ارحموا بلاغة

ماجدة العلواني الكيلاني

إلى كل من يكتب أو ينشر دون أن يتأكد 

ارحموا بلاغة أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه والشافعي رحمهما الله...

ننسِبُ أيِّ كلامٍ إلى أمير الكلام حتى ولو كان سُخريةَ الكلام!!!

ننسبُهُ ظنَّاً منَّا بأنَّا ننشر فضيلةً من الفضائل!!! ورائعةً من الرَّوائع!! 

متى سَنَفْهَم؟!!

من أراد نشر كلمات أمير البلاغة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وروائعه فليقصد نهج البلاغة

وليقف على إعجاز البلاغة العربية المرتسمة على صفحات خطبه وقصار كلماته

((كفانا سذاجة وتساهلاً!!!))

تنتشر اليوم في صفحات الانترنت ورسائل الواتس أب ونحوها أبياتٌ ركيكة المعنى مليئة بالأخطاء اللغوية!! بعيدةٌ كلُّ البعد عن ساحة أرباب البلاغة، وعنوانها: قال أمير المؤمنين حاشاه وحاشا حروفَ منطقِهِ!!

قال الشافعي :أيضاً لايعقل ذلك وإليكم هذه  الأبيات الركيكة تركيباً ومعنى!!!

المرء يُعرف في الأنام بفعله

و خصائل المرء الكريم كأصله

اصبر على حلو الزمان و مرّه

و اعلم بأن الله بالغ أمره ..

لا تستغب فتستغاب ، و ربّما

من قال شيئاً ، قيل فيه بمثله

و تجنب الفحشاء لا تنطق بها

ما دمت في جدّ الكلام و هزله

و إذا الصديق أسى عليك بجهله

فاصفح لأجل الود ليس لأجله ،

كم عالمٍ متفضل ، قد سبّه .!

من لا يُساوي غرزةً في نعله !

البحر تعلو فوقه جيف الفلا ..

و الدرّ مطمورٌ بأسفل رمله ،

و أعجب لعصفور يزاحم باشقا

إلاّ لطيشته .. و خفّة ، عقله !

إيّاك تجني سكرًا من حنظل ،

فالشيء يرجع بالمذاق لأصله

في الجو مكتوبٌ على صحف الهوى

من يعمل المعروف يُجزى بمثله

-----------------------

((التنبيه على جملة من الأخطاء!!))

الأول: لا يخفى على النَّبيه أن قافية البيت الثانية دخيلةٌ على القصيدة!!

فالقصيدة قافيتها اللام مع الهاء.. بينما القافية فيه هي الراء مع الهاء

وهذا الخطأ لا يصدر من أقلِّ الشُّعراء فضلاً عن إمام البلغاء ومليكهم!!علي بن أبي طالب رضي الله عنه 

والإمام الشافعي رحمة الله عليه

الثاني: لا يخفى ـ كذلك ـ أنَّ البيت الثالث مختلُّ الوزن!! بل ومختلُّ التركيب!!

أما اختلال الوزن: ففي الشطر الأول، حيث إن وزن (فتُستغاب) مفاعلن، وهو مخالف لبحر القصيدة

وأمَّا اختلال التركيب: فإن الأفصح أن تقول: لا تغتب!! وليس لا تستغب!!!!

الثالث: قال في البيت الرابع: وتجنَّب الفحشاء لا تنطق بها!!

وهو اشتباه واضح، لأنَّ الفحشاء اسمٌ للفاحشة، والذي ينبغي أن لا ينطق به هو الفحش وليس الفحشاء، لأنَّ ما يتصفُ به القول والنطق هو الفحش دون الفحشاء!!!

الرابع: تضمَّن البيت الخامس ثلاثَ اشتباهات:

أولها: قد يكون من الكاتب، وهو: أسى عليك، والظاهر أنها: قسى عليك!

ثانيها: استعماله كلمة: لأجل!! وهي وإن كانت مستعملةً، إلا أنَّ الأفصح

أن يقول: من أجل، والمفروض أن قائل الأبيات سيد الفصاحة والفصحاء!!!

ثالثها: وهو المعنى الذي لا يصدر من كريم الأخلاق، فكيفَ بسيِّدها؟!!

حيث قال: فاصفح لأجل الود ليس لأجله!!! موهماً بأن الصديق لا يستحقُّ الصفح!!

أي: فاصفح من أجل الود الذي كان بينك وبينه، ليس من أجله هو!!! وأيُّ نصيحةٍ هذه؟!!! فإن كان الصديق بنفسه لا يستحقُّ الصفح فلا معنى لمودته!!!

الخامس: يكفي أن تكرر قراءة البيت السادس وتتساءل: هل هذا لونُ كلام أمير المؤمنين (علي كرم الله وجهه )؟!

هل هذا الكلام للشافعي

السادس: عندما قرأت البيت السابع تعجَّبتُ من طيشِ قائله!!! لماذا؟!!

لأنَّه لا يوجد في اللغة العربية كلمة (طيشة)، وهو يقول: لِطَيشته!! والفصيح: لِطَيشه

لكنَّه لو قال: إلا لطيشه، فسيختلُّ الوزن، فخالف اللغة العربيَّة هروباً من اختلال الوزن

والمضحك قوله بعدها: وخفَّة عقله!!!! متى كان للعصفور عقلٌ حتى يخفَّ؟؟!!!!

السابع: يتضح من البيت الأخير أن كاتبه من أسوأِ الشعراء شاعريَّة وذوقاً!!

فهو يقول:

في الجوِّ مكتوبٌ على صُحُف الهوا () من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله

إذ ـ مضافاً إلى رداءة خياليَّة دعواه في أنَّ ذلك مكتوب في الجوِّ على صحف الهواء!!! ـ لا يوجد أيُّ ذوق في هذه الصورة، حيث لا يوجدُ معنىً واقعيٌّ ولا خياليٌّ مقبولٌ في كتابة ذلك على الهواء

الثامن والأخير: لا يوجد أي ترابطٍ بين أبيات هذه القصيدة، فهي مصداق لقولهم: من كل وادٍ عصا!!!

-------------------------

هذه وقفات سريعة أحببت التنبيه عليها لتدركوا فداحة نسبة مثل هذه التراكيب لأمير المؤمنين وللشافعي والبعض يعبِّرُ عنها بالرَّوائع!!! أو: من أروع الأشعار... وهي من الفظائع أو من أفظع الأشعار!!!

-------------------------

فارحموا بلاغة أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وارحموا بلاغة الشافعي من نسبة أيِّ كلامٍ إليهما، واسألوا عن صحة النسبة قبل الحكم عليها نفياً أو إثباتاً...وهذه واحدةمن صورالمنشورات الخاطئة

وسوم: العدد 697