شخصية أمير البيان شكيب أرسلان في الشعر الإسلامي المعاصر

شخصية أمير البيان شكيب أرسلان

في الشعر الإسلامي المعاصر

(25 ديسمبر 1869 - 9 ديسمبر 1946)

عمر محمد العبسو

كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني اشتهر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديباً وشاعراً بالإضافة إلى كونه سياسياً. كان يجيد اللغة العربية والتركية والفرنسية والألمانية. التقى بالعديد من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني واحمد شوقي. بعد عودته إلى لبنان، قام برحلاته المشهورة من لوزان بسويسرا إلى نابولي في إيطاليا إلى بور سعيد في مصر واجتاز قناة السويس والبحر الأحمر إلى جدة ثم مكة وسجل في هذه الرحلة كل ما راه وقابله. ولقد لقب بأمير البيان لغزارة كتاباته، ويعتبر واحداً من كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية والوحدة والثقافة.

المولد والنشأة :

هو شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان، ولد سنة 1869، في بيت عريق من بيوت الإمارة اللبنانية في الغرب، والتي يعود نسبها إلى الملك المنذر بن النعمان من أشهر ملوك الحيرة. و"شكيب" تعني بالفارسية: الصابر. و"أرسلان" تعني بالتركية والفارسية: الأسد[2]

ولد شكيب أرسلان في بلدة الشويفات في لبنان مركز العائلة الأرسلانية، والده الأمير حمود كان محباً للأدب والأدباء، وتجتمع إليه الشخصيات الفذة في بلده، وكان مسموع الكلمة مهيب الجانب على بسطة من الحياة والرزق والجاه، وكان مديراً لناحية الشويفات فإليه ترنو أبصار بلدته وأهله وعشيرته، تزوج من امرأة شركسية الأصل أنجبت له خمسة أولاد، أخذ بيدهم إلى العلم والثقافة وكان منهم الأمير شكيب أرسلان.

 دراسته ومراحل تعليمه :

تعلم شكيب في بلدته الشويفات مبادئ القراءة والكتابة والقرآن على شيخ من أهل بلدته، ثم دخل مدرسة الأميركان، وتعلم فيها مبادئ اللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى بيروت ليتلقى دروسه في مدرسة الحكمة المارونية، والتي كانت مشهورة بتعليم أصول اللغة العربية، والفرنسية، والتركية. ونبغ شكيب في ذلك متفوقاً وبامتياز، ونال شهادتها سنة 1886، ثم انتقل إلى المدرسة السلطانية لتعلم اللغة التركية والفقه، كما حضر درس مجلة الأحكام العدلية على الإمام محمد عبده، ولازمه في مجالسه الخاصة، حتى كان للإمام عبده أثر كبير في حياة شكيب وفي تكوينه وتوجيهه، فاتخذه مثلاً أعلى لحياته، ورأى في أدبه وسيرته ودعوته للإصلاح وعمله لخير المسلمين طريقاً يسلكها، وشعاراً يرمي إليه، ونهجاً يسير فيه، حتى غدا يقلده في خطابه وفي آثاره ومقالاته.

شاعريته :

نظم شكيب أرسلان الشعر وهو في منتصف العقد الثاني من عمره، وظهر نبوغه في الكتابة وغطت على شعره، فبدأ يراسل جريدة الأهرام المصرية بتوقيع (ش) وظل على ذلك سنين فاستفاضت شهرته، وفي عام 1887 نشر ديوان شعره الأول وأسماه الباكورة.. وقد نشرت في ( رابطة أدباء الشام ) عدة مقالات تضمنت قصائده مشروحة مع التحليل تحدث فيها عن زعماء الإصلاح الإسلامي في العصر الحديث ، أمثال جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده ، ورشيد رضا .

 مع طلائع النهضة :

سافر شكيب إلى مصر وعمره إحدى وعشرون سنة، ولازم أستاذه محمد عبده وتعرف من خلاله إلى أرقى الشخصيات في مصر، وإلى مجموعة من طلائع النهضة العربية منهم:

سعد زغلول، والشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد، وكذلك أحمد زكي باشا الذي أصبح شيخ العروبة في تحقيقاته وكتبه وأدبه.

وتعرف إلى كثير من الشعراء والأدباء والساسة تضيق عن استيعاب أسمائهم وأمجادهم سطور وسطور، وكان لهذه البيئة أثر في حياة شكيب حيث كانت تمثل أكبر جامعة من الجامعات دخلها، وخرج منها على اطلاع وثقافة وسياسة فزادته يقيناً برسالته التي راحت تراود أحلامه وأمانيه، وهي رسالة الدعوة إلى الإسلام والدفاع عن الخلافة والذود عن العرب ومناضلة الاستعمار.

وقد تأثر بعدد كبير من أعلام عصره ممن تتلمذ على أيديهم أو اتصل بهم في مراحل متعددة من عمره، وأول أساتذته كان :

-الشيخ عبد الله البستاني الذي علمه في "مدرسة الحكمة".

-كما اتصل بالإمام "محمد عبده" ، ومدرسته الإصلاحية ، ومحمود سامي البارودي، وعبد الله فكري ، والشيخ "إبراهيم اليازجي"، وتعرف إلى أحمد شوقي، وإسماعيل صبري..... وغيرهم من أعلام الفكر والأدب والشعر في عصره.

وكذلك تأثر بعدد من المفكرين والعلماء مثل أحمد فارس الشدياق الذي كان شديد الحماس والتأييد للخلافة الإسلامية والدولة العثمانية، وتأثر أيضًا بالعالم الأمريكي د. "كرنيليوس فانديك" الذي كان يدرّس بالجامعة الأمريكية ببيروت، وكان دائم الإشادة به.

 سفره إلى باريس :

سافر شكيب إلى باريس وهناك تعرف على الشاعر الكبير أحمد شوقي، كما تعرف على جمال الدين الأفغاني في الآستانة والذي قال له: (أنا أهنئ أرض الإسلام التي أنبتتك، وتأثر بالسيد جمال الدين الأفغاني تأثرًا كبيرًا، واقتدى به في منهجه الفكري وحياته السياسية، واتصل بالشيخ محمد رشيد رضا وامتدت صداقتهما حتى وفاة الشيخ.

 أمير الشويفات :

تولى شكيب مديرية الشويفات مدة سنتين بعد وفاة والده الذي كان يشغل هذا المنصب ثم مدير منطقة الشوف مدة ثلاث سنوات، كما عُين نائباً في مجلس المبعوثان العثماني مرة عن اللاذقية ومرة أخرى عن منطقة حوران، وعُين مفتشاً لجمعية الهلال العثماني، وسافر تحت لواء هذا الهلال إلى طرابلس الغرب للدفاع عن إخوانه هناك فكان يحث الهمم ويؤمن المؤن ويضمد الجرحى، كما وقف في خطوط القتال مؤمناً بأنه: (إن لم ندافع عن صحارى ليبيا، لا نستطيع الحفاظ على جنان الشام).

