شخصية المرشد محمد مأمون الهضيبي في الشعر الإسلامي المعاصر

((28 مايو 1924م - 9/1/2004م ))

clip_image002_9a836.jpg

تمهيد :

قبل أن يكون المستشار مأمون مرشداً لجماعة الإخوان، كان ابن الرجل الصالح، والقائد الفذّ الصامد، المستشار حسن الهضيبي، المرشد الثاني للجماعة، الرجل الذي طبع بيته بطابع الإسلام، وربَّى أولاده على آدابه ومبادئه وأخلاقه على صورة قلّ أن تراها في بيوت الكثير من المشايخ والعلماء الذين درسوا الدين، وحفظوا أحكام الشريعة، وصاروا خطباء، ومدرسين، وأساتذة، وقضاة، ومفتين.

الرجل الذي اتصل بالجماعة، وصار الأثير عند مرشدها الذي كان يستشيره في الملمات، ويعدّه لما هو آت..

الرجل الذي آزر الجماعة في سائر مواقفها، ,أمدّها بما مكّنه الله من مال وجاه، واحتسب كلّ ما قدّم عند الله، ولم يرد به علوّاً في الأرض ولا ظهوراً، فقد كان الرجل متواضعاً، يحبّ السماحة والبساطة، ويكره التكلف، وينأى عن الأضواء، ويؤثر عليها العمل في صمت، لتكون أعماله خالصة لوجه الله تعالى.

الرجل الذي يكره المهاترات، ويحبّ الحق، ويسعى إلى إحقاقه، مهما كلّفه ذلك من مرارات الكيد، وطغيان البغاة.

الرجل الذي كان مضرب المثل في شموخه البعيد عن الكبرياء.. شموخه وصموده في وجوه الجبابرة، وتحدّيه للطغاة، غير مكترث بالاعتقالات التي تعرّض لها ثلاث مرات ولا بألوان العذاب الذي تحمّله بإباء، وهو في شيخوخته ووقاره.

الرجل القاضي المسلم الذي استنفر كبار المستشارين من أجل الثورة بالحكومة التي تريد أن تسنّ قانوناً مخالفاً للشريعة الغراء، وعندما علم أن زملاءه المستشارين يريدون أن يكتفوا بمذكرة رقيقة في نقد القانون، انطلق وحده إلى مقر لجنة القانون، وسجّل في مضبطتها الرسمية: إن المستشار حسن الهضيبي يستنكر مشروع هذا القانون الذي فيه مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية الغراء.

الرجل الزاهد بهذه الدنيا وما فيها من زهو ومتاع، حتى إنه أوصى أهله وإخوانه ألاّ ينعوه إذا مات، وأن يدفن فور موته في مدافن الصدقات، وبعد حوار وجهد جهيد، رضي بأن يدفن في مدافن العائلة في قريته: عرب الصوالحة، دون أية مراسم. وهكذا نقل جثمانه الطاهر ليدفن في مسقط رأسه، في تلك القرية التي تبعد عن القاهرة ثلاثين كيلو متراً.

ولم يكن شأن الأم المجاهدة الصابرة على الابتلاءات والمحن, بأقل من شأن سيد البيت, فقد وقفت إلى جانب زوجها القائد الممتحن، وربّت أولادها على الصبر، وكانت تقول لهم:

"إن أباكم عندما رضي أن يكون مرشداً للإخوان، كان يعلم أن سلفه المرشد حسن البنا قد قتل في سبيل الله، فاصبروا، وكونوا أقوياء مثل أبيكم.".

النشأة والتكوين:

ولد المستشار محمد المأمون حسن إسماعيل الهضيبى فى قرية (الشواولة) بمحافظة سوهاج بصعيد مصر في 28 مايو 1924م، حيث كان الأستاذ حسن الهضيبى –عليه رحمة الله- يعمل محامياً بمحافظة سوهاج فور تخرجه في كليه الحقوق، فولد له خلال فترة عمله بسوهاج أكبر أبنائه المستشار محمد المأمون، في هذا البيت المسلم  نشأ في طاعة الله، وترعرع على حبّ الإسلام، وبذل كل شيء في سبيله.

وتنتمي أسرة الهضيبي إلى قرية عرب الصوالحة –مركز شبين القناطر– محافظة القليوبية، وتنقلت أسرته في أماكن متعددة حيث عمل والده قاضيًا بوزارة العدل المصرية، حتى استقال من منصبه القضائي؛ ليتفرغ للدعوة عام 1951، وأصبح المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في الفترة من 1951 حتى وفاته في الثالث عشر من نوفمبر عام 1973م. ويقول المستشار المأمون عن البيت الذى نشأ فيه: ".. البيت كان في غاية الانضباط.. ولكن في الوقت نفسه في غاية الرحمة والأدب والشورى.. و كان الأب يسمح لكل واحد أن يدلي برأيه، والأم كانت مثالاً للأدب والأخلاق، وكان الوالد يحترمها احترامًا كبيرًا أورثنا أن نكون دائماً تحت أرجلها.. كانت العلاقة بينهما متينة جداً.

ولم تكن قد أكملت تعليمها رحمها الله.. فحصلت على التعليم الأولي، ولكنها أكملت تعليم نفسها بل تعلمت اللغة الفرنسية.. ووالدها يرحمه الله هو الشيخ محمد خطاب أحد علماء الأزهر.. لقد ارتقت بنفسها كثيراً.. كانت تتحدث الفرنسية.. وفي الوقت ذاته تقرأ القرطبي، وابن حزم ، وكتب التفسير".

دراسته ومراحل تعليمه :

وهكذا تعلّم محمد المأمون في مدارس عدة، والتحق المستشار بمراحل التعليم المختلفة حتى تخرج في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية (جامعة فؤاد الأول).

وكان ترتيبه العاشر على دفعته، وعين وكيلاً للنيابة، وتدرج في سلمه الوظيفي في القضاء حتى أصبح رئيساً لمحكمة استئناف القاهرة.

شارك المستشار المأمون في أعمال المقاومة الشعبية خلال العدوان الثلاثي على مصر عام1956م، وكان ذلك أثناء عمله مستشارًا لمحكمة غزة – حيث تولى محكمة غزة عام 1954م، وقد نصحه أحد رجال المخابرات بعدم النزول للقاهرة حتى لا يعتقل، وكان له موقفه المشرف، وقد اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي حيث رفض الخضوع والخنوع للمحتل الصهيوني، بخلاف ما قام به الفريق الدجوى –وقع في الأسر أيضاً، فكان يبكى كالأطفال- الذى أرشد المحتل على البنية التحتية للدولة والجيش وسب مصر وقادتها وقد علم عبد الناصر بذلك فكافأ المستشار الهضيبي بالاعتقال في محنة 1965م، وكافأ الدجوى بأن ولاه رئاسة المحكمة التي حكمت على سيد قطب وإخوانه بالإعدام، وظل بالمعتقل حتى عام 1971م حين أفرج عنه السادات بعد وفاة عبد الناصر.

سافر للعمل بالسعودية وظل بها حتي عاد، وتفرغ للعمل الدعوى داخل جماعة الإخوان المسلمين.

زواجه :

وهو متزوج بابنة محمد نجيب سالم ناظر الخاصة الملكية في عهد الملك فاروق .

في قافلة الإخوان:

ولد المستشار المأمون في بيت مليء بالإيمان، حيث اعتنى والده المستشار حسن الهضيبي بتربية أبنائه تربية إسلامية، والتحق المستشار المأمون بدعوة الإخوان بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م - حيث كان من المشاركين في التصدي لهذا العدوان .

سجنه واعتقاله :

وشارك أهله المحنة حتى كان أحد ضحاياها عام 1965م، ولقد ناله، في عهد عبد الناصر، ما نال أباه وإخوانه من الابتلاء، فقد اعتقل عام 1965 أثناء حضوره اجتماعاً إخوانياً بصحبة والده المرشد، وانصبّ عليه العذاب في السجن الحربي السيّء الذكر، وفي سجن ليمان طرة.

وكان نصيب آل الهضيبي كبيراً في المحنة حيث دخل السجن مع والده وأخيه الأستاذ المحامي إسماعيل حسن الهضيبي، ومع أخيه المهندس أسامة، وصدر الحكم على الإمام وأولاده بالسجن، وكان دور الوالدة أم إسماعيل وبناتها سعاد، وعلية مساعدة أسر المسجونين . وقد أقيل إثر ذلك من منصبه القضائي. وقدم إلى المحاكمة العسكرية، وحكم عليه بالحبس ثلاث سنوات. وجدد اعتقاله، وتم الإفراج عنه أول يوليو عام 1971م. ويقول في كيفية اعتقاله: "حدث أمر جعل الأمن يشتبه في أنني أخفي شيئاً في بيتي والذي حدث هو أن زوجتي عندما علمت من الإذاعة بقضية الشهيد سيد قطب قامت بإخفاء كتبه التي كانت بمكتبتي أخفتها في حوش المنزل، في تلك الآونة كان الأمن يرصد البيت فاشتبهوا في أن "أسلحة" كان يتم إخفاؤها، فداهموا البيت، وفتشوه أكثر من مرة، وعسكروا في البيت أكثر من يوم فلم يجدوا إلا الكتب اقتادوني إلى إدارة المباحث، ثم نقلوني إلى سجن أبي زعبل، وهناك مارسوا عملياتهم التي كانوا يمارسونها مع المعتقلين: التعليق.. الضرب والمحمصة وغيره، ثم نقلوني إلى طرة، ثم السجن الحربي حتى أنهوا التحقيقات، وأصدروا الحكم بالسجن، ثم نقلوني مرة أخرى إلى سجن أبي زعبل حتى عام 1967م، ثم نقلونا إلى سجن طرة، ومكثنا به حتى مات جمال عبد الناصر، وفي عهد السادات بدأت الإفراجات، وخرجت مع الدفعات التي خرجت من طرة".

