السندباد وعشق آفيڤان

السندباد وعشق آفيڤان

محسن عبد الرحمن

كاتب وروائي كورديدهوك ـ كوردستان العراق

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمساغراتس

الشاعر و المترجم الكوردي (بدل رفو) الدائم على سفر، حاملا معه حقيبة الكومبيوتر و كتباً  تضم قصائد شعراء من بلاد الكورد بالاضافة الى كتاب يضم اشعار الشاعر الكوردي المغترب (عبدالرحمن مزوري) التي ترجمها رفو مؤخرا الى العربية و صدرت عن مؤسسة (سردم) للنشر في كوردستان العراق.

بدل رفو الجبلي الذي يحلو له لقب السندباد الكوردي، فهو في يوم يحي أمسية شعرية بالغة الكوردية و العربية تحت شمس الريف المغاربي و في صبيحة  يوم آخر يتسكع تحت ندف الثلج في كازاخستان ثم يتوارى  ليظهرفي جزيرة منسية في البحر الادرياتيكي. 

رفو يمارس الترجمة من و الى الكوردية لغته الام، ثم العربية فالروسية و الالمانية، صدرله مؤخرا عن دار سندباد للنشر ديواناً مطبوعاً، مستهلاً اهدائه الى وطن اسمه آفیڤان، ذلك الوطن المنسي من جغرافية كل الاوطان، تقديم الكتاب بقلم د. هدية الايوبي التي بدورها ركزت على الوطن آفیڤان ، وطن الشاعر الذي يلوح في الافق حلماً يتأصل في الوجدان و في اشعار المغترب رفو الذي يمطر قلمه اشواقاً و حنيناً لوطن اسمه آفیڤان، شوق لقاء آفیڤان ، التطلع لغد ابهى و اجمل لعًل آفیڤان تشرق في ليل الغربة أو لعلًها تجيء مع رياح للشرق، مع لهيب نوروز لتدفأ قلباً دونه أسوار و حراس و... لترسم ابتسامة طفولية لكن يصيح الديك و تخرس شهرزاد عن الكلام و لا تجيء آفیڤان.

على ضفاف نهر الدانوب كما ضفاف دجلة الصباحات تمسي و تذبل و رفو تلبسه اسطورة عشق آفيفان، تاج وطن منسي من جغرافية كل الاوطان، حيث يبدأ سندبادنا رحلته من ميناء (طيبة اهل مدينتي دهوك) عازفاً سمفونية ليست كباقى السمفونيات، سمفونية في بهاء قمم كوردستان و حلاوة تمر البصرة، ليحط رحاله في مرفأ آفيفان على طريق الحرير، وطن طهارة الثلج و قدسية النار

تدمي وجه الشمس

بدموع التماسيح القاتلة

و بارز وجه الرب

بسجادة طرِزت

بعبرات الغدر...

                    حينها يعلن الشاعر

(يسفك دم عاشق

صوفي زاهد بهواك يا آفيفان)

ارحلي الى حيث كوردستان

تعزف انشودة الامان

متجهاً منها صوب الموصل مربع طفولة رفو التعيسة، حيث منارة الحدباء الشامخة تروي حكاية الكورد الزنگية، لينخر في طوبها ارهاب البداوة، راسياً ب (قلعة)  قبالة اطلال باشتابيا متذكراً الشوارع المكتضة بالعشاق، الغافية على اكف العفاريت البشعة! و طيف ال (سيد عبد) ذو الشعر اللولبي الكثيف الحافي القدمين الراكض وراء المارة موزعاً السكاكر خاصة على النساء السفورات المهوس بالجميلات المتبرجات اللاتي يجفلن منه و يولين هاربات منه و مذعورات و عربة باقلاء متي، الى تمثال الموسيقار ملا عثمان الموصلي الشاهد على كهولة و استبداد المدينة في تعسف شيبها في نهش اوصال عشاقها، بينما أنبيائها كوجهائها الفاقدي الذاكرة يغطًون في سبات عميق. بينما الشاعر لايزال يحلم ب:

حلمت...

بسور الصين العظيم

أهرامات الفراعنة

و جنان سميرأميس المعلقة

بطروادة

سبارتاكوس

بالموصل حيث على موائد القمار

و بصوت جهوري:

عاش الوطن

و بالروح و بالدم نفديك يا وثن!

الموصل تبيض واجهات محلاتها وتزين شوارعها لاستقبال الاوثان.

شعر رفو يجمع بين شوق اللقاء و الم الفراق في محطات و مرافىء السفر و الترحال، كما يجمع بين الجمال و القبح، الامل و اليأس، الثناء و النقد...، آخر مرفأ في رحلة السندباد أشار اليها الشاعر(جلال زنگابادي) مخاطبا رفو (لاوطن لك سوى آفیڤان) لكن أية آفيفان، حيث لا محل لشعراء الحقيقة من الاعراب، صارخاً في عمق وجدانه:

فيا صاح

مهما تقاذفتك المناسي و المنافي

و طرت و ابحرت و طويت الفيافي

من أمازيغستان الى كازاخستان

لا وطن لك سوى آفيفان

ان ما يميز ديوان رفو (وطن اسمه آفيفان) و اهميتها هو مكان صدورها (سندباد للنشر و الاعلام) I.S.B.N و ترقيمها الدولي،5-977-5966-48 ، بالقاهره، 2009.

صدور هذا الديوان في جمهورية مصر يعني الحوار الذي بدوره يعني تقريب الصورة و تبادل وجهات النظر بين

الشعوب المختلفة لأن ما يوصله الادب بيسر يعجز عن ايصاله السياسة و البروتوكولات.

ان الترجمة و خاصة في مجال الشعر بين اربعة لغات (الكوردية، العربية، الروسية، الالمانية) عمل رائع و متعب لكن لااظنة يخلو من الاثارة، لكن براي ان معظم  الشعرالكوردي الذي ترجمه رفو كان الى اللغة العربية و لم يترجمها الى اللغة الروسية او الالمانية ماعدا شعره فقط ترجمه الى الالمانية، أي ان معظم الترجمة هي لتعريف القارىء الكوردي و العربي بالشعر الاوروبي، بدل من تعريف القاريء الاوروبى بالادب الكوردي،و هذا اهمال نرجوا مستقبلأً ان يهتم به رفواكثر.