 الجامعة الإسلامية :

دعا شكيب إلى الجامعة الإسلامية في ظل الحكم العثماني، ووقف في وجه التعاون مع الغرب ـ خاصة مع فرنسا وإنجلترا ـ ضد الدولة العثمانية، واعتبره أشد خطراً على الإسلام والعرب، وكان يدعم الخلافة العثمانية في مقالاته في جريدة (الشرق) ويدعو إلى نصرة الإسلام ضد الغرب المستعمر، ويعمل على وحدة المسلمين والإبقاء على سمعة الخلافة العثمانية وقوتها وسيطرتها كما كانت في عهد الأمويين والراشدين.

 جهاده ضد الاستبداد :

وبالرغم من دفاع شكيب عن الخلافة العثمانية قبل وفي ظل الحرب العامة، إلا أنه أخيراً استاء من سياسة القائد العثماني جمال السفاح، الذي طغى وبغى وقتل ونفى وهجر حتى طفح الكيل، حيث أنقذ الأمير شكيب من مظالم جمال باشا العديد من الشخصيات السورية واللبنانية نذكر منهم فارس الخوري الذي ظل حتى آخر حياته يذكر أن شكيب أرسلان أنقذه من الموت. ثم توترت علاقات الأمير بجمال باشا لتكاثر تدخلاته، وهُدد مراراً بعدم التدخل، وقد نصحه الكثيرون ألاّ يتمادى في التدخل حرصاً على حياته. فهاجر من سورية إلى استانبول سنة 1917، وقرر ألا يعود إلى سورية وجمال السفاح فيها.

دعته الحكومة الألمانية في نفس العام لزيارة عواصمها، فلبى الدعوة، وهناك وُفق في إقناع الألمان وساسة الأتراك في إرجاع جمال السفاح إلى الآستانة. وبهذا خدم شكيب قومه وأنقذ البقية الباقية من الزعماء السوريين من حبل المشنقة، كما خدم بلاده في إعادة منفيي سورية إلى أوطانهم.

لما انتهت الحرب العالمية بإخفاق الألمان والأتراك، انتقل شكيب إلى برلين وأقام هناك حيث أسس العديد من الجمعيات وانتخب رئيساً لـ (النادي الشرقي) الذي هو مؤسسه.

وهناك نهج سياسة جديدة، فبعدما وقف من الثورة العربية أول الأمر موقف المخالف لأنها كانت ضد الخلافة العثمانية فلما انتصرت وعُين فيصل ملكاً، نراه يشد أزر مليكهم، وينتصر لهم ضد دسائس المستعمرين الأوربيين، وأصبح ينادي بأنه جندي من جنود الأمة العربية له ثلاثة أهداف جليلة واضحة أولها:

الاتحاد، وثانيها: التحرر، وثالثهما: السير في موكب النهضة والعلم.

 الجامعة العربية :

وكان يعرب عن أمله في مستقبل العرب والجامعة العربية فيرى أن ستين مليوناً يستطيعون أن يجندوا حوالي مليون جندي على الأقل لحماية الجامعة العربية.

وقد عرف الملك فيصل إخلاص شكيب للقضية العربية، ورأى أنه كان يعمل للعرب تحت ظل الخلافة الإسلامية. فلما قضت الخلافة راح يعمل لهم تحت ستر الإسلام ضد الاستعمار.

فلما دخل الفرنسيون سوريا أيقن العرب صدق آراء شكيب إزاء الاستعمار، وهو الذي كان يقول: (هذا الاستعمار استمراراً للغزوة الصليبية، تغيرت الأسماء والألقاب أم لم تتغير).

لذلك وجه له الملك فيصل بعد سقوط عرشه رسالة يقول فيها: (أشهد بأنك أول عربي تكلم معي في قضية الوحدة العربية).

وكانت تغلب على مبادئ الأمير شكيب الصبغة السياسية لأنه كان يرى أن إصلاح السياسة يصلح كل شيء.

وهذا الإصلاح في السياسة قد انحصر عنده منذ بدأ مساهمته في الدعوة للجامعة الإسلامية حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى أي مدة ربع قرن في نقطتين الأولى: إصلاح الحكم الاستبدادي في الدولة العثمانية وفي سائر الدول الإسلامية الأخرى، وتقويم المعوج في شؤونها الداخلية. الثانية، تخليص الشعوب الإسلامية الواقعة تحت الحكم الأجنبي.

وقد ظلت هذه النقطة الثانية  مدار عمله في هذا الميدان حتى النفس الأخير من حياته.

انتخب شكيب سكرتيراً أولاً للوفد المنبثق عن المؤتمر السوري الفلسطيني عام 1921 وعضواً في لجنته التنفيذية ليكون سفيراً لهم في الغرب يدافع عن سورية وفلسطين ويسعى لتحرير هذين القطرين من براثن الاستعمار ويسعى لاستقلالهما أمام جمعية الأمم المتحدة بجنيف. لذلك انتقل شكيب عام 1925 إلى سويسرا مقر عمله وأقام في لوزان أولاً حتى عام 1930 قبل انتقاله إلى جنيف. وقد نجح وفد المؤتمر السوري الفلسطيني في إفهام القضية السورية الفلسطينية، وأثارها في العواصم الأوروبية، ونبه أنظار الأمم إلى جرائم فرنسا في بلده، وجرها إلى مراقبة أعمالها، وتحذيرها من مغبة فسادها، فنقل بذلك أصوات السوريين إلى جمعية الأمم في جنيف وأقض مضجع المستعمرين.

ذاع صيت شكيب في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، وأصبح موضع ثقة العرب جميعاً ومحل احترامهم وإكبارهم، وزال عنه كثير من التهم التي كانت تلصق به في العهد العثماني بسبب وقوفه في وجه العرب المعادين للخلافة العثمانية، ولقي في سبيل هذه الشهرة عناء كبيراً، إذ راح العرب والمسلمون يكاتبونه ويسألونه ويشتكون إليه، وكان عليه بعد أن زحف نحو الستين أن يجيب من يعرف ومن لا يعرف بقلمه السيال وبيانه الفياض، فأصبح في كل ناحية له رسالة من خطه تنير أو تفيد في فتوى سياسية أو تعين في مشورة.

انتخب شكيب أرسلان سكرتيراً لمؤتمر الشعوب المقهورة في جنوى، وفي عام 1923 ـ 1925 أقام في مرسين بتركيا ليكون على مقربة من سورية المتحفزة للثورات، وللقاء والدته وعائلته هناك.

في عام 1926 نال شكيب أرسلان الجنسية الحجازية (السعودية لاحقاً).

 مؤتمر الخلافة :

كما انتخب شكيب في تموز 1926 في لجنة رئاسة مؤتمر الخلافة، وحركة مؤتمر الخلافة حركة إسلامية عارمة ثارت بعد قرار كمال أتاتورك إلغاء الخلافة في آذار 1924 وقطع روابط تركيا بالعرب والمسلمين.

