الاحتفال بنزار في ذكراه

عبد الرحمن هاشم

نظم صالون الأوبرا الثقافي في القاهرة 11 فبراير احتفالية بذكرى ميلاد شاعر الحب والرومانسية نزار قباني، شارك فيها لفيف من الشعراء والأدباء والنقاد، واستعرضوا جانبا من حياته وأشعاره ومواقفه السياسية والفكرية والأدبية، واستمع الحاضرون لبعض قصائده

وفي البداية قال الفنان أمين الصيرفي مدير صالون الأوبرا الثقافي: لم يكن نزار قباني ملاحاً تائهاً في مسالك الشعر المتشابكة، ولكنه كان شاعراً مطوفاً في أجواء الجمال، ملتمساً إياه في كل ما يرى حوله، ومتكئاً عليه في إنتاج نصه الشعري، ومتسلحاً به في رؤاه للكون وتفصيلاته الكامنة وراء رومانسيته المفرطة في الشعر والحياة.

هناك مشروع متكامل للاحتفاء بشعراء تماس شعرهم مع اللحن وتغنى به المطربون وبعد نزار هناك كامل الشناوي وصالح جودت وعلي محمود طه وغيرهم سنلقي الضوء عليهم وعلى الملحنين الذين لحنوا أشعارهم فيجتمع النقدان: اللحني والأدبي، بحسب نظام الأوبرا.

وقال الناقد د. شريف الجيار: هو شاعرنا الكبير نزار قباني الذي انتمى في فترة مبكرة من حياته إلى الدبلوماسية السورية إن كان في لندن او القاهرة أو العديد من عواصم الدول غير أنه بعد فترة طويلة من الممارسة الشعرية اثبت أنه الصوت الحقيقي المدافع عن حرية المرأة العربية في فترة كانت المراة العربية تمثل تابعاً للذكورية في مجتمعاتنا الشرقية ويحسب لنزار وقوفه بجانب المرأة لانه ذاق مرارة العادات وقسوتها على هذه المرأة وبخاصة حينما انتحرت اخته في وقت مبكر لأن الاسرة لم تعط لها الفرصة في ممارسة الحب وأجبرتها على الزواج. إلى جانب وفاة زوجته الثانية بلقيس الراوي في لبنان 1982م ثم وفاة ابنه الذي كان يدرس الطب في القاهرة.

هو شاعر الألم والأنين بالنسبة للمرأة وهو الصوت الصارخ في السياسات العربية وبخاصة بعد نكسة 1967م التي أخرج فيها مجموعة من القصائد متخذاً موقفاً حاداً وصارماً ضد الأنظمة العربية المتشدقة بالحرية.

يحسب لنزار أنه لم يكن مجرد شاعر المرأة والحرية والوجود الإنساني بشكل عام ولكن كان مناضلاً سياسياً في المقام الأول بعد نكسة 1967م.

ويحسب له أنه من أسرة عريقة في الفن فجده رائد المسرح أبو خليل القباني ووالده رغم أنه لم يكمل تعليمه كان مناضلاً في دمشق.

وأعتقد أننا باحتفائنا بنزار اليوم نؤكد على أن المرأة العربية قد أخذت حقها وأن الشعر العربي نتيجة لوجود نزار الذي طور حتى في صيغة البنية الحديثة فهو قد بدأ عمودياً ثم انتقل بعد ذلك إلى شعر التفعيلة.

يحسب له أنه غير من جماليات القصيدة العربية الحديثة والمعاصرة. ويحسب له أيضاً أنه كان صوتين؛ صوت المرأة المدافع عن جسدها وحريته، وصوت المرأة التي خرجت من عباءة الفرد إلى عباءة الوطن بمعنى أنها أصبحت عند نزار وفي شعر نزار ليست مجرد وصف لجسد بل وصف لوطن أراد به نزار أن يتحرر من عاداته وتقاليده البالية.

نزار شعره قبل النكسة غير شعره بعد النكسة.. قبل النكسة ربما ركز على المرأة كعمر بن أبي ربيعة وجميل بثينة فهو امتداد لهذا النسيج الشعري.. وبعد النكسة.. بعد الأنين والألم الذي شعر به جراء ما حدث في العالم العربي من نكبة كبرى أطاحت بالاستقرار داخل المنطقة نجده شاعر سياسي من الطراز الأول يصرخ في الأنظمة العربية لا أقول من أجل إهانتها ولكن من أجل أن يبث فيها التحفيز للإطاحة بهذا العدو الصهيوني والانطلاق نحو التحرر وبخاصة فلسطين وسيناء والجولان.