وبعد اعتقاله طلب منه تقديم استقالته من القضاء، فقدمها مكرهاً .

السفر إلى السعودية :

وبعد خروجه سافر الى السعودية للحج حيث التحق بالعمل في قسم الحقوق العامة، وقسم الحقوق الخاصة بوزارة الداخلية السعودية، والعمل فيهما عمل قضائي بحت وفيه جانب شرعي، ولم يكن له أية علاقة بأية إدارة أخرى بالوزارة. وفى ذلك يقول المستشار المأمون الهضيبي: "وظل هذا الوضع فترة طويلة حتى قضت محكمة النقض ببطلان الاستقالة وعودتي للعمل، وكانت درجتي قد وصلت إلى نائب رئيس محكمة استئناف، وبعد صدور الحكم عدت إلى مصر، واستكملت عملي لفترة بسيطة، ولم تكن السلطات مرحبة بعملي في القاهرة، فصدرت تعليمات بانتدابي إلى السعودية حيث عدت مرة أخرى إلى هناك حتى أوشك سني على بلوغ الستين، وجاء دوري لأكون رئيس محكمة استئناف القاهرة.. وقبلها أصبحت خلال السفر في درجة رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، وصدر قرار جمهوري بالفعل من الرئيس مبارك بتعييني رئيساً لمحكمة استئناف القاهرة بناءً على قرار مجلس القضاء الأعلى، وعلى اعتبار أنني منتدب في الخارج، فقطعت سفري وعدت، وتسلمت عملي لأيام، ثم صدر قرار إحالتي للتقاعد.. لكن وزير العدل في ذلك الوقت أراد أن يعبر عن أحاسيسه، فحاول أن يكتب في قرار الإحالة بأنني رئيس محكمة استئناف الإسكندرية بدرجة رئيس محكمة استئناف القاهرة (استئناف القاهرة أعلى درجات محاكم الاستئناف) لكن عندما قدمت القرار الجمهوري اضطروا لتعديل البيانات، عدت مرة أخرى إلى السعودية لمواصلة عملي حتى زار الأستاذ عمر التلمساني مرشد الإخوان في ذلك الوقت السعودية للحج في منتصف الثمانينيات، وقابلته، وطلب مني النزول إلى القاهرة".

البراءة :

رفع محمد المأمون دعوى قضائية ضدّ الحكم عليه بالإقالة من منصبه في القضاء، وحكمت المحكمة لصالحه، وبرأته من التهمة التي نسبت إليه, وأعيد إلى القضاء, رئيساً لمحكمة استئناف القاهرة, إلى أن أحيل إلى التقاعد.

رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان :

خاض انتخابات مجلس الشعب عام 1987م على قائمة حزب العمل، وفاز بالمقعد في دائرة الدقي، وأصبح رئيساً للكتلة البرلمانية للإخوان داخل مجلس الشعب، ولقد شهدت هذه الدورة نشاطاً ملحوظاً بسبب الاستجوابات التي تقدم بها الإخوان للمجلس، ولقد فاز الإخوان بما يقرب من 38 مقعدًا، ولقد ركز الإخوان على قضايا الحريات السياسية وما يمس مصلحة الشعب والشريعة.

انتخابات مجلس الشعب عام 2000م :

وهو أبرز المرشحين من الحركة الإسلامية في انتخابات البرلمان في مصر عام 2000م عن دائرة الدقي – الجيزة .

خاض الانتخابات في مواجهة الدكتورة آمال عثمان وكيلة مجلس الشعب .

ويسعى نائب المرشد العام إلى النجاح والفوز بمقعد هذه الدائرة حتى يقوم بواجبه الشرعي في تقويم الاعوجاج وسدّ الخلل، وأراد العلمانيون أن يبدو الهضيبي أمام جموع الإخوان، وقد هزمته امرأة .

الدولة المدنية والدولة الدينية :

شارك في المناظرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بين مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية ، حضرها من علماء الإسلام الشيخ محمد الغزالي والمستشار مأمون الهضيبي ود . محمد عمارة ، ومن الجانب العلماني د. فرج فودة، ود. محمد خلف الله وأدار المناظرة د .سمير سرحان رئيس الهيئة المصرية للكتاب ، وحضر المناظرة / 20 / ألف مواطن عام 1992م .

وعندما دخل الأستاذ أحمد حسنين السجن بعد أيام من إجرائه عملية جراحية حلّ مكانه المستشار مأمون الهضيبي عام 1994م .

وفي يناير 1996م نفى أن يكون الإخوان قد خططوا لإنشاء حزب لاستغلاله كواجهة، وكان ذلك فيما أثير من ضجة أثناء تشكيل حزب الوسط.

شغل منصب المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في فترة الأستاذ محمد حامد أبو النصر –المرشد الرابع للإخوان المسلمين والذى تولى من 1986 – 1996م– ثم اختير نائباً للمرشد العام بعد وفاة الدكتور أحمد الملط في يونيو 1995م، وظل نائباً للمرشد العام الأستاذ مصطفى مشهور- والذى تولى منصبه من 1996م – 2002م – بالإضافة لكونه المتحدث الرسمي للجماعة .

المرشد السادس :

تدرج الأخ محمد المأمون الهضيبي في الجماعة كأيّ أخ مخلص نشيط تربى في أحضان الدعوة, وابتلي، وامتحن كما ابتلي سائر الإخوان في أيام عبدالناصر, وكان يساعد أباه المرشد الثاني في تسيير بعض الأمور في السجن وخارج السجن, وكانت له يد في فكرة الرد على التكفيريين في السجن, وإصدار الكتاب الرائع: (دعاة لا قضاة).

وبعد الإفراج عنه نشط في ميادين الدعوة، حتى وصل إلى مكتب الإرشاد، ثم صار نائباً للمرشد الرابع (محمد حامد أبو النصر) والمرشد الخامس (مصطفى مشهور) رحمهما الله تعالى، وكان الشيخ مصطفى يعتمد عليه اعتماداً كبيراً في تسيير أمور الجماعة، وخاصة داخل القطر المصري، لما أوتي من حنكة، وشجاعة، وثقافة، وإخلاص، جعلت منه شخصية قوية حازمة صارمة في البت بالأمور، مما حبّبه إلى قلوب بعض الإخوان، ونفّر آخرين منه، اتهموه بالحدّة والشدّة، فصار شخصية مثيرة للجدل، وقد تغلّب بشخصيته القوية هذه، وبتاريخه الناصع، وبنشاطه وحيويته، على الذين يجادلون فيه، وصار الناطق الرسمي باسم الجماعة ومكتب الإرشاد.

وبعد وفاة المرشد الخامس، اختير المستشار المأمون مرشداً سادساً للجماعة في مساء الأربعاء  27/11/2002م / الموافق 22 رمضان 1423ه  في ظروف دقيقة، ومخر بالجماعة عباب المصاعب، وحافظ على وحدتها، وعلى خط سيرها المعتدل، بعيداً عن أي صدام مع الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية التي ما فتئت تعتقل، وتطارد، وتحاكم، وتحقق، وتعذّب كرام الإخوان، والمرشد المأمون ثابت الجنان، يأبى أن يستجرَّ إلى معركة داخلية مع النظام وأجهزته، مهما بلغت قسوة تلك الحكومة، وظلم أجهزتها، فكسب بذلك احترام مؤيديه ومعارضيه، الذين كانوا يوجهون له انتقادات شديدة بسبب هذا الموقف، وكسب رضا الله، ثم راحة ضميره.

مؤلفاته :

وللمستشار المأمون كتابات عدة منها:

1-الإخوان المسلمون 60 قضية ساخنة: الصادر عن دار التوزيع والنشر الإسلامية 1998م يوضح فيه: ما هو موقف الإخوان المسلمين من القوى والتيارات الإسلامية الموجودة على الساحة سواء تلك التي تتبنى العنف أم تلك التي لا تتبنى السياسة. وماذا عن تجربة النقابات المهنية؟ وماذا عن شعار ((الإسلام هو الحل)) ؟ وما هي رؤية الإخوان المسلمين حول الأقباط وقضايا العالم الإسلامي؟ وماذا عن الانشقاقات التي حدثت داخل الجماعة؟

2-كتب بعض المقالات في مجلة اللواء الإسلامي، وأجرت معه مجلة المختار الإسلامي ( مصر) عدة مقابلات .

