جنجويد ترصد الأزمة في الوطن العربي

في رواية لعلا حسان:

عبد الرحمن هاشم

ناقشت لجنة الشباب باتحاد الكتاب بالقاهرة 22 يناير الجاري رواية "جنجويد" للمبدعة الدكتورة علا حسان التي صدرت عام 2000م ووصفها د. شريف الجيار مقرر اللجنة بأنها ترصد أزمة المنطقة العربية برمتها وليس أزمة السودان بمفرده.

وهي ترصد عبث الغرب بهذه الأوطان ومحاولة النيل من استقرارها ووحدتها فتعيش حياة التقسيم والانهيار.

وأكد أن فارساً (بطل الرواية) لم يكن فارساً في يوم من الأيام وأن حبه لأمنية لم يكن حباً في يوم من الأيام.. فهو قد تمرد على الحب منذ فارقها إلى المجهول.

ولفت د. شريف إلى أنها رواية سياسية (ذات محيط إنساني) بامتياز وتطرح الانقسام المجتمعي الموجود في دول حوض نهر النيل.

وقال: أضحت مصر، وأضحت مجتمعاتنا في عالم "علا حسان" مجتمعات طاردة للمواهب وطاردة للأفكار الجديدة بل أضحت مصدرة للموت ومصدرة لعالم المخيمات.

وأضحى (فارس) رمزاً للإنسان العربي الذي فقد البوصلة ورمزاً لكل من تمنى "أمنية" وفشل في تحقيقها.. وكأن الأمنية هي مصر واللاإنقسام في العالم العربي.

فارس لم يستطع تحقيق أمنيته لا في وطنه ولا في وطن آخر شقيق هو السودان.

وأضاف شريف الجيار: تجسد هذه الرواية بامتياز ما حدث في الجنوب وماذا فعلت إسرائيل بالسودان وكيف تحاط مصر بالتوترات، رغم أنها على السطح تظهر رحلة شاب ساذج يطمح إلى الوجود والكرامة لكنها في العمق رواية وطن تعرض للتشرذم وتعرض للإنقسام.

هذه الرواية تجسد أزمة دارفور وأزمة السودان راصدة المشكلات الإثنية والقوميات الموجودة في جنوب مصر وكيف يوظفها الإسرائيليون لتفتيت المنطقة.

وتنتهي بنتيجة أراد السارد أن يصل إليها (ليت الأرض تنعم بالسلام!) ومستحيل أن تنعم بالسلام طالما أن هناك جان أو شيطان اسمه إسرائيل.

وقد دارت في زمن دائري وبدأت بموت نفسي وانتهت بموت جسدي لكن يحسب لها أنها تركت فارسها ما بين الحياة والموت حتى تعطي له فرصة بأن يقاوم الموت ويبدأ رحلته للحياة مرة أخرى.

وقد أفادت من أدب الرحلات ولاسيما في وصف الأماكن الأمر الذي يجعلك تبكي على حال السودان العامر بالخيرات والذي يمتلك مقومات الدولة الكبرى.. لكن السؤال: هل سيتركنا الغرب نعيش كدولة كبرى؟ بالطبع لا.

تبدو الرواية في ظاهرها أنها رواية سهلة غير أنها في العمق رواية سياسية تفضح المخطط الموجود في الجنوب.

وعلا حسان تكتب بالصورة.. كتابة بصرية وتعطي لك فرصة كي ترى السودان داخل هذه الرواية، وتبقى أمنية البطل عالقة في الهواء لم تتحقق لا في مصر ولا في السودان.

وقالت الناقدة د. نوران فؤاد إن سر الرواية يكمن في قول السارد (راحوا يبحثوا عن الحياة فلم يجدوا إلا الموت).

ونحن أمام جنس أدبي ورواية عبارة عن دراسة حالة لمأزق المجتمعات العربية.

ولقد وفقت علا بركات في اختيار أسماء أبطال روايتها: فارس وأمنية وقمرية وغازي وبكر. ووصلت ما بين العقلين السوداني والمصري وهو ما نحتاج إلى وصله هذه الأيام.

وأشارت الناقدة منى ماهر إلى أن الرواية تتحدث عن الحرب وتضع القارىء في أجواء الموت وفي ظل هذه الأجواء لن نجد الحب كما أن الأيام مليئة بالتوترات ومشاهد الموت اليومية تقتل أي إحساس بالحياة.

وأكد الناقد أحمد بلبولة خلو الرواية من اللفظ النابي والمشهد الذي يجرح الوجدان لكنه أخذ على البطل توقف نموه على سن التاسعة عشرة وانتهت الرواية وكنا نتمنى أن يكبر وينضج وبخاصة أنه مر بتجارب وأهوال لم يمر بها أحد.

كما أخذ على علا حسان تعيين البطل في أحد فنادق السودان براتب ألف دولار شهرياً وهو المبلغ الذي يساوي مليون جنيه سوداني!

وأخذ عليها أيضاً بدئها بعض الجمل بالماضي ثم عطفها بالمضارع والصواب العطف بالماضي أو المصدر. وكذلك نسيان المثنى عندما تتحدث عن يوسف وفارس.

وقال: هناك حوادث مجانية بالرواية مثل موت وكيل الفنانين فجأة وبدون سبب هو وأسرته.

كما أن مسألة انضمام شاب كان طالباً بكلية الشرطة بالقاهرة إلى الميليشيات بسهولة ويسر لم تقنعني درامياً.

وأحياناً تقع الكاتبة في تكرار المعلومات مع أن الأدب يقوم على فكرة الاقتصاد والاختزال.

وقالت الكاتبة د. علا حسان إن روايتها انعكاس لقصة حقيقية بطلها بالفعل سافر إلى السودان وجند هناك ليحارب المتمردين في دارفور.

وأضافت: قرأت عشرات الكتب عن دارفور والسودان وفوجئت بمعلومات لم أكن أعلمها من قبل عن هذا القطر الشقيق.

واستعنت بجوجل إرث لأصف الأماكن والشوارع وكأنني أراها رأي العين.

ومنطق الأبطال في الرواية أن لديهم أمل رغم ما يحاط بهم من يأس وفقر ومعنى (جنجويد) الشخص الذي يركب جملاً أو حصاناً ويحمل السلاح.

وأشارت إلى أن الرواية التي نشرت عام 2000 تنبأت بتقسيم السودان والتقسيم مخطط غربي يشمل جميع الدول العربية.

والحب موجود في الرواية لكن عندما تشتعل الحرب يموت الحب.