دعاه عرب المهجر في أمريكا الشمالية إلى ترؤس مؤتمرهم المنعقد في (ديترويت) فلبى الدعوة عام 1927، وسافر إلى أمريكا بعد أن طاف في روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وأخذ يغذي الصحف العربية في كل مكان، وراح ينشر مذكراته في جريدة (مرآة الغرب) بنيويورك، تحدث فيها عن جمال السفاح ومقاومته له وردعه إياه عن فظائعه المنكرة في قتل الأحرار من العرب، وتحذيره لهذا الضابط المتكبر من نتائج أعماله على الدولة العثمانية وعلى رابطة العرب والترك.

في سنة 1929 ترك شكيب سويسرا ليحج إلى بيت الله الحرام، في سنة 1930 قام برحلة إلى أسبانيا، فجاس خلالها مدنها وقراها، وصافحت عيناه جدران الأندلس الحلوة ، فنقلها صوراً بارعة ورسوماً باكية ضاحكة إلى كتابه (الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية).

كما وأنشأ في هذه السنة مجلة باللغة الفرنسية سماها (الأمة العربية) شهدت له بالنضال في سبيل العرب، والعمل لاستقلالهم، والانتصار لثوراتهم في كل مكان وتحريضه إياهم على الكفاح والنضال والإشادة بأبطالهم وبطولاتهم، غير مبال بغضب الإنجليز والفرنسيين.

وللأمير شكيب أياد بيضاء في محو كثير من أسباب سوء التفاهم الذي ينشأ أحياناً بين ملوك العرب أو بين أمرائهم أو سائر رجالاتهم وغالباً ما تكللت مساعيه بالنجاح بفضل ما كان يتمتع به عندهم من نفوذ وإكرام. ففي سنة 1934 اختير شكيب في الوفد الذي شكلته لجنة المؤتمر الإسلامي في القدس لحل الخلاف بين عاهل السعودية ابن سعود والإمام يحيى، فكان لشكيب يد فضلى في جمع الشمل.

ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى قلما جاء وفد عربي إلى باريس أو لندن أو جنيف أو غيرها من العواصم ليطالب بحقوق العرب ولم يكن الأمير شكيب من أبرز أعضائه أو كبار مستشاريه، كما ندر أن عقد مؤتمر عربي عام وكان بعيداً عنه، ولم تقم ثورة في قطر عربي في المشرق أو المغرب ضد الاستعمار إلا وكان المدافع عن القائمين بها ناشراً الدعوة لها وكاشفاً الستار عن أعمال المستعمرين في أوطانه.

وذكر عنه أنه قابل مع صديقه إحسان الجابري موسوليني، وباحثه في موضوع القضية الطرابلسية، وأقنعه بإعادة 80 ألف عربي لوطنهم في ليبيا وإعادة أراضيهم.

خطر لشكيب أرسلان عام 1936 أن يجمع ما كتبه من بحوث سياسية ومذكرات واحتجاجات ونداءات، وما كان يوزعه على وفود جمعية الأمم المتحدة ورجالها من خطابات، فوجد أنه يقع فيما يقارب العشرين مجلداً، وأنه يتعذر عليه طبعه فأهداه جميعاً إلى نظارة الخارجية السورية.

قال شكيب أرسلان عن نفسه أنه (لا يضيع دقيقة واحدة من وقته، وأنه يتلقى أكثر من ألفي مكتوب في دور السنة، فيجيب عليها كلها، ويكتب زيادة عليها مائتين إلى مائتين وخمسين مقالة في دور السنة. وينشر من التآليف بضعة آلاف من الصفحات المطبوعة تأليفاً).

عرّفه خليل مطران بـ (إمام المترسلين)، ولقبه أخوه الخبير بعلمه وفضله السيد رشيد رضا بـ(أمير البيان).

في عام 1935 ترأس الأمير شكيب أرسلان المؤتمر الإسلامي الأوروبي الذي عقد في جنيف.

وفي عام 1937 سمح للأمير شكيب بزيارة سورية، فطاف مدنها وخطب في قومه وحاضر في أندية علمية مختلفة، واختاره المجمع العلمي العربي بدمشق رئيساً له تكريماً لجهاده وإكباراً ليده، لكنه اعتذر احتجاجاً على فرنسا التي تنكرت للمعاهدة المعقودة مع سوريا سنة 1936، فاضطر للعودة إلى جنيف في ظل فترة الحرب العالمية الثانية، حيث نسج شبكة علاقات واسعة مع السوريين في أمريكا اللاتينية، فراسلهم وكتب المقالات في مجلاتهم ووجه خطواتهم في عقد المؤتمرات وتشكيل الجمعيات، كما شارك في الخطوات السياسية للزعماء العرب المعادين لفرنسا وبريطانيا والساعين لاستقلال ووحدة البلاد العربية، وأبرزهم الحاج محمد أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني وعلال الفاسي ومصالي الحاج الزعيم الجزائري، وغيرهم في المشرق والمغرب على السواء.

الأمير شكيب أرسلان من الدروز وهو يعتز بهذا النسب ويقول: (والدروز فرقة من الفرق الإسلامية أصلهم من الشيعة الإسماعيلية الفاطمية، والشيعة الإسماعيلية الفاطمية أصلها من الشيعة السبعية القائلين بالأئمة السبعة، وهؤلاء هم من جملة المسلمين، وهم مسلمون ويقيمون شعائر المسلمين ويتواصون بمرافقة الإسلام والمسلمين في السراء والضراء، ويقولون إن كل من خرج عن ذلك منهم فليس بمسلم).

أما الأمير شكيب فقد كان شخصياً يتعبد على مذهب أهل السنة، فيصوم، ويصلي، ويزكي، ويحج، كما يفعل جمهور المسلمين.

قال الشيخ سليمان الظاهر: (بأن الأمير شكيب كان المسلم الحقيقي الذي عرف أن الإسلام عقيدة وعمل وأنه دين إنساني عام لا دين شعوبية وقبلية وعصبية وإقليمية ولا دين أجناس وألوان).

موقف الأمير شكيب من الطائفية وكيف عالج الموقف:

بعد الحرب الطائفية في لبنان عام 1860 بين المسيحيين والدروز، كان النظام الجديد للبنان والذي تبناه ممثلو الدول الأوروبية الست الكبرى (فرنسا، إنجلترا، روسيا، ألمانيا، النمسا وإيطاليا) والباب العالي في حزيران 1861، كان مؤاتياً للطائفة المارونية، ويقوم على الاعتراف بالمبدأ الطائفي وتشجيعه له، فوفقاً لهذا النظام منح لبنان الحكم الذاتي المحلي في ظل حاكم مسيحي عثماني هو المتصرف، وكان نظام المتصرفية هذا وما يتبعه من تنظيم للقائمقاميات الطائفية لمصلحة الموارنة، وبسبب تهميش هذا النظام الجديد لجبل الدروز، حيث ظل الدروز على هامش التطور الاقتصادي الذي عرفه الموارنة بفضل الدعم الخارجي لهم، من الطبيعي أن يرى الأمير شكيب بأن الواجب يقتضي تدعيم موقع الأسرة الأرسلانية الدرزية في هذه القائمقامية، وأن يكون عل رأسها من يحمل تاريخ العائلة الفعلي ويجسد تراثها العربي الإسلامي ومن يعمل على التحام الدروز بالدولة العثمانية وتحقيق الذوبان الاستراتيجي للدروز وسط المحيط الإسلامي والسوري الأوسع.