المستشار بأقلام إخوانه ومحبيه:

قال الأستاذ محمد هلال –عضو مكتب الإرشاد: "قد كنت أوثر أن يكون هو الذى يرثيني ولا أرثيه، رأيت فيه الأب والأستاذ والمعلم، لقد كان يقوم على خدمة زوجته، ويقول: أنا أولى بها.

ويقول الأستاذ لاشين أبو شنب:

قد كان له رأى صائب في أغلب الأحيان في القضايا التي تنشأ نتيجة الصراعات الداخلية والخارجية في المجتمع، وكان صاحب نظرة واعية متفحصة في المشكلات السياسية.

وتحدث كثير من الإخوان عن مناقبه مما يحتاج لكتابات كثيرة.

أخلاقه وسجاياه :

عرف عنه أنه محاور هادئ صريح رحب الصدر في نقاشه لايتحرج من الإجابة عن أي سؤال مهما كان  ساخناً .

وهو دائم التردد على مقر الجماعة في التوفيقية يبقى فيه حتى صلاة الظهر يصلي خلف الإمام مصطفى مشهور مع أصغر الصحفيين، وشحاتة موظف الاستعلامات .

أكد مأمون الهضيبي الناطق الرسمي باسم الجماعة أن سبب ضربة 22 كانون الثاني 1995م ؛ هو منع الجماعة من الوصول إلى البرلمان ، وأنها تطالب بأن تعمل في  إطار الحريات السياسية التي ينص عليها الدستور والقانون .

وعندما اتهم الرئيس حسني مبارك الحكومة الأمريكية بإجراء اتصال بهؤلاء الإرهابيين من الإخوان ردَ عليه الهضيبي نافياً أية محادثات سرية أو اتفاقات بين الإخوان وأي مسؤولين دبلوماسيين من الولايات المتحدة، وأشار إلى أن هناك من يحاول الوقيعة بين الإخوان ونظام الحكم الوطني في مصر وأن اتهام الإخوان بالإرهاب غير صحيح .

وبين الهضيبي في مناسبة أخرى : أنه طوال /30/ عاماً لم يصدر حكم واحد ضد أي عضو من الإخوان يثبت مثل هذه الادعاءات .

وردّ الهضيبي على أسامة الباز : الإخوان المسلمون مع دستور مكتوب .

وأكد أنه : لا تحالف مع أية جماعة ترفع السلاح .

وتوسط لنزع الخلاف، ولإصلاح ذات البين بين إبراهيم شكري، وعادل حسين .

مواقفه:

1- من فلسطين:

كانت فلسطين شعباً وأرضاً ومقدسات في قلب الرجل وعقله وضميره، دافع عنها، وهو قاض شاب، عندما كان رئيس محكمة غزة، واجتاح اليهود قطاع غزة، عام 1956 أيام العدوان الثلاثي على مصر، وانخرط في صفوف المقاومة الشعبية، وحمل السلاح في وجوه الغزاة الذين تمكنوا من أسره، وإيداعه سجونهم.

واستمّر المأمون طوال حياته، يناصر القضية الفلسطينية، ويقدّم لها ما يستطيع من دعم، ويجاهد بلسانه، وقلمه، ومواقفه الشجاعة تجاهها، ويؤيد الانتفاضة الباسلة، ويرى فيها الأمل المنقذ من اليأس الذي أصاب نفوس الكثيرين، حتى تخاذلوا عن نصرتها، بل صاروا من ألدّ أعدائها.

ولنقرأ آخر كلماته في هذه الحياة الدنيا، عندما سأله محرر جريدة (آفاق عربية) قبيل وفاته بساعات، عن كلمة أخيرة يوجهها لإخوانه وأبنائه من أبناء الحركة الإسلامية، ولم يكن السائل والمسؤول يعلمان أنها ستكون آخر كلمات يقولها المرشد المأمون ناصحاً ومرشداً، فقال فيما قال:

".. ونحن –لا شك- نحزن لحال المسلمين، ونحزن أكثر، عندما نرى بعض من يتبوؤون المناصب الرسمية المتصلة بالدعوة الإسلامية، تظهر أخطاؤهم واضحة جلية، بما قد يوهن النفس المؤمنة. ولكن.. ما دمنا نسير بنور الله، فلا محل ليأس، بل الرجاء ثم الرجاء، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، فرغم العسر الشديد، ظهرت علامات الرجاء، فها هي انتفاضة إخواننا في فلسطين تدخل عامها الرابع، وهي صامدة تواجه طغيان أشدّ أعداء الله كفراً وإيذاء وبطشاً وتنكيلاً، وهي مع ذلك، تنال منهم في الصميم، تقضّ مضاجعهم، وتسهر لياليهم، وتجعلهم حيارى غير مطمئنين، وتلحق بهم أضراراً نفسية واقتصادية واجتماعية كبيرة وشديدة.

و ها هي المقاومة في العراق، ورغم حداثتها، تفتك بالعديد من جنود الاحتلال والعدوان، وتفسد عليهم ما كانوا يأملونه من طغيانهم وعدوانهم، ومن ثم، فإن البشر وارد، والبشارة لائحة، والأمل قوي "ولينصرنّ الله من ينصره" "والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

إنه الأمل الذي يقذفه الإيمان نوراً في قلوب الدعاة المخلصين، ولا يأس مع الإيمان.

2- من الحريات:

المرشد المأمون من عشاق الحرية، ومن الداعين إليها، المندّدين بمعطليها ومغتصبيها، ولذلك، ومع أنه على رأس التيار المعتدل المهادن، إلا أنه كان يصول فارساً مغواراً، ضدّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية التي تكبّل الحريات، وتنتهك حقوق الإنسان، وتفتئت على الدستور والقانون، وتعطّل التنمية بسائر أشكالها السياسية والاقتصادية والإبداعية، فقد كان طوال حياته ينادي بالحرية، ويحذّر من عقابيل التسلط والطغيان، في محاضراته، وتصريحاته، ومقالاته.

3- الحجاب:

أحزنه، وأقلقه قرار الرئيس الفرنسي بمنع الحجاب، وآلمه أكثر، موقف شيخ الأزهر المؤيد لذلك القرار الظالم، وظهر هذا في حواره الأخير مع صحيفة (آفاق عربية) المنشور في عددها الذي صدر يوم الأربعاء 8/1/2004 وقال فيه:

"الحجاب فريضة على المسلمة، تخضع لها بحكم مقتضيات دينها، وإلا كانت عاصية لربّها، وهذا بإجماع فقهاء وعلماء المسلمين في جميع العصور، وفي جميع البلاد.. ومن ثم، فإن موقف شيخ الأزهر في الواقع عجيب غريب، وقد رفضه كل أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، وكل المفكرين والفقهاء في مصر وخارج مصر، ونحن نعيد رفضنا لذلك المشروع الذي يعد في فرنسا، ونقول: إنه يفتح باباً شديد الخطورة... ويجب على المسلمين في جميع أقطار العالم أن يتكاتفوا على استنكار هذا المشروع، وألا يتكاسل أحد في الدعوة على عدم إقراره، ومخاطبة السلطات الفرنسية بهذا الرأي، والتنبيه إلى خطورة هذا الأمر."

4– منهجه في التغيير:

قلنا: كان للمرشد المأمون دور في كتاب (دعاة لا قضاة) الذي كان نهجاً لوالده المرشد الثاني مؤلف الكتاب، الوقّاف عند حدود الله، القاضي الذي لا يؤمن بالعنف، ورد الذين طلبوا منه أن يأذن لهم بالتخلص من عبد الناصر الذي ينوي بهم الشرور التي تستأصلهم. وكذلك كان ابنه المأمون الذي كان يرى التغيير الهادئ، بالنصح، والإرشاد، والموعظة الحسنة، والتربية الإسلامية السليمة، ونبذ العنف والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، والأمة الواحدة، فهو من مدرسة الاعتدال والوسطية، وقد لقي الألاقي من خصومه منتقدي سياسته التصالحية الهادئة المعتدلة.

5 – موقفه من الاستعمار :

هو موقف كل مسلم غيور على دينه، ووطنه، وأمته، لا يهادن غازياً، ولا محتلاً، ولا مستعمراً، مهما كانت الدواعي والأسباب، وقد شجب وندّد بالعدوان على إخواننا في أفغانستان والشيشان، وشجب العدوان الأمريكي على العراق، وأيّد المجاهدين الذين يقاومونه، ورأى فيهم وفي المجاهدين الآخرين في فلسطين الأمل في انتشال الأمة من الوهدات التي تردّت فيها.

وعندما زلزلت الأرض زلزالها المدمّر في مدينة (بام) في إيران، طلب من المسلمين أن يأخذوا العبرة مما حصل، فقد حصد الزلزال عشرات الآلاف من الأرواح في لحظات، وكأنه رسالة من الله العليم الخبير، إلى سائر المسلمين، ألا يستكثروا التضحيات في سبيل قضايا الأمة، لأن أضعاف أولئك الضحايا وتلكم التضحيات، قد تذهب في لمح البصر، وفي غير قضية.

