قراءة في ديوان "ولْمِينْ بِتِكْتِبْ يَا قَلَمْ؟" لعبد القادر أمين

د. مصطفي محمد أبو طاحون

شعرية القلم ... والألم

"ولمين بتكتب يا قلم" ديوانُ شعرٍ عاميٍّ للشاعر المصري "عبد القادر أمين" ، يضم سبعة عشر نصًّا، يبدو فيه المبدع مسكونًا بالهمِّ ، يعاني الآلام ، ذاتيةً وجمعيةً.. بدءًا من عتبته الرئيسة: العنوان ، وفيه مرارةُ الإحساس بتلاشي الأثر ، وضياع الجهد ، لغياب المتلقي المُقَدِّرِ ، أو الجمهور الواعي ، أو التقدير المكافئ ، أو السياق المُوَاتِي .. وجميعُها مؤلمةٌ للمبدع أيًّا كان زمانُهُ أو مكانه. يقول في قصيدته الأم بالديوان ، التي تحمل ذات العنوان:

ولمين بتكتب يا قلم

والكل ما بيقراش

    وبالديوان تتعدد مواضع مناجاة المبدع لقلمه ، الذي بدا وكأنه أوفي صديقٍ له ، بحيث يتناجيان مناجاةَ المُحِبين الصادقين ، يبدو ذلك واضحاً في "صلاة الشعر" التي يتعانق فيها القلمُ والألمُ .. يقول القلم!:

ومنين أجيب الإيد

تمسكني .. وتكتب بي .. / وتسترجلْ

طيبت خاطره .. وقلت الحق بتقوله / وكل همك يا قلم

عايشُه بمدلُولُه / لكن عتابي يا قلمْ

حلمك علي سنيني

مين يلضم القلب اللي مقطوع من البُكَا / غيرك يواسيني

   وفي "صلاة الشعر" أيضاً ، يبدو ألمُ الشاعر طافحًا ، لمعاناته من شعورٍ حادٍّ بالإهمال وعدم التقدير لفنه ، وذلك لاختلال الموازين ؛ إذ يعيش أمثالُه من الشعراء الحقيقيين مُهَمَّشِين.. دون عناية أو رعاية .. فكلما تهيأت له انفراجةٌ ، يتوقَّعُ من فورها اعتدال الأمور ، وتحسُّن الأحوال .. تتلاشى الانفراجة .. ويضيع الحلم .. فيظل الألم .. يقول مُتأفِّفًا:

ولْإمتي ها افضل في قَطْرِ الشعر مِتْسَطَّحْ

أخطِّي خطوة / أقول خلاص / عمري هيتشكِّل

ألقي ديدان الغُلْبْ جوَّه القلب

فُوق السطح مَبْدُورة / والخطوة من غُلْبها

وغَصْب عني تِتْشَنْكِلْ.

    إن اختلال الموازين .. مشكلٌ عامٌّ .. ولذا فالهَمُّ عند "عبد القادر أمين" ليس ذاتيًّا فحسب ، بل جمعيٌّ .. في الأغلب .. يستخدم الرمز في أولي قصائده "أم الغلام" وليست إلا الوطن .. يخاطبه / يخاطبها .. فيقول:

يا ِميتْ نَدَامة علي لونك وموالك

مشيكْ بخلف خْلاف / والسكة قُدَّامك

وحبايبك اللِّي عُمْرُهُمْ / عاشوه فِدَا عُمْرِكْ

يِتمنوا لو تأمُرِي / طَيبْ لِيه تِعَادِيهم

    إنها مفارقة مؤلمة .. مُؤْيِسَةٌ ، حين تُوَلِّي الأوطانُ ظهورَها الأوفياءَ ، وتبذل ماء وجهها للأدعياء!