لذا نجد الأمير شكيب غاص في الصراعات الحزبية الجبلية الضيقة في السنوات 1892 ـ 1908، وقام بعدة مأموريات   عام 1902 في جبل حوران لإقناع الثوار الدروز هناك بالرجوع إلى طاعة الدولة العثمانية، وكان حاسماً وواضحاً في موقفه من ضرورة وحدة الدروز والتفافهم حول الدولة في تلك المرحلة، التي تميزت على حد وصف جميع المراقبين والباحثين بضعف الدروز وقوة الموارنة.

قام الأمير شكيب بجهود جبارة في توحيد القوى لإدراج جبل الدروز ضمن إطار الدولة، فقد أقام تحالفاً بين العائلات الدرزية والعائلات اللبنانية، وهذا التحاف قام بالحركة المعروفة باسم (المظاهرة الكبرى) حيث توجه وجهاء هذه العائلات على رأس وفود من أعيان البلاد من جميع الأقضية والطوائف إلى بيت الدين مطالبين بشمول الدستور لجبل الدروز... ثم تحولت هذه المظاهرات إلى حركة عصيان جماهيري أرغمت المتصرف المسيحي على إعلان الدستور في جبل الدروز.

وكان من النتائج المباشرة لهذه الحركة عزل كبار المأمورين الذين كان المتصرف يعتمد عليهم، وتعيين مكانهم أشخاص من التحالف أو الحزب المؤيد للأمير شكيب ومن جملتهم تعيين الأمير نفسه قائمقاماً لمنطقة الشوف.

والسيد شكيب ينتمي إلى عائلة تنتمي للطائفة الدرزية. ومن المعلوم أن الدروز لهم مذهبهم الخاص بهم، ولا يقبلون بدخول أحد إلى مذهبهم، ولا يسمحون لأحدهم بالخروج منه. ولكن كان يتعبد على طريقة أهل السنة [3]. فكان يصلي ويصوم ويحج ويؤدي سائر العبادات كما يفعل المسلمون .

كما أنه تزوج من امرأة شركسية عام 1916 وهي السيدة سليمى بنت الخاص بك حاتوغو وهي قفقاسية ومن سكان منطقة السلط في الأردن، وأنجبت له: ولده غالب عام 1917 في جبل عالية بلبنان، ومي عام 1928 في لوزان، وناظمة عام 1930 في جنيف.

وفاته :

عاد شكيب أرسلان إلى بيروت في 30 تشرين أول 1946، فمتع نظره بمشاهدة وطنه حراً مستقلاً طليقاً من الاحتلال والاستبداد ـ إلا أنه تحالف عليه مرض تصلب الشرايين والنقرس والرمل في الكليتين، وثقل الثمانين عاماً، فلم تطل مقاومته فلفظ أنفاسه الأخيرة ليلة الاثنين في 9 كانون أول 1946.

ودوى النبأ الفاجع، فهرع الأمراء الأرسلانيون إلى بيته يرسلون إليه النظرة الأخيرة لوداعه، وهبت بيروت ودمشق إلى داره، وساد وجوم رهيب في أنحاء العالمين العربي والإسلامي لموته، وشيع في اليوم التالي بموكب مهيب وصلي عليه في الجامع العربي ببيروت، وسار في صدر هذا الموكب الحاشد رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك الشيخ بشارة الخوري، ونقل جثمان الراحل إلى مسقط رأسه في (الشويفات) فعاد إلى الربوع التي عرفته صبياً يافعاً.

مؤلفاته :

ترك الأمير شكيب الكثير من المؤلفات نذكر منها:

1ـ  (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم).

2ـ (الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية).

3ـ (الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف).

4ـ (غزوات العرب في فرنسا وشمالي إيطاليا وفي سويسرا).

5ـ (الباكورة)، ديوان شعره الأول.

6ـ (السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة).

7ـ (شوقي أو صداقة أربعين سنة).

8ـ (القول الفصل في رد العامي إلى الأصل).

9ـ (مطالعات في اللغة والأدب)، مقالات لخليل السكاكيني مع ردود للأمير عليها.

10ـ (روض الشقيق في الجزل الرقيق)، وهو ديوان أخيه نسيب، قدم له في 150 صفحة من أصل 176 صفحة.

11ـ (محاسن المساعي في مناقب أبي عمرو الأوزاعي).

12ـ (رسائل الصابئ)، تحقيق وتقديم الأمير شكيب أرسلان .

13ـ (أناتول فرانس في مباذله)، كتاب فرنسي ترجمه الأمير إلى العربية.

14ـ (رواية آخر بني سراج)، ترجمها الأمير إلى العربية وأضاف إليها ملحقاً من ثلاثة أقسام.

15ـ (الدرة اليتيمة لابن المقفع)، تحقيق وتصحيح الأمير شكيب.

16ـ تعليقاته على كتاب (حاضر العالم الإسلامي) المنقول عن الإنجليزية بقلم الأستاذ عجاج نويهض.

17ـ رسالة تاريخية للأمير شكيب حول محاولة فرنسا إخراج البربر من الإسلام.

18ـ مختارات نقدية في اللغة والأدب والتاريخ.

19ـ تاريخ ابن خلدون، تعليقات الأمير على الجزء الأول والثاني منه.

20ـ كتاب (لا يمكن لأية دعاية في العالم أن تشوه صورة إنسان) وهو بالفرنسية.

21ـ محاضرة (النهضة العربية في العصر الحاضر) في 48 صفحة.

22ـ محاضرة (الوحدة العربية) في 32 صفحة.

23ـ له مذكرات باللغة الفرنسية تصل إلى 20 ألف صفحة و30 ألف رسالة أو يزيد.

24ـ له المئات من المقالات في الجرائد والمجلات منذ أول مقالة له في الأهرام (1887) حتى آخر مقالة في جريد الاستقلال في الأرجنتين في 10 تشرين ثاني عام 1946.

ـ عام 1937 أهدى الأمير مجموعة من عشرين ألف ورقة إلى نظارة الخارجية السورية. وهي حصيلة مراسلاته ومرافعاته أمام عصبة الأمم في جنيف خلال سنوات 1923 ـ 1936.

من مؤلفاته المخطوطة:

ـ رحلة إلى ألمانيا.

ـ بيوتات العرب في لبنان.

ـ مذكرات الأمير شكيب أرسلان، وقد أودعها مكتب المؤتمر الإسلامي في القدس لتنشر له بعد وفاته.

وله العديد من المخطوطات تجاوزت الـ (24 مؤلف) ومعظم هذه المخطوطات موجود في المكتبة الخاصة بالملك المغربي الحسن الثاني، أو موزعة لدى العديد من أبناء الجبل في لبنان وحوران.

وكتب عنه :

شكيب أرسلان داعية العروبة والإسلام – أحمد الشرباصي – رسالة ماجستير .

