى الربيع والأزهار في ربيع الأرض..

مـــا أحَـيْـلَـى الأيـام تـزهـرُ فـيـها ... بــهـجـةُ العـمـرِ كالـربـيعِ الــبـادي

غـــــدا الــعـيـدُ ... والــمـآثـرُ كُــثــرٌ...بـــين آنــــاءِ رائــــــحٍ أو غـــادِ

والــرزايــا ومــــا عــلـومُـك عـنـهـا ... والـمـآســي ولـوعــــةِ الأولادِ !

إنه يفتح باب السعادة على مصراعيه ويغلق باب النكد والمأساة، ويغلق باب الحزن والمحن السوداء..

أغـلـقـتْ بـالـشـدائدِ الــسُّـودِ بــابًـا... بــثــقـيـلِ الــمـكـابـداتِ الـــشِّــدادِ

وأكــبَّــتْ كــأهـلِـه فــــوقَ شــجــوٍ ... كـدَّسَـــتْــهُ مــــرارةُ الأنــــكـــادِ

ويؤكد الشاعر على ضرورة الفرح بالعيد؛ لتبديد ظلمة الأحزان..فيقول:

غـــدا الـعـيدُ رغــمَ فـيـضِ دمــوعٍ...واعـتـسـافِ الـطـغـيانِ والأصــفـادِ

حـيـثُ هـبَّـتْ مــن طـيـبِه نـسماتٌ ...مــــن شــذاهُـنَّ عــابـقٌ مـــن ودادِ

بـاحـتفاءِ الأهـلـين راقــتْ وأدنـتْ ...   مــن أمـــانٍ مـطــرزِ الأبـــرادِ

والـتـهـانـي هـنا. هـنـاك . صـــوادٍ ... لهـنـاءٍ بــيـن الـقـلـوبِ الــصَّـوادي

تــلـك يـا عـيدُ قـصـةُ الـنـاسِ فـيـها... نـسـجـتْـها أذىً نــيــوبُ الــعـوادي

كـــــم عـــلــى الـــوجــوهِ حــبــورًا...ورمــتْـهـا بـمـسـحـةٍ مــن ســـوادِ

ويتمنى شاعرنا لو توقف الإجرام على القليل في مثل هذه الأيام المباركة، ويصر على فرحة العيد للأطفال، وضرورة الإحسان إليهم، رغم استمرار شلال الدماء، وتقديم قوافل الشهداء، ويتمنى لهم الروح والريحان وجنان الفردوس، والخلد في النعيم، ويلعن اليهود وجميع محافل التطبيع مع اليهود:

غــــدًا الــعـيـدُ والــمـذابـحُ تــعـوي...رائحاتٍ بــيــن الــدمـارِ غــــوادِ

تـتـراءى الأجـسـادُ صـرعى وتٌـلفَى ...في ســــرورٍ مــبـاسـمُ الــجــلاَّدِ

فــــي فـلـسـطين داهـمـتْـنا يــهـودٌ     ...وأذلَّتْ شـمـوخَـنـا فـي الــبـلادِ

ولا ينسى الشاعر شريف قاسم جراح فلسطين وبغداد وكشمير وغيرها من بلاد العرب والمسلمين، فيقول:

وبــبــغـداد ويــلــهـا لـم تــغــادرْ...غــارةُ الـبـغيِ عــن مُــدى الأحـقـادِ

وبــكــشـمـيـر والــهــنــودُ أفـاعٍ ...ذاتُ ســـمٍّ يــفـورُ فـــي الأجــسـادِ

وبـــدورِ الإســـلامِ عــاثـتْ ذئـــابٌ ...عـــاويـــاتٌ بــالــشَّــرِّ والإلـحادِ

وعـــلــى الأرضِ لـلـطـغـاةِ مــــآسٍ ...لـرجــالِ لـم يــركــنـوا لــفـسـادِ

فَــهُــمُ الــيــومَ لـلـشـريـعةِ جــمــعٌ...   لـم يــهــادنْ ضـراوةَ الأوغــادِ

ويخاطب شريف قاسم دعاة الإسلام وحراس الفضيلة، وحماة العقيدة ألا يهونوا، ويذلوا، فالهدى بأيديهم، والجهاد ذروة سنام الإسلام، وبدونه ستكون الأمة غثاء مثل زبد البحر ورغوة الصابون...

يـا حُـماةَ الإســلامِ فــي كــلِّ صـقعٍ .لا تهــونوا . فــالَّــلـهُ بالـمـرصـادِ

غــدا الــعـيـدُ فـانـتـهضْ وتـــدرَّعْ.. بـالـهـدى يـا شـعـبي وقـــم لـلـجهادِ

فـبـغـيـرِ الــجـهـادِ نــمـسـي غــثـاءً ... لـيــس تــرضــاهُ أمَّةُ الأمــجــادِ

حيثُ تمشي الدروبَ تلقى صريخًا... أو أســيــرا ولــيــس مـن عُــوَّادِ

أَلِـقَـوْمـي هـــذا الـمـصيرُ وقـومـي     ... أهـلُ ديـنٍ وعـزةٍ وجِلادِ !

ومــدار الـخـلاصِ مـن كــلِّ طــاغٍ ...   أوَ يَرضَى الأفذاذُ بـالإخـلادِ !

ويوجه الشاعر شريف قاسم التحية للصامدين الذين وقفوا في شموخ في مواجهة الإعصار، وأما المتخاذلين من أبناء الأمة فالويل لهم إذا هم هانوا وذلوا، فلا تميتوا علينا ديننا أماتكم الله، كما قالها فاروق الإسلام، ..

ويــح قـومـي والـعـيدُ دعــوةُ عــزٍّ...بـالـمـثاني والـخـيـرُ فـــي الأعـيـادِ

مــالــهـم أذعـــنــوا لــكــلِّ حــقـيـرٍ ... وأنـاخوا واسـتـسلـموا للـرقـادِ

فَـلْـيُـجيبُوا داعــي الـخـلاصِ أبــاةً... وَلْـيـلـبُّـوا الـصَّـريـخَ ذاك الحـادي

ورغم المآسي يتسلح الشاعر الداعية شريف قاسم بالأمل والتفاؤل، فالنصر آت لا محالة، وسوف يهزم الجمع، ويولون الدبر، ولا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس:

يــجـدوا الـعـيـدَ فــرحـةً أكـرمـتْـها ... سُـنَّــةُ الــفـتـحِ لـلـنَّـبـيِّ الهــادي

لـــن تـــدومَ الأحــزانُ فـالـنصرُ آتٍ ... رغـمَ أنفِ الأعـداءِ والـحـسَّـادِ

وأخيراً:

يؤكد شاعرنا الحبيب شريف قاسم على أهمية العيد، وضرورة الفرحة فيه ولا سيما للأطفال الأبرياء، ومن حكمة زكاة الفطر إدخال السرور إلى قلوب المؤمنين، والعيد فرح بتمام الطاعات، والإحسان يأسر قلوب الناس، ومشاركة المسلمين في الهموم والسعادة يجعل المجتمع كالبنيان المرصوص،...فطوبى لمن أخلص قلبه لله، وقام بالصلاة والصيام والقيام على أكمل صورة.

ويا معشر الأغنياء، امسحوا دموع الفقراء، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

مصادر الدراسة:

  • رابطة أدباء الشام: شعر شريف قاسم، وسوم: العدد 1028
  • رابطة أدباء الشام: وسوم: العدد 1038
  • رسالة من الشاعر.
  • مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1075