عذارى في وجه العاصفة ومأساة النّساء

محمد عمر يوسف القراعين

clip_image002_4b9f0.jpg

صدرت رواية "عذارى في وجه العاصفة" للأديب الفلسطينيّ جميل السلحوت عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة بداية العام 2017، وتقع الرّواية التي يحمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان الرّوائي محمود شاهين في 234 صفحة من الحجم المتوسّط.

العنوان جذّاب، مع أنه لا يمثل الحقيقة، لأنّ نساء الرّواية الثمانية ليس فيهنّ عذراء، إلا واحدة هي ميسون جارة لمياء في مخيم الجلزون، وخطيبها من حيّ العجمي في يافا، افترقا بسبب الحرب، ومريم المتزوّجة بقيت في عكا مع أهلها، بينما هاجر زوجها زياد الفالح إلى لبنان. والباقيات الصالحات مع أزواجهن في المهجر. وكلمة عذارى لها رنّة وتأثير في تسويق الكتاب، فهي مرتبطة بالحبّ العذري في الشّعر والأدب، حيث تذكّرنا بالمجنون وليلى وعنتر وعبلة. والمفروض أن يهتمّ الأهل بالفتيات العذارى حتى يتزوّجن، ثم يتكفّل الأزواج بهنّ. وذات يوم في الخمسينات حدث إطلاق رصاص من النوتردام تجاه ساحة باب العامود، يومها قالت لي أمّي: برضاي عليك، خذ خواتك وروحوا عند أختك في إربد. لم تقل لي: خذ إخوتك. أمّا التاجر الخليلي عندما زار المُوَرد في تل أبيب، قال له: بتعرف يا خواجه، إحنا كنّا خايفين منكوا لما جيتوا بس عالعرض. فنادى الخواجه سكرتيرته راحيل، وقال له: ما تخافوش يا حبيبي، احنا عنا دول.

على كل حال، فالرواية استكملت أغراضها، في شرح مأساة اللاجئين ومعاناتهم من جهة، وتعاطف الأهالي معهم في مراحل الاستقبال، أوّلا في هضبة الجولان، ثم في سوريا ممثلين بالحاج كمال أبو فاطمة، في جرمانا قرب دمشق، الذي استضاف رحاب وزوجها خالد، وفليحة وأولادها بعد أن طلقها زوجها وانتحر، ووقف في وجه الشّباب الذين حاولوا التّعرّض لرحاب، وردعهم مع أهاليهم، وأمّن العائلتين بكرم مبالغ به بتمليكهم أرضا وسكنا، فاللاجئون كانوا بحاجة لمن يساعدهم في بلاد الغربة، حتى ضد استغلال أصحاب العمل، كما حدث مع علي بن طارق، حيث سانده سعد كبير عمال الميكانيك وأشركه في كراج جديد في عمّان؛ لتفانيه في العمل. ومن ناحية ثانية أظهرت الرّواية التآخي بيت الطوائف، حين تزوج زياد الفالح وقريبه إبراهيم الفرحان من أختين من الشيعة، وإمكانية إيجاد فرص للعمل مع المسيحيين، حيث حصل علي ربيع سالم صيّاد السمك من يافا، على عمل مع المعلم أبو اسكندر كبير الصيّاديين في طرابلس.

الصدمة أصابت الرّجال والنّساء، لكن الجنس اللطيف كعادته  في مجتمعنا حمّال الأسيّة، فمريم التي بقيت في عكا مع أولادها، هاجر زوجها زياد إلى لبنان، وكان يزورها متسللا فحملت منه، ومع أنّ الأهالي تفهّموا وضعها ووضع غيرها من النّساء مع أزواجهنّ المتسللين، إلا أنّ المشكلة هي حصول المولود على هوية باسم أبيه الذي يدخل البلاد بصورة غير مشروعة، وزياد كرجل تزوّج في لبنان وتقبّلت الصّابرة مريم ذلك. أمّا ميسون التي أقامت في مخيّم الجلزون، فلا تدري ماذا حلّ بخطيبها ناصر أمين من حيّ العجمي في يافا في بادئ الأمر، ومع ذلك قرّرت أن تبتعد عن الزّينة وعن كلّ جميل حتى تنجلي الأمور، وقامت بطرد أبو عبدالله من بيتونيا، الذي جاء يخطبها لنفسه، وهذا ما يحدث الآن لفتيات اللاجئين السّوريين في الأردنّ وغيرها. وعندما علمت ميسون بزواج ناصر، تقبّلت ذلك، غير أنّه طلقها ليتيح لها حرّيّة الزّواج الذي لم يتمّ لها في الرّواية.

وهذا يعارض زيف ما وصفه أحد الشعراء ظلما لحواء، حين قال:

إذا غدرت حسناء وفت بعهدها        فمن عهدها أن لا يدوم لها عهد

وسوم: العدد 707