أنا أعتقد أن نزار قباني هو رمز لكل قلم نبيل يأمل في البداية وفي النهاية في حرية الوطن من خلال حرية المرأة المسؤولة وحرية المواطنين واستقرار أوطانهم على السياسي.

وقال الشاعر علي عمران: الاحتفاء بذكرى نزار قباني في دار الأوبرا المصرية يأتي في مكانه الطبيعي وهو احتفاء مستحق لشاعر كبير استطاع أن يحول الكلمة الفصيحة إلى نغم.. عرفناه ونحن صغار بأشعاره العاطفية والوطنية من خلال أصوات أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب ونجاة الصغيرة.. واستطاع أن ينقل لنا اللغة من إطارها الصحراوي الجاف إلى مائية الموسيقى الوهابية وموسيقى الموجي.. استطاع نزار قباني أن يحبب الوطن العربي الكبير في اللغة الفصحى وأن يجعلها على ألسنة العوام والفلاحين والأميين ينشدون أشعره مثل "جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجان مقلوب" ومثل "عندي خطاب عاجل إليك من الملايين التي اشتاقت إليك".

استطاع نزار أن يعايش الملايين في أحلامهم العاطفية وفي أحلامهم السياسية فكان هو الشعلة التي انطلقت مع ثورة يوليو في مصر وكان هو الشعلة في ثورات سوريا والعراق وكان شعره دائماً انعكاساً لهزائم وانتصارات العرب.

كتب "وفاة العرب" وكتب "هوامش على دفاتر النكسة" وكان صادقاً لم يبع ضميره ولم يزيف الحقيقة وعاش ومات فارساً لم يترجل أبداً عنها.

وقال السيد العيسوي مدير صالون أمير الشعراء أحمد شوقي: نستمتع الليلة بباقة من الزهور والورود النزارية الملحنة والمغناة ويظل نزار قباني ممثلاً للرومانسية العربية بأشكالها المختلفة بصرف النظر عن تجاوزاته وبعض الاختلافات حول شعره.

يظل نبعاً من منابع الرومانسية التي تشبع الوجدان العربي المتعطش لقصائده الغزلية كما قصائده السياسية التي يتعطش لها العرب فيشبعون وجدانهم العروبي القومي.

أما الكاتبة الفلسطينية هتاف عريقات فصرحت لمصر البلد الاخبارية بأن نزار عشق جمال عبد الناصر وأيده في حياته ونعاه بعد وفاته وعشق المرأة العربية وحببها في الشعر وبسببه أحب الناس وعرفوا كاظم الساهر وماجدة الرومي وأصالة ونجاة وفايزة أحمد.

وقالت الشاعرة د. نادية فتيحة عضو اتحاد كتاب مصر: نزار قبانى من أحب الشعراء إلى قلبى وله الفضل بعد الله فى حبى للشعر ثم ثقل موهبتى.. نزار قبانى الشاعر الجريئ فى الرومانسية والسياسة معاً وله لغته الخاصة، وجرءته في اختيار موضوعاته ومفرداته.
عبرعن المرأة وعن مشاعرها في مراحل عمرها المختلفة كما لم يعبر عنها أحد من قبل ولا حتى المرأة نفسها.. وأعتقد أن هذا الإبداع له علاقة بظروف وفاة أخته التى قيل إنها انتحرت بسبب إجبارها على الزواج من رجل لا تحبه فعاش معها إحساسها وعذابها حتى آخر نفس و قال فى ذلك "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة".
كما أدخل كلمات جديدة على الشعر لم يستعملها شعراء من قبله مما ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير.

وأضاف الكاتب أشرف برهام: ما زال شعره حياً يعيش في وجدان المصريين وبخاصة المرأة المصرية فنزار لم يجسد جسدها بل جسد روحها وفتح مدرسة جديدة انضم إليها كثير من الشعراء وليت مطربي اليوم يستعينون بقصائده فترقي أغانيهم بالوجدان والذوق الفني بدلا من كلام العبث والإسفاف الذي يغنون.