الشعر الإسلامي المعاصر 1

إهــــداء

         إلى رابطة الأدب الإسلامي العالمية أهدي هذا الكتاب تقديرا لجهودها في نشر الأدب الإسلامي لأن مادته الكبرى كانت من عصارة جهد أبنائها ونور قلوبهم ، وأقول بعد :

          يارب ...

            إذا كان " شعراء القضية " قد بلّغوا الأمانة بما سطروه من قصائد فأنا أبلغها بدراستها لإعلاء دينك فاكتبني في صف المجاهدين ...

           يارب

          هأنذا أردد مع شاعر القضية عمر بهاء الدين الأميري ، وقد سبقني إليك :

سدِّد خطاي وشُدَّ عزمي واصطنعني للقضية

لف الشقــــاء العالمــــين، ونحن ضيَّعْنا الهويــــــة

والرحمـــــــة المثلى لإنقاذ الوجـــــود " محمدية "

فأعـــــِدْ بدينـــك للبرية أمَّــــة الإسلام حيـــَّـــــــة

     ثم أقول :

واغفــــــر لزينــــــب في المعــــاد .. فإنها أغلى هدية

المؤلفة     


                       

بسم الله الرحمن الرحيم

مقــدمة

     حمدا لك يارب وشكرانا.. حمدا يملأ آفاق السماوات والأرَضين حتى ترضى .. حمدا كثيرا طيبا مباركا على ما أنعمت عليّ إذ ألهمتني أن أسطر مافيه خدمة لدينك وإعلاء شأن آدابه ولغته، وجعلت ذلك كله جهادا حين قال حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم لشاعر الإسلام حسان بن ثابت " اهجهم وروح القدس معك " اقتداء بقولك الكريم " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " ...

     وصلاةً وسلاما  دائمين على رسولك الأمين الذي بلغ الأمانة كلمة ًكما بلغها بالسيف . ومن الكلمات ماهو ذكرى للذاكرين، صادرٌ من الأعماق، لاهث حزين كحزن الأمة الإسلامية لما تتعرض له من نكبات شتى، ومنه ما هو متفائل بولادة فجر جديد، وما ذلك على الله بعزيز، وما عند المسلمين من آيات بينات وأحاديث مبشرات مايجعل القلوب تثلج، والصدور تطمئن إلى أن وعد الله آت  لامحالة، وهو القائل سبحانه " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكنَّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهَــوْا عن المنكر ولله عاقبة الأمور([1]) " . ولئن انبهر أبناء الأمة الإسلامية بالحضارة الغربية ومعطياتها فإن زيفها قد انكشف ، ورجال الصحوة قد نهضوا بعزم شديد ينيرون القلوب والعقول ، ويبصرون الأمة سبل الرشاد ، وهاقد استظل بظلهم كثيرون ، والثمرة بدأت تنضج ، والقلوب بدأت تتشرب الفكر النقية وتدرك أن لاخلاص للأمة إلا بظل الإسلام وشريعته، وما هذه الثورات التي أطلق عليها اسم الربيع العربي إلا من مخاض الصحوة .

     ولئن كانت الآداب قد انحرفت وانجرفت مع تيار الفساد الذي ران على القلوب والعقول أمدا، فإن أدب الصحوة الإسلامي حمل النور ووقف في وجه موجات الحداثة العاتية، التي سعت لاقتلاع الأمة من جذورها والرمي بها في أحضان التغريب وإضاعة الهوية . وكان للنكبات التي تعرضت لها الأمة على جميع المستويات العقدية والاجتماعية والسياسية أثرها في تحريك الوعي، فالعدو الصهيوني ارتكب بعد نكبة 1948م جرائم لاتوصف، والعالم الإسلامي وإن كان قد تحرر معظمه بعد هذه النكبة فإن الاستعمار سيطر عليه بأساليب أخرى فانحرفت السفينة عن مجراها، وعانى المسلمون من هذا الانحراف ماعانوه، فكانت قصائد رجال الصحوة تصحيحا للعقيدة وللعلاقة مع الله سبحانه، ومع ماسخره لنا في كونه الفسيح، ومع الناس قاطبة لنسير بهم على هدى وبصيرة ،حتى يتحرر العباد من عبادة الشهوات والعباد، إلى عبادة الله الواحد القهار .

      وهكذا بدأ الأدب الإسلامي نورا ونارا، يبصر طريق الخير بعد أن يعري الفساد، واتخذ من الشعر والقصص والمسرح خاصة أداته، ولئن كان هذا الأدب هو جزء من الأدب العربي الحديث فإن له سماته ورؤاه ، فقد التزم الإسلام في نظرته إلى الله والكون والإنسان والحياة، كل الحياة بينما انحرف كثير من الأدب العربي في العصر الحديث عن مساره الذي وجد من أجله حتى صفق أبناؤه للإلحاد والفجور ، ونشر بين أبناء الجيل ماحرفهم عن النهج الصحيح فنشأ جيل البغاء الهدام الذي لايستحيي من المنكر، بل يدعو إليه في جنوح شديد .

     ولقد قامت رابطة الأدب الإسلامي بعد أن هالها ما رأته من انحرافات بعملية التصحيح هذه، فألف أعضاؤها كتبا تنظِّر للمذهب الإسلامي في الأدب وتوضح فلسفته القائمة على الالتزام بالإسلام ، وأصدروا كتبا متعددة في هذا المجال أولها كتاب " نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد" للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا، و" الأدب الإسلامي بين الالتزام والإسلام" و "دور الأدب الإسلامي في الوحدة الإسلامية" للدكتور عبد القدوس أبو صالح، و" في الأدب الإسلامي" و" قضايا الأدب الإسلامي"للدكتور وليد قصاب، و"مقدمة في نظرية الشعر الإسلامي المنهج والتطبيق" للدكتور عباس المناصرة ، و"سيمياء الأدب الإسلامي المصطلح والدلالة" للدكتور حسن الأمراني ، و"المنهج الإسلامي في النقد الأدبي"  للدكتور سيد سيد عبد الرزاق ، وهذه الكتب تهتم كلها بالجانب النظري .

       أما " الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق " للدكتور صلاح عبد الدايم فيتحدث عن الأدب الإسلامي منذ عصر النبوة، وقد حوى الشعر والنثر في كتاب واحد فكانت دراسته للشعر المعاصر موجزة ، وهناك كتب اقتصرت على بلد واحد، أو مدة زمنية قصيرة ، مثل القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق دراسة ترجمة نصوص للدكتور بهجت الحديثي، والقضية الفلسطينية في الشعر الإسلامي المعاصر لحليمة بنت سويد الحمد إذ تحدث عن المدة  بين نكسة حزيران 1967م إلى 1990م،، وهي كتب على قيمتها لاتشمل الشعر الإسلامي المعاصر – موضوع كتابي – الذي نظمه شعراء الضاد الإسلاميون منذ خمسينات القرن العشرين وإلى يومنا هذا ( 1433هـ / 2012م ) ملتزمين به تعريف رابطة الأدب الإسلامي للشعر الإسلامي وهو " التعبير الفني الهادف عن الكون والإنسان والحياة من منظور إسلامي " والتعبير عن الكون يعني الحديث عن الله خالقه سبحانه وتعالى .

     وقد اقتصرت فيه على الشعر الإسلامي المعاصر الذي يبدأ بنكبة فلسطين سنة 1948م أو بالخمسينات من القرن العشرين ليشمل مايزيد عن ستين سنة، مليئة بأحداث جسام رانت على الأمة منذ النكبة فالنكسة، فاستعمار أصقاع إسلامية كان له صداه عند المسلمين، كاحتلال أفغانستان وجرائم الصرب في البوسنة والهرسك، والروس في الشيشان والهندوس في كشمير، فضلا عن جرائم الصهاينة في فلسطين ...

      وقد حرصت على ألا أسطر شعرا إلا إن كان قائله ملتزما بالإسلام منفعلا مع أحداث الأمة، ولم يتذبذب في موقفه الإسلامي تجاه ما يدور في الساحة، وحافظت على هذا المبدأ مااسطعت إلى ذلك سبيلا ، وساعدني على هذا كتب التراجم الإسلامية وفي مقدمتها معجم الشعراء الإسلاميين للأستاذ أحمد الجدع ، وشعراء الدعوة الإسلامية له بالاشتراك مع الأستاذ حسني أدهم جرار، وشاعرات معاصرات للأستاذ جرار نفسه ، و" من الشعر الإسلامي الحديث " الذي أصدرته الرابطة ، وكتب ودواوين ومجلات صادرة عن رابطة الأدب الإسلامي أو عن أعضائها، ولكني رأيت خلال مسيرة البحث الطويلة نصوصا إسلامية نشرت في مجلات جادة كمجلة الأمة ومنار الإسلام الصادرة عن الأزهر في القاهرة، والفتح الصادرة عن أوقاف الشارقة فأخذت من هذه النصوص عملا بقول المرحوم عبد العزيز الرفاعي : " الالتزام مسألة نسبية وينبغي أن نأخذه باعتدال فلا نضيق معاييره بحيث نخسر أنصاره وأنصارنا ، ولا نوسع هذه المعايير بحيث نفقد معناه الذي ندعو إليه ونرغب فيه حفاظا على تماسك مجتمعنا المسلم ولكي نحفظ لهذا المجتمع فكره المبدع، إيمانا منا بأهمية الفكر وبأهمية الإبداع معا ... الشرط المهم ألا يتخذ الأديب من فكره وقلمه معولا لهدم الأسس الإسلامية القويمة بأي شكل من الأشكال ". وهذه النصوص هي  قليلة على أي حال ، كما أني قد ألغيت شعرا علمت لأصحابه توجهات أخر .

       أما الشعراء الذين عاشوا مدة طويلة قبل الخمسينات وبعدها فقد تركت من قصائدهم ما قالوه قبل النكبة أو قبل الخمسينات إن دلت قرينة على ذلك كما في شعر علي أحمد باكثير وسيد قطب .

    لن أتكلم كثيرا عن الصعوبات التي واجهتني لأني أحتسب ذلك عند ربي راجية أن يبيض بذلك وجهي ، ولعل أكبر مشكلة هي البحث عن تراجم كثيرين ممن نشروا قبل أن يشهروا ويترجم لهم ، وكثير من كتب التراجم غدت معلوماتها قاصرة لوجود شعراء عرفوا بعد زمن طباعتها، وقد استعنت لذلك برابطة الأدب الإسلامي وبالمواقع الإلكترونية ،وبرسائل الشعراء، ومع ذلك بقي عدد لم يترجم لهم .

    وهناك مشكلة تَشابه بعض الألقاب فالشاعر عمر بهاء الدين الأميري وابنه د. أحمد البراء الأميري شاعران ، وميزت بينهما، فإن ذكرت اللقب " الأميري " فحسب فإني أعني بذلك الأب لا الابن .   

   وقد قسمت الكتاب إلى مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب :

   فأما المقدمة فبينت فيها سبب اختياري للموضوع وتحديد مدته الزمنية ومفهوم الشعر الإسلامي وأبواب الكتاب .

   وأما التمهيد فكان لمفهوم الأدب الإسلامي ومذهبه النقدي، ودور الشعر الإسلامي في الحياة .

وكان الباب الأول بعنوان " الله جل جلاله والكون في الشعر الإسلامي المعاصر، وكان فصله الأول ( الله جل جلاله في الشعر الإسلامي المعاصر ) قد تحدثت فيه عن صفاته العلى، وعبادته عز وجل، ومناجاته وحبه وتعظيم كلامه، القرآن الكريم دستور الأمة وسبيل هدايتها، وعناية المسلم بالقرآن الكريم وحفظه .

     وكان الفصل الثاني للكون مُبدَعا من رب العالمين، والغاية من خلقه، والطبيعة مظهرا من مظاهر عظمة الخالق، أو إطارا لقضية سياسية أو اجتماعية وذلك كله من خلال معطيات الشعر الإسلامي المعاصر .

     أما الباب الثاني فكان للإنسان في هذا الشعر، وكان فصله الأول للإنسان خليفةً في الأرض، كما تحدثت فيه عن طبيعة النفس البشرية في صلاحها وغوايتها، وفي قوتها وضعفها، وفي تفاؤلها وتشاؤمها وابتلاءاتها، وعن الإنسان بين الدنيا والآخرة، وعن رحلة الموت وما بعدها من نعيم أو عذاب .

      وجاء الفصل الثاني عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنسانا وداعية ، فذكرت ماقاله الشعراء الإسلاميون  من حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان، من نسبه وولادته ونشأته وأخلاقه، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم الداعية، وما كان من جهوده في عهد النبوة المكي ثم المدني، وتكوينه للدولة الإسلامية وفتوحاته ، كما تحدثت عن علاقة صحبه به حبا وطاعة واقتداء به، ودفاعا عنه قديما وحديثا ضد من أساء إليه، كما أوضحت اتخاذ حديثه وسيلة لعرض واقع المسلمين في عصرنا هذا.

    وأحب أن أشير إلى أن معظم هذا الشعر كان مدائح نبوية قيل في مناسبات نبوية ولكن دراستي لها كانت تركز على الرسول صلى الله عليه وسلم إنسانا وداعية وقدوة للآخرين . ولهذا انتقلت بعد الحديث عنه إلى الحديث عن تأسي الدعاة المعاصرين به وصفاتهم الإيجابية والتزامهم الدعوة إلى الله متخذين سبيل الإصلاح أو الثورة كما ذكرت معاناتهم وسلبياتهم .

      وكان الفصل الثالث للإنسان الطفل، رجل المستقبل ، وقد ذكرت فيه أهمية هذا الشعر ، وأنواع الشعر الطفولي العقائدي والتربوي والوطني وضربت لذلك نماذج مما قاله الشعراء عن الأطفال أو و مما وجه إليهم .

     أما الباب الثالث فكان بعنوان الحياة في الشعر الإسلامي المعاصر، وقد قسم إلى فصلين كبيرين تحدث الأول منهما عن الحياة الاجتماعية، وذكرت فيه من خلال الشعر الإسلامي المعاصر الحضارة والأخلاق، فبينت سمات الحضارة الحديثة قديمها وحديثها، ومظاهرها وضياع الجيل بنشر الفساد، وطغيان المادة فيها ،كما ذكرت فضائح الحضارة الغربية،ثم عرجت إلى الحديث عن الأسرة والمرأة خاصة فذكرت آراء الشعراء الإسلاميين في الأسرة وتكوينها وعلاقات أفرادها، ثم انتقلت إلى المرأة فبينت ماقاله الشعراء الإسلاميون فيها سلبا وإيجابا مما يتعلق بتربيتها للأجيال، وتعليمها وعملها، وحجابها وسلوك الجنسين بين السمو والانحراف، وجهادها وأخيرا المرأة الرمز لقضية ما .

       ثم انتقلت إلى الحديث عن الأوضاع الثقافية في الشعر الإسلامي المعاصر فتحدثت عن العلم والعلماء، وعن جهودهم في نشر الإسلام واللغة العربية ، وأوضاع هذه اللغة والتحديات التي تتعرض لها، وأحوال المعلمين ومعاناتهم، وتكريمهم وتكريم من قدم خدمات علمية جلى .

     أما الفصل الثاني فكان بعنوان الحياة السياسية في الشعر الإسلامي المعاصر ، وفيه تحدث عن واقع العالم الإسلامي وعوامل ضعف الأمة الإسلامية، وتكمن في سقوط الخلافة، وزرع فلسطين في قلب العالم الإسلامي، وقد ألمحتُ إلى وعد بلفور ثم سارعت إلى نكبة 1948م وتوقفت عند هذه لما جرَّته على العالم الإسلامي عامة وفلسطين خاصة من نكبات وويلات، ثم عرجت إلى الحديث عن نكسة حزيران فالانتفاضتين فحرب غزة .

     ثم انتقلت إلى الحديث عن المعسكر الغربي وسياسته عاملا من عوامل إضعاف العالم الإسلامي، وذكرت من خلال الشعر الحركات التحررية في النصف الثاني من القرن العشرين إلى يومنا هذا بدءا من ثورتي مصر والجزائر ، ثم تحدثت عن سياسة الغرب في تفريق الأمة وإثارة الحروب ، وفي حركات التنصير ، وبينت أخطار المعسكر الشرقي ومعسكر دول عدم الانحياز، ثم سياسة الحكام في الوطن العربي التي تقوم على نشر دعوات معادية للإسلام كالقومية العربية وبينت علاقتها بالإسلام والوطنية، ثم ذكرت حركات التغريب وأفكار التقدمية والرجعية والعولمة والإرهاب والطائفية، ثم موالاة العدو والتقصير في الدفاع عن الوطن ، وسياسات القمع وشراء الضمائر واستنزاف خيرات الشعوب .

    وكنتيجة لهذا كله كانت الصحوة الإسلامية وقد فضح أبناؤها الواقع السياسي، وذكَّروا بالماضي المجيد ودعوا إلى الجهاد، وبدا هذا في أفغانستان ثم في الشيشان والبوسنة والهرسك، وفي كشمير والعراق ، وانتهيت إلى أن الخلاص من هذا الواقع لن يكون إلا بالعودة إلى الإسلام وشريعته حاكمة للشعوب في العالم كله .

     وكان الباب الرابع للشعر الإسلامي المعاصر فنيا، وقد قسم إلى خمسة فصول، كان الأول للتعبير الفني بأساليب خطابية ووجدانية ورمزية، وجدلية وساخرة، وفي مفارقات، وفي توظيف التراث الديني والأدبي، وفي التناص والمعارضات ، وتوظيف الزمان والمكان، وهناك أساليب أخرى فضلا عن مراعاة أسلوب المتلقي الطفل.

     أما الفصل الثاني فكان لموسيقا الشعر الإسلامي المعاصر، وقد درست فيه الموسيقا العروضية الخارجية الناجمة عن موسيقا الوزن العروضي والزحافات والعلل، وموسيقا القافية الموحدة والقوافي المتعددة في المزدوجات، والمثلثات والرباعيات والمخمسات ومافوقها حتى المعشرات، ثم في الموشحات، ثم عرجت إلى الموسيقا الداخلية التي تبدو من التكرار والتفويف أو التقسيم الصوتي، وإيقاع الميزان الصرفي والوقفات العروضية والتصريع والوقفات الدلالية، وموسيقا الجملة الاعتراضية، وموسيقا البيت المدور، وإيقاع علامات الترقيم والحذف والفواصل الصامتة، ثم انتقلت إلى الحديث عن تغيرات في الأوزان العروضية، ثم إلى موسيقا شعر الأطفال، فموسيقا شعر التفعيلة فالنثر الشاعري الإيقاعي، وأخيرا إلى الانزياحات العروضية في هذا الشعر الإسلامي .

     وأما الفصل الثالث فكان للتصوير الفني في الشعر الإسلامي المعاصر، وقد عرضت فيه المشاهد الكلية التي بدت في أجواء دينية وسياسية واجتماعية ومن الحياة اليومية، ثم من الطبيعة التي عرضها الشعراء الإسلاميون وصفا خارجيا أو داخليا، كما التقطت صورا من مشاهد جزئية، ثم صورا جزئية تشبيهية واستعارية وكنائية،وصورا حسب الحواس، وبينت مصادر هذه الصور ،وأخيرا انتقلت إلى التصوير الفني في شعر الأطفال.

    أماالفصل الرابع فكان للقصة الشعرية الإسلامية، وقد ذكرت منها الحوارية الشعرية ثم الصورة القصصية، ثم الأقصوصة فالقصة الشعرية القصيرة، ثم الملاحم الشعرية، وأخيرا قصص الأطفال الشعرية .

     أما الفصل الخامس فكان لفن المسرحية الشعرية الإسلامية، وقد درست فيها المسرح التراثي الديني والتاريخي، وما عرض بشكل رمزي أو ذهني أو عبثي، وأخيرا المسرح الطفولي الإسلامي ماكان منه حوارات ومسرحا وعروضا إنشادية .