مشهد مؤثر ووداع أخير:

أجرى المرشد المأمون بعض الفحوصات الطبية في مستشفى ابن سينا بحي الدقي، وعُمل له منظار بعد شعوره بمتاعب في القولون، ثم عاد إلى منزله بحي مصر الجديدة في القاهرة، وبعد ساعات قليلة، أصيب بسكتة قلبية مفاجئة انتقل بعدها إلى رحمة الله تعالى، في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة 16/11/1424هـ / الموافق 9/1/2004م عن عمر يناهز الثالثة والثمانين، أمضى منها ثلاثة عشر شهراً في منصب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وشيّع جثمانه الطاهر من مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر في القاهرة عقب صلاة الجمعة، وفى ساعات معدودة كان أكثر من 300 ألف مشيع قد تجمعوا، وتوافدوا من كل مكان برغم الكثافة الأمنية، ومنع الآلاف المؤلفة من الوصول إلى مسجد رابعة، والمشاركة في التشييع لصلاة الجنازة على الفقيد بمسجد رابعة العدوية، وخرجت الحشود في موكب مهيب يتقدمهم رموز الإخوان إلى المثوى الأخير للمرشد الراحل، والذى دفن في مسقط رأسه في عرب الصوالحة بشبين القناطر بناء على وصيته حيث دفن في مدافن العائلة إلى جانب أبيه  المستشار حسن الهضيبي - رحمهما الله رحمة واسعة.

وأُقيم للمرشد المأمون عزاء بعد صلاة المغرب يوم السبت 10/1/2004 بمسجد رابعة العدوية، حضره عدد كبير من المسؤولين السابقين والحاليين.

وبذلك طويت إحدى صفحات أحد المجاهدين في دعوة الإخوان المسلمين، والذى ظل حتى آخر لحظاته يعمل على نصرة الإسلام.

كلمة أخيرة:

لقد كان المرشد محمد المأمون الهضيبي، رحمه الله رحمة واسعة، داعية كبيراً، وقانونياً ضليعاً، ترك تراثاً قضائياً ضخماً ومتميزاً، نرجو من أبنائه المبادرة إلى جمعه وطبعه، وكان فقيهاً سياسياً، رُزق عمق الفهم، وحُسن التقدير للمواقف والظروف، والتعامل معها بحكمة وبصيرة، فقد كان راجح العقل، حسن التدبير والموازنة الشرعية في النظر إلى واقع الأحداث، ومجريات الأمور، مع الصلابة في المواقف، والتمسّك بالثوابت، وعدم التفريط فيما يمسّ العقيدة أو الأصول المحكمة.

وكان رحب الصدر، كبير العقل في الأخذ بكل ما جدّ من الوسائل لتحقيق أهداف الدعوة، وطموحات الدعاة، وخدمة العروبة والإسلام، والشعب المصري.

وكان يستخدم كفاءته العلمية، وخبرته القانونية، وممارسته العملية في الشؤون القضائية، من أجل محاربة الفساد بكل صوره وأشكاله، ومعالجة المشكلات الاجتماعية، وفق المنظور الإسلامي المستقى من هدي الكتاب والسنّة.

لقد وظف كل إمكاناته في تحقيق أهداف الدعوة، برسم خططها، ووضع برامجها، وبلورة مشاريعها.

وقد وفقه الله لجمع القلوب ورصّ الصفوف، والانطلاق بالدعوة في سائر الميادين، وكان فكره خير زاد للعاملين في حقل الدعوة.

وصدق الله العظيم إذ يقول: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 23-24].

وما نحن إلا نبت من نبات هذه الشجرة المباركة، والتي أخذت بأيدينا إلى معرفة طريق الحق، ونسأله سبحانه أن يثبتنا، ويلحقنا بشهدائنا في الفردوس الأعلى من الجنان............ آمين.

أصداء الرحيل :

مأمون الهضيبي في ذمة الله ومحمد هلال يتولى المهام

أكثر من 300 ألف أدوا صلاة الجنازة

توفي إلى رحمة الله المستشار محمد المأمون الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين مساء الخميس الموافق 8 من يناير 2004م والجنازة الجمعة من مسجد رابعة العدوية،  وسوف يُدفن بمشيئة الله بمقابر عرب الصوالحة مركز شبين القناطر – محافظة القليوبية، والعزاء يوم السبت بمسجد رابعة العدوية و? إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ?.

قوات الأمن تمنع المشاركة في الجنازة :

دون مراعاةٍ لحرمة الموت ولأخلاق وأعراف المسلمين بدأت ـ كعادتهاـ قواتُ الأمن المصرية أساليبها المرفوضة من التضييق على جموع الإخوان من الوصول إلى القاهرة للمشاركة في تشييع جنازة المستشار محمد المأمون الهضيبي المرشد العام السادس للإخوان المسلمين، والذي تُوفي منتصف ليل الخميس عن عمرٍ يناهز الثالثة والثمانين عامًا وسيتم تشييع جنازته من مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة إلى مقابر أسرته بمحافظة القليوبية.

ففي محافظات بورسعيد والإسماعيلية والشرقية تمّ منع العشرات من سيارات الإخوان من الخروج للمشاركة في تشييع الجنازة، كما تمَّ تشديد إجراءات الأمن وفرض طوق أمني شديد على مداخل القاهرة والتدقيق في هُويات القادمين إليها.

الأستاذ محمد هلال يتولى المهام:

قرر مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن يقوم الأستاذ "محمد هلال" (83 عامًا) عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان بمهام المرشد العام؛ طبقًا للائحة جماعة الإخوان المسلمين التي تنص على أن يتولى أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًا المسئوليةَ في حالة غياب أو وفاة المرشد؛ وذلك لحين الانتهاء من إجراءات انتخاب المرشد العام الجديد.

والأستاذ "محمد هلال"- محامي ومن مواليد 18 /8 /1920م، وتخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، وانضم هلال لجماعة الاخوان منذ عام 1943م، وتمَّ اعتقاله في الفترة من عام 1948م إلى 1950م، ثمّ أُعيد اعتقاله مرّةً أخرى في الفترة من 1965م إلى عام 1971م.

موكب التشييع والدفن :

وارى آلاف المشيعين قبل غروب شمس الجمعة 9/1/2004م جثمان الفقيد "الهضيبي" التراب في مقابر عائلته بـ(عرب الصوالحة) بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، وقد أكد قيادات (الإخوان) ورموزهم في كلماتهم على قبر الفقيد على أن الدعوة رغم فقدانها في الفترة الأخيرة عددًا من القيادات فإنها مازالت بخير، وولاَّدة؛ تفرز من القيادات التي ستحمل عبء الدعوة أمثال المرشدين السابقين ومن رافقهم من قيادات ورموز الجماعة على مر تاريخها منذ أن أسسها الإمام الشهيد "حسن البنا" عام 1928م.

وقد ألقى الكلمات الأستاذ "محمد هلال" القائم بأعمال المرشد، والأستاذ "أحمد سيف الإسلام حسن البنا" أمين عام نقابة المحامين بمصر، والدكتور "محمد علي بشر" عضو مكتب إرشاد الجماعة، والشيخ "السيد عسكر" نائب رئيس مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، والدكتور "جمال عبدالهادي" الأستاذ بجامعة الأزهر، والدكتور "محمد مرسي" رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب المصري، والأستاذ "علي متولي" من قيادات الإخوان، والدكتور "عصام العريان" أمين عام مساعد نقابة أطباء مصر، والأستاذ "مسعود السبحي" سكرتير المرشد الراحل، ودعا الأستاذ "خالد بدوي"- عضو مجلس نقابة المحامين- للفقيد، وأمَّن خلفه المشيعون الذين بكوا لفراق مرشدهم الفقيد.

من ناحية أخرى، سيستقبل (الإخوان) وفود المعزين في الفقيد "الهضيبي" غدًا- السبت 10/1/2004م-  بمسجد (رابعة العدوية) بضاحية مدينة نصر، شرق القاهرة.

قدس برس : جنازة مليونية مهيبة للمستشار الهضيبي :

شيَّع اليوم قرابة نصف مليون مصلٍّ جنازةَ المستشار "مأمون الهضيبي"- المرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمين)- من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بشرق القاهرة، الذي تحوَّل إلى ثكنة عسكرية بسبب حشود قوات الأمن الكبيرة، التي حضرت لتنظيم الجنازة وسط هدوءٍ تام غير عادي، رفع خلاله أنصارُ الجماعة المصاحِف، والتزموا الصمت وهم يسيرون خلف الجنازة في خشوعٍ تامٍ، باستثناءِ هتاف البعض: "لا الله إلا الله، محمد رسول الله".

تقدَّم الجنازةَ أعضاءُ مكتب الإرشاد، وحشدٌ كبيرٌ من أنصار الجماعة، الذين صلُّوا في المسجد، وأمَّ صلاة الجنازة د."خالد الهضيبي" نجل الفقيد، ثم صلَّى المصلون صلاةَ العصر قصرًا خلف الأستاذ "محمد هلال"؛ ليتوجَّهوا إلى قرية (عرب الصوالحة) بمدينة شبين القناطر، بمحافظة القليوبية شمال القاهرة؛ حيث سيتم دفن الفقيد مع والده الراحل المستشار "حسن الهضيبي"- المرشد العام الأسبق لجماعة (الإخوان المسلمين).

