صوت الحرية

clip_image002_8be67.jpg

قراءة في كتاب ؛ النظام السوري والجريمة المستمرة

       صدر عن مركز أمية للدراسات الاستراتيجية ، كتاب (النظام السوري والجريمة المستمرة) من 2011م إلى 2015م، وهو واحد من بين أهم النصوص التي تتحدث بلغة رقمية  ومنهج احصائي دقيق عن مجريات الاحداث في سوريا ، وهو المنهج التوثيقي الذي التزم به  المركز وأكد على تمسكه بتقاليده العلمية عبر أدبياته المتنوعة من كتب ودراسات، خدمة الحقيقة ، ودفاعا عن حقوق الامة في الحرية والكرامة والعيش الآمن والغد السعيد ، وإذ يقدم المركز هذا التص الذي بذل مؤلفه جهدا طيبا في إعداد وتنظيم مادته الوثائقية المستندة إلى الوقائع الميدانية ؛ في جبهات الحرب بين الشعب السوري وبين القوات الحكومية      وحلفائها من قوة الحرس الثوري الايراني ، والمليشيات الطائفية الوافدة من لينان والعراق ،

وقد حرص  مركز أمية  في هذا النص كما في غيره بإعتماده الثوابت الثلاثة التالية:

1ــــ العلمي ؛ الحقائق الموثقة بالادلة والبراهين، والبيانات والوثائق.  

2ـــــ الفني ؛  التفاني في العمل ، الذي يجمع مابين المهارة والتقانة.

3ــــ العملي ؛ الاتساق العلمي والفني في اطار تطبيقات عملية وواقعية.

وطبقا للالتزام بهذه المحددات المنهجية فقد أكد المركز بدءا من مقدمة الكتاب وانتهاء بآخر فقرة في النص ، على ثلاث حقائق أساسية  :

الحقيقة الأولى ؛ تعريف وتوصيف ماهية النظام السياسي القائم في سوريا ؛ بوصفه نظاما فاشيا، فاق بنهجه الدموي أكثر الأنظمة وحشية في التاريخ، في الكم والنوع وطبيعة الانتهاكات وجرائم الإبادة الجماعية التي نفذها النظام منذ عام 2011 وعلى مدى السنوات الأربع ، ومازال وفي  كل يوم مستمرا  في  جرائمه  الدموية  ضد الشعب السوري وتوسيع مديات القتل في القرى والريف والمدن ، وقد سقط ويسقط الآلاف من الضحايا وبالأخص المدنيين ، حسب الشهادات الميدانية التي وثقت أحداثها جمعيات حقوق الانسان ، وفقهاء القانون الدولي الانساني، فمن أجل أن يبقى نظام بشار الأسد متربعا على جماجم الأبرياء، ومنذ بداية الثورة الشعبية عام 2011 وحتى اليوم وأنصاره يرددون ؛ المقولة البربرية ( بشار باق للأبد ؛ وليذهب الشعب كله إلى اللحد) !!

الحقيقة الثانية ؛ مستويات الإيذاء المنهجي المنظم تجاه الشعب السوري نفسه ، بإعتباره هدفا معاديا بكل المعايير الوحشية التي لجأ إليها النظام ، فغالبية الضحايا الذين سقطوا بالسلاح الحكومي هم مدنيون  ـ ولعل مصرع 40 الف مواطن مدني في حماه ، يعد دليلا من أدلة لا أول ولا آخر لها مما حدث ومايحدث في أنحاء سوريا ، وهو القتل الذي امتد إلى ربوع سوريا كلها من القرى والقصبات إلى المدن المكتظة ـ

الحقيقة الثالثة ـ أدوات الجريمة التي استخدمها النظام بدءا من أسلحة الإبادة الجماعية المحرمة دوليا من ضروب؛  قنابل الغاز السامة والمقذوفات الكيماوية ، والبراميل المتفجرة ، مرورا بالعنقودية والقنابل الفراغية ، وهي تشمل وسائل واساليب القتل العمد والتخريب والتدمير الشامل ـ

وقد قدم الدكتور أنور مالك في توطئته المهمة عرضا تقصيليا ، لواحدة من أهم الوثائق والشهادات المحايدة ، لمراقبي الجامعة العربية الذين تولوا مهام كشف الوقائع  الخفية والتحقق من طبيعة الوقائع ميدانيا ، وقد استغرقت مهمة اللجنة حوالي اربعة اسابيع للفترة من 25/12/2011 ــــ إلى 27 /1/2012ـ

كان الدكتور أنور مالك كما يقول في توطئته شاهدا ـــــ رسميا ودوليا وعربيا ـــــ على جرائم حرب ضد الإنسانية، وطبقا للبرتوكول الذي وقعته حكومة الأسد مع الأمانة العامة للجامعة العربية فإن النتيجة التي خرج بها تؤكد بيقين بأن مايجري في سوريا هي حرب حكومية مفتوحة ضد الحياة تستهدف تدمير الوطن وقتل المواطن، وان النظام السياسي بأركانه برهن على فقدانه لاي حس إنساني ، كما أثبت بأنه يعد نفسه خصما لحقوق الإنسان ، وهو مصر على انتهاكاته ضد مواطنيه بمعزل عن  الاعراف الإنسانية والقوانين الدولية ـ

          لقد جاء الكتاب في وقته المناسب، وقد سعى مؤلفه الاستاذ الدكتور عبد العزيز مصطفى إلى بسط كتابه عبر فصلين:

الأول ؛ حمل عنوان (جرائم القتل العمد) وانتهاكات حقوق الانسان ـ وتشمل جملة من العناوين الفرعية المهمة ، الموثقة بلواقع الميدانية وباللغة الرقمية، التي تعطي القارئ صورة متكاملة وبالغة الوضوح لحقيقة المشهد الذي يعيش تحت وطأته شعبنا العربي السوري ـ الذي تحالفت على قمع ثورته الشعبية قوى الجيش النظامي وذيوله واتباعه، فضلا عن حليفه العتيد النظام الايراني ، والميليشيات الطائفية المتوافدة من  كل حدب وصوب من عصابات حزب الله اللبناني إلى كتائب القتلة من العراق ، كفيلق بدر والعصائب الإجراميةـ 

أما الفصل الثاني؛  فقد عرض استخدام النظام السوري للأسلحة بكل صنوفها العسكرية وأنواعها التدميرية ، وبهذا المستوى الهائل من الأدوات العدوانية ، تؤجج القوات الحكومية النار لإحراق الأرض والإنسان ، في سعي هستيري ضد الحياة نفسها ، وبفعل تأثير الأسلحة الفتاكة البيولوجية والكيماوية ، شهد  الشعب السوري، نوعا من الكوارث غير المسبوقة حتى في الحروب الكونية ، فقد أزيلت قرى وبلدات من الخارطة بفعل المحق التدميري، فيما تحولت بعض المدن إلى  خرائب وأطلال ، وهو مادفع الملايين إلى الخروج من جحيم العدم المحقق، بالهجرة والتهجير ،  فيما يبقى  صوت الحرية هو الأعلى على كل أسلحة النظام ، فلم يتوقف الفعل المقاوم عن التقدم ببسالة فريدة على كل جبهات الموت، وهو وحده من سيدون لائحة النصر الذي بات وشيكا ـ والسلام على الشهداء.

وسوم: العدد 629