     وأخيرا ... أحمد المولى تعالى على ما أعانني حتى استوى هذا الكتاب، ويكفي الاطلاع على قائمة المراجع وتنوعها بين كتب ودواوين جاوزت ثلاثين ومئتي كتابا فضلا عن الدوريات وقد بلغت أعداد مجلة الأدب الإسلامي وحدها مايقارب خمسة وأربعين مجلة، وذلك ليعرف الجهد الجهيد في تأليف كتاب عن الأدب الإسلامي ليصحح المسار الأدبي، كما أشكر رابطة الأدب الإسلامي التي قدمت لي مجلاتها وكثيرا من دواوينها، وأشكر دور النشر التي ساهمت في نشر الكلمة الطيبة . بل كل من أرسل إليّ قصائده وفي مقدمتهم د. عثمان مكانسي ود. نبيل قصاب باشي والأستاذ محمد حبو حبيب الذي أتحفني بديوانه المخطوط ( صوت الحق )، والله اسأل أن يجزينا جميعا خير الجزاء في موقف الحساب.

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . 

                                                                                      المؤلفة


التمهيــد

الأدب الإسلامي ومذهبه النقدي ودورهما في الحياة

     قبل أن أخوض في عباب بحر هذا الكتاب أود أن أتطرق إلى أمرين هامين هما مصطلح الأدب الإسلامي ونقده، ودور الشعر الإسلامي في الحياة لما لهما من أثر في نظرة المتلقي إلى الشعر الإسلامي المعاصر .

   أولا: مصطلح الأدب الإسلامي :

    هناك من يعد الأدب الإسلامي المعاصر امتدادا للشعر الإسلامي أو الديني عبر العصور ، وهناك من يعده جزءا من الأدب العربي الحديث ولا حاجة برأيه إلى أن ينفصل عنه ويتمايز ، وآخرون يرونه أدبا بدا في حلة جديدة صدرت عن رجال الصحوة الإسلامية، ومهّد له سقوط الخلافة الإسلامية في 1342هـ 1923م ، ثم نكبة فلسطين 1948م، وواقع الفساد الاجتماعي والسياسي في العالم الإسلامي إذ كانا محركا لهم ليطلقوا مافي قلوبهم من غليان الثورة ضد الظلم والطغيان والعدوان، سعيا منهم لإعادة المجتمع الإسلامي إلى عهد القوة والنقاء والحضارة الإسلامية المرموقة .

     وقد آمن هؤلاء أن الله سبحانه اتخذ من الكلمة الطيبة منارا لتحريك الهمم يوم أن أعلن في كتابه الكريم قوله "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون([2]) ". ويوم أن قسم الله الشعراء إلى قسمين بقوله " والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون مالايفعلون، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون([3]) " .

     واستن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هذه السنة المباركة، وحض الصحابة على أن يدافعوا عن الإسلام وينشروا الخير بالكلمة الطيبة، وموقفه من حسان بن ثابت رضي الله عنه معروف مشهود، كما صحح لكعب بن مالك قوله :

          مُجالدُنا عن جِذْمنا كل فخمة             ............................... 

إذ قال له لاتقل " عن جذمنا " ولكن قل " عن ديننا " ، وبهذا رشّد خطوات الشاعر([4]) .

    واستن الخلفاء من بعده هذه السُّنة ، وسَجن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشاعر الحطيئة لهجائه الزبرقان بن بدر، وعَزل النعمان بن بشير لحديثه عن الخمرة، كما تمثل المسلمون هذه السُّنة الطاهرة فقال ذبان بن الحارث السعدي :

فأصبحت للإسلام ماعشت ناصرا      وألقيت فيها كلكلي وجراني([5])

    والتزم الشعراء المسلمون الدعوة إلى الله ورسوله بكلماتهم الطيبات ، وكان شعر الفتوحات الإسلامية وقودا يحث المسلمين على مواصلة الجهاد لبناء الدولة الإسلامية الكبرى، ونشر مبادئها السامية في العالم كله .

    ثم جاءت عصور درس فيها القرآن الكريم لمعرفة أسباب جاذبيته ، وبدأ الجمال الفني يبرز في الدراسات اللغوية ... وبدأ النقاد القدامى يبينون مكانة الشعراء ويفاضلون بينهم لمعانيهم أو أساليبهم، وكان من نتائج ذلك ما ذكره القاضي الفاضل عبد القاهر الجرجاني حول شعر المتنبي وأمثاله ممن انحرفوا عن الإسلام إذ قال " فلو كانت الديانة عارا على الشعر ، وكان سوء الاعتقاد سببا لتأخر الشعراء لوجب أن يمحى اسم أبي نواس من الدواوين .. ولكن الأمرين مختلفان، والدين بمعزل عن الشعر "، وقد بين د. حسن الأمراني قصده من هذه الكلمة ، فالجرجاني الذي عرف بتقواه لم ينتقص قدر الالتزام بالإسلام في قولته هذه، ولكنه رمى أن يبين أن الأدب ليس التزاما بالمضمون الإسلامي فحسب وإن كان للمضمون أهميته، ولا أدب فكرة فحسب وإن كان لايتغاضى عن الفكرة، ولكن الأدب يولي الجمال الفني المرتبة الأولى، لأنه إن فقد هذه الصفة فقد فقد صفة الأدب، أي فقد جوهره ، وعند ذلك سمِّه ماشئت إلا أن تسميه أدبا، كما أن صفة التعهر لايسقط عنه صفة الأدب، إلا أنه يسقط عنه صفة الإسلامية([6])،وهذا أمر لاجدال فيه كما يقول د. عز الدين مختار ، فكم من شاعر موهوب فاسد العقيدة([7]) . ولكن دعاة التغريب فسروا قول الجرجاني على أنه انفصام وخصام بين الأدب والفن لغاية في نفس يعقوب .

     ثم إن كثيرا من النقاد المسلمين القدامى نددوا بشعر المتنبي وأبي نواس لمخالفتهما الإسلام، ومن هؤلاء أبو عمرو الشيباني والأنباري والباقلاني، والقيرواني والأصمعي والآمدي، والثعالبي وابن قتيبة وابن بسام صاحب الذخيرة وابن حزم ... وعدوا المضمون أساسا في الشعر ورفضوا ماخالف الإسلام، يقول الأول " لولا ماأخذ فيه أبو نواس من الإرفاث لاحتججنا بشعره([8])" ، ولام الأنباري ابن المعتز لروايته شعر أبي نواس وقال " إن من حق هذا الخليع ألا يتلقاه الناس بألسنتهم ولا يدونوه في كتبهم، ولا يحمله متقدمهم إلى متأخرهم([9]) " . وجعل ابن قتيبة " الشعر الجيد ماجاد لفظه وجاد معناه([10]) " كما دعا الفقيه ابن الوردي إلى حرق كتاب " فصوص الحكم " لابن عربي لما فيه من انحرافات عقائدية([11]) .

      ولما جاء العصر الحديث وتأثر بعض النقاد بالآداب الغربية المعادية للدين، وتجرأ بعضهم فدعا إلى كسر قواعد اللغة والأخذ بالعامية، وادعى أن الفصحى ماتت بموت أحمد شوقي([12])، وانتشرت الدعوات التي تفصل الدين عن الأدب، قامت صيحات مؤمنة لتعيد الحق إلى نصابه وتعلي القيم والمبادئ الإسلامية وتدعو إلى إعادة صلة الأدب بالله وبالتاريخ والحضارة الإسلامية المجيدة ، وكان لكتابات الرافعي وعلي أحمد باكثير وأحمد محرم وعلي الطنطاوي وأبي الحسن الندوي وغيرهم أثر في تحريك الهمم، ثم كانت ولادة مصطلح "الأدب الإسلامي" المعاصر بمقال كتبه سيد قطب عام 1951م إذ بين فيه دلالة الأدب الإسلامي وماهيته وأبعاده([13])

     ويمكننا أن نقول إن مرحلة مابين سقوط الخلافة إلى خمسينات القرن العشرين كانت مرحلة تنوير وبدايات للصحوة الإسلامية الحديثة والأدب الإسلامي المعاصر كما يقول د. عبد الباسط بدر ([14]).     

     والحق يقال أن لاأدب من فراغ ، وإنما هي خبرات ينضم بعضها إلى بعض قديمة أو حديثة ، عربية أو غربية ، فالشعر الإسلامي المعاصر كما يقول د. عماد الدين خليل هو ردة فعل لاتهامات الواقعية الجديدة أو الاشتراكية للدين، إذ أعلن أدباء الصحوة الإسلامية بعدها أن "الأدب فكرة لاأدب فترة " فهو يحافظ على الثوابت، وقد آن الأوان أن نعلن انتهاء مرحلة الانبهار بالغرب، وأن نستعيد ثقتنا بأنفسنا لاستعادة أمجادنا وحضارتنا([15]) .

      لم تمض سنوات على هذه الانتفاضة الفكرية والأدبية المعاصرة حتى ازدهر أدبها، ثم نما في السبعينات وما بعدها كما وكيفا ، وكان للأحداث الدامية التي مرت بها الأمة الإسلامية أثر في إذكاء هذا الأدب ، فنكسة حزيران، وحريق المسجد الأقصى، وانفصال باكستان إلى دولتين شرقية تدعى بنغلادش وغربية حافظت على اسمها، وضغوط السلطات غير المتناهي ضد الإسلاميين، وجرائم الصهاينة والصليبية الغربية، وفتك الشيوعية الإلحادية بالمسلمين في الشرق والغرب، والحروب التي استثيرت ضدهم، والفساد الخلقي الذي استشرى قد فجّر هذا كله الطاقات الكامنة، وغذى الدواوين الإسلامية بشكوى ودموع وآهات، ونقد للحضارة الغربية ومناهجها وفنونها، وسعي الأدب الإسلامي لينقذ البشرية مما تتخبط فيه، وصدرت كتب تنظِّر لهذا النقد وتوضح هذا الأدب، منها النقد الأدبي أصوله ومناهجه لسيد قطب ، ومنهج الفن الإسلامي لمحمد قطب ، ونحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد للدكتور عبد الرحمن رأفت باشا وغيرها، وقد بين هؤلاء سمات الجمال الفني في الأدب الإسلامي، وأنه ينبع من تصور إسلامي للكون والإنسان والحياة([16])، ثم تأسست رابطة الأدب الإسلامي وراحت تدعو إلى نشر هذا الأدب وترسيخ مذهبه النقدي الذي يقوم على فلسفة إسلامية في نظرتها إلى الله والإنسان والحياة  ليكونا بديلا عن الآداب المنحرفة والنظريات العبثية ، وليحملا القيم العليا في الإسلام وتصوراته لبناء جيل فاعل يستعيد به المسلم عزته وأمجاده .

     والتقى الشيخ الأديب الهندي أبو الحسن الندوي في 1401هـ / 1981م بالدكتور عبد القدوس أبو صالح وبثلة من الأدباء الإسلاميين المخلصين،وأثمر لقاؤهم عن إيجاد " رابطة الأدب الإسلامي " في1406هـ/ 1986م ، برئاسة الشيخ الندوي ، وكان مركزها لكنو في الهند فلما توفاه الله في 1415هـ/1994م ترأسها نائبه أ.د. عبد القدوس أبو صالح ، ونقل مركزها إلى الرياض في المملكة العربية السعودية .

     وللرابطة اليوم اثنا عشر فرعا في السعودية ومصر والأردن والمغرب واليمن والإمارات ، وفي تركيا وباكستان وبنغلادش وماليزيا ونيجيريا وغيرها ، وقد عقدت مؤتمرات كثيرة كان بعضها لأديبات إسلاميات، وللطفل المسلم ولشخصيات إسلامية عرفت بنتاجها الإسلامي. ودُرِّس هذا الأدب ومذهبه النقدي في جامعات السعودية والإمارات والأردن، والهند وباكستان ونيجيريا، وكتبت عنهما رسائل جامعية، وأصدرت مكاتب الرابطة مجلات تنشر هذا الأدب والنقد منها مجلة الأدب الإسلامي في الرياض ومجلة المشكاة في المغرب ، ونشرت دواوين للشعراء الإسلاميين  وقصص ومسرحيات بلغت المئات فضلا عن كتب التراجم التي تترجم لهؤلاء الأدباء .

     وهكذا شق الأدب الإسلامي طريقه بقوة ليعيد إلى الكلمة نقاءها وطهرها بعد أن لوثتها أياد آثمة وتيارات هدامة ، وانتهت الرابطة وبتوجيه من أ . د. عبد القدوس أبو صالح إلى تعريف الأدب الإسلامي بأنه :

" تعبير فني هادف عن الكون والإنسان والحياة وفق التصور الإسلامي([17]) "

     وأوضحت الرابطة من خلال مانشرته من كتب ومقالات الشروط التي يجب أن تتوفر في الأديب  الإسلامي ونصوصه ، كما أوضحت معالم المدرسة النقدية الإسلامية :

1-    الأديب الإسلامي :

     الأديب الإسلامي في أي أرض إسلامية يجب أن يكون مسلما ملتزما بالإسلام قولا وعملا ، منفعلا معه ، ويدور حيث دار ، يعيش من أجله وينخرط في أجوائه ، ويسعى لاستعادة أمجاد الأمة سعيا مستديما لامؤقتا ونابعا من أعماقه لامفروضا عليه ، يقول د. نجيب الكيلاني وهو من أوائل المنظِّرين للأدب الإسلامي :" الأدب الإسلامي لايمكن أن يصدر إلا عن ذات نعمت باليقين ، وتشبعت بمنهج الله ، ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية ومن ثَمَّ أفرزت أدبا صادقا وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام([18]) " .      

   ولكن بعض أعضاء الرابطة كعبد العزيز الرفاعي يرون أن هذا التعريف ضيَّق على الشعراء وسيؤدي إلى خسران إبداعات كثيرة واكتفى بأن يكون الشاعر مسلما لايعادي الإسلام في قول أو عمل، ولم يتخذ قلمه أو فكره معولا هداما لأسس إسلامية ثابتة بأي شكل من الأشكال([19]) .

     يقول د. عثمان مكانسي([20]) في وصف الأديب الإسلامي الملتزم بالإسلام، الذي حيي قلبه بحب ربه وشرعه، وعاهد الله أن يسخر قلمه للفضيلة والخير :

أنا من أنا ؟ عنوان شعر هادف      أحيا فؤادي فاستنار دليلي

قلبي يهيــم بشرع طـــه طاهرا      ويرى الحياة بمُـــحكم التنزيـــــــــــــل

أنا مسلم عاهدت ربي أن يكو      ن الشعر إنشادا لكل جميل

إني من الشعراء جاء مقالهـــــــم       كفِعـــــــــالهم قد صح في الترتيل

ثبتٌ مبادئُهـــــم فما من هائم     يسبي الغواة ولا أخي تضليـــــــــــل

بـــل حبُّهــــــــــم لله أكبـــر دافع    لســـــداد فكــــــــر محكَــــــــم وأثيــــــــــل([21])

2-    النص الإسلامي :

  للنص الإسلامي شروطه أيضا، وقد قسمت الرابطة النصوص إلى إسلامي ومحايد وثالث موافق ورابع مضاد : 

أ‌-       فالنص الإسلامي :

      ماصدر في مضمونه عن مسلم ملتزم بالإسلام في نظرته إلى الكون والإنسان والحياة على مختلف الأصعدة الفكرية والاجتماعية والسياسية، وكان حريصا على إقامة التوازن بين المادة والروح ، والإيمان والعقل ، والدنيا والآخرة ، والفرد والمجتمع ، والمتعة والانضباط، والثبات والتطور، وكان لايحمل أحقادا أو نعرات مناوئة للإسلام، ولم يكن فيه مايخالفه، يقول الشاعر مقبل عبد العزيز العيسى :

أي حرف ضم فكرا واعيـــــــــــــا     لم أتوِّجــــــه بتقبيـــــــــل جبيــــــــــــــــن

مااجْتَويْتُ الفكر حـــرا واعيـا    ضاق من جهل ومن قيد مهين([22])

غير أني أجتوي الفكر الذي      يستقي من غربه .. من تزعمين

الرؤى منه غيـــــــــوم كالدجى      تبتغــــــــي نسف تراثـــــــــي كل حين

كل فكــــــــــر أرتجيـــــــــــــه لغـــد     غير فكر صيغ من حقد دفين([23])

    فالشاعر يعجب بالفكر الواعي الذي يضيق ذرعا بالجهل والظلم، ويمقت الفكر المعادي للإسلام المستمد من ظلمات الغرب الحاقد .

     وإذا كان الحداثيون قد رفضوا كل قديم فإن الأدب الإسلامي لايعادي كل جديد ، كما أنه لايرى  كل جديد محمودا، بل يقف موقفا وسطا ، فالثوابت لااجتهاد معها، والانفتاح على الآخر يجب أن يكون بوعي ، والتجديد حرية وقيد ، وكل حرية لها قيود وضوابط([24])، وقد دعا د. محمد رجب البيومي إلى أن يلغى من التراث كل مجون وفحش كالذي في كتاب الأغاني للأصفهاني الذي تتبع سقطات الشعراء ونشرها فأفسد النظرة إلى الأدب ولكن د. طه حسين حال دون ذلك([25]) .

   أما من حيث الشكل الفني فإن تعريف الأدب الإسلامي اهتم بفنية النص، فهو" تعبير فني هادف"

وكل نص لاجمال فيه لايعد من الأدب في شيء، ولايبرر للأديب مضمونه الجميل إن كان نصه ركيك الأسلوب،إذ لا تفريط في أحد عنصري الأدب" الفني الهادف "، يقول الشاعر عبد الولي الشميري([26]):

الشعـــر فيض خيال فيه عاطفة     يمليه شجو وأفراح وأحزان

والشعــــر معنى وإبداع وقافية     ووثبة اللغة الفصحى وأوزان

   وما سواه فلا شعر ولا أدب     متى تساوى أدونيسٌ وحسان؟([27])

     فالشاعر حدد متطلبات الشعر وهي العاطفة المنفعلة، والمعنى الممتزج بالعواطف، والأخيلة، واللغة المشرقة، والموسيقا العذبة كما في شعر حسان بن ثابت ، وإلا فلا، ولايمكن أن نعد ماقاله أدونيس شعرا لأنه خالف قواعد اللغة الفصحى، بل دعا هو وأمثاله من الحداثيين إلى التخلي عنها وتحطيم قواعدها مع أنها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي وقد حملت الدين والتراث، وعلى الأديب المسلم أن يلتزمها ولا يقبل منه الانزياح عنها كما فعل الشاعر أحمد مطر في قوله :

    الدرج الحالي بزيزفون

    والفوقه تعرش ياسمينة

    للحلوة التخطر كالظنون([28])

    فالشاعر أدخل ال التعريف على الفعل تخطر وعلى الظرف فوقه مع أنه عرفه أيضا بالضمير .

    ولهذا دعا الأدباء الإسلاميون إلى فصاحة النص الأدبي لكن من غيرما تكلف، قال الشاعر عمر بهاء

 الدين الأميري([29]) :

ليس شعري لفظا وسبكا وجرسا     بل شعورا فيه التعابير تغرق

أنا لاأعرف التصنع في شعري      فشعري سجيتي حين تطلق

كلما عاقني عــــن الخير شر     أرغد السخط في كلامي وأبرق

    كلمــا راقني جمــــــال بديــــــــــــع      لمع الحُســـــــــن في بياني وأشرق([30])

وقد أعجب بعض الشعراء الإسلاميين بالرمز الشاف لاالغامض المبهم،  فقال الشاعر أحمد محمد الصديق([31]) :

     أعتنق النور الذي يشدني إلى السماء

    وأجتلي حقائق الوجود

     في برزخ يموج بالضياء

    مضمخ بالعطر .. والجمال .. والبهاء ..