تحركت الجنازة بصعوبة بالغة وسط المشيعين، يتقدمها لافتات مكتوب عليها: "جنازة المستشار محمد مأمون الهضيبي"، وصوت مكبر الصوت في المسجد يعلن: "وفاة المستشار الهضيبي- مرشد جماعة (الإخوان المسلمين)"، رغم عدم اعتراف الحكومة المصرية رسميًّا بالجماعة، وسارت عدة أمتار قبل أن يُنقل الجثمان إلى سيارةٍ تبعتها عشراتُ السيارات الأخرى، منطلقةً إلى منطقة مقابر الأسرة بمحافظة القليوبية.

ورغم عدم تمكن الآلاف من أنصار الجماعة من حضور الجنازة بسبب الوفاة المفاجئة لـ"الهضيبي" فجر الجمعة، خصوصًا إخوان المحافظات المصرية المختلفة، فقد حضر الجنازة حشدٌ كبير من أنصار الجماعة ومحبيها، الذين تدفقوا على مسجد رابعة العدوية من كل حدب وصوب، على الرغم من إغلاق قوات الأمن المصرية العديدَ من الطرق الرئيسة حول المسجد.

وقد تفاوتت تقديراتُ الإعلاميين المشاركين في تغطية الجنازة حول عدد المشيعين؛ حيث قُدرت أعداد المصلين بين نصف مليون ومليون، وقد حرصت قوات الأمن على تطويق مكان الجنازة ومكان المقابر بشكل دقيق بآلاف الجنود والسيارات، وسار خلف حشود المشيعين عددٌ من فرق القوات الخاصة، الذين يلبسون الثيابَ المدنية وكبار قادة الشرطة المصرية تسبقُهم سيارات الشرطة، بَيد أنه لوحظ حرصُ الشرطة على عدم استفزاز المشيِّعين بالتواجد المكثف الظاهر.

على صعيد آخر أكد د. "عصام العريان"- أحد قياديي الجماعة- لـ(قدس برس) أن (الإخوان) ليس لديهم مشكلة في مسألة إدارة الجماعة؛ حيث إن لديهم نظامًا شاملاً يدير الجماعة، وهناك إجراءات لتنظيم الأمور، وانتخاب مرشد جديد وفق لائحة (الإخوان)، ونفى أن يكون هناك تنافسٌ بين ما تسميه بعض وسائل الإعلام "جيل الوسط" و"جيل الشيوخ" في الجماعة، بعدما تردد أن المنافسة- التي قيل إنها ثارت عقب وفاة المستشار الأسبق "مصطفى مشهور" بين جيل الشيوخ والشباب- سوف تتجدد عقب وفاة "الهضيبي"، خصوصًا أن الشخصيات التاريخية الشهيرة للجماعة توفي أغلبها.

وكان مكتب الإرشاد للجماعة قد قرر تكليف الأستاذ "محمد هلال"- أكبر الأعضاء سنًّا- للقيام بمهام المرشد العام لحين الانتهاء من إجراءات انتخاب المرشد العام الجديد.

شخصيات حضرت مجلس العزاء :

توافد الآلاف لتأدية واجب العزاء في فقيد الأمة الإسلامية المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المرشد العام للإخوان المسلمين- حيث حضر آلاف الأشخاص إلى سرادق العزاء المقام بمسجد (رابعة العدوية) بضاحية مدينة نصر بالقاهرة.

وكان من بين الشخصيات العامة- التي جاءت لتقديم واجب العزاء- الدكتور "محمد سيد طنطاوي" شيخ الأزهر الشريف، والدكتور "نصر فريد واصل" مفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور "محمد المختار المهدي" الرئيس العام للجمعية الشرعية بمصر، والشيخ "حافظ سلامة" زعيم المقاومة الشعبية بالسويس في حرب أكتوبر 1973م، والدكتور/ محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الحالي، واللواء "حسن الألفي" وزير الداخلية السابق، والمهندس "إبراهيم شكري" رئيس حزب العمل المصري، والدكتور "مصطفى الفقي" رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب، والأستاذ "حمدين صباحي" عضو مجلس الشعب، والكاتب الكبير "فهمي هويدي"، والمفكر الإسلامي الدكتور "محمد عمارة"، والمستشار الدكتور/ علي جريشة، والكاتب الصحفي الكبير "أنيس منصور" والوزير الأسبق الدكتور "عبد الأحد جمال الدين"، و"ناجي الشهابي" رئيس حزب الجيل، والفريق "سعد الدين الشاذلي" رئيس أركان حرب القوات المصرية في حرب أكتوبر، والمفكر الإسلامي "محمد سليم العوا"، والدكتور/ حمدي السيد نقيب أطباء مصر، والأستاذ/ سامح عاشور نقيب المحامين المصريين ورئيس اتحاد المحامين العرب، والدكتور "محمد عبد الجواد" وكيل نقابة الصيادلة، والكاتب الصحفي "مجدي أحمد حسين" أمين عام حزب العمل المصري، والسيد "خالد محيي الدين" رئيس حزب التجمع السابق، والدكتور/ نعمان جمعة رئيس حزب الوفد المصري ونائبه الأستاذ/ محمد علوان وعضو الهيئة العليا للوفد الدكتور/ محمود أباظة ورئيس الهيئة البرلمانية للوفد الدكتور/ منير فخري عبد النور، والدكتور/ فؤاد بدراوي نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الوفد، والمستشار/ سعيد الجمل، و"محمد فريد زكريا" عضو مجلس الشورى عن حزب الأحرار المصري، و"عبد العزيز الحسيني" منسق لجان المقاطعة المصرية، والدكتور "علي السمان" مقرر حوار الأديان بالأزهر الشريف، والسفير السوداني بالقاهرة د. "أحمد عبد الحليم"، والدكتور "عاطف البنا" عضو الهيئة العليا لحزب الوفد المصري السابق، والإعلامي الكبير/ أحمد فراج، والدكتور/ عبد المنعم سعودي رئيس اتحاد الصناعات المصرية.

كما حضر العزاء الدكتور/ همام سعيد- نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن- على رأس وفد ضمَّ في عضويته الشيخ "حمزة منصور" أمين حزب جبهة العمل الإسلامي، والمهندس "عزام التميمي" رئيس الكتلة الإسلامية بمجلس النواب "أحمد الكوفحي" عضو المجلس التنفيذي للإخوان المسلمين، و"أحمد كفاوين" النائب السابق بالبرلمان الأردني، ومن الجزائر المهندس "عبد المجيد مناصرة" نائب رئيس حركة (مجتمع السلم الجزائرية) للشئون السياسية.

بريد خاص للتعازي :

خصص موقع إخوان أون لاين الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين بريدًا اليكترونيًا خاصًا لاستقبال التعازي في وفاة فضيلة المستشار محمد المأمون الهضيبي المرشد العام لجماعة الإخوان الذي وافته المنية منتصف ليلة اليوم الجمعة.

وعنوان البريد الاليكتروني هو [email protected].

يُذكر أن جنازة الفقيد سيتمَّ تشييعها بعد صلاة الجمعة من مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة إلى مقابر أسرته بمحافظة القليوبية.

الجماعة الإسلامية تقيم مجلس عزاء:

تقيم الجماعة الاسلامية في لبنان مجلس عزاء  بالفقيد الكبير بعد عصر يوم الأحد الواقع في التاسع عشر من ذي القعدة 1424ه ، الموافق 11/1/2004 وذلك في مركزها الكائن في : بيروت [ عائشة بكار]

برقية تعزية من الداعية فتحي يكن :

أصحاب الفضيلة أعضاء مكتب الإرشاد حفظهم الله

صاحب الفضيلة الاستاذ محمد هلال رعاه الله وقواه

بوافر الرضى والقبول بقضاء الله تعالى، تلقينا نبأ وفاة فضيلة الأب المرشد العام للإخوان المسلمين المستشار مأمون الهضيبي، رحمه الله تعالى، ورضي عنه وأرضاه، وأسكنه فسيح جنانه، وهيأ للحركة خير خلف لخير سلف .

نبثـكم لواعج عزائنا الحارة، سائلين الله أن يقويكم وينصركم وينصر بكم، وإنا لله وإنا اليه راجعون .

التوقيع فتحي يكن ـ

 لبنان في 17 ذي القعدة 1424هـ /الموافق للتاسع من يناير 2004م

الإخوان في سوريا ينعون الفقيد :

بسم الله الرحمن الرحيم

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً? (الأحزاب: 23

بقلوبٍ يملؤها الحزن والأسى، مع التسليم والرضا بقضاء الله وقدره، تنعي جماعة (الإخوان المسلمين) في سورية فضيلة المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المرشد العام السادس لجماعة (الإخوان المسلمين)- الذي وافته المنية ليلة الجمعة 17 من ذي القعدة 1424هـ، الموافق 9 من كانون الثاني (يناير) 2004م، عن عمرٍ يناهز الثالثة والثمانين، قضاه مجاهدًا في سبيل الله، تحت راية الدعوة إلى الله، حاملاً مشروع نهضة الأمة، منافحًا عن قضاياها، متصدِّيًا لأعدائها.. ففقدت الأمة بوفاته عَلَمًا من أعلامها، وقائدًا من قياداتها، ورائدًا من روَّاد نهضتها.