جهاده في سبيل النهضة والإصلاح :

شبّ شكيب أرسلان ليجد الوطن العربي والإسلامي فريسة للمستعمرين والغزاة المحتلين، ومن ثم فقد نما لديه - منذ وقت مبكر- وعي قوي بضرورة الوحدة العربية وأهميتها في مواجهة أطماع المستعمرين ومؤامرات الغزاة لإضعاف الأمة العربية وتفتيتها ليسهل لهم السيطرة عليها.

وقد عني شكيب أرسلان بقضية الوحدة العربية عناية شديدة، وأولاها كل اهتمامه، وأوقف عليها حياته كلها، وكانت مقالاته دعوة متجددة إلى قيام تلك الوحدة الكبرى، التي كان يرى فيها الخلاص من حالة الضعف والاستكانة التي سادت الأقطار العربية، وجعلتهم فريسة للمستعمر الأجنبي . وتعرض شكيب أرسلان – بسبب مواقفه الوطنية – للكثير من الاضطهاد من المستعمرين، وحيكت ضده المؤامرات العديدة من الاستعمار ومن أذنابه ممن ينتسبون إلى العروبة وهي منهم براء، كما تعرض لحملات شرسة من التشويه والافتراءات والأكاذيب.

سعى المحتلون إلى تشويه صورته أمام الجماهير، فاتهمه المفوض الفرنسي السامي المسيو "جوفنيل" بأنه من أعوان "جمال باشا السفاح"، وأنه كان قائدًا لفرقة المتطوعين تحت إمرته، وكان "شكيب" قد تولى قيادة تلك الفرقة من المتطوعين اللبنانيين لمقاومة الدول التي احتلت "لبنان"، وكان من الطبيعي أن يكون تحت إمرة "جمال باشا" باعتباره قائد الفيلق الرابع الذي تنتمي إليه فرقة "شكيب"، واستطاع "شكيب" أن يفند أكاذيبهم، ويفضح زيفهم وخداعهم.

كان شكيب لا يثق بوعود الحلفاء للعرب، وكان يعتقد أن الحلفاء لا يريدون الخير للعرب، وإنما يريدون القضاء على الدولة العثمانية أولاً، ثم يقسمون البلاد العربية بعد ذلك. وقد حذر "شكيب أرسلان" قومه من استغلال الأجانب الدخلاء للشقاق بين العرب والترك.

ولكنه حينما رأى الأتراك يتنكرون للخلافة الإسلامية ويلغونها، ويتجهون إلى العلمانية، ويقطعون ما بينهم وبين العروبة والإسلام من وشائج وصلات؛ اتخذ "شكيب" موقفًا آخر من تركيا وحكامها، وبدأ يدعو إلى الوحدة العربية؛ لأنه وجد فيها السبيل إلى قوة العرب وتماسكهم.

وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى حدث ما حذر منه "شكيب أرسلان" فقد برح الخفاء، وتجلت حقيقة خداع الحلفاء للعرب، وظهرت حقيقة نواياهم وأطماعهم ضد العرب والمسلمين، خاصة بعدما تنكر الأتراك للخلافة الإسلامية، واتجهوا اتجاهًا علمانيًا.

وظل "شكيب أرسلان" مطاردًا من أكثر من دولة؛ فتركيا تطارده لاهتمامه بقضايا العرب، وحملته على تنكر حكامها للخلافة والإسلام، وإنجلترا وفرنسا تطاردانه لدفاعه عن شعوب الأمة العربية ودعوته إلى التحرر، وتزعمه حهاد ضد المستعمرين، كما ظل مبعدًا لفترة طويلة من حياته عن كثير من أقطار الوطن العربي، لا يُسمح له بدخولها، خاصة مصر وسوريا اللتين كانتا تشكلان قلب الأمة العربية.

ولم يقتصر دور "شكيب أرسلان" على الاهتمام بقضايا الأمة العربية وإيقاظ الهمم وبعث الوعي الوطني في داخل الوطن العربي فحسب، وإنما انطلق يشرح قضية العرب ويفضح فظائع المستعمرين ويكشف زيفهم وخداعهم في كثير من بلدان العالم؛ فسافر إلى روما وأمريكا الشمالية وروسيا وإسبانيا، وقد استقبل في كل بلد زاره بكل حفاوة وتقدير، ونشر العديد من المقالات التي تفضح جرائم المستعمرين في حق الشعوب العربية والإسلامية، وتصور الحالة الأليمة التي صارت إليها الأمور في كثير من البلدان التي ترزح تحت نير الاستعمار.

كذلك اهتم "شكيب أرسلان" بأحوال المسلمين في أنحاء العالم المختلفة، ففي عام (1344 هـ - 1924م) أسس جمعية "هيئة الشعائر الإسلامية" في "برلين"، وكانت تهدف إلى الاهتمام بأمور المسلمين في "ألمانيا"، وقد تشكلت هذه الجمعية من أعضاء يمثلون معظم الشعوب الإسلامية، وأهم ما يميزها أنها نحت منحى دينيًا بعيدًا عن الشؤون السياسية، وذلك لتلافي أسباب الخلاف والشقاق التي قد تنجم عن اختلاف الأيدلوجيات السياسية بين الشعوب والدول المختلفة.

وقد أدرك شكيب أرسلان منذ وقت مبكر أثر العامل الديني في الصراع بين الشرق والغرب، وأكد عليه في كثير من كتبه ومقالاته، وأوضح أثر ذلك العامل في إثارة دول الغرب ودعمها لاستعمار الشرق واحتلال العالم الإسلامي، وربط بين الحملات الصليبية القديمة نحو الشرق وأخواتها المعاصرة على أيدي الفرنسيين والإنجليز والألمان، ولكنه كان أشد نقدًا للفرنسيين، فقد كانت فرنسا في طليعة الدول التي حاربت الإسلام والمسلمين، وقد خرجت منها وحدها إحدى عشرة حملة صليبية في مقابل حملة إنجليزية وأخرى ألمانية.

وتناول "شكيب أرسلان" فظائع فرنسا ضد المسلمين في شمال أفريقيا، مؤكدًا أنها حملة عنصرية ضد العروبة والإسلام. وهو لا يغفل في حديثة الإشادة بسماحة الإسلام والحديث عن جو التسامح والإخاء الذي يعيشه أبناء الوطن العربي من مسلمين ونصارى، موضحًا ما يسود بينهم من السلام والوئام، حيث ينعم الجميع بكل الحقوق والواجبات دون تمييز أو تهميش.

لعل شكيب أرسلان كان من أوائل الدعاة إلى إنشاء الجامعة العربية إن لم يكن أولهم على الإطلاق، ففي أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة دعا "شكيب أرسلان" إلى إنشاء جامعة عربية، ولما تألفت الجامعة العربية كان سرور شكيب أرسلان لها عظيمًا، وكان يرى فيها الملاذ للأمة العربية من التشرذم والانقسامات، والسبيل إلى نهضة عربية شاملة في جميع المجالات العلمية والفكرية والاقتصادية.