    يغمسني في جنة الطيوب

    الروح من عقالها

    كنفحة الأريج تنتقل

     وترتقي في سلم الخلود

     كطائر يعرج في صعود([32])

     فالشاعر اتخذ من رمز النور تعبيرا عن الهدى الذي تفوح روائحه العطرة، وجعل صاحبه من أهل الجنان، حين تنطلق روحه من عقالها، وتصعد إلى السماء لتخلد في عالم البرزخ النير .

    وللموسيقا الشعرية جاذبيتها وسحرها ، ويشترط بعض النقاد الإسلاميين كالدكتور عدنان النحوي أن يلتزم الشعر العروض التقليدي ولا يقبل عنه بديلا، وهو يرى في شعر التفعيلة وفيما سمي بقصيدة النثر تفلتا جاء به الحداثيون للقضاء على اللغة([33]) ، بينما قبل الشاعر د. عماد الدين خليل ود. وليد قصاب وأحمد محمد الصديق وناجي صبحة وكثيرون شعر التفعيلة، ورفض د. النحوي قصيدة النثر لعلاقتها بالحداثة ولأن فيها تداخل الأجناس الأدبية، ودافع د.عبد المنعم يوسف([34]) عن الأخيرة في مؤتمر لرابطة الأدب الإسلامي بالقاهرة في 1424هـ/ 2003م لأن التصور الإسلامي لايعارضها([35]) .

    وينأى الأدب الإسلامي عن المصطلحات الغربية المتعددة المشارب والمصادر لعلاقة هذه المصطلحات بفلسفة الغرب لأن المصطلح ليس مفردة فحسب بل هو مكتنز بدلالات لها معان متعددة يحار الدارس بينها مما يؤثر على فهم النص، فالواقعية عند الفلاسفة غيرها عند الساسة، ولأن في لغتنا بدائل ولنا من غناها مايساعدنا على الاشتقاق واستحداث ألفاظ حضارية جديدة، وقد أدخل العرب الأوائل إلى العربية ماأخضعوه للنظام اللغوي العربي فكان ضمن تراكيبهم ، وبهذا النظام نمنع إدخال مايخالف قواعد النحو والصرف العربية مما يشوه جمال لغتنا من أمثال مصطلح الزمْكانية، ويُمَشْكل، ويساوق ... ([36])

   النص المحايد :

         وهو ماصدر عن مسلم ولكنه لم يتطرق فيه للإسلام كما أنه لم يخالفه، كمن يصف الليل لمجرد التمتع بالجمال كأصحاب مدرسة الفن للفن ، وقد يقال إنه نص إسلامي لأن الأصل في الأشياء الإباحة ، ولكن النص الإسلامي يلتزم صاحبه بالإسلام ويظهر فكرته في النص، وإلا عد محايدا ضمن الأدب الحديث لا الإسلامي المعاصر([37]) .

ج- النص الموافق :

     وهو ماصدر عن غير مسلم ولم يكن فيه مخالفات شرعية كما في شعر جاك صبري شماس([38]) الذي يثني فيه على الشيخ أحمد ياسين([39]) لصموده أمام الصهاينة ، يقول فيه :

ياشيخ طرّزت البطولة بالفدا     فتخضّب التفاح والليمون

وتمايست قمم العروبة نشوة     وسهول غزة عسجد وفتون

ولأنت ياشيـــــخ المرافئ شعلة      للثائريـــــن شكيمة ويقيـــــن

علمتــَـــــــنا أن السيادة مــــوقف     ومبــــــادئ وأمـــانــــــــة وأمين([40])

د- النص المضاد :

    وهذا الأدب يخالف الإسلام في تصوراته ولو كانت هوية صاحبه مسلمة، ويطلق عليه د. أحمد بسام ساعي الأدب الجاهلي استنادا إلى قوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون([41]) "

من ذلك قول نزار القباني([42]) :

تاريخي ، مالي تاريخ

إني نسيان النسيان

إني مرساة لاترسو

جرح بملامح إنسان

ماذا أعطيك ؟ أجيبيني

قلقي ؟ إلحادي؟ غثياني ؟([43])

     ومثل هذا الشعر لايسمن ولايغني ، بل يفسد ويردي ، ويجعل صاحبه تائها حائرا لايدري ماضيه ومستقبله .

ثانيا : المذهب النقدي الإسلامي :

    الأدب هو تعبير عن نِظرة أو فلسفة تجاه الوجود والعالم ، فإن كانت حسب المنظور الإسلامي كان المذهب الذي اتبعه إسلاميا، وإن كانت مادية كان مذهبه ماديا .

1- انحراف المذاهب الغربية نحو المادية :

أ-فالمدرسة الاتباعية تعود جذورها إلى الوثنية الإغريقية، وتدعو هذه إلى محاكاة الأدب الإغريقي الذي يقدس العقل ويعلي شأن الطبقات العليا في المجتمع وينظر إلى الطبقات الفقيرة على أنها حاملة الخطايا كما ذكر لافونتين([44]) ، أما الاتباعية الجديدة عند العرب فقد حكت واقع أمتنا فتحدث أحمد شوقي عن ماضي العرب والمسلمين ، ولكنه في حديثه عن ماضي المصريين انحرف عن النهج السوي في قوله :

من كرمسيس في الملـــوك حديثا     ولرمسيس الملـــــــوك فــــداء

جل رمسيس فطـــــــــرة وتعالى      شيعـــة أن يقــــــوده السفهاء

إيه سيزوستريس ماذا ينال الـ     وصف يوما أو يبلغ الإطراء

كبرت ذاتك العليــَّــــة أن تحـ     ـصي ثناها الألقاب والأسماء

ولك المنشآت في كل بحـــــر      ولك البـــــر أرضــــه والسماء([45])

فهل يفتدي الملوك فرعون الملحد؟ وهل عظمت فطرته وهو الذي كفر برب العالمين، ومن هم السفهاء الذين حاولوا أن يقودوه؟ وكيف تكبر ذاته عن أن تحصي ثناها الأسماء والألقاب ؟ لقد رفض أبو عمرو الشيباني أن يحتج بشعر المتنبي وأبي نواس لفسقهما ولقول المتنبي :

أي محل أرتـقــــــي      أي عظيم أتَّـقي

وكل ماقد خلق الله -  ومـــا لم يخلـــــق

محتقــــــر في همتي      كشعرة في مفرقي([46])

     ب-أما المدرسة الإبداعية فقد رفضت ربط الأدب بغاية خلقية فمهدت السبيل لظهور مدرسة الفن للفن، وإلى العيش مع الأساطير والأوهام، ولذلك كثر لدى شعرائها الألفاظ الوثنية، كما دعوا إلى الهروب من الواقع في سلبية ذميمة إلى الطبيعة أو ما وراءها بالانتحار، وفي شعرهم قلق وتشاؤم، وجنوح إلى المجون بل إلى محاربة الدين لتحرير الإنسان بزعمهم من كل القيود، يقول إيليا أبو ماضي :

جئت لاأعلم من أين؟  ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت

وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقي؟

                                  لست أدري([47])

      ولذلك تصدى له الشعراء الإسلاميون فقال ربيع السعيد عبد الحليم([48]) مبينا سبب وجود الإنسان وغاية المسلم من هذا الوجود :

جئت دنياي وأدري عن يقين كيف جئت

جئت دنياي لأمر من هدى الآي جلَوْتُ

ولقد أبصــــرت قدامي دليـــــــلا فاهتـــــــــديــت

ليت شعــــــري كيــــــف ضـــــل القــــوم عنـــــه ؟

                                 ليت شعري

ليس ســـــــرا ذا خفـــــــــاء أمــــر ذيــّاك الوجود

كل مـــــافي الكون إبـــــــداع إلى الله يقـــــــــــود

كائنـــــات البر والبــــــحر على الخلق شهود

ليت شعــــــــري كيف ضل القـــــــــوم رشــدا؟

                              ليت شعري

      وحديث هؤلاء الإبداعيين عن المرأة وعواطفهم تجاهها أوصلهم إلى التفوُّه بعبارات إلحادية كالسجود للحبيبة، والصلاة في هيكل حبها، وقولهم إنها المومس الفاضلة، في تمجيد للخطيئة ونشر للفاحشة، من ذلك قول أحمد زكي أبو شادي([49]) :

دعوني أقدس خيال الحبيب       ولا تنهروا من يناجي القمر

فكم قد سجدت لذاك الجمال     فلما هجرت عبدت الصور

     وهذا مادعا الشاعر د. عدنان النحوي([50]) إلى أن يقول :

أين أمجاد أمتي ؟ كيف ترضو     ن أبوللو ودعوة من هوان ؟([51])

     ويقول في استنكار لهذا الأدب :

أدب التائهـــــــين ليــــــــلٌ وخمــــر      بين كأسٍ مُحطَّـــــم أو غِيـْــــــد

أدبٌ ذلَّ في الفجور ونامت       بين أجفانه جفون العبيد

   سوف يفنى مع الزمان ويبقى   أدبُ الحق شعلةً في الوجود([52])

     لكن بعض الرومانسيين العرب كانوا إيجابيين في نظرتهم إلى الواقع فالشابي ود.عيسى الناعوري([53]) يدعوان إلى مقاومة المحتل واستعادة الماضي العزيز، يقول الثاني :

ياشرق ليتك تستعيد حلاوة الماضي السعيد

أيام لم تدرِ الخنوعَ ولا استكَنْتَ إلى الجمود

وصدى البطولة والإباء يرف في سمع الخلود

فاعصف بقيدك إن عزم الحر يعصف بالقيود

    أما الشاعر جبران خليل جبران فكان يحارب اللغة العربية وكلمته " لكم لغتكم ولي لغتي " معروفة .

ج-أما مدرسة الفن للفن فتستبعد الدين والأخلاق، وتعطي الأديب الحق في أن يقول مايريد دون ضابط شرعي أو خلقي لأن غايته الإمتاع لاالتعليم ، ولهذا كثر عندهم تصوير المجون([54]) حتى قال بشارة الخوري :

كذب الواشي وخاب      من رأى الشاعر تاب

عمــــره فجر من الحب  -  وليل من شراب([55])

 فرد عليه د. وليد قصاب([56]) مبينا أن للشعر رسالة سامية تنأى عن إلى الفسق والإلحاد :

كذب الشعـــــر وخاب      مجّـــــــــه الفن اللـُّـبـــــــــاب

إن يكن فجرا من الحب – وليـــــــلا مـــــــــــن شراب

إن يكن غيبـــــة عقـــــــل     في سراديب الضبــــاب

إن يكن لهـــــــواً رخيصاً       يسرق العمــر انتهاب

وإذا كان شــــــــــكوكا      تزرع العقــــــــل ارتيـــــــــــاب

...   ...

إنما الشعــــــــــر عــــــــروج     نحو غايات الصفــــــــاء

إنـــــــه فــــــــن رفيـــــــــع      وسجــــــايـــــــــا كالضيـــــــــاء

إنه مرســــــال خيـــــــر     وهـــــــو حكـــــــم وقضـــــاء([57])

     ويقول د. عز الدين مختار : " يجب ألا نغض الطرف عن هذا النيل من الدين وأن نكتفي بجمال الشعر... إن نظرية الفن للفن في حقيقتها وهي تفصل الأخلاق عن الفن، تفصل الفن عن الدين وتقوم على علمنة الفن ... وقد أدى هذا الاستخفاف بالدين والأخلاق والانحراف إلى المجون والإلحاد ... وهذا الفصام بين الدين والفن كان داعيا من دواعي الأدب الإسلامي الذي يتبنى أنصاره تصحيح هذا المفهوم المغلوط للعلاقة بين الدين والفن([58]) .

د-أما المدارس الواقعية التي تضم الواقعية النقدية والطبيعية والاشتراكية الجديدة فتقوم الأولى منها "النقدية"على اختيار مشاهد آدابها من طبقات البؤس والفقر، وتركز على سلبيات الحياة ولاسيما شقاء المرأة، وبذلك نشرت الفساد حين صورت خيانات الجنسين مما أدى إلى اللامبالاة بالرذيلة .

     وتأثرت الواقعية الطبيعية بأفكار دارون وفرويد مما جعل أدبها تصويرا لحيوانية الإنسان حين تغيب عنه الروح ، وهذا مايخالف التصور الإسلامي .

    وكانت الواقعية الجديدة أو الاشتراكية نكسة أخرى في تاريخ النقد الأدبي إذ عادت الأديان واعتقدت أن " لاإله والحياة مادة " و" الدين أفيون الشعوب " وكثر هجومها على التراث الإسلامي وعلى الأديان بل على الذات الإلهية ، وألزمت الأدباء أن يكونوا بوقا لها حتى قال لوكاتس " إن الأدب الشيوعي أدب دعائي([59]) " ، وقال عبد الوهاب البياتي في إحساس بالانتماء والحب لموسكو :

    وصرخت أني لست يا موسكو وحيد

    مادام قلبك يحتويني

    يحتوي حب الجميع([60])

         وقال أدونيس([61]) في قصيدته لغة الخطيئة :

    أحرق ميراثي ، أقول لأرضي

    بكر ولا قبور في شبابي

    أعبر فوق الله والشيطان 

   دربي أنا من دروب الإله والشيطان

       أهتف : لاجنة ، لاسقوط بعدي

       وأمحو لغة الخطيئة([62])

   وفي أشعار ذويها أخطاء لغوية كثيرة لأنهم يحاربون الفصحى، وهم يلجؤون إلى الرمز الغامض حتى قال محمود درويش :

     لن تفهموني دون معجزة

     لأن لغاتكم مفهومة

     إن الوضوح جريمة([63])

    وأحب أن أشير إلى أن التعبير عن الواقع ليس حكرا على هذه المذاهب الواقعية ، فالأدب الإسلامي يتحدث عن واقع الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها لأن مهمته أن ينقل إلى الآخرين بالكلمة المعبرة مايحدث وما يجب أن يكون([64])، وقد استخدم محمد قطب مصطلح الواقعية النقدية الإسلامية تمييزا لها عن الواقعية الأوربية([65]) ، كما درس د. نسيب نشاوي الأدب الإسلامي ضمن حديثه عن المدرسة الواقعية، ويقول الشاعر خير الدين وانلي([66]) :

تسير قصائدي شرقا وغربا       وتُسمِع كل ذي سمع ووقر

وتفضح كل سفاك وعات      وتكشف عن حقيقة كل أمر

وتجلـــو عن عيون الناس حجبا     وتنعـــــت كل خيــــــر كل بر

  أراد الله لـــــــي شعــــــــرا عفيفــــــــــا      بعيــدا عن خليلات وخمر

    ه_أما المدارس الحداثية الوجودية والدادية ومدرسة اللامعقول ونظرية التلقي والمدرسة الطليعية فعبث في عبث، وهتك ومجون، ورفض للدين وإلغاء لدور الله في كونه حتى قال الشاعر يوسف العظم([67]):

ياشاعر الجنس الرخيص قد استوى      في عرفك الصديق والمرتاب

قد عشت للّيـــــل المعربد والخنـــــــــا      لم تَخلُ من خمر لك الأكواب

                       ونديمـــك الخمار مسلوب الحجا     وعدوك القـــــــرآن والمحـــــــــــــــراب([68])

     ذلك لأن الوجودية ترى الله خرافة سبحانه وتعالى عما يقولون علوّاً كبيرا ، وتدعو إلى أن يتخلص الإنسان من كل موروث ليحقق ذاته بزعمها .

     ولا ضابط للدادية في معنى أو لغة حتى قال زعيمها :" ضع الألفاظ في قبعة ثم أخرج مايعن لك " فكأنها خبط عشواء لمن لاعقل له .

     وأما مدرسة اللامعقول فتدعي أنها تستخدم اللامعقول للوصول إلى المعقول كما في مسرحية خيوط الذهب التي انتقدت تسلط الحكام ونفاق الحاشية([69]) .

وأما نظرية التلقي فتترك فراغات في القصيدة يملؤها القارئ بما يشاء، ويفسرها المتلقي كيفما يشاء من ذلك :

     تجعل النار أيامي                                                                            

    ..... أنثى ..... تحت نهديها      ( أيامي أنثى صليل تحت نهديها )

       والإبط آبار .....                ( والإبط آبار دمع )

      ..... نهر تائه                     ( أيامي نهر تائه )([70])

     والمدرسة الطليعية تستعين برسوم وأرقام دونما ربط لها بالمعنى وكأنها مهزلة أوهلوسة يقول أدونيس :

                               1930    الشمس قدم طفل

        عرفت أقل من امرأة

                   لأنني تزوجت بأكثر من امرأو

الزواج غبار

           1933 نبتة تشعل قنديلا

                                                  الجسد أطول طريق إلى الجسد([71])   

  والمدرسة التفكيكية تسقط الموروث الديني،  ولا استقرار لها ولا ثبات .

أما السريالية فتتحرر من العقل وزيفه وتسفه من أخلد للدين أو المنطق أو العُرف، وتتنكر لقواعد اللغة ، وآدابها مضطربة، ويكثر فيها الإلحاد، يقول عبد الوهاب البياتي :

      الله في مدينتي يبيعه اليهود

      الله في مدينتي مشرد طريد

      أراده الغزاة أن يكون

      لكنه أصيب بالجنون([72])

    ويقول الفيتوري

    ليس على الأرض سوى الإنسان

    ماثَمَّ إله يتجبر

    كذب ماقالته الأديان([73]) .

    ويقول د. عبد القدوس أبو صالح([74]) في أدب هؤلاء :

ياأيها الأدباء أضحى الفـــــــن بالإيمان جحـــــــــــــدا

ياأيهــــــا الأدبـــــاء صــــــــار الشعر للتزييــــــــف نـــــــــدا

كم من ضلالات الفنون تزيد في التضليل بعدا

والجنس في الآداب يهــــــدم مابنـــاه الديــــن وَأْدا([75])

     وينصح محمد أبو القاسم خمار([76]) بالبعد عن هذه الضلالات الإلحادية لأنها تودي بحياة الأمم فيقول:

أرى فكرة الإلحاد كارثة الحجى      يصاب بها أرقى الشعوب فينهار

فدم ساميا بالشعر عن كل شبهة       وكل ضلال ألحدت منه أفكار

2-المذهب النقدي الإسلامي وأسسه الفلسفية :

       إزاء هذا التردي كان لابد من وجود أدب ونقد إسلاميين يحملان رسالة الإسلام، ويتصديان لهذه الآداب دون أن يحاربا من الآداب  الغربية ما لايخالف الإسلام، وكان لجهود الشيخ أبي الحسن الندوي ، و د عبد القدوس أبو صالح ، و د. عبد الرحمن رأفت الباشا و د. عماد الدين خليل وغيرهم من جهابذة الأدب الإسلامي ونقده أثرهم في ترسيخ المذهب النقدي الإسلامي ووضع أسسه ، وقد أوضح د. عماد الدين خليل أن أي مذهب يجب أن ينظر إليه من خلال :

1-معطياته الأدبية على اختلاف أجناسها .

2-الرؤية الشمولية لهذه المعطيات .

3-النقد التطبيقي الذي يضيء جوانب الإبداع ويبرز قيمه الفنية .

4-المنهج ، وهو أداة العمل وأسلوب التعامل مع المعرفة وطريقة من طرق التحاور، وهو يدرس الظاهرة الأدبية عبر مساراتها زمانا ومكانا، فإذا كان المنهج الغربي يفصل الدين عن الحياة فإن الله في المذهب الإسلامي هو

 الهدف وإليه المسعى كله والمآل([77]) .