وإن جماعة (الإخوان المسلمين) في سورية؛ إذ تتقدَّم بأحرِّ التعازي، وأصدق مشاعر المواساة إلى أسرة الفقيد الكبير، وإخوانه ومحبِّيه في مختلف بقاع الأرض، لَتَسْأل الله العليَّ القدير أن يتغمَّده بواسع رحماته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته وذويه، وإخوانه ومحبيه، الصبر وحسن العزاء، وأن يأجرنا في مصيبتنا، ويعوض أمتنا خيرًا. و?إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ?

التوقيع :

علي صدر الدين البيانوني

المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية

17 ذو الحجة 1424هـ/ 9 /1/2004

حماس تنعي الفقيد:

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً? (الأحزاب: 23

نص عزاء (إخوان) الأردن :

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً? (الأحزاب:23)

جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تحتسب عند الله تعالى علمًا من أعلام الجماعة ورائدًا من روادها، فضيلة الأخ المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين  المستشار/ محمد مأمون الهضيبي، وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد سنوات طويلة قضاها في مسيرة الدعوة إلى الله تعالى سجل خلالها مواقف بطولية رائدة في الدعوة والجهاد والثبات والتضحية والقيادة، بالرغم مما لاقاه- هو وإخوانه- من عنت وضيق وشدة في حمل هذه الدعوة المباركة، وتبليغها والجهاد في سبيلها، محتسبين ذلك عند الله، سبحانه وتعالى.

تغمَّد الله تعالى فقيدَ الدعوة الإسلامية بواسع رحمته وعظيم مغفرته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وإخوانه من أبناء الدعوة المباركة أجر الصابرين وثواب المحسنين.

والله أكبر، ولله الحمد

* تتقبل الجماعة العزاء في المركز العام للجماعة- العبدلي يوم الاثنين 12/1/2004م من الساعة الخامسة إلى الساعة التاسعة مساءً.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) : المكتب السياسي فضيلة الأستاذ المحامي/ محمد هلال- حفظه الله- القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين..

الإخوة أعضاء مكتب الإرشاد- حفظهم الله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. فبالأصالة عن نفسي، وبالنيابة عن إخواني في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومكتبها السياسي، أتقدَّم إلى فضيلتكم وإلى إخوانكم الكرام بخالص العزاء والمواساة بوفاة فضيلة الأستاذ المستشار/ محمد مأمون الهضيبي- رحمه الله.

ورغم ما أصابنا من الحزن والألم على رحيله، إلا أنَّنا لا نقول إلا ما يرضي ربنا، وحسبه أنه لقي الله تعالى ثابتًا على العهد، بعد مسيرةٍ طويلة من العطاء والاجتهاد في خدمة مصر، وخدمة الإسلام والمسلمين ومختلف قضايا الأمة.

رحم الله الفقيد الكبير رحمةً واسعةً، وأسكنه فسيحَ جناتِه، وعوَّضكم وأهله وذويه وعوَّض مصر والعرب والمسلمين عنه خيرَ العِوض..

عظَّم الله أجرَكم، وأحسن عزاءكم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته   :

 أخوكم/ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي .

السادة الكرام أعضاء مكتب إرشاد جماعة (الإخوان المسلمين)- حفظهم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمزيد من الألم تلقينا نبأ وفاة سماحة المرشد العام الشيخ/ محمد المأمون الهضيبي، الذي كان على قدر كبير من العلم والدراية والصبر والاستقامة والثبات في المواقف الشاقة، وأمام المحن القاسية.. فكان علمًا من أعلام الإسلام، الذي يلتف حوله الشباب؛ دفاعًا عن العقيدة واستعدادًا للتضحية.

نسأل الله تعالى أن يجعل مقامه في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين وأولي العزم، وحسن أولئك رفيقا.

كما نوجه تعازينا لآل الفقيد وإلى المسلمين في كل مكان..

                                        إنا لله وإنا إليه راجعون

هيئة إدارة مجلس المنظمات والجمعيات الإسلامية بالأردن :

ائتلاف الخير

سعادة الأستاذ الفاضل/ محمد هلال- حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبالغ من الأسى الممزوج بالحزن والألم.. ينعي (ائتلاف الخير) رجل الدعوة، الذي نذر نفسه لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين في العالم، وعلى رأسها قضية فلسطين والمسجد الأقصى.

الأستاذ المجاهد/ مأمون الهضيبي، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، وليس لنا إلا أن نقول إن لله ما أعطى، وإن لله ما أخذ، وكل شيء عنده بمقدار، والمصاب مصابنا جميعًا.

نسال الله أن يتقبله في عباده الصالحين، وإنا لله وإنَّا إليه راجعون[ .يوسف القرضاوي رئيس ائتلاف الخير ]

الجمهورية اليمنية [ مجلس النواب- مكتب الرئيس  ]:

بسم الله الرحمن الرحيم ?يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي? صدق الله العظيم.

فضيلة الأخ الأستاذ المحترم/ محمد هلال- القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

فقد تلقينا من الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح- بالحزن والألم- نبأَ وفاة المغفور له- بإذن الله تعالى- فضيلة الداعية المستشار/ محمد المأمون الهضيبي- المرشد العام للإخوان المسلمين- بعد حياةٍ حافلة بالعطاء والتضحية في سبيل الدعوة إلى الله، ونشر تعاليم الإسلام في بقاع المعمورة.

وإننا- ونحن في الهيئة العليا- نشاطركم، ونشاطر أسرة الفقيد وجميع أبناء الحركة الإسلامية في العالم بهذا المصاب الجلل، الذي لا مرد له من الله؛ لنتذكر دور الفقيد في العمل الدعوي، وما لاقاه من جَور السلطان، ورحلة السجن والعذاب في منتصف الستينيات، التي نسأل الله تعالى أن يثيبه عليهما خير المثوبة.

وإن رحيله- ولا شك- سوف يترك فراغًا كبيرًا في حقل الدعوة، غير أن ثقتنا في الله كبيرة، وسوف نرى بعد الانتخابات خير خلف لخير سلف.

فتقبَّلوا- فضيلة الأستاذ/ محمد هلال- تعازينا وإخوانكم في الهيئة العليا للتجمع، والله نسأل أن يتغمد الفقيد الراحل بواسع رحمته، ويسكنه فسيحَ جناته، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وتقبلوا تحياتي

أخوكم/ عبد الله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني

ورئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاحي .

الدكتور "نعمان جمعة" ينعى الفقيد :

الدكتور/ نعمان جمعة- رئيس الوفد ينعي ببالغ الحزن وعميق والأسى المرحوم المستشار/ مأمون الهضيبي- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ويدعو الله أن يتغمَّد الفقيد بواسع رحمته..

ويتقدَّم رئيس الوفد باسمه، وباسم الحِزب بخالص التعازي إلى أسرة الفقيد ومحبيه، ويدعو الله أن يلهمهم جميعًا الصبر والسلوان. الأستاذ/ نعمان جمعة رئيس حزب الوفد المصري

(النهضة) تنعي فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين :

بقلوب يملؤها الحزن، ولكنها راضية بقضاء الله وقدره، تنعي حركة (النهضة) إلى الأمة العربية والإسلامية فضيلة المرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمين) المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، الذي وافاه الأجل فجر اليوم الجمعة 17 ذو القعدة 1424هـ.

بهذه المناسبة الأليمة تتقدم حركة النهضة إلى عائلة الفقيد العزيز الكبيرة والصغيرة بأخلص عبارات التعازي، راجيةً المولى العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يغسله بالماء والثلج والبرد، وأن يحشره مع الصديقين والشهداء، وأن لا يفتن أبناءه وإخوانه بعده، وأن يخلفهم وأمة الإسلام فيه خيرًا  .

حركة (النهضة) بتونس / الشيخ راشد الغنوشي .

حمزة منصور : لمصر والإخوان فضل على العالم الإسلامي :

أكد الشيخ "حمزة منصور"- أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن- أن لمصر و(الإخوان المسلمين) الفضل في الدفاع عن العالمَين العربي والإسلامي منذ دخول الإسلام مصر.

وأضاف فضيلته- في كلمته التي ألقاها لعزاء المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، المرشد العام للإخوان المسلمين، اليوم (السبت 10/1/2004م)- أن مصر خرج منها "صلاح الدين الأيوبي" لمواجهة  الصليبيين، الذين احتلوا فلسطين، وانتصر عليهم في (حطين) ، كما خرج منها "سيف الدين قطز"؛ لمقاتلة جيوش التتار، التي اكتسحت العالم الإسلامي، واستولت على عدد كبير من البلاد الإسلامية، وعاثت في الأرض فسادًا، فانتصر عليهم "قطز" في موقعة (عين جالوت).