وكان شكيب من أشد دعاة الوحدة العربية ومن أكثر المتحمسين لأصالة الثقافة العربية، وكان مولعًا بتمجيد العرب والعروبة، كما كان يضيق بالشعوبية وأهلها، ويراها حركة تخريب لمدنية العرب، وإضعافا لعزائهم، وجمودا لأفضالهم. وكان يقول: «"إن لكل عصر شعوبية، وشعوبية هذا العصر هم أولئك الأدباء والكتاب الذين يهاجمون العرب والعروبة"». وبلغ من حرصه على هويته وقوميته العربية أنه كان يخطب دائمًا بالعربية في رحلاته إلى أمريكا وأوربا مع تمكنه وإجادته للإنجليزية والفرنسة والتركية وإلمامه بالألمانية.

بعد الحرب الطائفية في لبنان عام 1860 بين المسيحيين والدروز، كان النظام الجديد للبنان والذي تبناه ممثلو الدول الأوروبية الست الكبرى (فرنسا، إنجلترا، روسيا، ألمانيا، النمسا وإيطاليا) والباب العالي في حزيران 1861، كان مؤاتياً للطائفة المارونية، ويقوم على الاعتراف بالمبدأ الطائفي وتشجيعه له، فوفقاً لهذا النظام منح لبنان الحكم الذاتي المحلي في ظل حاكم مسيحي عثماني هو المتصرف، وكان نظام المتصرفية هذا وما يتبعه من تنظيم للقائمقاميات الطائفية لمصلحة الموارنة، وبسبب تهميش هذا النظام الجديد لجبل الدروز، حيث ظل الدروز على هامش التطور الاقتصادي الذي عرفه الموارنة بفضل الدعم الخارجي لهم، من الطبيعي أن يرى الأمير شكيب بأن الواجب يقتضي تدعيم موقع الأسرة الأرسلانية الدرزية في هذه القائمقامية، وأن يكون عل رأسها من يحمل تاريخ العائلة الفعلي ويجسد تراثها العربي الإسلامي ومن يعمل على التحام الدروز بالدولة العثمانية وتحقيق الذوبان الاستراتيجي للدروز وسط المحيط الإسلامي والسوري الأوسع.

لذا نجد الأمير شكيب غاص في الصراعات الحزبية الجبلية الضيقة في السنوات 1892 ـ 1908، وقام بعدة مأموريات عام 1902 في جبل حوران لإقناع الثوار الدروز هناك بالرجوع إلى طاعة الدولة العثمانية، وكان حاسماً وواضحاً في موقفه من ضرورة وحدة الدروز والتفافهم حول الدولة في تلك المرحلة، التي تميزت على حد وصف جميع المراقبين والباحثين بضعف الدروز وقوة الموارنة.

قام الأمير شكيب بجهود جبارة في توحيد القوى لإدراج جبل الدروز ضمن إطار الدولة، فقد أقام تحالفاً بين العائلات الدرزية والعائلات اللبنانية، وهذا التحاف قام بالحركة المعروفة باسم (المظاهرة الكبرى) حيث توجه وجهاء هذه العائلات على رأس وفود من أعيان البلاد من جميع الأقضية والطوائف إلى بيت الدين مطالبين بشمول الدستور لجبل الدروز ... ثم تحولت هذه المظاهرات إلى حركة عصيان جماهيري أرغمت المتصرف المسيحي على إعلان الدستور في جبل الدروز.

وكان من النتائج المباشرة لهذه الحركة عزل كبار المأمورين الذين كان المتصرف يعتمد عليهم، وتعيين مكانهم أشخاص من التحالف أو الحزب المؤيد للأمير شكيب ومن جملتهم تعيين الأمير نفسه قائمقاماً لمنطقة الشوف. كان الأمير شكيب قد تزوج عام 1916 من السيدة سليمى بنت الخاص بك حاتوغو وهي قفقاسية ومن سكان منطقة السلط في الأردن، وأنجبت له: ولده غالب عام 1917 في جبل عالية بلبنان، ومي عام 1928 في لوزان، وناظمة عام 1930 في جنيف.

لم يشترك شكيب أرسلان ولم يشارك في أحداث الثورة العربية التي قامت ضد الدولة العثمانية سنة 1916، وإنما كان له موقف منها؛ فقد انتقدها وحذر من عواقبها، وقد أدى موقفه هذا إلى أن الكثيرين أساءوا الظن به، ولم يكن شكيب أرسلان بدعا في ذلك؛ فقد اتخذ هذا الموقف نفسه عدد كبير من الزعماء والمفكرين كالشيخ عبد العزيز جاويش والزعيم محمد فريد وعبد الحميد سعيد وغيرهم. ويفسر شكيب أرسلان موقفه هذا بأنه اعتقد أن البلاد العربية ستصبح نهبًا للاستعمار، وأنها ستقسم بين إنجلترا وفرنسا.

وسعى شكيب أرسلان إلى إيقاظ الشعور الوطني لدى أبناء الأمة العربية وتنبيههم إلى الأخطار المحدقة بهم. وكان من أوائل الذين تنبهوا إلى خطورة سياسة المستعمرين في فلسطين، وسعيهم إلى تقسيمها وإنشاء وطن قومي لليهود فيها، ويؤكد أنه يفضّل الدولة العثمانية الشرقية الإسلامية على احتلال الفرنج الأعداء الغرباء، ولكنه – في الوقت نفسه – يذكر أنه لو علم أن الثورة ضد تركيا ستؤدي إلى استقلال العرب لما سبقه إليها أحد.

ويذكر أن موقفه هذا لم يكن وليد حدس أو تخمين، فقد تجمعت لديه الأدلة والقرائن أن فرنسا وإنجلترا يسعيان لتقسيم سوريا وفلسطين. وما كادت الحرب العالمية الأولى تضع أوزارها حتى تبين للجميع صحة ما ذهب إليه "شكيب أرسلان" وبعد نظره. وكان "شكيب" من أوائل الذين تصدوا لخطر الوجود اليهودي في فلسطين، وسعى مخلصًا إلى دعوة العرب إلى جمع الشمل والتصدي لتلك المؤامرة، وحذر أبناء فلسطين من الخلاف والشقاق، لأن ذلك مما يقوي آمال الإنجليز واليهود ويعظم أطماعهم في فلسطين.

عاش شكيب أرسلان نحو ثمانين عامًا، قضى منها نحو ستين عامًا في القراءة والكتابة والخطابة والتأليف والنظم، وكتب في عشرات الدوريات من المجلات والصحف في مختلف أنحاء الوطن العربي والإسلامي. وبلغت بحوثه ومقالاته المئات، فضلاً عن آلاف الرسائل ومئات الخطب، كما نظم عشرات القصائد في مختلف المناسبات. وقد اتسم أسلوبه بالفصاحة وقوة البيان والتمكن من الأداة اللغوية مع دقة التعبير والبراعة في التصوير حتى أطلق عليه "أمير البيان".