      ولو نظرنا إلى هذه المرتكزات لرأينا أن إبداعات الإسلاميين تنطلق من رؤيا شمولية للكون والإنسان والحياة كلها، مادة وروحا، وأزمنة وأمكنة، ويلتزم الشاعر الإسلامي في عرض أدبه مبادئ دينه طواعية لاإلزاما قسريا، لأن هدفه إخراج الناس من الظلمات إلى النور، يقول الشاعر المغربي جلول دكداك([78]) ناقدا شعراء الواقعية الجديدة الذين باعوا أدبهم للسلطة :

أنا قلمـــــــــي غنيٌّ صـــــــــــامـــدلم      يخـــــض أبـــــــدا بحــــــار الانتفـــــــــــــاع

أنا الشبعان قد سيرتُ جوعي      ولست أسير في ركب الجياع

أنا حَـــــرْفي بنور الله يسمو     وفيه يظـــــــــــل نجمي في ارتفاع

لئن بيــــــع الأديب فإن مثلي    مصـــــون العرض حر لايبـــــاع

    والمنهج  النقدي الإسلامي يستند إلى مرتكزات فلسفية إسلامية في مضمونه وفنيته :

أ-فمن حيث المضمون : يتطلب منه أن يحقق أمورا هي :

1ً-الربانية : وتعني أن يكون الأديب الإسلامي مرضيا لله سبحانه فيما يقوله، غير خاضع للأهواء مهما كان مضمون الشعر عقائديا أو اجتماعيا أو سياسيا، يقول د. فاضل السامرائي([79]) في مناجاته للمولى تعالى :

   أيا ربــّـــاه صبِّــرني أعـــنِّي     فإني عبـــــــدك الــــداعي أجبــْــــــني

                             وإني عاجـــز واه ضعيف     لغيــــــــــرك يـــــــــاإلهــــــــــــي لاتكِلْــــــني

    وإني قد سألتك يارحيما  فلا تصرف رجاي وحسن ظني

2ً-الإنسانية : فالناس جميعا من آدم، والإنسان عبد الله وخليفته في الأرض ينفذ ما طلب منه، وهذه الفكرة على أهميتها يتنكر لها كثير من المذاهب النقدية الغربية .

3ً-الشمولية : وتعني شمولية الحياة كلها ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ودنياها وأخراها، وشمولية النفس البشرية صغيرها وكبيرها، وشمولية الزمان والمكان فأرض المعمورة كلها لله .

4ً-الوسطية أو التوازن : فلا جنوح لليمين أو اليسار، ولا إلى فرد أو طبقة أو جماعة إن كان في ذلك مخالفة لمنهج الله ، يقول أحمد محمد الصديق

في خضمّ الصــراع كيف المسير       وإلى أين والطريق عسير؟

أإلى الشرق أم إلى الغرب ؟ كلا     بل هو الحق والصراط المنير

ضلَّ مَــن رام غيـــــر وِجهة ربي      كل شيء ســـــواه ظلمٌ وزور

منهج العدل والسماحة في النا    س وشرع الهدى هو الدستور([80])

5ً-الواقعية : فالأدب الإسلامي يتحدث عن واقع الأمة الإسلامية من غير جنوح إلى مادية أو تصوير يزين منكرا ، أو جموح إلى أوهام .

6ً-الإيجابية : فالأديب المسلم نشِط يسعى لخدمة أمته بآدابه

7ً-الجمع بين الثبات والمرونة : فهناك ثوابت عقائدية لا يتخطاها المسلم ، ومرونة مع التراث ، ويقبل من الشاعر ما لايتعارض مع نص شرعي قطعي .

8ً-الوضوح : للفكرة أو للشكل الفني ، قال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علّمه البيان([81]) " .

فالفكرة يجب أن تكون واضحة بيِّنة حسب التصور الإسلامي([82]) ، يقول الشاعر أحمد بن روان([83])

أدب الإسلام خفقة قلب     راعش يخشى ويرهب ربا

أدب الإسلام إشراقة معنى     طاهر واللفظ يخرج عذبا

وبيان ينصر الحق دوما      في مضاء كان ذلك دأبا([84])

ب-أما من حيث الشكل الفني : فإن الأدب الإسلامي تعبير فني هادف، و الجمال الفني يعلي من شأن الجمال المعنوي، وقد اتهم الأدب الإسلامي بالسطحية لأنه يجنح إلى الوضوح والمباشرة في معظم نصوصه([85])،  وهذه الدراسة تكشف الحقيقة التي تقول إن قضية الإبداع الفني تتبع مقدرة الشاعر ولا علاقة لها بالأدب الإسلامي أو غيره، فالشاعر المبدع لايوقفه عن إبداعه التزامه بالإسلام، وغير المجيد لايرفع التزامه مستواه الفني، وأرى أن لجوء الأدباء إلى الوضوح ناجم عن رغبتهم في نشر الفكرة إلى الجماهير العامة ، وكثير من هذا الشعر كان في مناسبات دينية أو سياسية، ومع ذلك هناك مبدعون كثيرون، ومن شاء فليقرأ للشعراء عمر بهاء الدين الأميري وهاشم الرفاعي ويوسف العظم ود. عبد الرحمن العشماوي([86])، ويقول الأخير : 

أنا لاأدافع حين أنشد عن قلوب الوالهين

فقلوب أهل الحق لاتخشى الصبابة والأنين

والقلب حين تناله الأشواق يحرقه الأنيـــــــــــن

إنا سنعلنــــــــــــــها فما نهوى الشباب التائهين

نهوى شبابا أريحيــــــا يرتـــــــــدي ثوب اليقيـــــــــــــن

ويـــــــردُّ عن أوطانـــــــــه بالعـــــــزم كيـــــــــد الخائنين

متوقد العزمات ذا شرف وذا خلـــــق ودين

يعلو بدين الله في صف الرجـــــال الخالدين

      أرأيت أجمل من هذه المعاني النابعة من قلب مؤمن صادق، ولقد جاءت في موسيقا ذات رنين عذب، فهي على البحر الكامل المذيل([87]) " متفاعلان " وفي النص صور فيها حلاوة وطلاوة، فالقلب يحرقه الأنين والشباب يرتدي ثوب اليقين ، والعزائم متوقدة ...

     وليس صحيحا أن يقال إن الأخلاقيات التي فرضها الإسلام على المسلم ضيقت دائرة الإبداع لأن كثيرين ممن دعَوْا إلى الأخلاق الفاضلة  قديما وحديثا برعوا في أشعارهم، أليست معلقة زهير بن أبي سلمى مليئة بالحكمة، ولذلك يقول عبد العزيز الرفاعي :" إذا اقترنت الموهبة بالالتزام الديني والخلقي كانت قادرة على الإبداع ، ولن يحول التزامها بينها وبينه([88]) " .

ثالثا- : أهداف الأدب الإسلامي ومذهبه النقدي :

   يمكننا أن نقول إن من أهداف الأدب الإسلامي ونقده :

1-ربط المسلم بخالقه وجعله يحس بمسؤوليته تجاه ربه والإنسانية .

2-التهذيب الخلقي لتحصين الجيل بأدب راقٍ لاهدام .

3-المتعة لأنه فن جميل يلتذ قارئه بمعانيه وعواطفه، وصوره وموسيقاه .

4-التعليم فهو ديوان العرب والمسلمين، وحافظ لتاريخهم المعاصر .

5-مشاركة الأمة في أفراحها وأتراحها، وإظهار الأخوة الإسلامية في أسمى معانيها .

6-الوقوف في وجه الآداب الغربية وفلسفاتها الإلحادية .

7- إطلاع الأمم الأخرى على الفكر الإسلامي من خلال نشر هذا الأدب في أجهزة الإعلام ، وقد أشار الشيخ أبو الحسن الندوي([89]) إلى ذلك حين بين أن العالم اليوم تحكمه الكلمة ، والكلمة تسبق الصاروخ ، والأدب الإسلامي هو طوق النجاة من عبث الحياة .

8-تحريك الهمم لاستعادة المجد الضائع، وإقامة الدولة الإسلامية العالمية وحضارتها المجيدة، والتماس الحل الإسلامي للأمراض السياسية والاجتماعية ، وقد قال علي جناح رئيس الجمهورية الباكستانية " إن دولة باكستان قامت في شعر محمد إقبال قبل أن تقوم على أرض الواقع " . 

رابعا : دور الشعر الإسلامي في الحياة :

  منذ أن استخلف الله الإنسان في الحياة،وحمَّله الدين أمانة في عنقه انطلق يدعو إلى الله وهو يعلم أنه لم يخلق عبثا .. وواجه الدعاة في مسيرتهم صعوبات أعتى من الرياح، فقد عُذِّبوا وشردوا ونُفوا وسجنوا وقتِّلوا، ولكنهم ظلوا صامدين كالطود يقاومون بالسلاح وبالكلمة، وهذا ماعبر عنه الشاعر محمد الأبرش في مرثيته لعمر بهاء الدين الأميري بقوله :

  ماالحَـــرف إلا للأديب رسالــــــةٌ     تهدي وترشد حائرا ومضيعا

                 ترجمتَ آمال الشعوب وبؤسها     ولحالها أمسى الفـــــــــؤاد ممزعا

                 متغـــــربا شــــــرق البــــــــلاد وغربـــها      متفكـِّــــــــــرا متحفـِّــــــــــزا متطلعا

  لتصون أمجاد الأكارم والهدى    لتذود عن حق صريح ضُيِّعا([90])

   فالشاعر الإسلامي تعب لينقذ البشرية من أدرانها ، ويحقق للمسلمين حياة العزة والكرامة ، ويقول سيد

قطب([91]) :

البائسون إذا سمعتُ أنينهــم      أحسستُ أن مصابهم هو صائبي

وكرامة لو مُسَّ منها جانب     أصغرْتُ عيشي عندهـــا ومطالبي([92])

    ولهذا راح الشاعر الإسلامي يتبنى قضايا الأمة  متابعا خطا سلفه حسان بن ثابت في دفاعه عن الإسلام والتزامه قضاياه وهذا ماعبر عنه د. عبد القدوس أبو صالح بقوله :

أنا شاعر الإسلام واكبت  الدهور ندى ورفدا

أنا شاعر الإسلام ناصرت الرسول وبي يفدّى

أنا شاعر الإسلام أستهدي كتاب الله رشدا

هتفت بي الأكوان أقدم إن أردت اليوم خلدا([93])

 ويدرك الشاعر صلاح الدين عزيز([94]) أن الجهاد بالكلمة لابد أن تؤتي أكلها بإذن ربها فتكون كالسيف مضاء أو كالنور هداية ، يقول :

قاتل بشعرك إن مس الحسام أذى     واسحق بنثرك ماتخفي الأباطيل

            فالكلمــــــــة الحق سيف يستظـــل به     مؤيَّــــــــدٌ من سيـــــــوف الله مسلول

      وقد أوضحت الشاعرة بشرى عبد الله([95]) الالتزام الطوعي بالإسلام والدفاع عنه بالشعر في قولها :

اكتب لأجل قضية كبرى تعش     من أجلها حرا ولست ذليلا

قف عن مخاطبة الصغائر والتفت     نحو الذوائب كي تنير عقولا

الحرف يبقى بعد موتك شاهدا      فاكتب لكفك ماتراه جميلا([96])

      ويُعجَب الشاعر ناجي صبحة([97])  بالشعر الذي يدعو إلى الفضيلة والنقاء ، ويرفض شعر الرذيلة الذي تجاوز الحدود ، فيقول :

عشقـــْتُ القصيـــــــــــد وفرسانه     وشعرا تعــــــدّى بليــــــــغَ الخطب

يعمـــِــقُ في المـــــــرء روح النقـــــاء     وروح الصفاء جميل الحَبَب

رفضتـــُك في شعرك الأنثويِّ      وفيما تجاوزت حد الأدب

 فلا يستوي من يقول الصواب     ولا من يرى هتك حُرَّ النسب([98])

   ويجعل الشاعر د. محمد صيام([99]) من شعره ذودا عن قضية شعبه الفلسطيني وأمته وفضح أعدائه فيقول:

كرست أبيـــــــــــاتي وأشعاري وإن كانت قليلـــــــــــة

   للذود عن شعبي الأبي وعن عقيدته الأصيلة

   ولفضــــــح مايستوردون من الشعارات الدخيلة

  ولدفع أمتنـــــــــا إلى ساح الشجاعة والبطولــــــــــة

كي تنقذ الأقصى الشريف من العصابات الدخيلة

 ويجعل د. عثمان مكانسي شعره ترجمانا لما في صدره من حب لله وسعي نحو العلاء، كي يكتب مع الشعراء الذين آمنوا وعملوا الصالحات وانتصروا من بعد ما ظلموا"، يقول :

أما أنا فالشعـــــــــــر في لوحـــــــــــــــــاتي     دمع لهيــــب اللسع في وجناتي

إن كان لهفا مار في بحر الأسى     كالموج يصفع ناتئ الصخرات

أو كان حبــــــــا للإلــــــــــــه فإنــــــــــــــــه      يستمطـــــــــــر الغفران والرحمــــــــات

أو كان للعليــــــــا فشعري دافـــــــع      نحو العلاء النفس للعزمـــــــــــــــات

شعري يترجم ماحواه الصدر من      نور الكتاب ورائع النفحات

كيما أكون من الألى استثناهم     ربي من الشعراء في الآيات([100])

    وكذلك كان شعر الأميري مناجاة لله سبحانه وقُربى، مع دعوة إلى العلم والمجد في شمولية إسلامية، يقول :

إنه سبحة إلى الله عبر النو     ر في جو قدسه معصومة

    إنه فطــــــرة إلى المجد تــــــــــرنو      وإلى العلم والحجا منهومة([101])

     ويندد الشاعر د. نبيل قصاب باشي([102]) بالشاعر الذي يطري حاكما وينسى جرائره أو تقاعسه عن نصرة المسلمين فيقول :

قد حسبنا عهد التكسب ولى      في بلاط الملوك والأمراء

هو فوق المراء والمين ما عا        ش وفوق الخنوع والأهواء([103])

ويتخذ الشاعر الإسلامي من الشعر وسيلة لاستنهاض الهمم وإعادة الماضي المجيد ، يقولالشاعر كامل أمين([104]) :

فهذه عين جالوت فلا عجب     إذا التقى بدماها فيك حرُّ دمي

ذرني أدق طبـــــول الحرب داوية     والشعر أضوأ من نار على علم

حتى يرى العمْيُ نور الفجر من ورقي     ويسمع الصم همس الريح من نغمي

      وقد أقض مضاجع الشعراء الإسلاميين إهمال اللغة العربية لغة القرآن الكريم فاتخذوا من الشعر وسيلة

للتعريف بأهمية الفصحى والتنديد بالدعوات المعادية لها ، يقول د. جابر قميحة([105]) :

على رسلكم ياأفاعي البيان     فهيهات يعلو الفحيح الصهيلا

فـــــواعجبا كيف يحيــــا البيــــــــان     وقد ذبحـــــــــوه فأهــــــــــوى قتيـــــــــــــــــلا

لقد بلغ السيــــــل هام الزبى      وعــــــــــــاث فسادا خطيرا مهــــــــولا

لنبــــــــقَ وإيـــــــــاكمُ في ربــــــــــــــاط      لنحمي البيان الصدوق النبيلا

                  وخلوا الجديد النقي الشريف     يعانـــــــــق فينـــــــــــا التراث الأصيلا([106])

    وكان بعض الشعراء ينظرون إلى الحياة بنظرة تفاؤلية ويروحون يهدون قصائدهم إلى من يصنع المجد ويحرر الأرض ، يقول د. محمد صيام :

قالوا إلى من سوف تهدي ما تدبج من قصيد ؟

فأجبتهـــــــم إني أرى أمــــــــــلا يلـــــــــــوح ومن بعيـــــــــــــــــد

من فتيـــــــــــة غــُــــــــرٍّ كرام صارمي القسمات صيد

وسيصنعـــــــــــــــون لهذه الأوطــــــــــــــــان غايــــة ماتريد

ويحـــــــــتررون تـــــــــــــرابها من كل شيطــــــــــــــان مريـــــــــــــد([107])

     وكذلك يتفاءل الشاعر محمد كامل الأنّي([108]) بمستقبل إسلامي زاهر لأن المرء لايستطيع أن يتحمل الجهالات طويلا :

عاد الربيع وفي أذياله نذر      حذار أن يرجع الإسلام مغتربا

حذار أن يمسخ الإنسان فطرته     فيستسيغ ضلالات وينقلبا([109] )

      ولكن هذا التفاؤل كان يقابله رغبة عند بعض الشعراء بالتخلي عن الشعر في نظرة يائسة من جدواه ، بل إن بعض الشعراء مزقوا قصائدهم لأنها لم تجد شيئا في إنقاذ الأمة مما تعانيه ، يقول الشاعر كمال عبد الرحيم رشيد ([110])

مزقــــــــــت كل قصائدي الأولى     أبليتهــــــا من قبـــــــل أن تبلى

أحرقتهــــــا وقعدت أنظرهــــــــــــــــا    والنــــــــار تأكل فكرتي أكـــــــلا

وكما يموت الصدق في زمني     مات القصيد ولامس الوحلا

                   أوَبعـــــــد أن ضاعت معالمنـــــــا    أوَبعـــــــــد أن عهــــــــدُ الهنــــــــــــا ولى

يأتي فتى للشعــــــــــــر ينظمـــــــه     إن السكــــــــــــــــوت بمثلنــــــــا أولى([111])

     وشبيه بهذا الموقف قول الشاعر جلول دكداك :

ماذا يفيـــــــد إذا شعـــــــــــــرٌ أنضـــِّـــــــــده     في ألف معضلة حلَّت عرى البشـــــر

لو كان سلم الورى في نظم قافية     لانساب شعري على الأكوان كالمطر([112])

    أما الشاعر د. يوسف القرضاوي([113]) فيتمنى أن يهجر الشعر لأن بعض الشعراء اتخذوه للنفع أو للبغي، ثم يرى به سبيلا للهداية إلى الحق والرشاد فيعود إليه ويقول :

أريد له هجــــــــــــرا فيغلبــــــــــــني حبي     وأنــــــــــوي ولكن لايطاوعــــــــــــــني قلبي

فكم شد من عزم وبصَّر من عمىً     وأيقظ من نوم وذلل من صعب

لقد بغضت لي الشعر في مصر شلة     يبيعـــونه بالمال للبغي والنهب

وقفتك ياشعري على الحق وحــــــده     فإن لم أنل إلاه قلت لهم حسبي([114])

 

 

 

 

الباب الأول

الله جل جلاله والكون

في الشعر الإسلامي المعاصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

الله جل جلاله والكون في الشعر الإسلامي المعاصر

   يحكي هذا الباب نظرة الشعراء الإسلاميين إلى الله جل جلاله ثم إلى الكون مبدَعا منه سبحانه .

   ففي فصله الأول " الله جل جلاله " نرى مناجاة المولى تعالى بأسمائه العُلى وصفاته المجيدة، ونقرأ ما سطره الشعراء عن حبهم له، ورحمته بعباده التائبين العابدين بما أمر، وتحمل ابتلائه تعالى لعباده، كما نتعرف على أهمية القرآن الكريم دستور المسلمين الذي أهداه الله سبحانه للبشرية لتهتدي بآياته . وعلى أهمية عبادته تعالى بالصلاة والصيام والزكاة والحج ، وأثر هذه العبادات على نفوسهم وعلى مجتمعهم .

    وفي الفصل الثاني " الكون في هذا الشعر" نرى الكون مخلوقا مُبدَعأ من المولى تعالى، ونقرأ مناجاة خالقه ومظاهر إبداعه وقدرته ، والغاية من خلقه، سواء أكان الكون مظاهر طبيعية حية أم غير حية ، ثم نرى الطبيعة مصدرا للعظة والاعتبار، أو إطارا أو رمزا لقضية سياسية أو اجتماعية .