ومن مصر أيضًا خرجت كتائب (الإخوان المسلمين) لمقاومة العدوان الصهيوني على فلسطين عام 1948م، وسطَّروا في دفاعهم عن مقدسات المسلمين انتصارات عظيمة سجلها لهم التاريخ بأحرف من نور.

وأوضح "منصور" في نهاية كلمته أن (إخوان الأردن) فرع للجماعة الأم في مصر، ويدينون لها بالفضل؛ لفهمها الوسطي والشامل للإسلام.

العدل والإحسان تعزي بالفقيد :

علمنا في جماعة العدل والإحسان بالمغرب، ببالغ التأثر وبتسليم بقضاء الله وقدره، بنبأ وفاة الأستاذ المجاهد "محمد المأمون الهضيبي" المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المباركة، وإننا بهذه المناسبة الأليمة نعبر عن تعازينا الحارة ومواساتنا الخالصة لعائلة المشمول برحمة الله عز وجل ولإخوانه في خط الدعوة، سائلين الله له المقام الرفيع في جنات الخلد، ولذويه ومحبيه حسن الصبر وجميل العزاء.

كما نسأله تعالى أن يصبغ موفور صحته وحفظه على الإخوة الأفاضل في مكتب الإرشاد، وأن يوفق مساعيكم وجهودكم لخدمة دين الإسلام وقضايا أمته.

ونقول لكم لله ما أعطى ولله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعون.

فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان .

الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تنعي الهضيبي :

نعت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية إلى الأمة الإسلامية وفاة المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المرشد العام للإخوان المسلمين.

وقال "يوسف جاسم الحجي"- رئيس الهيئة في بيان بهذه المناسبة: "لقد تلقينا نبأ وفاة المرحوم- بإذن الله- المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المرشد العام للإخوان المسلمين، وأحد قيادات العمل الإسلامي- عن عمر يناهز 83 عامًا ببالغ الأسى والحزن.

وقال البيان، الذي تم توقيعه باسم رئيس الهيئة: "إن هذا الرجل من الذين جاهدوا في سبيل الله، وحملوا هموم الأمة الإسلامية، وأبلوا بلاء حسنًا في الدفاع عن قضاياها".

وأضاف البيان: "نسأل الله العظيم أن يتقبل الفقيد الكبير في واسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون".

يُذكر أن العديد من الهيئات والمؤسسات والشخصيات أرسلت برقيات عزاء في وفاة الفقيد "الهضيبي".

الرنتيسي ينعي الفقيد :

وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا? (النساء:69)

وإنَّني إذ أنعي قائدًا من قيادات هذه الأمَّة، وعَلَمًا من أعلامها، فإنّني أتقدم لأسرته وعائلته وحركة (الإخوان المسلمين) بخالص العزاء، سائلاً لقائدنا الفقيد واسع الرحمة والمغفرة، وأن يُسكنه الله الفردوس الأعلى، وإنا لله وإنا إليه راجعون. التوقيع [ عبدالعزيز الرنتيسي ]

محمد نزال على رأس وفد في القاهرة للتعزية :

وصل إلى القاهرة مساء اليوم الأحد 11/1/2004م وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة السيد "محمد نزال"- عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- لتقديم واجب العزاء في وفاة السيد المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المرشد العام للإخوان المسلمين.

وكان في استقبالهم بالمقر العام للإخوان المسلمين فضيلة الأستاذ "محمد هلال"- القائم بأعمال المرشد العام- والأستاذ "محمد مهدي عاكف"، والدكتور "محمود عزت"، والدكتور "محمد سيد حبيب"، والأستاذ "جمعة أمين"، والمهندس "خيرت الشاطر"، والدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح"- أعضاء مكتب الإرشاد- والدكتور "محمد مرسي" المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان بمصر، والأستاذ "مسعود السبحي" سكرتير المرشد العام الراحل، والدكتور "عصام العريان" أمين عام مساعد نقابة الأطباء المصرية.

نقل الوفدُ تعازي الشيخ "أحمد ياسين"- زعيم (حماس)- وقيادات وأعضاء الحركة في مُصابِ الأُمَّة الإسلامية؛ الفقيد المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، "الذي عاش مجاهدًا في سبيل الله، يحمل راية الحق، والدعوة إلى الله- سبحانه وتعالى- متصدرًا للدفاع عن قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي كانت همة الأول"، كما نقلوا دعوات الإخوة في فلسطين "أن يتقبله في الشهداء والصالحين، وأن يعوض الأمة والإخوان عنه خيرًا، وأن يسكنه الله الفردوس الأعلى".

تعليقات صحفية مختلفة:

 كتبت جريدة اللواء اللبنانية  بتاريخ 10/1/02004 تقول :

* الآلاف شيعوا الهضــيبي إلى مثواه الأخير

* هلال مرشداً عاماً مؤقتاً للإخوان في مصر

اختارت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أمس، وبشكل مؤقت عميد السن محمد هلال (84 عاماً) مرشداً عاماً لها غداة وفاة المرشد السابق محمد مأمون الهضيبي، وفقاً لما ذكرته مصادرها·

وولد هلال الذي درس القانون عام 1920، وهو عضو مكتب الإرشاد، أعلى سلطة في الجماعة، الا انه لم يشغل اي منصب ذا أهمية، حسب المصادر·

وسجن هلال بين عامي 1948 و 1950 إبان النظام الملكي، ومن ثم عام 1956 أثناء حكم جمال عبد الناصر قبل أن يفرج عنه الرئيس الراحل (أنور السادات) عام 1971·

وأوضح هلال على موقع الانترنت التابع للجماعة أن "اللائحة الداخلية تنص على أنه إذا لم يكن هناك نائب للمرشد العام فإن المسؤولية تؤول إلى الأكبر سناً" في إدارة الجماعة بانتظار اختيار مرشد عام من قبل "مجلس الشورى العام، والمكتب العالمي للإرشاد"·

وأضاف أنه أصبح "من الثوابت أن يكون المرشد العام من مصر؛ لأنها بلد (حسن البنا) مؤسس الجماعة عام 1928م"·

وأمس شارك ما بين (20 إلى 52) ألف شخص في مسجد رابعة العدوية في ضواحي القاهرة في تشييع جنازة الهضيبي·

وأقيمت صلاة الغائب ترحماً على الفقيد بعد صلاة الجمعة قبل أن يرفع المقربون من الهضيبي جثمانه على الأكتاف ليخرجوه من المسجد·

وسار آلاف الأشخاص في صمت وراء الجثمان رافعين القرآن الكريم·

وانتشرت تعزيزات أمنية كبيرة من شرطة مكافحة الشغب حول المسجد·

وأوضحت العائلة أن المتوفى ووري الثرى في مقابر عرب الصوالحة مركز شبين القناطر-محافظة القليوبية شمال القاهرة·

وكان مأمون الهضيبي المرشد السادس لجماعة الإخوان المسلمين في مصر توفي جراء مرض لم تحدد طبيعته·

ومع الرحيل المفاجئ للهضيبي قد يتجدد صراع خلافة ما كاد يهدأ على رأس هذه الحركة المحظورة منذ حوالى نصف القرن، وأن كانت السلطات تغض الطرف عن نشاطاتها·

ومن أبرز الطامحين إلى خلافة الهضيبي عصام عبد المنعم، وهو طبيب في الخمسين من العمر، وعضو نشط في الجماعة منذ ثلاثين عاماً ،كما صرح ضياء رشوان خبير شؤون الحركات الاسلامية·

وتنقسم الحركة إلى خطين الأول هو خط "القدامى" المتمسكين بالنموذج الاستبدادي الذي جسده حسن البنا مؤسس الجماعة سنة 8291 والثاني خط "الخمسينيين" الذين يضعون نصب أعينهم النموذج الإسلامي التركي، ويدعون إلى اتباع وسائل تنظيم ديمقراطية·

فمنذ وصول التيار الإسلامي المعتدل إلى الحكم في تركيا في نهاية 2002 والقيادات الشابة للجماعة تتابع باهتمام كبير التطورات السياسية في هذا البلد·

وتشكل جماعة الإخوان المسلمين أكبر قوة معارضة في مصر مع 61 نائباً في مجلس الشعب من أصل أعضائه الـ 454· وقد انتخب هؤلاء كمستقلين بسبب عدم شرعية حركتهم المحظورة منذ حوالى نصف قرن·

وكان الهضيبي الرجل الحازم والقوي الشخصية قد خلف في نهاية تشرين الثاني 2002 مصطفى مشهور الذي تولى رئاسة الجماعة سنة 6991·

وقد أثارت خلافة مشهور سنة 2002 صراعاً بين الأجيال داخل الجماعة حسمه الهضيبي المنتمي إلى جيل "القدامى" لصالحه متقدماً على الجيل الشاب المكون من جامعيين ومثقفين خمسينيين يتحرقون شوقاً لتولي قيادة الجماعة التي ظهر فيها أيضاً مؤخراً جيل ثالث من الكوادر الثلاثينيين الذين بدأوا بدورهم يعبرون عن طموحاتهم· (أ·ف·ب - رويترز) .