شخصية أمير البيان شكيب أرسلان في الشعر الإسلامي الحديث :

ودوى النبأ الفاجع، فهرع الأمراء الأرسلانيون إلى بيته يرسلون إليه النظرة الأخيرة لوداعه، وهبت بيروت ودمشق إلى داره، وساد وجوم رهيب في أنحاء العالمين العربي والإسلامي لموته، وشيع في اليوم التالي بموكب مهيب، وصلي عليه في الجامع العربي ببيروت، وسار في صدر هذا الموكب الحاشد رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك الشيخ بشارة الخوري، ونقل جثمان الراحل إلى مسقط رأسه في (الشويفات) فعاد إلى الربوع التي عرفته صبياً يافعاً.

أمير البيان والقلم :

-وقد كان فيمن رثاه الدكتور مصطفى السباعي بقصيدة صادقة مطلعها:

سلام عليك أبا غالب                  أمير البيان أمير القلم

هتكت برأيك حجب الظلام     وثرت إباءً إذا الخطب عم

وطوفت في الأرض تبغي السلام     لقومك والحق ممن ظلم

فخضت الغمار وصنت الذمار    وكنت الإمام وكنت العلم

فآن لجسمك أن يستريح          وتهجر روحك دنيا الألم

أصبت بدنياك مجد الخلود        وعند الإله الثواب العمم

لقد هتك أمير البيان شكيب أرسلان حجب الظلام، وثار على الخطوب والنازلات، وطاف في ربوع الأرض ينشد السلام، ويطالب بحرية الوطن، وجاهد ، وناضل من أجل الوحدة العربية والخلافة الإسلامية ، وبعد هذا الجهاد المرير آن للجسد الطاهر أن يستريح في جنات الخلود .

علم شامخ من أعلام النهضة :

ويخلد محمد البزم العبقرية في علم شامخ من أعلام نهضتنا المعاصرة الأمير شكيب أرسلان الرجل البياني والزعيم المناضل المنافح عن الإسلام وشريعته في قصيدة طويلة مطلعها :

بلغ المدى فرمى عصار الأسفار       علم البيان وفارس المضمار

والقصيدة تترسم النهج القديم في أسلوب الرثاء، لذا سنتجاوز مواطن الإيغال والامتداح المثالي، ونكتفي من أبياتها الكثيرة بمقاطع تجلو ملامح رجل الفكر الإسلامي وشريعته والإشادة بذخائر فكره، وكان له في ذلك نتاج تشريعي ثقافي رائع ، رد كيد الكائدين وأرسى قلاع الإسلام حصينة شامخة ببيان ساحر، وفكر سديد ...

جلل ذيادك عن شريعة أحمد        موشيّة بطـــــــــــــــــــــــــــــــرائف وطرارِ

ظئر الخلافة، ما ونيت تجودها      عللا على نهل، وطيبَ شيارِ

ما زلت ترأب صدعها، وتقيلها       عثراتها بمســـــــــــــــــــــــدد الأعذار

حتى توارت شمسها ، وتساقطت        أنجامها من خنس وجوار

لله خطبك ، أي مصقع ِ منبر        فقدتْ بفقدك أمة ُ المختارِ

ويجوز بنا الشاعر إلى العالم الآخر حيث يصور له خياله الرجل الكبير وهو ينعم بآفاق تسمو عن مواضعات الدنيا، يزدحم كبار الملائكة لزيارته فالملائكة تخف لاستقبال المسلم في مثواه، وتتناوب سكناه زهر الكواكب تسامت عن الأزمان والأعمار ...

وسموت عن سكنى الضلوع خوافقاً        وجوار كل مصدّع نفّارِ

ولُففتَ من ألق التقى بغلائل          دقّتْ، فليس تُرام بالأنظارِ

وتناوبتْ سُكناك زهرُ كواكب       شمختْ عن الأزمان والأعمارِ

وشُغلت عن حاج المعاشر بالتي     حُجبت وراء الغيب والأفكار

إن رام أعيان الملائك زورة             يوماً لها، أعيتْ على الزوار

فهو إذا ما اراد رثاء علامة الشرق ورجل الإسلام شكيب أرسلان التزم رصانة القديم وفخامة اسلوبه في الرثاء، وتابعه في مثاليته ونموذجيته، فالمرثي نسيج وحده، وفريد دهره، تتناوب مثواه زهر الكواكب، ويحل مع الأبرار سدة الخلود، وتتراءى لنا الألفاظ القرآنية : التقى، الإطهار، الأبرار، الملائك :

ولففتْ من ألق التقى بغلائل          دقّتْ، فليس ترام بالأنظار

وتناوبتْ سكناك زهرُ كواكب       شمختْ عن الأزمان والأعمارِ

وحللتَ من ثبج الخلود بمشرف        وقفٍ على الأطهار والأبرار

إن رام أعيان الملائك زورةً             يوماً لها، أعيتْ على الزوار

كما يضفي في رثائه لرجل الإسلام شكيب أرسلان ذاك اللون من الصور البيانية الملائكة لمكانته والمنسجمة وروح الرثاء في تراثنا العربي من مثل صور الحلم والسكينة، والنقع المثار، والشمس، والصارم البتار، والوشي والطرار .

وفللت من غرب العدا بسكينة       تركتْ مُثار النقع غيرَ مثار

وشققت للصخر الأصم مسامعاً    ورميت سمع الخصم بالأوقار

ببراعة كالشمس من آثارها           متعُ الصباح، ورونق الأبدار

قلم كما ترضى الفتوةُ ناهضٌ           بمآرب الأمجاد والأخطار

قامت على الزهراء منه روائع               مجلوّة كالصارم البتار

تبكي عليك جماهر الأسفار             موشيّةً بطرائف وطِرار

موقفه من السفاح :

أشاد الشاعر اللبناني أمين ناصر الدين بموقف الأمير شكيب أرسلان من الطغيان والاستبداد الذي مارسه جزار سورية جمال باشا السفاح ، ولقد تقدم أرسلان له بالنصح ، ولكن لا مجيب :

أجمالُ لا والله لست بمسلمٍ            كذب الذي قد قال إنك مسلمُ

لم يبرح الإسلام يأمرُ أهلهُ                بالرفق مذ بعث النبي الأعظم

أقبلت تقسط هادماً أركانه                  ولأنت مجزيٌ على ما تهدم

ونزت بك الأحقاد أفظع نزوةٍ            فبطشت منتقماً ولم تك ترحم

هلا ترقبت المآل لدولةٍ                    ما زال معظمنا بها يستعصم

ولتك سوريةً فلم ترفق بها                ومضيت تنقض ما تشاء وتبرم

ملك الرقاب مزعزعٌ لكنما             ملك القلوب هو الذي لا يهدم

لو كنت تسمع من ((شكيب)) نصحه    ما كان في لبنان من يتظلم

ما انفك يصدقك النصيحة مخلصاً         حتى نقمت عليه ما لا ينقم

جزار سورية احتكم فرجالها              غنم وداءُ خنوعهم مستحكم

واستصف أموال البلاد ولا تخف           لوماً فانت على الرعية قيم

وإذا تضاغى الجائعون فقل لهم          من راحتي الرزق أصبح يقسم

لا بأس في جوع الرعية إن يكن           في جوعها شبعٌ لكم وتنعم

لو أن بطشك بالعدو كمثله     بالشعب لم يك في العدى من يقدم

لو كان للطغاة آذاناً تسمع لسمعوا نصيحة الدعاة والعقلاء ، ولو كان لهم عقول يدركون بها لتأثرت بمواعظ القرآن ، ولو كان لهم قلوب يشعرون بها لرقة على أحوال الضعفاء والبائسين ، ولكن هيهات ..هيهات .