الفصل الأول

الله جل جلاله

في الشعر الإسلامي المعاصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول

الله جل جلاله في الشعر الإسلامي المعاصر

    الله جل جلاله خالق كل شيء ، تسبح له السماوات السبع ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ، هو فالق الحب والنوى، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، قد جعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، الرؤوف الودود الرحمن الرحيم ، الذي يتقبل التوبة عن عباده ولو بلغت ذنوبهم عنان السماء ، الشديد العقاب لمن طغى وتجبر ، وهتك وفجر، وقد شرَّع شريعة فيها الخير لمن التزمها، وفيها حدود عقابا لمن صدَّ عنها .

     والشعراء الإسلاميون هم ناس رقت مشاعرهم، وانفعلت نفوسهم لعظيم خلق الله، وأحسوا بجلاله وكبريائه، فراحوا يناجونه مقرِّين بضعفهم أمام عظمته، وبحاجتهم لعَـوْنه ، ومعترفين بسعة علمه، وبدت هذه المعاني السامية في قصائدهم، من ذلك قول الشاعرة أمينة المريني([115]) :

هو ذا الله معك     أينما كنت معك

يعلم الجهر وما     قد يناجي أضلعك

وخفاياك التي      لم تبارح مخدعـــــــــك

إن تكن ذا قوة      هل تسوِّي أصبعك

    وقد بدا تمجيد صفات المولى تعالى في هذا الشعر حبا له وإخلاصا وإحساسا بالقرب منه، وبموالاته،  والشعور بالعزة في الانتماء إليه، والسعادة في ظل مرضاته، كما بدا في التوبة والاستغفار، والإيمان بقدرة الله وبقدره ، وبالابتلاءات التي تحل بالفرد والأمة، وبعبوديته بأداء ما افترضه عليه .

أولا : تمجيد الله سبحانه بصفاته العُلى :

       يقول الشاعر عبد الرحمن العبادي([116]) :

لك الجــــــــلال والكبــــــــــرياء    والسنــــا والعلـــــــــو والأسماء

ولك المجد إذ تعاليت عما      نسج المبطلون والأهواء([117])

     إنه أدب إسلامي رقيق ترجم عن نفس مؤمنة أحبت الله وعظمته ، وترنمت بصفاته ، فهو سبحانه كما عبر الشاعر عادل حسن مكي إله منزه عن الشريك ، خالق ماجد مصوِّر، غني باق لايفنى :

سبحانــــــــه مِن إلـــــــه لاشريك له     نعمــــــــاؤه في البرايـــــــا جمـــَّــــة كثرُ

الخالق البارئ الحي المصور من     باتت تسبحه الأطيار والشجر

الماجد الواحد القهار ذو المنن الـ   عظمى ومن لطفه في الناس منتشر ([118])

    وهو تعالى يسمع ويرى زحف الظل وحديث النمل ، ويقلب القلوب حيث يشاء، يقول يوسف العظم وهو يناجيه و يذرف دموعه في دجى الليل راجيا رحمته :

أناجيك في ليلي وفي العين أدمع      ومالي إلا رحمــــــــــــة منك تشفـــع

أادعوك جهرا أم أناجيك خفية     وأنت لزحف الظل والنمل تسمع

فؤادي في كفَّيــــْـــك ليس ينالــــــــــــــه    سواك فمن للقلب إلاك مرجـــــــــع([119])

        ويعترف عمر بهاء الدين الأميري برعاية المولى له طفلا وكهلا وشيخا هرما ، وهو يرجوه أن يسدد خطاه وخطا ذريته، وأن ييسر لهم تيسيرا :

إلهي أنت عافيتي وعَـــــوْني     وصَـــــوْني أنت تمكيــــــــــــني وأزري

فأنت برأتني وبدعت خلقي     وأنت حبَوْتني حسي وفكري

وأنت حفَفْتني طفلا وكهلا     وشيخا بالنـــدى تابعت بري

فسدِّدني إلهـــــي واصطنعــــني     لما يرضيــــــــك في ســـــر وجهر

وأبنائــــــــي وأحفـــــادي وزدنا     جَــــــدا وندى ويسرا إثر يسر([120])

   وتدعو الشاعرة ثريا العسيلي([121]) بارئها وهي تستشعر لطفه ورحمته ، راجية هداه :

إلهـــــي إليك مددت اليدا     فكن لي بهذا الدجى مرشدا

فأنت الرؤوف وأنت المجير      وأنت اللطيف وأنت الهدى([122])

وهو الهادي إلى سواء السبيل بدينه القويم ، يقول د. عارف الشيخ ([123]):

نحمد الله أن سدد للحق خطانا

وإلى الإيمان والتوحيد والنور هدانا

وحبانا الديــــــــن لولاه لمــــــا كنا وكانا([124])

    ويُحْسِن محمد علي حمودة([125]) ظنه ببارئه فهو المنعم المجير، ولئن ابتلاه المولى تعالى صبر، وإن أنعم عليه شكر ، يقول :

راش الزمانُ سهامه ورمــــــاني      وهوى علي بصــــــــارم وسنــــان

                          أحسنت ظني بالإله وعدله     فأقالــــــني من فــــــاقــــــــــة وهـــــــــوان    

وأجارني من ظلم من فقدوا الهدى    وتشدقوا بالبر والإحسان

                         وإذا ابتـــــلاني في الحياة بشدة     عالجتهــــــا بالصبــــــر والإيمــــــــــان

    ويحمد أحمد الشرقاوي إقبال([126]) ربه أيضا على نعمائه سرا وعلانية ويقول :

إلى من له الحمد أجزي الثنا       مسرّا به القولَ أو معلِنا

سبقتَ بآلائك الضافيات       فمنها الفُرادى ومنها الثُّنا([127])

    ويحكي لنا محمد عبد الرحمن صان الدين([128]) قصة ملحد رآه في مقبرة نثرت فيها الرياح أعظم الموتى، وكان بعضهم من ذوي المناصب، فذرفت عينا الشاعر لهذا المشهد، وذكر الموت والبعث والحساب وما بعدهما من جنة أو نار، فسخر الملحد منه وقال إن كل شيء سيتلاشى ولن يعود، فنصحه الشاعر المؤمن، وذكره بمخلوقات الله وأنه يحيي الغصن اليابس وكذلك العظام الرميمة، فهداه الله سواء السبيل ، يقول في البدء على لسان الملحد :

في دياجي الموت يخفى ال     ناس في ليــــل طويل

مارأينـــــــــــا أنَّ ميتـــــــــــا     عـــــــــاد من بعــــــــــــد الرحيــــــــل

     فرد عليه الشاعر قائلا :

قلتُ ياهـــــــــــــــذا تأمــــــــل      ذلك الغصن الرطيب

كان من عهــــــــد قريب     يابسا يؤسي القلـــــــــوبا

ليس فيـــه من حيــــــــــاة     لاتــــــــرى إلا شحــــــــــــوبا

مالـــــــه قــد عاد غضــــا    يرتــــدي ثوبـــــــــــا قشيبـــــــــا

إن عَظْــــــــــم المــــــــرء يحيا     قائمـــــــا يوم الشهادة

فالـــــذي ســــــــواه بَــــــدءا     بـــــاختيـــــــــــــــار وإرادة   

فــي جمـــــــــال واكتمــــــال    ليس تُعيــِــيـْــه الإعادة

    فاهتدى الرجل كما ذكر الشاعر في قوله :

ثم حيـــــّـــــا في خشـــــــوع    قائــــــــلا أين المصلــــــــى

ثانيا : حب الله سبحانه ومظاهر هذا الحب :

       هام الشعراء الإسلاميون حبا لله سبحانه ، وتعلقت قلوبهم به وراحوا يتقربون إليه بهذا الحب النقي، يقول مخلص الحديثي([129]) في محبة ووجد للمولى تعالى : 

وما لي سوى حب الإله وسيلة     إذا ضمني قفر وأوحشني قبر

وإن يقيني للنجـــــاة وسيلتي     على أن جهدي لايقوم به عذر

عشقت به الرحمن جل جلاله    حبيبا قريبا دونه السر والجهر

نحب بـــــــه حتى كأن نفـــوسَنا     يقـــــربها قربٌ ويهجُــــــرها هجــــــــر

أحبك ياربي وحقك صادقا     وإنك ذو علم بما يكتم الصدر

أقصر في سعيي وأعثر تارة     وما مسني شـــــرك وما نالـــــــني كفر

     ويعبر أحمد محمد الصديق عن حبه لمولاه تعالى ذي الجمال المطلق الذي لايحدُّ، ويرى أن حبه تعالى هو الباقي وغيره لايوثق به، يقول :

أنا من معينـــــــك ياإلهــــــــــــي استقــــــي     وأهيم حبا بالجمال المطلق

وأذيب فيك حشاشـــــــــــــتي وصبابتي     شعرا يؤجج لوعتي وتحرقي

مولاي ذكرك في فؤادي نشـــــــــوة     علوية فــــــاضت كنهر مغدق

يصفو به عقلي وتصفو مهجتي     يانعم ذاك الطهر والورد النقي

 مِنَـــن تجــــــــود بها علـــــيَّ كثيــــــــــرة     وجزيل فضلك ياعظيم مطوقي

وحبل المودة فيك موثوق العُرى     لكن حبل سواك غيــر موثق([130])

ويحس الأميري بحب جارف لله سبحانه فيناديه بلهفة :

ياحبيـــــــبي أنــــــــا عبد     ياحبيبي أنت ربي

أنت في خفق جناني    وكياني ملءَ قلبي

فإذا جاوزت حــــــدي     أفلا يشفع حبي([131])

    ومن مظاهر هذا الحب الإيمانية إخلاص القلب لله تعالى، يقول الأميري مبينا أن على المرء أن ينفق عمره مخلصا لوجه الله سبحانه في عمله، وهويوفقه بذلك :

علمتــــــني الحيـــــــاة أن ابتغـــــاء الله   -   فـــــذا  في كل شأن وقصـــد

يبلِــــــغُ المرءَ سؤلــــــه ومُنـــــــــاه      وسواه مهما ادعى ليس يجـــــدي

كم طلبت العلا وأنفقت فيها     عنفوان الصبا وغاية جهدي

فاستحالت علي حتى طلبت الله   -   عبدا حرا وإذ هي عندي([132])

 وتعجب الشاعرة صفاء حسني ناعسة([133]) ممن لايتوجه بقلبه إلى مولاه وهو البارئ له، والهادي والرازق:

أنقصــــــد غير خالقنا    ورازقنــــــــا وهادينـــــا

فلا عشنــــــا إذا أبدا      ولا كانت أمانينــا

فإن الدين نفديه     ولا نبغي سوى الدينا

    ومن المظاهر الإيمانية أيضا أن يجعل الشاعر شهادة الحق " لاإله إلا الله " محررة للإنسان من العبودية لغير الله، وقد نادى بها ربعي بن عامر حين قال لكسرى الفرس " جئنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار " ويقول د. عثمان مكانسي في ذلك :

وشهادة الحق المبين شعارنا     والمسلمون بدونهــــــا أيتام

فيها التحرر من عبادة ظالم     يعتز فيها المؤمن المقدام([134])

     ويوضح الشاعر إبراهيم عزت([135]) معنى ( الله أكبر ) فيقول :

الله اكبر باسم الله مجريهــــــــا     الله أكبـــــــر بالتقـــــــوى سنرسيهــــــــــــا

الله اكبر قولوها بلا وجل    وحققوا القلب من مغزى معانيها

بها ستعلو على أفق الزمان لنا     رايات عز نسينا كيف نفديها

الله أكبر ماأحلــــــــى النــــــداء بها      كأنه الري في الأرواح يحييها

    ومن المظاهر الإيمانية أيضا أن يحب المرء في الله ويكره في الله ، ويحس الشاعر د. محمد علي الرباوي([136]) أنه مقصر في حبه له سبحانه وتعالى لأنه لم يحب فيه ويكره فيه، فيقول معاتبا نفسه :

    كيف تناديه حبيبي

    كيف تناديه؟

    لو أنك حقا تهواه 

    كنت تعادي فيه

    وتوالي فيه

    كيف تناديه حبيبي ؟

    كيف تناديه ؟([137])

      ومن هذه المظاهر الإحساس بالعزة في الانتماء إليه ، يقول الأميري :

باهى عبيد حطام بانتمائهم    إلى العظيم فلان وابتغوا جاها

والحر عبدك يارب العوالم لا    لاينتمي ، وبغير الله ماباهى([138])

   ويكرر د.حسام النعيمي([139]) هذا المعنى فيقول :

ذلُّ النفوس لمن براها عزها    والذل في ذات الإله مليح

ياربِّ ذلتُنا لنورك رفعةٌ    فاصفح فإنك ياكريم صفوح

   ومن علائم هذا الحب اتباع شرعه فإن المحب لمن يحب مطيع، يقول خالد البيطار([140]) :

النور في قلبي وفي عقلي فكيف أضيع دربي ؟

أم كيف أركن للضلال  وكيف أهتف أو ألبي

من أجل دنيا ؟ بئست الدنيا إذا أغضبت ربي

سأظــــــــــل معتصما ومعتــــــــزا بربي وهــــــــو حسبي

   ويحس أحمد محمد صديق بالسعادة في اتباع شرعه فيقول :

إن السبيــــــل إلى السعادة بيّـــــــــــِن     قد أوضحتــــــــــــه شريعــــة غــــــــــــــــرّاء

هي للحياة نظامها،هي للنفو     س سلامها ، هي رفعة وضياء

في ظلــــــها القدسي قامت دولة     مــــــــرهوبة دانت لهـــــــــــــا الأعــــــــداء

فلْيعــــــلُ دستور السماء فـــــــإنما     هــــــــو منتهى مايبتغــــــــــي العقـــــــلاء([141])

   ومن المظاهر الإيمانية أيضا رجاء مغفرته والإحساس بالعجز أمام عظمته ، يقول الشاعر نبيل الزبير :

رباه جئتـــــك تائبـــــــــا ومنيبـــــــــــا    أرجو رضاك فقد هجرت ذنوبا

وإليــــــــك ياربي أفرُّ فمــــــــا لنا     يارب غيرك إن أردت هــــــــــروبا

أدعوك ياربي فأجب لي دعوتي     إن لم تجبني من يكون مجيبا([142])

   وقد أحرق الشاعر محمود النجار([143]) شعره القديم الذي نظمه أيام جهله لئلا يبقى من ماضيه السيئ بقية تذكره بالضلال، وراح يقول :

يارب جئتك من همومي قد هربت

وتركت أوساخ الحياة بها كفرت

ورميت ماقد كنت قبلُ به شغلت

وحرقت أوراقي التي جهلا كتبت

مسترحما أرجو رضاك فقد ندمت

    ويخاف د. محمد بن ظافر الشهري مما اقترفته يداه مما نسيه والله لاينساه ، وهو يرجو أن يصفح عنه:

     جاء بي حر ذنوبي

     ساقني يارب تأنيب ضميري

     ياإلهي

     أنا لاأعرف ماتعرف عني

     أنت أدرى

     غير أني

     بؤت يارب بما قد كان مني

     فاعف عني

     ولنفسي لاتكلني([144])

    ويستعيذ الأميري بالله من شر شيطانه الذي لايفتأ يكيد له فيقول :

ويل إبليس إذ  كاد يودي     بي لكن أخزاه ربي فأفلس

وإذا العبد لاذ بالله نجاه  -   فولى الشيطان عنه وأبلس([145])

   وهذه امرأة سقطت ثم أحست بالوزر وعرفت أن السعادة في السير على الطريق المستقيم، فذرفت الدمع

غزيرا علَّ الله سبحانه يتوب عليها وينقذها من الشقاء الذي هي فيه، تقول لولوة الجاسم([146]) فيها :

أنـــا ياإلهــــــــي حائـــــــــــــــرة        في درب همي سائرة

أنــــا زهـــــــرة لعبت بهـــا       ياصـــاح أيــــد فاجرة

لاتحســــــبَن أني بــــــأجــــــ    ـنحة الســـــــــعادة طائرة

سل كل من عرفت هوى  حتما تجدها خاسرة

إلا التي تابـــــــــــــت إلى     رب الــــورى متحسرة

ترجو النجاة من اللظى   والعين تدمع ساهرة

   ومن علائم حب المولى الإحساس بأن ماقدره سيكون مع الرضا به،وأن على المرء أن يسعى (وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى)، يقول الأميري :

أنت رب الخيـــــر رب الشــــــــر رب العالميـــــــــــــن

أنت سويت نفوس الخلق .. خلقت الجنين

ووهبـــــت العقـــــــــل للنـــــــــاس ليهـــــــــــدي ويزين

ونـــــــــــداء الله يدعــــــــــــو بلســــــــان المـــرسليــــــــــــن

لصــــــــراط مستقيـــــــــم نيــــِّـــــــــر البــــــــــــون أميــــــــــن

ولقـــــــــــد يصــــــــــــرف عنـــــــــــــه شيطـــــــــــان لعين

فالـــــــــــذي يتبعـــــــــــــــه يرديــــــــــه في زيـــــــغ أفين

ويحب الله أن نختــــــــــــــار درب الــــراشـــــــدين

قـــــــدَر الله .. قضاء الله في الحق اليقين

فيــــحيق الشر عدلا بالعصاة القاسطين

وثـــــــــــواب الخيـــــــــر فضلا بالعباد المحسنين([147])

   ولقد يصاب العبد بابتلاءات ما فيلجأ إلى المولى عله يفرج الكرب عنه ، يقول د. العشماوي :

أعوذ بنور وجهك ياإلهي     من البلوى ومن سوء المصير

إلهي ماسألت سواك عونا     فحسبي العون من رب قدير

إذا لم أستعن بك ياإلهي     فمن عوني سواك ومن مجيري([148])

    وقد يكون الابتلاء بالرزق وهاهي لولوة الجاسم تدعو نفسها إلى الرضا بما قسم الله لها من رزق فهي نعمة منه تعالى :

ياقلب مالك تشتكي هما وغما     وتزيدك الأيام تخويفا وعتما

أوَلست تؤمن بالذي خلق الورى     ومقسما ارزاقهم كيفا وكما

واقنع بما يعطي الإله فإنه     رغم الذنوب يزيدنا فضلا ونعمى([149])

    والغربة قدر وابتلاء ابتلاه الله عباده، يقول د. بهجت الحديثي([150]) :

لاتجزعي يانفس إن حياتنا     قدَر على قـــــــــدر بنـــــــــا يتكفــــــــــل

إن الفراق على العباد مقدر     والرزق من فوق السما يتنزل

فلترض بالمقسوم والأمر الذي     من ربنا فهو الكفيل الأكفل([151])

ثالثا :إكرام كلام المولى تعالى القرآن الكريم :

    القرآن الكريم حبيب القلوب وروحها ، به تتنسم نفحات الإيمان ،وتترنم بأعذب الألحان، وتستضيء بأنواره الساطعات ، وهو الكتاب المبشر والمنذر ، والدستور المبين، هدى ورحمة وموعظة للمتقين ، نتعبد بتلاوته وحفظ آياته الكريمات آناء الليل وأطراف النهار ، من حكَم به أفلح ، ومن أعرض عنه هوى في الجحيم وبئس المصير ، يقول أحمد بشار بركات([152]) فيه :

نورَ الإله نزلت حقا خالصا     تنجي وتنقذ من عذاب حريق

لله كم أحييت ! كم أنقذت مَن    قد كان قبل كميت وغريق([153])

    وقد أنزله المولى تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لينذر به الثقلين ، يقول د. أكرم قنبس([154]) :

أوحى به الله للأمي معجزة     جاءت لتنذر فيه الإنس والجانا

لاريب في أمره إلا لمن كفروا     فيه وكانوا مع الشيطان إخوانا

     وتحدى المولى تعالى العرب الفصحاء بل البشرية جمعاء أن يأتوا بمثله حينما ادعوا أنه كلام البشر، فعجزوا ولا يزالون عن أن يأتوا بمثل آياته فصاحة وتشريعا ، يقول د.صابر عبد الدايم([155]) :

