قراءة نقدية لكتاب موسوعة أميرات الشعر العربي

موسوعة أميرات الشعر العربي

لمؤلفه أحمد أبو شاور

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

عن دار أسامة للنشر والتوزيع ،في الأردن ،ط1، 2003م ، ورقم إيداعه في المكتبة الوطنية الأردنية هو 695/4/2003م ، صدر الكتاب المعنون باعلاه لمؤلفه أحمد أبو شاور ،وعدد صفحاته (360) صفحة من القطع الكبير، وترجم فيه لواحدة وسبعين شاعرة منذ الجاهلية والى عصرنا الحاضر (2003م )، وجاء في مقدمته انه اقتصر على هذا العدد حسب؛لأنه لا متسع له في درج أسماء شواعر أخريات ، إذ يحتاج الأمر منه إلى غير مجلد كما عزف عن ذكر الشواعر ممن نشأن في بيوت اللهو والفجور لظنه بمساسهن لو فعل ذلك بسواهن من الشاعرات المتأدبات بأدب الإسلام ، ولا أدري أكانت الشواعر الجاهليات متأدبات بأدب الإسلام وان لم يجئ  الاسلام بعد ؟ ومتى كان يخضع الشعر للدين وأخلاقياته إذا أردنا الموضوعية ؟كما تحاشى كما يذكر في مقدمته(ص4) أن يدرج شواعر محدثات لخروجهن عن أصول الشعر؛ شكلا ومضمونا فتماهين مع الحداثة تماهيا تاما ،لأنهنَّ كتبن أدبا لا هو بالشعر ولا هو بالنثر ، وتمنيتُ عليه لو أدرج أسماءهن في قائمة ملحقة، ليتعرَّف المتلقي عليهن؛ إذ شاعت في عصرنا قصيدة النثر، ولكن الحيرة ظلت تساور المؤلف الكريم فيقول في المقدمة "والحقيقة أنني احترت كثيرا في تسميته ؛فما هو بالخاطرة ولا هو بالمقال ولا هو بالقصة ولا هو بالمسرحية ولا هو بالفيلم، ولهذا وبعد انتهاء تجريبي له مع فنون الأدب وبعد خروجه عن كل هذه أدركت بأنني سأظلم الشعر ، وسأظلم أخواتي وزميلاتي المبدعات لو حشرتهن أو حشرت بينهن نساء أو فتيات لا علاقة لهن بهن "وهنا ينهض سؤال لمَ لم يذكرهن ويترك المجال للنقاد ـ إن أرادوا ومتى أرادوا ـ أن يدرسوا أدبهن وان كان مشوبا بالشعر والنثر والمسرح والقصة وغيرها من فنون الأدب وتشابكه  ؟ثم ها انا اقترح على المؤلف الكريم أن ينقي عباراته فيخرج منها "حشرتهن "وقوله فتيات لان   الأمر لا يتعلق بعمر"فتاة ولا آنسة ولا شوابٍّ " إنما هو بعمر فن ،ثم انه انتقى الشواعر ممن لا علاقة لهن بالشعوذة والاحاجي والالغاز ولا بالمهاترات التي لا تحمل للقارئ اية فكرة او تمكنه بعد الجهد من التوصل الى جملة واحدة مفهومة (ص4) وتمنيت على المؤلف لو ذكر أسماء المشعوذات وصاحبات الألغاز والمهاترات ليفسح المجال للراغبين من المؤلفين والمؤلفات للاطلاع على هذه الافانين الغريبات 

وأتمنى على الأخ المؤلف أن يصحح لغة قوله "استنفذت " كل عوامل الحرص لتكون(المقدمة ص4)"استنفدت "بالدال لان الثانية من النفاد وهو الانتهاء، والأولى من نفذ ومنه النافذة ولعله خطأ طباعي وأرجو أن يتسع صدر المؤلف ففي مؤلفاتي أخطاء إملائية فليرحم الله من يكتب عنها ويصححها وله الأجر من الله تعالى .

وثمة ملحظتان على الكتاب الأولى جيدة وهي ترجمته للشاعرة ودرجه شيئا من شعرها ، والجوائز التي نالتها إن كانت شاعرة معاصرة نحو ترجمته أسمهان الصيداوي (ص7ـ12)وفاته أن يشير إلى مراجع عنها، أما ترجمته آمال الزهاوي فذكر عنها ثلاثة اسطر وذكر مؤلفاتها واعتمد على معجم البابطين في ترجمتها ولم يكمل التوثيق، وكثيرا ما كان يشير إلى مراجعه عن الشاعرة باختصار ودون توثيق علمي كامل لمرجعه شانه في أمينة القطب ومرجعه (شاعرات معاصرات 11) انظر ص(16ـ 22) وغيرها وكان على المؤلف أن يدرج في نهاية كتابه مصادره ومراجعه بدقة البحث العلمي 

والملحظة الثانية وهي مما تحمد له انه أدرج أسماء الشواعر على حروف الالفبائية فهو يمكن  للمتلقي أن يختار من شواعر بلاده إن شا، أو  ان شاء على الغرض من كـــــل الشواعر، وقد لفت انتباهي أن أميرة الشواعر العالمة الشاعرة المتصوفة البدائعية غابت في ترجمته أعني الشاعرة "عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الباعوني "وهي ذات مؤلفات بلغت غير ستة وعشرين مصنفا ، وقيل عنها اكبارا لها ما قيل ،وقد نشرت عنها دراسات فمنهم من كتب عنها في رسالة جامعية عنوانها "عائشة الباعونية شاعرة "، وقد صدر الكتاب عام 1997م، ومنهم من ألف فيها "القول الصحيح في تخميس بردة المديح ل"عائشة الباعونية شاعرة "وقد خمَّست بردة البوصيري ،بقولها :

كتمت وجدي فأضحى غير مكتتم 

بمدمـع عندمي اللــون منسجم 

وقال صحبي ووجدي صار كالعلم

أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلة بدم ؟

أما البيت الأخير من البردة فخمسته بقولها :

أزكى صلاة تنيل القصد والطلبا 

من الوفا وتؤدي بعض ما وجبا 

ويشهد العبد من ألطافـــه عجبا 

ما رنَّحت عذباتِ البان ريحُ صبا وأطربَ العيسَ حادي العيس بالنغم 

كما أنها الشاعرة البدائعية الوحيدة بين شعراء البديعيات، وقد صدرت دراسة عنوانها "بديعية الفتح المبين في مدح الأمين "للشاعرة البدائعية عائشة الباعونية مطلعها "

في حُسنِ مطلع أقمار بذي سلم أصبحت في زمرة العشاق كالعلم

وانتهت بقولها في حسن ختام

مدحت مجدك والإخلاص ملتزمي فيه وحسن رجائي منك مختتمي 

هذا وأتمنى أن تنهض دراسات جادة ،تنهض على ما أغفلته الدراسة المذكورة حرصا على فائدة مرجوة نبتغيها لأدبنا النسوي شعره ونثره وفنونه الأخرى، ولعل كثرة الشواعر العربيات قديما حديثا تستأهل دراسات كثارا في غير رسالة جامعية وفي دراسات غير أكاديمية والله ولي التوفيق.