  إن "عبد القادر أمين" يُقدِّرُ في ديوانه للإبداع دورَهُ ، ويعي خطرَهُ ، فالفنان ليس حاديَ الركب وحسب ، وإنما هو فاعلٌ في بناء الأُمَّةِ ، قادرٌ علي إصابة الأهداف .. يقول في "البلد دي مش بتاعتي":

وانتَ لو فنان حقيقي

تبتدي منك حكاوي الانتصار

ترسم بريشة أُمِّتَكْ / لوحة عَمَارْ

أو تهدي ناسك / كِلْمِتَكْ

شاعر وقادر تنتفض / تبقي الشرار

حتي صوتك عندليب

ف الوتَرْ دايماً / يِصِيبْ

    وشعر "ولمين بتكتب يا قلم؟" ينتمي إلي الشعر الرسالي ، ذي الفكرة الإيجابية تجاه الوطن والجماهير .. والشاعر لا يملك ما يقدمه لأمته سوي شعره .. وما ذلك عند الله بقليلٍ .. يقول في "صلاة الشعر":

كُلِّ رَسْمَالي / شعري ومَوَّالي

   ويؤكد الشاعر توافقَ ذاته المبدعة مع إبداعه ، الذي لن يكون إلا صورةً من إيمانه برسالته ودوره ، إذ يقول:

وأنا كِلْمِتي قلبي / أشرب وبااسقي العطشانين

ولا عمري قلت .. بْكَامْ / ولا عمري قُلْت لِمْينْ

جُوَّايَا عَزْم يضمني / وف صخر الصخور بِيْفُوت

الكلمة نعتي .. وعمرها / ما تخالف المنعوت

   يبدو كذلك الشاعر "عبد القادر أمين" رساليًّا مقاومًا بالكلمة .. لا يقهره إهمالٌ .. أو غيابُ تقدير .. إذ له رسالةٌ في الحياة ، انتدب نفسَهُ لها ، ويعمل من أجلها يكشف عن طبيعة هذه الرسالة ، فيقول:

وعيون قصيدتي مْصَحْصَحَة / ف العتمة مفتوحة

وبرغم طول الطريق.. / شايفة الخلايق

نُصِّها عايش / والنص مفضوحة

ومفتاح الأجل شاهد

أنا اللِّي مَوِّتِّ الوفاة / ودفنت كل المحدثين

سِيبِ الأفاعي يا قَلَمْ .. لو يسكنوا الفكرة

ويصادروا من حلمنا / أجمل ما فيه بكرة

أو يسجنوا الكِلْمة

الكلمة عندي بِتِتْوَلَدْ مليون تواءم

   إن تقدير الشاعر للكلمة ورسالتها ، يبلغ مداه ، حين يراها عِرْضَه ! واجب الصيانة والحماية .. يثور على مَنْ حاول النَّيْلَ منها أو خدشها ، "ويلاقي الرد بالجزمة" ويُمَازِحها ، ويمازجها روحَهُ ، فيحبها علي طريقته .. علي نحو ما يقول في "الكلمة عرضي" وفيها:

الكِلْمة عرضي / أعيش العمر .. أَحْمِيها

أحجِّبْها .. واجَمِّلها / لِحَدِّ السطرِ ما يْشُوفها

وييجي مِنِّي يِطْلُبْهَا / ولو معني ما هوش مظبوط

ومش راجل / يعاكسها / يغازلها

وآل قصده يحبِّلها .. / مِتِينْ معني / ويستَنَّي

في لحظة ضعف يفضحها / يلاقي الرد بالجزمة

علي دماغه / فتعدلها / ويستغفر .. فتغفر له

وترجع لي .. / أَطَمِّنْها .. / تِوَافقني

وتأسرني .. بأجمل قيد / قمر فضة / واطبِّبْها

بفكرة جديدة من عندي / فتتوضَّا

وتضحك لي .. أناجيها / - تحِبِّينِي؟

- أحبَّكْ حُبّْ مِشْ عادي.

