الأدب وحقائق التاريخ

ثمة سؤال يتبادر إلى الذهن بعد أن هوى الستار الحديدي الذي فرضته الشيوعية فترة من الزمن على كثير من الشعوب الإسلامية، وهو هل استطاع الأدب أن ينقل معاناة تلك الشعوب بعد أن طال حجبها؟

ولعل الجواب يكمن في بعض ما صدر من أعمال عن هذه المعاناة على مختلف أشكالها، وللحقيقة فإن الروايات التي توالى صدورها قد أضافت إلى الأدب الإسلامي المعاصر شيئاً مهماً من القراءة والدراسة، فقد عرف القراء العرب:

رواية (السنوات الرهيبة) لجنكيز ضاغجي وهي تتحدث عن مأساة المسلمين في جزيرة القرم إبان الحرب العالمية الثانية، فكانت رائعة من الروائع ليس في مضمونها فحسب! ولكن في أسلوب عرضها أيضاً، والغوص إلى أعماق النفس الإنسانية، وإبرازها في شواهد على عظمة الإنسان.

كما عرفوا رواية (الهجرة من أفغانستان) للكاتبة الأفغانية مرال معروف التي صورت هجرة النساء الأفغانيات والأطفال والمسنين وما عانوه من الروس، وفظائع المرتدين والمنافقين، بلغة سهلة مأنوسة، وأسلوب لا يملك المرء أن يحبس دمعه، وهو يعايش من خلال الكلمة الصادقة تلك المعاناة؟!

كما عرفوا مسرحية (أيها الشهداء إنا قادمون) لرمزي أوزجليك، التي تعبر عن معاناة المسلمين الأتراك في بلغاريا، وما الذي تعرضوا له!

وأخيراً وليس آخراً رواية (صقور القوقاز) لسلجوق قللي التي صورت جهاد الداغستانيين بقيادة الإمام شامل ضد الروس المعتدين، على مدى خمسة وثلاثين عاماً، إذ أسهب الكاتب في غمرة تفاعله مع حقائق التاريخ المعطر بدماء الشهداء  في المزج بينها وبين الفن الذي يمنحه العمل الروائي في تشكيل إنساني لا يقل روعة عن كثير من الأعمال الروائية العالمية.

ولن نذهب بعيداً إذا قلنا:

إن الفن الروائي يراهن على أن التاريخ المعاصر للمسلمين يحوي من البطولات والتضحيات ما يستحق أن يقوم بإبرازه من يتقنون هذا الفن وأصوله، ولو فعلوا ذلك لأتوا بالعجب العجاب، وبذلك يقدمون خدمة جليلة لدينهم ولإخوانهم المستضعفين في الأرض.