في كل عصـــــر أعجز الخلـــــــــق سرُّه     له تخضع الألباب عن كل إذعان

فما قدرت يـــــــوما على ســـبر غــــــــوره     وما أدركت يومــــــــــا له أي عنوان

قديما رأى الأعراب فيه فصاحة     وما أدرك الفصحى به نظم سحبان

له لم تـــــــزل في كل قلب مهابــــــــة    لــــــه نبضـــــــــات القلـــــــــب أنغــــــــــــــام تبيان([156])

ويطرب أحمد محمد الصديق عند سماع آياته الكريمات المعجزات بلاغة وإحكاما،يقول في إعجاب وانتشاء:

أي نجـــــــــــوى معسولة الألحـــــان    ألهبت خاطري وهزت كياني

تلك آي الكتاب تنساب نورا     في حنايا الضلوع والوجدان

قمة فوق مايبلـــــــــــغ الفــــــــــــكــــــــــ      ــر  وفوق التصور الإنساني

معجز أذهــــــــل العبـــــــــاقرة الأفــ     ــذاذ من كل ملة أو لسان

أحكم الله نسجه فتســــــامى     شــــــامخــــــــا في كمالـــــــــه الرباني([157])

        وتشتاق الشاعرة بشرى عبد الله لتلاوته وتعجب ممن يغفل عنه، تقول :

عجبا للُــب تـــــــاه عن تعظيمه     الله أكــــــــــبر لاإله ســــــــــــــــواه

قرآننا تهفو النفوس لأجله    شوقا ويسري في الفؤاد شذاه

سبحان ربي كيف يغفل راغب    عن فيض قرآن به تقواه([158])

   وما جاء فيه من غيبيات عن الأنبياء والأمم البائدة وعما بعد الموت يثبت إعجازه أيضا ، وقد حفظه المولى

فلا تناله أيدي الملحدين ،وهو يهدي العالمين إلى سواء السبيل يقول خالد محمد سليم([159]) في ذلك :

ضياء قد أهل من السماء    يغيث الأرض من ليل الشقاء

أتى بالغيب يبسطه كأنا     شهـــــــــــدنا الغيب فيه بعين راء

ويحكي قصة للخلق كانت    وقبــــــل وجودنا طي الخفاء

وعن أمم الأحقاب عاشت     ومن قد أرسلوا من أنبياء

وما سيكون بعد الموت فينا     ورحلة بعثنــــــــــــــا بعد الفناء

كلام الله ... من يرقى لربي     يكلمه ويسمع في جلاء

أحاط به إله العرش حفظا     ومن ذا مثل ربي في الوفاء

ينادينــــــا غنيــــــا عن هدانا     وعـــن طاعاتنـــــــا كل الغنـــــــــــــــاء

ترى ماذا نجيب إذا رددنا     إلى الديــّـــــان في يوم الجزاء([160])

    وهو يضرب الأمثال للاتعاظ يقول محمد جميل العقاد([161]) في ذلك :

تضرب الأمثال  ضربا معجزا     يكشف الريبة عن وجه اليقين

فترى الــــــــــدنيا متاعـــــــــــا هينـــــــا     ينقضي في مثل عمر الياسمين

لك في القصــــــــة منه عجب      يبرز الغائب في شكل الرهين

فنـــــــــرى آدم في جنتـــــــــــــــــــــــه    خارجــــــــا يلعــــــــن إبليس اللعيـــــــــــــــــن

ونرى فرعـــــــــــــون في طغيانه     ونرى موسى وسخر الساخرين

     وأحكام القرآن الكريم جاءت للدين والدنيا فلا فصل بينهما،وهي صالحة لكل زمان ومكان مهما تقادمت العصور يقول أحمد محمد صديق :

هو للدين مثلمــــــــــــــــا هو للدنـ    ــيا منار الهدى وظــــــــل الأماني

هو في جِدة على الدهر لاتبــ      ــلى شفاء القلوب والأذهان

فيــه حل لكل مايشغل الدنيا     ســــــــــواء وفيــــــــــه فصل بيــــــــــــــان

وهو في ذروة الحيــــــــــــاة ينادي    فأصيـــــــــــــخي قوافـــــــــــــــل الركبان

أيها الحائــرون في مفرق الدر     هلمــــــــــوا هذا سبيــــــل الأمان([162])

    وصلاحه لكل زمان ومكان جعله كما أراد المولى دستور المسلمين الذي يجب أن يسيروا عليه حتى يفوزوا في حياتهم ويعيدوا حضارتهم، يقول الأميري  في ذلك :

وأعد لأمـــــة أحمــــــــــد أيامهــــــــا     ياجاعلا إسلامها دستورها

قرآنها المهجور ضع من قلبها    أقفاله عنه ليشرح صدرها

ويكــــــون بعد تدبـــر نبراسها    ليعيـــــــــد سيرتها ويعلي قدرها

فتسود ثم ترود وهي رحيمة     إيمانها الواعي يسدد سيرها

تبني حضارتها تشع عطاءها      للناس كل الناس تمنح خيرها([163])

   وقد شقي الناس بالأنظمة الغربية، ومع ذلك أحزنهم نهضة الصحوة الإسلامية التي تتمسك بكتاب الله

سبحانه ولا ترى لها بديلا عنه، يقول محمد المنتصر الريسوني([164]) بمناسبة أسبوع القرآن الكريم في 1399هـ

شقي الورى بمناهج الغرب الحقو     د فشاقهم صبح ترنُّ مزاهره

تلك الطلائع أعلنت أن الولا      ء لربها فيعز من هو شاكره

تلك الطلائع لاتبايع حاكما     يسلو الكتاب يخزنه ويكابره

تلك الطلائع مالها إلا الكتا    ب منارة تملــــــي العهـــود أوامره([165])

    وحرر القرآن الكريم العقول، ورسم للناس طريق الإصلاح والجهاد، وطريق الرقي والعمران ، يقول أحمد محمد الصديق :

تلك آي الكتاب تنساب نورا    في حنايا الضلوع والوجدان

حررتنـــــــا من القيـــــــــــــــــــود وخطت     للـــــــبرايا دستــــــــــــورها الربـــــــــــــــــــاني

هل تأملت منهج الوحي فازدد    ت يقينا وخضت بحر المعاني

وترسَّمتَهـــــــــا جهــــادا وإصلاحـا     وعدلا في الســـــــــر والإعـــــــــــــــــلان

وترفعــــــت بالهدايــــــة عن رجــ    ــس الدنـــــــايا وفــــــــــــزت بالرضوان   

كيف نهوي إلى الحضيض وشرع الله  -   أصل الرقي والعمران

يغرف العالمـــــون من بحره الثرّ  -    فيــــــــربو على مرور الزمان

كم دعانا إلى التأمـــــل في الكو     ن  وجني العلــــــوم والعرفان([166])

    والأمة أصابها الذل والهوان بعد تخليها عنه ،وحلت بها المصائب فشُتِّت أبناؤها، واستُعمِرت أراضيها بعدما كانت رائدة العالم، يقول محمد ضياء الدين الصابوني([167])

ولما هجـــــــــــرناه تشتت شملنــــــــــا     وعُـــــــــــــــدنا بخــــــــــــزي وانقســـــام وذلة

ومزقــَـــــــنا الأعـــــــــداء كل ممـــــــزق   وقد أفقـــــــــدونا كل عـــــــــــز وهيبـــــــــــــــــة

وكانت ملوك الأرض ترهب بأسنا    وقد عرفت منا مضاء العزيمة

ولمــــــــــــا تغيــــــــــرنا تغيـــــــــــــر عـــــــــــــــزنا    وصــــــــــــرنا إلى ذل وزَيـــْــــــــــــغ وفتنــــــــــــــة([168])

   ويعظم المسلم القرآن الكريم ويستفتح به حفلاته لأنه يدرك أنه نور وبركة وهدى للدهور، يقول الأميري :

لم لانستفتـــــــــح الأحفال بالذكر الحكيم     أيها الأحباب والقرآن خير لايحور

بـــــــــركات الله والتــــاريخ والمجــــــد العظيم    والحجا والنور الحافز للسعي الغيور

    نحن عصريون والقرآن تنزيل قديم !!..    أيها الأحباب كلا،إنه هدي الدهور([169])

      ولا ننسى دعوة القرآن الكريم إلى الخلق الرفيع ولذلك قالت الشاعرة بشرى عبد الله :

قد نزل القرآن وحيا داعيا    لمكارم الأخلاق فيه رضاه

وتراه يدعـــــــو للفضائل  إنه      دستور إسلام لنا أجراه

قرآننا يسمو وتسمو نفوسنا    بتــــــــذوق وقـــــــــراءة لهـــــــداه([170])

     وقد نزل القرآن الكريم باللغة العربية لجمالها فحفظت به كما يقول د. وليد قصاب

الله عظمها فصاغت وحيـــــــــه     بالمعجــــــزات وبالسنا الوضـــــــــاء

نزل الكتاب بها فصارت وحدها     قدسية القسمات والأسماء

صاغته فكــــرا معجزا متألقا    خرت لديـــــــــه أكابر الفصحاء([171])

    ويدعو محمود مفلح([172]) أبناء المسلمين إلى تعلم القرآن الكريم في نشيد له يترنمون به فيقول :

لاتهجـــــــــــر أبـــــــــــدا قرآنــــــــك     تطــــــــرد ياولـــــــــــدي شيطانك

واجعلـــــــــه دوما بستانك     واقطـــــــــــــــف من هذا البستانْ

غرد ياولدي حسان

اتل المصحف فجرا عصرا     تعشق روحك ذاك السحرا

تلــــــــــق الخير وتلــــــــــق الأجرا    وتحـــــــــــــــــرِّر فيــــــــــــــــه الإنســـــانْ

غرد ياولدي حسان([173])

رابعا : مظاهر تعبديـّـة :

تحدث الشعراء الإسلاميون عن  مظاهر تنم على حب المولى تعالى كعبادته بأداء فرائضه وغيرها، ولعل أهمها :

- الصلاة فهي الركن الثاني في الإسلام بعد شهادة أن لاإله إلا الله ، وهي عماد الدين، ولا يكاد يمر وقت في العالم الإسلامي لايرتفع فيه نداء الله أكبرطالبا من المسلمين أداء هذه الشعيرة، أو يرى فيه مسلم يتبتل إلى الله تبتيلا، يقول أحمد راتب حموش([174]) :

في موسم الطاعات يصفو المنهل     ويغص بالناس الظماء ويجمل

يتطهرون بصــــــالح من سعيهم     برياض خيــــــر يـــــــــــزدهي لايذبـــــــــــــــل

ويعانقـــون الفجر في أسحارهم     فتظـــــــــــــل أنفســـهـــــــم به تتغـــــــــــــــزل

وإذا الأذان عـــــلا سبا أرواحهم     نغــــــــــمٌ حبيــــــــب يشتهــــــى فيُقَبَّل

     وهذه العبادة دائمة لاتنقطع والأذان قبلها دائم كذلك، يقول عبد الوهاب عزام([175]) :

يدوي على الدهر صوت الأذان     فلا ينقضي ساعة واحدة   

إذا بلـــــدة أمسكــــــــت صوتهـــــــــــا      تنادي التي بعدها جاهدة

تهــــــــــــز السمــــــــاوات أنغــــــامــــــه      وتلفـــــــــــى الجبـــــــــال لــــه راعدة

     وهذا الأذان ليس دعوة للصلاة فحسب وإنما هو دعوة للتحرر من الدنيا والإقبال على الله ، يقول محمد عياش الكبيسي([176]) :

قـــــــــــم يابـــــــــــــلال وأعلنـــها مدويّـــة     الله أكبــــــر في أرجاء دنيانا

الله أكبـــــر فلتُحـــــــنَ الجبـــــــاهُ له       ولتستكين لـــه ذلا وإذعانا

الله أكبــر لاعزّى ولا هبل     الكل هانوا وصوت الحــق ماهانا

فنحن لانبتغي جاها ومنزلة    قد خاب من يبتغي بالدين أثمانا

    ويحس الأميري بنشوة الصلاة في المسجد الحرام حتى كأنه غدا من نور فيقول في إحساس بأثرها عليه :

وقفت أصلــــــــي أمام المقــــــــــــــام     وفي مقلتيَّ السنـــــــــــا والسنــــاء

وللبيــــــت مــــــلء جناني جلال     ونشــــــوة وَجْــــد ووجد انتشاء

وأنسيت نفسي وغاب زماني      وغاب مكاني وغاب الثِّواء

أرانــــــي كأني من النـــور خلــــق    جديـــــــد ولست بطيــــــــــــــن وماء

وراجعْــــت ماكان من غابري    ومن حاضري فاعتراني حياء([177])

    وينصح كاظم حبيب([178]) بأن يصلي المرء قيام الليل ليناجي به ربه، يقول :

وركضا إلى الله قبل الفوات    سراعا فقد آن أن ترجعي

وقومي وصلّـي صلاة القيام    لرب الخلائــــق واستشفعي

وناجي كريمــــــا كثير العطــــــاء      غفـــــورا رحيما ولا تفزعي

ونوحــــــي نُـــــواح الفقير إليه   وما لي سوى الله من مفـــــــــــزع([179])

    ويندد الشاعر الإسلامي بمن يؤدي حركات الصلاة دون أن يفقه مغزاها ، يقول ذو النون الأطرقجي([180]):

نقرتُهُــــــــنَّ ، هــــــــل أنا نقّــــــــارُ     لاهُمَّ غفـــــــــــرانك يـــــــــــــــاغفار

نقرتهن حلكا وصبحــــــــا    أطلب منك في السجـــــــود فتحا

ولا تدعني في الصلاة صخرة     تهوي بلا معنى بقعر حفرة

   وينظر د. عثمان مكانسي إلى الصلاة من منظار اجتماعي فإذا هي شعار المتقين، كما أنها تساوي بين المسلمين يقول :

جعل الصلاة علامة للمهتدي     قد أفلح المتبتِّل القوام

وبها المساواة الحقيقة يلتقي      في ظلها المحكوم والحكام([181])

    وفي المساجد تزكية للنفوس ، يقول مخلص الحديثي :

وكَفٌّ تُشِيْــــــــــــــــدُ البر لله خالصا     مساجد يزكو بين أركانهـــــــــــا الأجــــــــــــر

إذا افترشت غر الجباه أديمها     سرت في رحاب الكون أنفاسها الغر

وإن أمَّن الداعون خلف إمامهم      تراءت برغم الجدب أحلامنا الخضر([182])

     وفي هذا المقام يذكر المسلم المسجد الأقصى أولى القبلتين ومعراج الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويدعو يوسف العظم في هذا السياق المسلمين إلى العودة إلى كتاب الله لينصرهم الله على الصهاينة المحتلين ، يقول :

لقد ذكرت لدى الأقصى تهجدنا     وليلة القدر نحييها فتحيينا

وقبلة المصطفى الأولى وصخرته    وومضة النور في دنيا أمانينا

قد أقسم الله بالزيتون تكرمة    فاحتل منا العدا الزيتون والتينا

متى نعود إلى القرآن رائدنا     ليُخرج الظلمُ والعدوان من سينا([183])

- وعبادة الزكاة تزكي النفس وتعين الفقير وتؤلف بين المسلمين، يقول محمد جميل العقاد :

مدُّوا الفقير فهذه أيامه     يجتاز فيها كل أمر صعب

أدوا الزكاة فهذه حق له     فبدفعها يقوى رباط الحب([184])

-كما أن الفقير ينعم في شهر رمضان فتكون هذه العبادة رحمة له أيضا فضلا عن أنها صحة للمسلمين ووقاية لهم من الشرور والآثام، يقول الشاعر نفسه في ذلك :

إن الصيـــــــــــام وقايـــــــة     للنفس من وخز السهام

بل جُنَّـــــــــةٌ ياقومنـــــــــا     للعبـــــــــــــد في يـــــــــوم الزحـــــــام

شعر الغني بصومه      بعذاب من فقدوا الطعام

فحنــــــا عليه تعطُّفـــــــا      وبعطفــــــــه نشــــــر السلام

وغدا الفقير منعمـــــــا     فيمـــــــــــــــــا يجـــــــود به الكرام

ثــــــــــق للصيـــــــام روابط     لولاه باتــــــــــت بانفصـــــــــام([185])

     وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفيه نزل خير كتاب العالمين، وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر ، يقول د. عثمان مكانسي في ذلك :

رمضـــــــــــان هلَّ بوافـــــــــر الخيــــــــرات     يهدي لنا الآمـــــــــــــال والبركات

برضــــــــــا الإله إلى الجنـــــــــــان مآلنا    ياسعـــــد من يسعى إلى الجنات

فيك الكتــــــــاب تنزَّلت أنـــــــــــواره       هديــــــــا يضيء بمحكم الآيات

ياليلـــــــــــة القـَـــــــدر الجميل بهـاؤها      فيك الرضــــــــــا الموسوم بالخيرات

خير من الألف الشهور تنزَّل الـ     روح الملاك بأعذب الكلمات

في عَشْــــــــرِهِ الأولى مكارم رحمة     يتلـــــــــــوه غفــــــــــــران مع الحسنــــــــــــات

ثم المتـــــــاب به انعتــــــــاق رقابنا    من لفـــــــــــــح نـــــــــــار لاهـــــب الجمرات([186]) 

وهو في نظر د. أحمد حسبو خضر([187]) عرس في المساجد بالتراويح والقيام ، وعرس للفقير ، وكذلك للصغار والكبار، يقول :

أقام على الأرض أعراســــــــــه     وألبسهـــــــــــــــا حُلَّـــــــــة من ضياء

فعرس المساجد تلك الجموع     أهلَّت تواصل بعد الجفاء

وعرس الفقيــــــــر ففيـــــــه يؤمل  -   ماليس يعهده من عطاء

ذكرت الصغار إذا أسرعوا     قبيل الغروب بسـاح النداء

وجــــــاء مؤذننــــــــا خاشعــــــــــا     وأرسل صوتا يجوب الفضاء

هنالــــــــك تغمــــــــرنا نشـــــــــوة    كأنَّــــا بحــــــــــق لمسنـــــــــــا السمــــــــــــاء([188])

   

ويحذر الشاعر أحمد مظهر العظمة([189]) من أن يكون الصيام جوعا لاأثر فيه على الفرد والمجتمع، فيقول :

لا الصوم صوم ولا الإيمان إيمان     أتت على الصوم والإيمان أزمان

كانوا يصومون فالأخلاق سامية     ويفطُـــــــرون فأجــــــــــر الله غفـــــــــــــــــــران

والصـــــــوم طِبٌّ وأخلاق ورابطـــــــة     وتقــــى ودين وترويضٌ وإحســـــان

لكنه اليوم أضحى وهو مخمصة     على الفساد فما للحزم سلطان

    وربط بعض الشعراء الإسلاميين بين رمضان وواقع الأمة المعاصر، يقول رافع سليم الحديثي([190]) :

رمضان هل أشجاك ماأشجاني ؟     رمضان هل أضناك ما أضناني ؟

ظلــــــــم وسحــــــــت وامتهان كرامـــــة     وتفـــــــــاخر بالكفــــــــــر والعصيــــــــــــان

رمضـــان ياشهـــــــــر الجهاد ألم تعد      بـــــــــــدر وحطيـــــــــن بوصـــــــــف ثــــان

فتـــــــــدك فيهـــــــــا للطغـــــــاة معاقل     وتحطـــــــــــــم الأوثــــــــــــــان بالأوثـــــــــــــــــــــــــــان

وتمـــــــوت صهيون ولا مبكى لها     ويلـــــــفُّ ثــــــــوب الخـِـزي كل جبـــــــــــان

     ويقارن أحمد حسبو بهذه المناسبة بين الماضي المجيد والحاضر المؤلم فيقول :

أتى رمضــــــــــان فياأمتي     سليه عن الأمس دون استياء

فأبصرت في وجهه مسحة     من الحزن ممزوجة بالحياء

وقال سلامـــــــا على أمة     على أرضهــــــــــــا درج الأنبياء

وعهدي إذا جاءها مـُــعتَدٍ      رأيت بنيها له الأكفياء

لهـــــــا المجــــــــد يشـــــرع أبوابه     ويرفع فوق رباها اللواء([191])

    ويحزن المسلمون لفراق هذا الشهر الكريم، فيقول علي أحمد باكثير([192]) :

لهفــــــي على شهــر الصيام    ولى ولم نوف الذمام

ياليت شعري هل حططنا     فيه أثقال الذنوب

أم هل جلونا بالتقى     صدأ الفساد من القلوب

ماكان أقصرها وأطـــــــــ       ــــــــــيبها ليال كالشباب

طوبى لعبـــــــد فاز فيها     بالدعاء المستجاب([193])

     وأحب أن أنوه أخيرا إلى أن الشعراء الإسلاميين نأوا عن وصف الشهر وأطعمته وهلاله مما فعله الشعراء القدامى لأن همُّ الذات وتقواها وهمُّ الأمة كانا يشغلان تفكيرهم وعواطفهم .