   وفي رسالية "عبد القادر أمين" بديوانه ، والتي تحمله علي المشاركة في تشكيل وعي الأمة ، والإصلاح ، يبدو الشاعر منشغلًا بعنف ، وعلي نحوٍ لافتٍ ، بضرورة تخفيف الآلام ، وتذويب الهَمِّ ، ومحو الغمِّ .. وتهذيب النفس ، والحياة لأمل ، يدعو إلي ذلك كله وإلي التفاؤل والتوافق ، فيقول في "إياك تبطَّل حِلْم":

ما تيجي نعشق بعضنا / نبقى سوا فكره

تفتَّح عين نشوف مشاكلنا ونصلَّح

نداوي الهم وسط الناس / وما نجرح

وبُورْ القلب نستصلح / وعين تانية نغمَّضْها

عشان ترسم لنا بكره / وتمحي الغمّْ

يا ريتنا كُلِّ مَا نِكْتِبْ / نعيش الحلم

   للتفاؤل في هذا النص وحده ، يدعو "عبد القادر أمين" الشاعرُ البائسُ ، فيقول مقاومًا لِلْهَمِّ والأحزان ، وصانعاً للبهجة والابتسام– علي قِلَّةِ ذلك – في إبداعه:

إيَّاكْ تصاحب دمعتك / طول الطريق تخلص لها

كل أمَّا تِخْلَصْ / من دماك تحلب لها (...)

دا احنا بِنِتْنَفِّسْ أماني

وِبْنِقْتِلِ الدمعة علي صدر الخدود / بالابتسامة

ونقوم نعاني / وان يوم سواقي اليأس في لحظة

هستقينا / نكسَّرْها / وترجع تاني في لحظة

أغانينا تِدَوَّرْها

(2)

   وللوطن حضورٌ بارزٌ جدًّا بالديوان ، ولِهَمٍّ يعتري المبدع ، باعثُه ذاتيٌّ وجمعي ، فإنه يعرض للوطن في رِقَّةٍ ولِينٍ وحب صادق ؛ معاتبًا ، ويعرض لبعض ظواهر المجتمع ناقدًا ، في محاولةٍ حثيثةٍ لنقض القهر...

   إن آلام المبدع تبدو متأسِّسَةً في بعض مواضع الديوان على مُفَارَقِيَّةِ سلوك الوطن مع المبدعين والمخلصين من أبنائه ؛ إذ يُهْمِلُهُمْ ويتجاهلهم .. يتساءل "عبدالقادر أمين" مندهشًا وعاتبًا علي "أم الغلام / الوطن" التنكر لهؤلاء وأولئك" فيقول:

طَبْ لِيهْ بِتِرْمِيهُم؟! / وبتطعمي غيرهم / والمرّ تسقيهم؟

   وعتابه بالنص ، يتعاظم حينما ، يبدو العَجْزُ عامًّا ، والسوداويةُ طاغيةً ، والتنكر بشعًا .. يقول لأُمِّ الغلام في تعابير صادمة .. صادقة .. دالَّةٍ:

صُوتِكْ سُكَاتْ / فرحك عِيَاط

والخِلْفة ليه من بختنا تِحْدِفْ بنات؟!

والدمعة فوق خدك .. / والهمّ كان هدِّك

واللي تُقُولِّكْ .. اكشفي / واللي تعايرك .. خَلِّفِي

هو انتِ فاكره ان البنات .. / خلفة تِقَوِّيكي؟!

واللَّا ف لَحْظِةْ ما العَدُو يِيجِي / هَتِحْمِيكِي؟!

   ويسهم نقد الشاعر لمآسي مجتمعه ، والتنديد بمظاهر الفساد الظاهر في مناحي الحياة علي صعيد تشكيل الوعي بحظٍّ وافرٍ ، والحق أن تشكيل الوعي الإيجابي في أوقات التراجع الحضاري أو الفتنة أو تغييب العقول وتزييف الحقائق أهمُّ ما يمكن أن يقدمه المبدعون والفنانون والمفكرون لجماهير أمتهم .. يعدد "عبد القادر أمين" من مآسي المجتمع ما يتصل ببؤس الإسكان ، وتردِّي الصحة ، وتخلف التعليم والبطالة  .. وغيرها ، فيقول في "البلد دي مش بتاعتي" ؛ متسائلًا متعجبًا .. ومنكرًا وساخطًا:

إنت عاجبك المساكن؟! / والخراب جُوَّاها سَاكِنْ؟

والعلاج واللَّا المدارس؟ / والبطالة والعمالة؟

نُصُّهم قاعد عِوَالَهْ / واللي باقي أكيد مُوَالِسْ

والرشاوي في كُلّْ حِتَّه

واللي غرَّق / زاد وغطَّي

    ويحكي عن قسوة القبضة الأمنية ، فيقول:

حتَّى جاري جُمْ خَدُوه / واللي جنبه جَرْجَرُوه

تُهْمَهْ جاهزة لَبِّسُوه / آل إيه هيقلب دولتي

يا دهوتي!!

