عايدة عبد الكريم.. فنانة تعشق الحياة والتميز

عايدة عبد الكريم.. فنانة تعشق الحياة والتميز

عبد الرحمن هاشم

عايدة عبد الكريم أستاذة الخزف بكلية التربية الفنية جامعة حلوان.. والمشرفة على متحف فن الزجاج والنحت والعجائن [ زكريا الخناني، وعايدة عبد الكريم ] وهو المتحف الذي أهدته إلى وزارة الثقافة المصرية عام 2007 ليكون نموذجاً للعطاء والتميز والرقي..

عايدة إنسانة وفنانة تشم تفرد موهبتها عن بعد، وعندما تقترب تنبهر بدقة إبداعاتها النحتية والخزفية بعجائن الزجاج الملون الرائع .. هي أستاذة متفردة في تخصصها أشرفت على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة وتخرج على يديها مئات الطلاب والفنانيين المبدعين.. هى مدرسة ومرجع لا يمكن إنكاره فيما يتعلق بالأعمال التشكيلية الكبرى.

عايدة أيضاً هي نوع من الفنانين الذين يبذلون جهداً شاقاً في الإعداد لأعمالهم الفنية، ولو تأملت متحف "فن الزجاج والنحت" في طريق سقارة لاندهشت لدقتها وجمال إبداعها ولأيقنت أنها نموذج يجب أن يحتذى به في مجال الفن التشكيلي الهادف.

عشقت وزوجها المهندس والفنان زكريا الخناني رحمه الله الفن والحياة وقد مثلت مسيرتهما معاً نموذجاً لروح خصبة الفكر والرؤية، حملت مهمة تشكيل الوعي والوجدان.

التقيتها بمناسبة حلول الذكرى الــثامنة لإنشاء متحفها وإعادة تطويره وتحديثه، هذا المتحف الفريد الذي تكمن أهميته في قيمة رسالته الفنية التي تحمل اسم مدرسة لها خصوصيتها، فقد استطاعت وزوجها الراحل أن يتركا فيها بصماتهما الخاصة المميزة سواء في مجال الزجاج الحراري بالنسبة للفنان زكريا الخناني الذي عشق خامة الزجاج فكان الباعث الرئيسي لإبداعاته التي تشعر عند مشاهدتها أنك أمام ضمير نقي أو روح شفافة يتخللها الضوء وينبعث منها ليؤثر فيها وفيما حولها.

لقد آمن أن هذه المادة تملك سحراً خاصاً يكمن في شفافيتها فرآها الأقدر على التعبير عن روح الإنسان والنفاذ إلى مفاتيح البوح بأسرارها..

لكن عايدة عبد الكريم عاشقة الخزف والحجر الجيري اتسمت أعمالها التي تأثرت ونهلت من التراث المصري القديم والإسلامي بالرومانسية والدفء وقد يكون ذلك انعكاساً إيجابياً لمشاعرها كأنثى في ظل مرافقة إنسان وفنان وأستاذ نموذج وقدوة فشكلا معاً نموذجاً رفيعاً لثنائية العمل والفكر والترابط والمودة بين الزوج وزوجه.

أحبت عايدة فنها وتخصصها في النحت والخزف ولعشقها لزوجها (توفي عام 2000م) اشتغلت في الزجاج واتخذته خامة لأعمالها.

وبعد وفاة ابنتها الوحيدة عاشت بمفردها في متحفها تجتر الذكريات الجميلة لكن لم تنس مهمتها وهي أنها معلمة وفنانة ترعى الموهوبين وتمدهم بخبرتها وبالخامات والمكان دون أجر إلا المودة والتفقد والسؤال.

تقول: "الفن عبارة عن تأمل ورؤية وخيال وهو تعمير للأرض وتمييز للإنسان عن غيره من الكائنات.

ولذا أعبر دائماً من خلال أعمالي عن الأمومة والطفولة والأسرة والزوجية والريف والمودة والحنان".

تنصح كل أم أن تتيح لأبنائها فرصة التشكيل بالطين والتأثر بالبيئة كي ينمو إحساسهم بالفن والجمال والذوق.

وتوصي الفنانين أن يتعرفوا على خالق الكون ومبدعه فسوف يجدوا الجمال كله والتنوع كله والألوان كلها.

وعن آخر أعمالها تقول: "جاءني ديك هدية فوضعته بحجرة مجاورة لحجرتي وإذا بي أسمعه كل ليلية يصيح بصوت واضح "ربنا كبير.. ربنا كبير" فجعلت أترقبه كل ليلة وهو ينادي بهذا النداء العذب الجميل ومن شدة تأثري به وبما ينادي نحت ثلاثة ديكة من الزجاج وهم يصيحون "ربنا كبير.. ربنا كبير" وأرسلت أحدهم للعرض في قصر الفنون بساحة الأوبرا.

كما انفعلت بشهداء ثورة 25 يناير 2011م وأبدعت من الزجاج "شجرة الشهداء" أوراقها على هيئة "أعلام" تحمل كل ورقة اسم شهيد من الشهداء".

لا يهمها إن كرمتها الدولة أو لم تكرمها، لكن الذي يهمها هو أن تظل تعمل وتنتج من الجمال ما يضيف إليه جمالاً حتى آخر لحظة في حياتها.

تقول في ذلك: "ربنا هو الذي يقدر.. أنا لا أطلب شيئاً لكن الله يعطيني من عنده ما يرضيني ويكفيني.

اشتقت إلى رؤية الكعبة، وأديت فريضة الحج أول مرة منذ أكثر من 40 سنة وعند الطواف رأيت نفسي مندفعة ـ بدون إرادة مني ـ نحو الحجر الأسعد فإذا هو الجمال كله.. أحسست حينئذ أن الله هيأ لي هذه الرحلة المقدسة التي لم تكلفني سوى خمسة جنيهات".

تقول عن الحياة: "إنها ملك من يحياها، وعن الأم: إنها الحاملة للمسؤولية".

تتذكر الصداقة والأخوة فتقول: "ليلى أختي في الرضاعة ما زالت أقرب الناس إلي كما كانت أمها أقرب الناس إلى أمي.. فتوارثنا الصداقة والأخوة منهما وهي أعظم ميراث لو يعلمون!".