    - أما الحج وهو الركن الخامس في الإسلام فقد كان له نصيب وافر في الشعر الإسلامي المعاصر على المستوى الفردي والجماعي،فالشاعر د. حسن الأمراني([194]) يشتاق إلى زيارة الكعبة الشريفة ويذرف الدمع غزيرا حينما يحل موسم الحج، ويرسل سلامه إلى الحبيب المصطفى مع زائريه ويقول :

هل يسعف الروح ما يوحي به الأمل     أم يدرك النفس دون المبتغى الأجل

ياصاحبـــــــــــي ودمــــــوع العين تسبقني     وليس عن زورة المحبـــــــــــــوب لي شغـــــــــــــــــل

إذا نسيــــــــــم من البيــــــت العتيق سرى     أرسلـــــــــــت دمعـــــــا فلا كبـــــر ولا خجل

ياحادي الـــــــروح خذني نحو خيمتهم     فالقلـــــــب في حضـــــــــرة المحبـــــوب معتقل

خـــــــــــذني إليهم فمـــــــا أبغــــــي بهم بدلا      وكيـــــــــف ينهـــــــض عمــــــن شاقني بدل

 والشاعر د. فاضل السامرائي يرجو المثوبة من ذهابه إليه فيقول :

أتيــــت إلى الرحمن أطلب عفــــــوه      وقائمـــــــة الأوزار ملأى كما هيا

فيارب لاتطـــــــرد ذليلا مضيفا       هوى مستجيـــرا عند بيتك جاثيا

يلوذ برب البيت والركن خائفا     ويمسح مسكوبا على الخد جاريا

يمـــــــــد يديه نحو بابك سيدي     أيــــــرجع صفرا من جميلــــك خاليــــــــا([195])

     وكان الشاعر المغربي محمد علي الرباوي قد مرض مرضا أقعده عن السير كما يبدو من قصيدته، فلما عافاه الله احتاج إلى عكاز ، فنوى الحج وسار في طريقه مستهلا بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم :

     اللهم اجعل في قلبي نورا

     في سمعي نورا

     في بصري نورا

     واجعل في نفسي نورا

     لبيك أنت حبيبي

     لك الحمد

     قولك حق

     ولقاؤك حق

     والجنة حق

     ... فاغفر لي ماقدمت

     وما أخرت

     وما أسررت

     وما أعلنت

    واعف حبيبي وتكرم إنك أنت الأعظم

     والأرحم ... والأكرم([196])

      ويسمي مئزر الإحرام إكليل العشق، ويشبه نفسه أمام الكعبة المشرفة بفراشة تطير في الصحراء ، ثم يذهب إلى عرفات، ويعود إلى زمزم ليغسل حوبته ويقول :

     واغسل يامولاي خطاياي

     بزمزم قبل غروب الشمس

    ثم يخاطب الكعبة المشرفة فيقول:

     أنا جئتكِ أشعث

     من كل فجاج حياتي

أرجو تقبيل محياكِ الفاتن

     إذ يقطر مسكا

     ويصف بعض الشعراء مناسك الحج في حب ولهفة، يقول عبد الهادي الغواص([197]) في هذا :

ضج الحجيج مهلِّلا ومكبِّرا     لشعائر الله الكريم معظِّما

كم كان مشتاقا منازل مكة     لينال بالحج المنى والمغنما

وهي التي شد الرحال لحجها    فرض تفدى بالنفوس وبالدما

  ويقبِّل الشاعر الأميري الحجر الأسود وهو سعيد أيما سعادة لأنه يقتدي بما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم :

الحجـــــــــــــر الأسود قبَّلتــــــــه     بشفتَي قلبي وكُلِّي وَلَه

لا لاعتقــــــــــــادي أنه نافع     بل لهيامي بالذي قبَّله

  محمد أطهر أنفاسه     كانت على صفحته مرسلة([198])

    ويذكر أحمد البيانوني([199]) عرفات والعيد ومِنى ورمي الجمرات في سعادة غامرة فيقول :

ياحبــــــــذا يـــــــــوم أغــــــــــرُّ قضيتــُــه     متجــــــــردا لله في عــــــــــرفـــــــــــــــــات

والعيد في وادي مِنى لاتنقضي     ذكراه بين الخِيف والجمرات

أيــــام أنس في الحجاز تمر بي     مــــــــرّا كريما والــــــــــزمان مُــــــــــــــوات

 مابــــيـــــــــن مكة والمدينــــــة رحله     من جنــــــــــــة أسعى إلى جنات

    وفي عرفات يتجرد الناس لله فلا فرق بين غنيهم وفقيرهم ، وهتاف الجميع واحد ( لبيك اللهم لبيك ) ، يقول مصطفى عكرمة([200]) :

يامن لك الروح قبل الجسم ترتحل     يامنبـــــــــــع النور إلا أنه جبـــــــــــــــل

تهفو إليك قلوب أنت رحمتها     وأنت فيها الهوى القدسي والأمل

من كل فـــــج إليك الناس ترتحل     وتســــــــــأل الله ماترجـــــــــــــــو وتبتهــــــل

مافرق اللون فيمـــــــا بينهم أبدا     ولا الزمان ولا من أين قد رحلوا

هتافهــــــم واحد لبيك خالقنا    يامن عليــــــــــــــك جميع الخلـــــــــــــق تتكل

لبيك وحــــدك ياذا العرش لاولد    ولاشـــــريـــــــــــــــــــك ولازوج ولا مثَـــــــــل

   وموسم الحج يتداول فيه المسلمون الآراء حول ماينفعهم فكأنه مؤتمر عام للمسلمين ، يقول العقاد :

واذكر حجيجا ببيت الله قد وقفوا     يرجون رحمته بالسر والعلن

ترى أميرهم يسوس أمرهم    منزها عن صفات العجب والكبر

هذا هو الحج لااسم وجعجعة    بل فيه مؤتمر يهدي إلى البر

تحيا به أمم قد غللت يدها     مظالم نسجت بالعسف والجور([201])

    وقد يربط الشاعر الإسلامي بين الحج وواقع المسلمين ، فميمون الكبيسي([202]) يشكو إلى بارئه ماحل بالمسلمين من ضعف وتمزيق فيقول :

يامعين الضعفاء أنت لي كل رجائي

كيف والآفات حاقت ببلاد الأنبياء

غيــــــــر ذل وهــــــــــوان وانقطــــــاع للرجاء

مزقتنــــــــــا لدويلات رؤوس الأوصيــــــــاء

فإذا الوحدة قد أضحت هباء في هباء

     ولما رأى يوسف العظم جموع الحجيج عند رمي الجمرات تمنى لو كانت هذه لإعلاء دين الله في أرضه :

لو تداعى قومي لساح جهاد     مثلما أقبلوا لرمي الجِمار

لهزمنــــــــــا العـــــدو في كل أرض     ودحرنا جحافـــــــــل الكفار

ولبات الأقصى عزيزا يباهي    هامة النجم أو عروس النهار([203])

    - وهناك مواسم عبادة لله تعالى غير الأركان الرئيسة الخمسة، وهي تذكِّر المسلم بربه وتؤلف بين المسلمين، ومنها الأعياد ، فهي فرحة بانتهاج سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي صلة للرحم، ورحمة وتوسعة على الفقراء، يقول أحمد محمد الصديق في عيد الأضحى المبارك :

ضحيتُ بالشاة وسال الدم    وطاب منها اللحم والأعظم

سنـــــــة إبراهيــــــــــــم قد سنــَّــها     من بعـــــــــــــده نبيــُّــنا الأعظــــــــــــــــــم

للجــار منها قسمــة والذي     قد مسَّه الحرمـــــــــــــان والمــــــعدَم

فــــــداء إسماعيل كانت وما    زالت لأسمـــــــــــــــــــــــــــى غاية تلهم

ماأعظم السرَّ الذي ينطـــوي      عليه هذا الرمز والـمَعلَم([204])

    ويحكي المسلمون بهذه المناسبة واقعهم الأليم ، ويدعو العقاد إلى أن يضحي المسلمون باليهود لتطهير البلاد من رجسهم كما يطهر المذنب بها من آثامه ، يقول :

عيدنا في الحج عيد أكبر     فانحروا الأعداء فيه كبّروا

طهروا قدسكم من رجسهم     فاليهود سرطان أكبر

وانحروا عمالهم في أرضنا     فالصهايين وباء أصفـــــــــر([205])

     وحين ينظر يوسف العظم إلى الديار المسلوبة في العيد تغدو الفرحة حسرة لأن الفرحة لاتتم إلا بالعودة إلى الأرض السليبة ، يقول :

أقبـــــــــل العيــــــــــد ورفت ذكريات      وتلظى في الحنايــــــا أمنيــــــــــــــــات

أين حيفا ؟ أين يافا؟ ولَكَم      في رُبى الكرمل تحلو السهرات

عيـــــــــدنا " عَود " كريم ظافر     وبغير " العَود " لاطابت حياة([206])

    ويصف الشاعر صالح علي العمري([207]) يتيما قتل الصهاينة أباه فغدت بهجة العيد لديه ترحا ، يقول :

بأي وجــْـــه أتيت اليوم ياعيدي     وكسوتي فيك أحزاني وتنكيدي

ياعيـــــد لم تدر ماأبعاد محنتنا     حتى تزينـــــــــــــتَ في أيامنـــــــــا السود

ياعيد ماذا أثرت اليوم من شجن     على فؤاد من الآلام مكبود

أما أبي فظلام القبر يحضنه     قد مات من أجلنا موت الصناديد

قد كان لي منه قبلات وجائزة    ودعوة في صباح العيد ياعيدي

واليوم أبكي ، أبكي ياعيد في لهف    فهل علمت بمفقود كمفقود

  وهكذا عبر الشعراء الإسلاميون عن حبهم للمولى تعالى من خلال مناجاته واستغفاره، وكان تمسكهم بالقرآن الكريم وبالعبادات أحد هذه المظاهر الجليلة .    

 


[1] - سورة الحج / 40-41

[2] - سورة إبراهيم / 24-25

[3] -سورة الشعراء /224-227

[4] - في الأدب الإسلامي / 148

[5] - الطبقات الكبرى لابن سعد  4 / 54 ، وكلكل : الصدر من كل شيء ، وقيل هو مابين الترقُوَتين : لسان العرب مادة كلل، وجِران : باطن العنق وقيل مقدمه ، لسان العرب مادة جرن .

[6] - سيمياء الأدب الإسلامي / 153

[7] - مجلة الأدب الإسلامي ع 69 س 1432هـ 2011م ، د. عز الدين مختار ، مذهب الفن للفن في ميزان النقد الإسلامي / 8

[8] -مجلة الأدب الإسلامي ع61، د. وليد قصاب، مقاربة النص الشعري بين الجمال والفكر / 5

[9] -الالتزام في الشعر العربي / 80

[10] - الشعر والشعراء / 23

[11] -إعلام النبلاء 2 / 329

[12] - القول للويس عوض ، ينظر له في : فلسطين واليهود في مسرح علي أحمد باكثير / 51 .

[13] -  مجلة الأدب الإسلامي م5ع17، نصر الدين دلاوي ، إشكالية الأدب الإسلامي في النقد الحديث / 103

[14] - نفسه م6ع24 س1420هـ د. عبد الباسط بدر ، خصائص الأدب الإسلامي في مطولة إقبال / 20

[15] - مجلة الأدب الإسلامي ع45 س1426هـ 2005م ، د. عماد الدين خليل ، مفهوم الأدب الإسلامي ، إشكالية البعد التراثي / 4

[16] - ينظر مثلا منهج الفن الإسلامي / 176 ، والنقد الأدبي أصوله ومناهجه / 20

[17] - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد / 113، وجريدة الخليج ع 7565 في 4/2/2000م حوار مع د. عبد القدوس أبو صالح .

[18] - في الأدب الإسلامي / 31

[19] - مجلة الأدب الإسلامي عدد خاص عن عبد العزيز الرفاعي م14 ع54 ربيع الأول 1428هـ 2007م،عبد العزيز الرفاعي ، الأديب المسلم بين الالتزام والإبداع / 77

[20] - د. عثمان قدري مكانسي شاعر سوري من حلب ولد1366هـ/ 1947م، له دواوين ومؤلفات منها نبضات قلب ، ووميض قلب، ومجموعة قصصية : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 838 

[21] - من رسالة للشاعر في 2010م

[22] - اجتويت البلد : كرهت المقام فيه : لسان العرب مادة جوي

[23] - مجلة الأدب الإسلامي م1 ع4 ربيع الثاني 1415هـ إيلول –ت2 س1994م، مقبل عبد العزيز العيسى، النبع الهجين / 79

[24] - الأدب الإسلامي / 115

[25][25][25] - مجلة الأدب الإسلامي ع2 س2 ، 1415هـ 1995م د. محمد رجب البيومي، ظاهرة الأدب المكشوف في كتب التراث /28

[26] - د. عبد الولي الشميري شاعر يمني من تعز ولد 1956م له مؤلفات وديوان أوتار : معجم الأدباء الإسلاميين 2/833

[27] -مجلة الأدب الإسلامي م10ع37س1424هـ2003م ، محمد عبد الشافي في حوار مع الدبلوماسي اليمني الشاعر عبد الولي الشميري : الأدب الإسلامي جاء ردا على موجة التغريب العاتية / 20

[28] - جريدة الخليج الثقافي في 16/9/1992م ، الشاعر أحمد مطر / 23

[29] - عمر بهاء الدين الأميري (1915-1992م) شاعر من حلب بسورياأسس حركة سوريا الحرة في 1953م ، له دواوين كثيرة منها مع الله ونجاوى محمدية وحجارة من سجيل : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 922 

[30] - من ديوانه ألوان طيف / 44

[31] - أحمد محمد الصديق شاعر من عكا بفلسطين ولد 1941م ، له دواوين كثيرة منها الإيمان والتحدي وقادمون مع الفجر ، وله أناشيد الطفل المسلم ، وقصائد للفتاة المسلمة : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 156، ومعجم شعراء الطفولة / 56

[32] - قادمون مع الفجر / 103

[33] - مجلة الأدب الإسلامي ع69 س1432هـ 2011م، بوبكر عبد الحليم ، قراءة في كتاب الشعر المتفلت بين النثر والتفعيلة وخطره ، تأليف د. عدنان علي رضا النحوي / 59

[34] - د. عبد المنعم عواد يوسف ولد في القليوبية بمصر 1933م، له أناشيد للأطفال في ديوانه عيون الفجر: معجم شعراء الطفولة /220

[35] - مجلة الأدب الإسلامي ع 45 1426هـ 2006م حوار مع شمس الدين درمش ، قصيدة النثر من منظور إسلامي / 44-48

[36] - مجلة المشكاة ع52 س1430هـ 2009م،عبد الحفيظ الهاشمي، مشكلة المصطلح النقدي العربي الحديث/41

[37] - مجلة الأدب الإسلامي ع 68 س 1431هـ 2010م ، صديق بكر عيطة ، بين الأدب افسلامي والأدب العربي العام / 25

[38] - جاك صبري شماس شاعر من الحسكة بسوريا ولد 1947م له ديوان جراح الخابوروديوان شعر للأطفال بعنوان الأصوات : معجم البابطين 1/640 ، ومعجم شعراء الطفولة / 97

[39] - الشيخ أحمد ياسين( 1936-2004م) مؤسس حركة حماس الجهادية في فلسطين بعد نكسة حزيران ، اعتقل في 1965م وفي 1989-1997م ، واستشهد بقصف الصهاينة لسيارته : الشيخ أحمد ياسين مجددا / 19

[40] -مجلة المشكاة ع 34 و35 س 1422هـ2001م، جاك صبري شماس، الشيخ أحمد ياسين / 15

[41] - سورة المائدة / 50، وينظر لذلك في مجلة الفتح ع22و، 23س1423هـ، د. وليد قصاب ، أبرز الملامح الفكرية للحداثة / 38

[42] - نزار القباني شاعر من دمشق بسوريا ( 1923-1998م) دبلوماسي له دواوين كثيرة معظمها في الغزل الماجن وله في أواخر حياته قصائد وطنية بعد النكسة : مجلة الأدب الإسلامي ع55 جمادى الآخرة –شعبان 1428هـ د. أحمد عطية السعودي ، وقفة مع الشاعر نزار ساعة الاحتضار / 76

[43] - مجلة الفتح ع 22و 23 ، س1423هـ، د. وليد قصاب ، أبرز الملامح الفكرية للحداثة / 38  

[44] - مدخل إلى دراسة المذاهب الأدبية / 31 - 37

[45] - ديوات الشوقيات 1/ 20-21

[46] - ديوان المتنبي / 305

[47] - ديوان إيليا أبو ماضي / 95

[48] - ربيع السعيد عبد الحليم عبد المتعال شاعر من دمياط بمصر ولد 1940م له ديوان فك الطلاسم : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 445 والشعر في نفسه ص 446

[49] - أحمد زكي أبو شادي ( 1892-1955م) شاعر من مصر ألف مدرسة أبولو النقدية ومجلتها الأدبية التي تحمل الاسم نفسه : يوميات أحمد زكي أبو شادي / 5-6، والشعر في نفسه ص 142

[50] - عدنان رضا النحوي (1928-2015م)، شاعر من فلسطين، له مؤلفات ودواوين كثيرة منها ملحمة الأقصى وملحمة الجهاد الأفغاني وملحمة الإسلام في الهند : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 843 

[51] - مجلة الأدب الإسلامي م7 ع25 س1421 أحمد محمود مبارك ، قراءة في ديوان مهرجان القصيد للدكتور عدنان النحوي / 51

[52] - نفسه / 52

[53] -د. عيسى الناعوري شاعر أردني أصدر مجلة القلم الجديد في 1953 ، له مؤلفات منها أدب المهجر ، وإيليا أبو ماضي ، وله دواوين وقصص : مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية /307 ، والشعر في نفسه / 308

[54] - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد / 77

[55] - أشعار من زمن القهر / 58

[56] - د. وليد قصاب شاعر من دمشق بسوريا ولد 1949 ، له دواوين كثيرة منها ذكريات وأصداء، وصور من بلادي، وأشعار من زمن القهر ، معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1456

[57] - أشعار من زمن القهر / 58

[58] - مجلة الأدب الإسلامي ع 69 س 1432هـ 2011م ، د. عز الدين مختار ، مذهب الفن للفن في ميزان النقد الإسلامي /8-9

[59] - مجلة الفتح ع16-17 س1422هـ ، د. عبد القدوس أبو صالح ،حوار عن الأدب الإسلامي / 20