    أمَّا عن ضياع الشباب وتسكُّعِهم .. وتَخَنُّثِهم ، فَدَاهيةُ الدَّوَاهِي ، نظرًا لخطورة الشباب فيما يتصل بمستقبل الأمة .. يحكي عن هؤلاء الغافلين حكاية الخبير بشئون الشباب فيقول في "شارع جامعة الدول":

تشوفه تحسبه راجل !!! / وحُرْمَة بس مش حامل (..)

ويوم ما تشوفه بِلْبَانْتُه / تقول صايع .. وله شِلَّةْ

وسلسلته علي صدره مِدَلْدِلْهَا / وحَظَّاظة / ومَصَّاصة

ولما القُصَّة تتنحْكِشْ / أوام تِلْقاه بِيِعْدِلها

ويِحْدِفْ راسه تِتْساوي / ويرجع تاني يهملها

وأضرب كفّْ فوق الكف / واتعْجب

ده فين الأم واللَّا الأب / بِيهبِّب

وسايب زرعه في الشارع / ومتغيِّبْ

   وبالديوان ، فالاستبدادُ السياسي مقرونًا بالسطوة الأمنية ، مما ينزع الكرامة من نفس الإنسان .. قهرًا .. يستدعي الشاعر رمزًا تراثيًّا يجسد تلك السطوة الاستبدادية ، فيقول حاكياً عن المهانة في "شحات وهلفوت وصعلوك":

يشخُطْ .. "مسرور" / هات سيفك

وقَّفْ كُلّْ عْيَال الدنيا طابور

وف لحظة بييجي عليك الدُّورْ / إسمك يا حمار؟

فتقول: مَمْ .. مَمْلوك / فيسقَّف

والله برافو عليك / شاطر .. وبتحفظ .. وتسمَّع

حتة مملوك / هتعيش شحات

هلفوت صعلوك / وتموت مملوك

    ويقع المبدع علي أساس الداء ، لدي الشعوب المُستذَلَّة ، متمثلًا في عُضَالَيْنِ فَتَّاكَيْنِ، هما: الخوف والجهل ، فيقول في "الله عليكي يا بلد":

ملعون أبوه ده الخوف / معشِّش أرضنا

ضارب جدور الذل / تحني ظهرنا / من جهلنا

(3)

    ويستخدم الشاعر التعبير الرمزي الشعري الشفيف في كثير من مواضع الديوان ، ذاك ما تجسده بوضوح قصيدته" وحلمت آل إيه القدر" ، إذ تبدو حاكية عن موسم الحج في الظاهر .. لكنها ما قصدت إلا إلي وحدة الأمة العربية ، ووعي الشعوب .. يقول

راح نتحد / قبلة واحدة / والعزيمة من فولاذ

عملة واحدة / والمرور جُوَّه الوطن من غير جواز

راح نزيل كل الغلا / ويَّا الوَبَا

وبجهدنا مع بعضنا / نشفي الجراح

ونداوي كل المجروحين / إحنا الدوا

   ويختم نصه كاشفاً عن أن الخلاص من أي عدوان ، ليس إلا بيد الشعوب ، فيقول:

بيقولوا القدرْ .. راح يبتسم / للشعب اللي حياته

في الضلام طالبه القمر / آدي البداية من هنا

ده مؤتمر / والبذرة طابت في القلوب

والباقي بِإْدِيكُو بَقَى / انتو الشعوب...

إنتو السحاب.../ إنتو المطر...