الأمير بدر الجمال وسيف الحق :

وقال الشاعر ( رشيد مصوبع ) في قصيدة ، مطلعها :

أرى خلقةً لما الفؤاد يميل              إليك شكيبٌ حيث أنت مميلُ

لكالبدر لكن ما الخسوف يمسهُ         وكالسيف لكن ما عراه فلول

مشيد ربع العلم بعد دروسه              ولولاه هاتيك الربوعُ طلول

وفرع لا دواح المعارف والحجى         كذاك لبيت المكرمات سليل

منابتها احيا ولم بذوِ حسنها            يفتح منها الروض منه قبول

فالشاعر يصور الأمير بدراً لا يلحقه الخسوف، وسيفاً من سيوف الحق لا يفلّ، شيّد العلم بعد دروسه، وهو فرع أصيل لشجرة مباركة ، ويشيد بمقالاته العلمية وكتبه النافعة ، فيقول :

كأَن الذي قد خطهُ بيراعهِ            غدا منزلاً ما حال عنه بديل

تملك اعناق المعاني فنحوه             قد انقاد عاصيهنَّ وهو ذليل

كأن المعاني في جمال ذكائه           سباها فقد اضحت اليه تميل

جنان بنيران المروءة شاعل               وجفن بأَميال الذكاءِ كحيل

ويصور حبه للأمير شكيب أرسلان، ويكشف عن عواطفه الفياضة تجاه ممدوحه، ويسترسل في تعداد خصاله الحميدة، وشمائله المجيدة، فيقول :

كلفت به من قبلما قد عرفته             لأني أحب الفضل وهو فضيلُ

فإن كنت لا أهوى المآثر والعلى              فمن يا ترى قلبي اليه يميل

يسيل ثناء القلب دون تكلف          ومن شغف اضحى الفؤاد يسيل

ولم أنسَ هاتيك الشمائل إنما                     تذكرتها لما تدار شمولَ

عشقت بك العلم المنير ومسني                   بجسمي منهُ رقة ونحول

وكم لك فينا من أيادٍ بياضها             لو أن خامر الليل البهيم يحول

وأنت لأدري في قصوري ولم يكن         بغيرك أَن أعدو القصور سبيل

وشهرة من مثل الأمير غنيةٌ                 وأبواب أوصاف له وفصول

بروحي شكيب افتديه ومهجتي               وغيري يفديهِ وذاك قليل

وقال مجدد الشعر في عصر النهضة (( محمود سامي البارودي )) قصيدة من البحر البسيط، صوّر فيها علاقته الحميمة بأمير البيان  :

أَدِّي الرِّسَالَةَ يَا عُصْفُورَةَ الْواَدِي             وَبَاكِرِي الْحَيَّ مِنْ قَوْلِي بِإِنْشَادِ

تَرَقَّبِي سِنَةَ الْحُرَّاسِ وانْطَلِقِي                  بَيْنَ الْخَمَائِلِ مِنْ لُبْنَانَ وَارْتَادِي

لَعَلَّ نَغْمَةَ وُدٍّ مِنْكِ شَائِقَةً          تَهُزُّ عِطْفَ ((شَكِيبٍ ))كَوْكَبِ النَّادِي

وراح يعدد سماته، ويشيد بصفاته ، فيقول :

هُوَ الْهُمامُ الَّذِي أَحْيَا بِمَنْطِقِهِ               آثَارَ قَوْمٍ أَجَادُوا النُّطْقَ بِالضَّادِ

تَلْقَي بِهِ أَحْنَفَ الأَخْلاقِ مُنْتَدِياً            وَفِي الْكَرِيهَةِ عَمْراً وَابْنَ شَدَّادِ

أَخِي وِدَاداً وَحَسْبِي أَنَّهُ نَسَبٌ           خَالِي الصَّحِيفَةِ مِنْ غِلٍّ وَأَحْقَادِ

أَفَادَنِي أَدَباً مِنْ مَنْطِقٍ شَهِدَتْ          بِفَضْلِهِ النَّاسُ مِنْ قَارٍ وَمِنْ بَادِي

عَذْبِ الشَّرِيعَةِ لَوْ أَنَّ السَّحَابَ هَمَى  بِمِثْلِهِ لَمْ يَدَعْ في الأَرْضِ مِنْ صَادِي

سَرَتْ بِقَلْبِي مِنْهُ نَشْوَةٌ مَلَكَتْ         بِحُسْنِهَا مِسْمَعِي عَنْ نَغْمَةِ الشَّادِي

يَا بْنَ الْكِرَامِ عَدَتْنِي عَنْكَ عَادِيَةٌ         كَادَتْ تَسُدُّ عَلَى عَيْنِي بِأَسْدَادِ

فَاعْذِرْ أَخَاكَ فَلَوْلا ما بِهِ لَجَرَى    في حَلْبَةِ الشُّكْرِ جَرْيَ السَّابِقِ الْعَادِي

وَهَاكَها تُحْفَةً مِنِّي وَإِنْ صَغُرَتْ            فَالدُرُّ وهْوَ صَغِيرٌ حَلْيُ أَجْيَادِ

فالأمير – كما يقول البارودي – سيد همام، وخلٌّ وفيّ، نهل من علمه، وارتشف من أدبه ، ويعتذر له عن التقصير، فالبيان يعجز عن تصوير عظمة ( أمير البيان ) وداعية العروبة والإسلام، الذي كثرت محاسنه، حتى عجز الشعر عن وصفه ومدحه.

وبعد :

هل يصحو النيام ؟؟ ، وهل ينتبه الغافلون ؟؟!، وهل يقتدي الدروز بالأمير شكيب أرسلان ، وكمال جنبلاط، وسلطان باشا الأطرش ، ويقفوا إلى جانب شعبهم في قضاياه المصيرية ، في مواجهه الاستعمار وأذنابه ، والاستبداد وأعوانه ، أم هل يرتعوا مع الراتعين ....إننا نرقب معهم الصبح ، أليس الصبح بقريب .

المراجع:

1ـ (الأمير شكيب أرسلان حياته وآثاره) سامي الدهان، ، دار المعارف بمصر، طبعة ثانية ص(62ـ 101).

2ـ (تاريخ غزوات العرب) شكيب أرسلان ، دار مكتبة الحياة بيروت، ص(7ـ15).

3ـ (المعاصرون) محمد كرد علي ، دار صادر، بيروت، 1991، ص(248ـ 167).

4ـ (موسوعة الأعلام) خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين، بيروت، طبعة عاشرة، 1992، الجزء الثالث ص(173).

5ـ  (الأمير شكيب أرسلان) د. سعود الموسى، بنو معروف أهل العروبة والإسلام، دار العودة، بيروت، طبعة أولى، 1990).