[60] - مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية / 335

[61] - أدونيس شاعر سوري من جبلة يدعى علي أحمد سعيد ولد 1930م ، أصدر مع يوسف الخال مجلة شعر في 1957م ثم مجلة مواقف  ، له مؤلفات ودواوين حداثية منها أغاني مهيارالدمشقي ، والمسرح والمرايا : مدخل إلى دراسة المدارس / 500

[62] - الحداثة العربية / 27-28

[63] - الحداثة في الشعر العربي المعاصر / 168

[64] - في النقد التطبيقي / 86

[65] - مجلة الأدب الإسلامي م6ع24 س1420هـ عبده زايد ، قضية المصطلح الإسلامي

[66] - خير الدين وانلي شاعر إسلامي له ديوان الحق المبين : دواوين الشعر الإسلامي / 88 والشعر في/ 90

[67] - يوسف العظم (1931-2007م) شاعر من معان بالأردن ، أسس مدارس الأقصى في عمان بالأردن ن له دواوين كثيرة منها في رحاب الأقصى والفتية الأبابيل وعرائس الضياء : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1487م ووفاته من مجلة الأدب الإسلامي ع56س 1428ه تموز 2007م، صفحة الأخبار ص 102

[68] - يوسف العظم شاعر الأقصى / 21

[69] - مدارس النقد الأدبي الحديث / 176-185

[70] - اتجاهات النقاد العرب / 380 والنص من 390

[71] - الحداثة العربية / 82

[72] - نفسه

[73] - نفسه / 96

[74] - د. عبد القدوس أبو صالح شاعر من حلب بسوريا ولد 1932م، وهو رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، له مؤلفات كثيرة منها الأدب الإسلامي بين الالتزام والإسلام، ودور الأدب الإسلامي في الوحدة الإسلامية، وشبهات حول الأدب الإسلامي: معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 750 

[75] - من الشعر الإسلامي الحديث / 11

[76] - محمد أبو القاسم خمار ولد 1931م ، شاعر جزائري يعمل أمينا عاما لاتحاد الكتاب الجزائريين : مدخل إلى دراسة المدارس / 563 ، والشعر في نفسه

[77] - مجلة الأدب الإسلامي م5 ع19 س1419هـ ،1998م ، د. جابر قميحة ، شمس من المغرب / 84 ، وم7 ع25 س 1421هـ  د. عماد الدين خليل ، ثنائية الأنا والآخر / 13

[78] - جلول دكداك شاعر مغربي، ولد 1943م، أسس نادي التصوير من أجل السلام : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 266 ، والشعر في نفسه / 269

[79] -فاضل بن صالح السامرائي شاعر من سامراء العراق له مؤلفات كثيرة منها بلاغة الكلمة في التعبير القرآني ، ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل، وعلى طريق التفسير البياني: القصيدة الإسلامية / 299والشعر/308

[80] - من الشعر الإسلامي الحديث / 205

[81] - سورة الرحمن / 1-4

[82] - الخصائص العامة للإسلام / 7

[83] - أحمد بن روان شاعر من الجزائر ولد 1965م، له ديوان المعراج الصعب : معجم الأدباء الإسلاميين1/121

[84] -مجلة الأدب الإسلامي م5ع17، أحمد بن روان المجدلي ، الأدب الإسلامي / 54

[85] - ينظر رأي د. نبيل قصاب باشي فيه في مجلة الأدب الإسلامي ع 71، شعبان-شوال س1432هـ تموز –إيلول 2011م  بعنوان نظرية الأدب الإسلامي بين التطرف الحداثي والتطرف التقليدي /42

[86] - د. عبد الرحمن صالح العشماوي شاعر من السعودية ولد 1956، له دواوين كثيرة مها  صراع مع النفس، إلى حواء ، إلى أمتي ، ومسرحية مأساة التاريخ : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 696 ، والشعر في نفسه   

[87] - التذييل هو علة بزيادة ساكن على الوتد المجموع في آخر التفعيلة فتصير متفاعلن متفاعلان : الشافي في العروض والقوافي / 229

[88] - مجلة الأدب الإسلامي ع54 عدد خاص عن عبد العزيز الرفاعي ، ربيع الأول 1428هـ 2007م ، عبد العزيز الرفاعي ، الأديب المسلم بين الالتزام والإبداع / 75

[89] - أبو الحسن علي بن عبد الحي الندوي (1914-1999م) ولد في قرية التكية شمالي الهند كان عضو رابطة الأدب الإسلامي من مؤلفاته ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ، والصراع بين الإسلام والمادية ، وقضية فلسطين: موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح 1/ 31

[90] - مجلة الأدب الإسلامي م 15 ع 60 1429هـ أكتوبر –ديسمبر2008م عدد خاص،محمد الأبرش ، الشاعر عمر بهاء الدين الأميري / 119

[91] - سيد قطب (1906-1966) شاعر من أسيوط بمصر مات بالإعدام ، له تفسير في ظلال القرآن ، وقصص وديوان شعر : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 567

[92] - ديوان سيد قطب / 53

[93] - من الشعر الإسلامي الحديث / 78

[94] - صلاح الدين عزيز شاعر من الموصل بالعراق ولد 1934، له مؤلفات ودواوين كثيرة منها من نفح القرآن: القصيدة الإسلامية /235 ، والشعر ص 246

[95]- بشرى عبد الله شاعرة من الشارقة بالإمارات ، لها ديوان مرافئ : من لقاء مع الشاعرة في 2007م

[96] - ديوان مرافئ / 71

[97] - ناجي مصطفى صبحة شاعر من فلسطين ولد 1937، له ديوان جراحات : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1403

[98] - ديوان جراحات / 84

[99] - د. محمد صيام من عسقلان بفلسطين ولد 1937م، لد دواوين منها ديوان الانتفاضة ودعائم الحق وسقوط الرفاق : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1169 ، والشعر في / 1170

[100]  - من رسالة من الشاعر في 2009م

[101] - دواوين الشعر الإسلامي /167

[102] - د. نبيل قصاب باشي شاعر من حماة بسوريا ولد 1953م له دواوين منها ماكياجات أمريكية الصنع ، على شفا حلم هار ، مسافر في فجاج النور : من رسالة للشاعر في 2011م

[103] - ماكياجات أمريكية الصنع /30

[104] - كامل أمين شاعر من طنطا بمصر ولد 1915م له ملحمة عين جالوت وملحمة القادسية وملحمة السماوات السبع ، لقب بالشاعر الملحمي : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 997 ، والشعر / 998

[105] )د. جابر قميحة من الدقهلية بمصر (1934-2012م) له مؤلفات ودواوين منها الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود أو ملحمة الكلمة والدم، الزحف المدنس ،لجهاد الأفغان أغني : معجم الأدباء الإسلاميين 1/257 ولوفاته : مجلة الأدب الإسلامي ع79 ص27-28

[106] - مجلة الأدب الإسلامي م5 ع19 س1419هـ جابر قميحة ، شمس من المغرب / 85

[107] - معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1170

[108] - محمد كامل الأني ( 1944-2006م) من بلدة أنّا بالحبشة ، عاش لاجئا في اليمن ، له مؤلفات ودواوين : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1226

[109] - من الشعر الإسلامي الحديث / 253

[110] - كمال عبد الرحيم رشيد شاعر من يافا بفلسطين ولد 1941م له دواوين منها شدو الغرباء، وعيون في الظلام، القدس في العيون، وأناشيدي للأطفال : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 1002

[111] -دواوين الشعر الإسلامي / 204

[112] - معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 268

[113] - د. يوسف القرضاوي شاعر من محافظة الغربية بمصر ولد 1926هـ له مؤلفات كثيرة منها الخصائص العامة للإسلام وديوان نفحات ولفحات ، والمسلمون قادمون، وعالم وطاغية : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1498،وموسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح 2/ 639

[114]- الموقع الإلكتروني للدكتور يوسف القرضاوي .

[115] - أمينة المريني شاعرة من المغرب في فاس ولدت 1955م وهي عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، لها ديوان صدر 1997م : شاعرات معاصرات / 35 ، والشعر في نفسه / 39

[116] - عبد الرحمن العبادي شاعر من دبي بالإمارات ، شعره متناثر في الصحف والمجلات : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1359

[117] - مجلة الأسرة اختيار الأسرة المتميزة،ع46 محرم 1418هـ يونيو حزيران1997م، د . عبد الرحمن العبادي/38

[118] - مجلة الأدب الإسلامي ع55 جمادى الآخرة –شعبان 1428هـ،عادل حسن مكي، ياخالق الكون خذ بيدي/16

[119] - في رحاب الأقصى/ 177

[120] - سبحات ونفحات / 43

[121] -ثريا العسيلي شاعرة مصرية ولدت 1938ملها مؤلفات وديوان ألحان الطفولة : معجم الأدباء الإسلاميين2/833

[122] -  نفسه 2 / 835

[123] - د. عارف الشيخ عبد الله الحسن شاعر من دبي بالإمارات ولد 1952م له دواوين كثيرة منها شذرات، وهمس القريض، ونداء الوجدان، ونداء الإسلام : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 633

[124] - أناشيد الدعوة الإسلامية 2 / 60

[125] - محمد علي حسني حمودة شاعر فلسطين ولد 1928م، له ديوان طريق النصر ومجموعة أناشيد مدرسية : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1195 ، والشعر في نفسه / 1197

[126] - أحمد بن العباس الشرقاوي إقبال شاعر من مراكش بالمغرب ولد 1937 له مؤلفات منها شاعر الحمراء في الغربال ومعجم المعاجم العربية : مجلة المشكاة ع52 1430هـ2009م بعنوان أحمد الشرقاوي إقبال / 113

[127] - نفسه / 144

[128] - محمد عبد الرحمن صان الدين شاعر من مصر ولد 1923م: شعراء الدعوة الإسلامية 10/ 91والشعر 102

[129] ) مخلص عبد اللطيف الحديثي شاعر من الحديثة بالعراق ولد 1941م له ديوان عاشق من العراق : القصيدة الإسلامية / 377 ، والشعر / 382

[130] -  رائق الشهد / 72

[131] - قلب ورب / 277

[132] - قلب ورب  / 35

[133] - صفاء حسني ناعسة شاعرة من حلب بسوريا،ولدت 1980، حافظة وحاصلة على إجازات كثيرة في القرآن الكريم، وهي ابنة المؤلفة، لها كتاب بدر الدين حامد حياته وشعره ( رسالة ماجستير ). والأبيات من رسالة لها .

[134] - نبضات قلب / 50

[135] - إبراهيم عزت محمد سليمان شاعر من مصر ( 1939-1983م) له ديوان بعنوان الله اكبر : معجم الأدباء الإسلاميين 1/42 ، والشعر في / 43

[136] - د. محمد علي الرباوي شاعر من المغرب ولد 1949 له دواوين كثيرة منها أول الغيث ودم كذب والأعشاب البرية : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1198

[137] - من ديوانه كتاب الشدة / 6

[138] -  ديوان إشراق / 161

[139] - د. حسام بن سعيد النعيمي شاعر من بغداد بالعراق ولد 1939م له كتب عديدة منها من أسرار البيان القرآني : القصيدة الإسلامية / 137 ، والشعر 145

[140] - خالد كامل البيطار شاعر من حمص ولد 1942م له ديوان أجل سيأتي الربيع ، واشواق وأحلام : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 400 ، والشعر 401

[141] - قادمون مع الفجر / 25

[142] - مجلة الأدب الإسلامي م15 ع60 س1429هـ 2008م ، مناجاة نبيل الزبير  ( يمني )/90

[143] - محمود النجار بن علي خميس النجار شاعر من غزة بفلسطين ولد 1958م له ديوان حروف من رصاص وبراعم الإيمان للأطفال : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1326 ، والشعر في نفسه 

[144] - مجلة الإصلاح ع 286 في 28/4/1994م ، محمد بن ظافر الشهري ( سعودي ) /43

[145] - قلب ورب / 190

[146] - لولوة الجاسم شاعرة من دبي بالإمارات حازت على جائزة المرأة الإماراتية،  لها ديوان تؤرقني الهموم وفيه سيرتها الذاتية ، والشعر فيه / 11 

[147] - أذان القرآن / 125، ومثله في : مع الله / 186

[148] - نقوش على واجهة القرن الخامس عشر / 26

[149] - تؤرقني الهموم / 121

[150] - د. بهجت الحديثي شاعر من الحديثة بالعراق ولد 1943 له ديوان النبويات والغريب وتراتيل في محراب الوطن : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 234

[151] - ديوان الغريب / 108

[152] - أحمد بشار بركات شاعر من حماة بسوريا له ديوان صهيل الشوق ( شبكة المعلوماتية )

[153] - مجلة الأدب الإسلامي م5 ع17، أحمد بشار بركات ، القرآن الكريم / 19

[154] - د. أكرم جميل قنبس شاعر من درعا بسوريا له ديوان أبابيل الأقصى، نداء الضاد، رسول التوحيد وفيه ترجمته /88 ، والشعر في / 48

[155] - د. صابر عبد الدايم يونس شاعر من الزقازيق بمصر ولد 1948م، له مؤلفات ودواوين :من الشعر الإسلامي الحديث / 319

[156] -مجلة الأدب الإسلامي م5 ع20 1419هـ، د. صابر عبد الدايم ، القرآن الكريم / 26

[157] - قادمون مع الفجر / 7

[158] - مرافئ / 89

[159] - خالد محمد سليم شاعر مصري ( 1939-2007م) له ديوان قيثارة من شاطئ النسيان ، قبل الرحيل، قطوف دانية : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 416

[160] - مجلة الأدب الإسلامي ع 68 شوال –ذي الحجة 1431هـ ، ت1-ك1 2010م، خالد محمد سليم ، القرآن الكريم معجزة الله الكبرى /

[161] - محمد جميل العقاد شاعر من حلب بسوريا ( 1896-1968م) جمع شعره بعد وفاته في ديوان باسم ديوان الشيخ العلامة محمد جميل العقاد وفيه ترجمة حياته /19 ، والشعر في / 409

[162] - قادمون مع الفجر / 8

[163] - أذان القرآن / 144

[164] - محمد المنتصر بن أحمد الريسوني( 1941-2000م) شاعر من تطوان بالمغرب له ديوان على درب الله، أفغانستان أعراس الدم في معارك الفتح، وله مسرحية شعرية : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1262

[165] - من الشعر الإسلامي الحديث / 191

[166] -قادمون مع الفجر / 7

[167] - محمد ضياء الدين الصابوني شاعر من حلب بسوريا (1927-2013م) ، لقب بشاعر طيبة ، له ديوان نشيد الإيمان وملحمة النبوة وفي رحاب رمضان : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1174ن ولوفاته: مجلة الأدب الأسلامي ع79 ص26 .

[168] - من الشعر الإسلامي الحديث / 45

[169] - أذان القرآن / 44

[170] - مرافئ / 89

[171] - الملتقى الأول لحماية اللغة العربية / 141

[172] - محمود حسين مفلح شاعر من طبريا بفلسطين ولد 1943م له ديوان مذكرات شهيد فلسطيني والمرايا والراية ، وله للأطفال ديوان غرد ياشبل الإسلام : معجم الأدباء الإسلاميين 3/1322 ، ومعجم شعراء الطفولة / 342

[173] - أناشيد الدعوة الإسلامية 4 / 23-24

[174] - أحمد راتب حموش شاعر من دمشق بسوريا ولد 1932 له ديوان همس الخاطر وقصة سراب الشعرية : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 116، والشعر في 117

[175] - عبد الوهاب بن محمد عزام ( 1894-1959م) شاعر من مصر له مؤلفات كثيرة منها ترجمته لديوان السرار والرموز لمحمد إقبال : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 831 والشعر في / 832

[176] - محمد عياش الكبيسي ولد 1962م في مدينة كبيسة بالعراق، له مؤلفات منها العقيدة الإسلامية في القرآن الكريم ومناهج المتكلمين : القصيدة الإسلامية / 339 ، والشعر في نفسه / 348-349

[177] - إشراق / 66-68

[178] - كاظم حبيب (1933-2013 ) شاعر سوري من حلب له شعر متناثر في الصحف : من رسالة من الشاعر قبل وفاته .

[179] - مجلة منار الإسلام ع2 س18 صفر 1412هـ 1992م كاظم حبيب ، أنشودة أيانفس توبي / 98

[180] - ذو النون يونس الأطرقجي ولد 1940م شاعر من الموصل كان رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في نينوى له الترجل عن صهوة البراق وحجر الكعبة : القصيدة الإسلامية / 183 ، والشعر في 193

[181] - نبضات قلب / 51

[182] - القصيدة الإسلامية / 381 -382 ومثلها في ديوان محمد جميل العقاد / 339

[183] - في رحاب الأقصى / 69

[184] - ديوان محمد جميل العقاد / 132

[185] - ديوان محمد جميل العقاد / 385

[186] - من رسالة المؤلف في غرة رمضان 1428هـ 2007م

[187] - د. أحمد حسبو خضر له مدائح نبوية متناثرة وأنشطة أدبية  ( شبكة المعلوماتية )

[188] - مجلة الشقائق ع 39 رمضان 1421هـ 2000م ، أحمد حسبو ، أتى رمضان / 53

[189] - أحمد مظهر العظمة شاعر من دمشق بسوريا (1909-1982م ) له ديوانا شعر هما دعوة المجد ، ونفحات : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 169 والشعر في الصفحة نفسها ، وموسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر 2/ 740

[190] - رافع سليم الحديثي شاعر من العراق شعره متناثر في الصحف : القصيدة الإسلامية / 199 والشعر في 203

[191] - مجلة الشقائق ع 39 رمضان 1421هـ ديسمبر 2000م ، أحمد حسبو ، أتى رمضان / 53

[192] - علي أحمد باكثير( 1910-1969م) شاعر يمني من حضرموت استقر في مصر له مسرحيات وملاحم شعرية ونثرية منها الشيماء شادية الإسلام وملحمة عمر، وله شعر طفولي لم يجمع : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 878 ، ومعجم شعراء الطفولة / 228

[193] - مجلة الإصلاح الثقافي ع 281 س 17 في 24/3/1994م علي أحمد باكثير ، وداعا يارمضان

[194] - د. حسن الأمراني (ولد 1949م) شاعر من وجدة بالمغرب له دواوين شعرية منها شرق القدس غرب يافا، وجسر على نهر درينا ، وملحمة الإسلام في البوسنة : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 316

[195] -القصيدة الإسلامية / 304-305

[196] - ديوان الشدة / 82

[197] - عبد الهادي الغواص شاعر من رصافة العراق ( 1914-1083م) له ديوان شعر معظمه في الدعوة والسيرة النبوية : معجم الأدباء الإسلاميين 2/828 والشعر في 829

[198] - نجاوى محمدية / 21

[199] - أحمد البيانوني(1930-1975م) شاعر من حلب بسوريا وهو مؤسس جماعة الهدى الإسلامي ن له قصائد متناثرة : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 89 والشعر في ص 90

[200] - مصطفى عدنان عكرمة (ولد 1943م) شاعر من اللاذقية بسوريا له ديوان محمديات وفتى الإسلام ، وله للأطفال أجمل ماغنى الأطفال، وقصة جذور وفروع للأطفال : معجم الأدباء السوريين 3/ 1359 والشعر في 1360، ومعجم شعراء الأطفال / 354

[201]- ديوان محمد جميل العقاد / 321

[202] - ميمون الكبيسي (ولد 1934م) من مدينة كبيسة بالعراق أكثر شعره في المناسبات الدينية : القصيدة الإسلامية /393 والشعر في 398

[203] - في رحاب الأقصى / 161

[204] - قادمون مع الفجر / 36

[205] - ديوان محمد جميل العقاد / 291

[206] - في رحاب الأقصى / 255

[207] - صالح علي العمري ( ولد 1968م) شاعر من عسير بالمملكة العربية السعودية له ديوان ألحان واشجان : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 603 والشعر في 604

وسوم: العدد 659