(4)

   وبالديوان سردٌ شعريٌّ حالم ، يتجلَّى واضحاً في "البلد دي مش بتاعتي" إذ يقول:

راكبه همّ الدنيا كلُّه / قلت أخفف عنه حِمْلُهْ

أسأله / يمكن أَدِلُّه / قلت: مَالكْ؟

إيه يا صاحبي إيه جَرَالَكْ؟ / إنت قاعد تبكي ليه؟

حدّْ مات لك من عِيَالَكْ؟ / ولاَّ عمك ولا خالك؟

قول لي طب أعملك إيه؟ / قول لي ليه ماسك دماغك؟

قال لي سيبني .. / الهَمّْ صابني

إنت مش داري بوجيعتي / البلد دي مش بتاعتي

ما انت شُفْتِ الدنيا ضَلْمَه

والسحابة السُّودا كاتمه

لما كل أموري تمشي / رغم عني / فين إرادتي؟

(5)

    أما الصورة بالديوان فرائقة رائعة ، يغلب عليها أن تكون في قالب استعاري كما في "إياك تبطل حلم" وفيها:

نحلب من الشمس الدفا

والخوف من الضلمة اختفي

وبنشرب النور بالعينين

     ومن جميل صوره في "صلاة الشعر" قوله:

وقعدت أغسل في الألم

وانشر هدوم الهم فوق سطح الأمل

يرجع صدي قلمي / أنَّه وزفرة قلبْ..

.. الليل جداره صُلْب .. / واقف كأنه ألف سدّْ

وكل لحظة تقصَّرُه .. / بالصبر والأحلام..

بنحسّْ برده بمنظره / طول الزمن يمتد

والآااه تِنَبِّتْ عندنا .... جوَّه الصدور

حبِّة جدور / وبتتولد فينا الجروح

لحظة طلوع الروح

  وقد يبني صورته في قالب المفارقة التقابلية ، كما في "ولمين بتكتب يا قلم" إذ يقول:

حتي الصراخ عندنا / من بَخْتِنَا

شكل السُّكُوت

(6)

   وعبد القادر أمين في ديوانه ، يعتني بالإيقاع ، وخاصة بالنهايات التي بدت لانتظام الروي معها مَثْنَى مثنى ، وكأنَّا لم نبعد كثيرًا عن أصالة شعرنا العربي الأصيل .. يقول في "البلد دي مش بتاعتي":

خليني صاحبك بانصحك / واوعَى النصيحة تجرحك

اوعى المشاكل توجعك / أو تخدعك

وتسيب بلادك تنحرق / أو تنسرق

   ويقول بالنص ذاته ، فيما يشبه دقات طبول الحرب ، ويماثل إيقاع "أمين الديب":

.. متمثلاً السردية المتدفقة الرائقة:

انت فاكر اللي يقدر / يوم يغيَّرْ

يبقي حاكم ولاَّ ريس؟ / والَّلا حافظ دِينْ كِوَيِسْ؟

واللا نايب برلمان؟ / كان زمااااااان

كل واحد منا ريس / كلمته تقدر تأسِّسْ

كلنا لازم نشارك / هي دي أم المعارك

    وربما تجاوزت مراحل انتظام روي التقفية الثنائية إلي الرباعية أو الثلاثية ، فيتعاظم حظُّ المقطع في الموسيقي ، ويطرب المتلقي ، كما في قوله بالنص ذاته:

إنت نامية واللا نايمة؟

واللا قاعدة واللا قايمة؟

واللا فُوقْ الذل عايمة؟

   وبعد .. فيظل إبداع شعراء الرسالة أمثال "عبد القادر أمين" في ديوانه "ولمين بتكتب يا قلم" وغيره شاهدًا علي أصالة فن الشعر العامي ، عند هؤلاء تعبيرًا عن آلام الجماهير ، وآمال الشعوب ، وهُوُيَّةِ الأمة التي تترصدها العديد من عوامل التذويب والتمييع .. والتغيير ، ولهذا الشعر الرسالي دورٌ سيذكره التاريخُ بالإكبار والإجلال ناعيًا علي زمانٍ أو مكان، لم يسعف المبدعين علي مزيدِ عطاء ؛ إذ بخل عنهم وضنَّ بأدنى عطاءٍ أو وفاءٍ.

وسوم: العدد 665