وكتبت جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 10/1/2004 تقول :

فتحت الوفاة المفاجئة للمرشد العام السادس لجماعة الاخوان المسلمين مأمون الهضيبي، الباب أمام تجدد التنافس القوي على خلافته بين الجيل القديم والجيل الخمسيني والجيل الثلاثيني، في وقت ما زالت الجماعة تجاهد للتحايل على معضلة الحظر الرسمي المفروض عليها والتغاضي الحكومي عن نشاطاتها.

وفيما اختارت الجماعة وبشكل مؤقت عميد السن محمد هلال (84 عاماً) مرشداً عاماً لها، شيّع حشد غفير جثمان الهضيبي (83 عاماً) الذي توفي في منزله أمس الأول، بعدما شعر بتوعك في معدته فيما لا تنتظر عائلته نتائج الفحوصات الطبية التي أجريت له لتحديد ما ألم به.

 وتراوحت تقديرات عدد المشاركين في التشييع ما بين 20 ألفاً، و50 ألفاً، ساروا في الجنازة وسط اجراءات أمنية مشددة، في ما وصف بأنه استعراض لقوة الجماعة المحظورة. ولم يشارك في التشييع أي ممثل عن الحكومة.

وأمَّ صلاة الجنازة محمد هلال. ونقل جثمان الهضيبي من مسجد رابعة العدوية في ضاحية مدينة نصر في القاهرة ، ثم دفن في بلدة عرب الصوالحة في محافظة القليوبية، شمالي القاهرة، مسقط رأس عائلته.

 وهو نجل حسن الهضيبي أحد مؤسسي الجماعة، وثاني مرشد لجماعة الاخوان المسلمين الذي تولى هذا المنصب من العام 1950 الى العام 1973م .

أما الشيخ محمد هلال فهو عضو في مكتب الإرشاد، أعلى سلطة في الجماعة، إلا أنه لم يشغل أي منصب ذا أهمية، حسب مصادر الجماعة.

وقال هلال على موقع الأنترنت التابع للجماعة، إن اللائحة الداخلية تنص على أنه إذا لم يكن هناك نائب للمرشد العام فإن المسؤولية تؤول إلى الأكبر سناً ?? في إدارة الجماعة بانتظار اختيار مرشد عام من قبل (( مجلس الشورى العام والمكتب العالمي للإرشاد )).

وأشار إلى أنه سيتولى منصبه المؤقت لشهرين.

وكان معروفاً عن الهضيبي أنه يقاوم محاولات أعضاء الجماعة الشبان من أجل تبني الدخول في مواجهة سياسية أشد مع الحكومة، علماً بأن الجيل الثلاثيني تتنامى قوته داخل الجماعة، وهو ما قد يطرح تساؤلات عن الخط الذي ستنتهجه الجماعة تحت ولاية المرشد العام السابع.

ومن أبرز الطامحين إلى خلافة الهضيبي عصام عبد المنعم، وهو طبيب في الخمسين من العمر، وعضو نشط في الجماعة منذ ثلاثين عاماً كما صرح خبير شؤون الحركات الإسلامية ضياء رشوان.

وتنقسم الحركة إلى خطين :

-الأول هو خط القدامى المتمسكين بالنموذج الاستبدادي الذي جسده مؤسس الجماعة حسن البنا

- والثاني خط الخمسينيين الذين يضعون نصب أعينهم النموذج الإسلامي التركي، ويدعون إلى اتباع وسائل تنظيم ديموقراطية.

وكان الهضيبي، الرجل الحازم والقوي الشخصية، قد خلف في نهاية تشرين الثاني 2002 مصطفى مشهور الذي تولى زعامة الجماعة العام 1996. وقد أثارت خلافة مشهور صراعاً بين الأجيال داخل الجماعة حسمه الهضيبي المنتمي إلى جيل القدامى لصالحه متقدماً على الجيل الشاب المكون من جامعيين ومثقفين خمسينيين يتحرقون شوقاً لتولي قيادة الجماعة التي ظهر فيها أيضاً مؤخراً جيل ثالث من الكوادر الثلاثينيين الذين بدأوا بدورهم يعبرون عن طموحاتهم.

وقال رشوان : (( هذه المرة قد يتولى زعامة الجماعة مرشد من جيل الوسط>>، اي جيل الخمسينيين، الذين أصبحوا يشكلون الأغلبية في الجماعة. وكان الهضيبي واحداً من آخر جيل ((الرواد)) القلة الذين أصبحوا الآن في الثمانين في المتوسط. واعتبر رشوان أن اختيار عصام عبد المنعم سيشكل تحولاً في تاريخ الجماعة.

وبموجب قوانين الجماعة يتم اختيار ((المرشد العام)) من قبل مجلس الشورى الذي يضم نحو 80 عضواً. إلا أنه قد يصعب عقد اجتماع رسمي لهذه الهيئة العليا مع خوف مسؤولي الحركة من إقدام السلطات على شن حملة اعتقالات جماعية لأعضائها.

وإذا لم يتسن عقد مجلس الشورى خلال الستين يوماً التالية لشغور المنصب، يعود الاختيار إلى مكتب الإدارة الذي يضم حالياً 13 عضواً، والمكلف تحديد الخط السياسي للجماعة.

 ويشير رشوان إلى أن سبعة من أعضاء هذا المكتب من ((الجيل القديم)). (ا ف ب، رويترز، اب ، د ب أ)

وكتبت صحيفة النهار اللبنانية تقول:

الرحيل المفاجىء لمأمون الهضيبي يفتح الجدل حول تحديث "الإخوان" :

القاهرة - من جمال فهمي:

شيَّع أمس آلاف من أعضاء جماعة "الاخوان المسلمين" المصرية المحظورة جثمان مرشدهم العام السادس المستشار مأمون الهضيبي الذي توفي مساء الخميس عن عمر يناهز 83 سنة، بعدما أمضى في موقع الإرشاد 13 شهرا فقط، إذ أعلن في تشرين الثاني 2002 تنصيبه خلفا للمرشد السابق مصطفى مشهور.

وقالت مصادر في الجماعة إن الرحيل المفاجئ للهضيبي، إثر أزمة قلبية دهمته، يفتح الباب مجددا أمام احتمالات تفجر صراع على القيادة داخل الجماعة التي أسسها المرشد الأول حسن البنا في العشرينات من القرن الماضي، خصوصا أن المرشد الراحل قاوم بشدة تعيين نائب له مما دفع مكتب الارشاد بصفته الهيئة القيادية العليا في البنى التنظيمية لـ"الإخوان المسلمين" الى الدعوة أمس إلى اجتماع عاجل انتهى قبيل موعد بدء مراسم جنازة الهضيبي التي جرت عقب صلاة الجمعة وسط إجراءات أمنية مشددة في أحد المساجد شرق العاصمة المصرية.

ولجأ أعضاء مكتب الإرشاد، كما يبدو، إلى قاعدة اختيار العضو الأكبر سناً في المكتب لملء الفراغ القيادي، وكلفوا المحامي محمد هلال (84 سنة) الاضطلاع بمهمات المرشد العام موقتاً، إلى حين اختيار مرشد جديد في غضون شهرين كما ينص النظام الأساسي للجماعة.

 وبدأ هلال مزاولة مهماته باحتلال موقع الإمامة في صلاة الجنازة التي أجريت ظهراً على روح الهضيبي قبل أن ينقل جثمانه ليوارى في بلدته عرب الصوالحة في محافظة القليوبية شمال القاهرة.

بيد أن الإعلان السريع لملء الفراغ القيادي في الجماعة من طريق تعيين هلال مرشداً موقتاً، وإن يكن في نظر المتابعين لشؤون "الإخوان" قد حافظ على صورة "الجماعة" ككيان سياسي مستقرّ تنظيمياً، يفتح الباب على مصراعيه أمام الجدل الصاخب نفسه الذي ثار في خريف 2002 عقب رحيل المرشد مصطفى مشهور حول شعارات التحديث والعصرنة في فكر "الإخوان" وبرامجها والتي يرفع لواءها ما يسمى الجيل القيادي الوسيط في الجماعة، في مواجهة النهج التقليدي المتشدد للحرس القديم وكبار السن.

وكان هذا الجدل بدأ قبيل إعلان اختيار المستشار الهضيبي المحسوب على الحرس القديم مرشداً عاماً.

 وسرت آنذاك تكهنات وشائعات قوية عن وجود صراع على القيادة داخل صفوف الجماعة، إذ كثرت الأقاويل عن تقديم جيل الوسط أبرز رموزه عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مرشحاً لمنصب المرشد العام، ثم التفاوض مع أعضاء مدرسة الحرس القديم الذين يتمتعون بالغالبية العددية داخل مكتب الإرشاد من أجل منح أبو الفتوح منصب نائب المرشد، والناطق الرسمي باسم الجماعة، لكن الصراع انتهى بتسمية الهضيبي مرشداً من دون تعيين أي نائب له.

وتقول مصادر في الجماعة : إن توازنات القوى في التركيبة القيادية لـ"الإخوان" لم تتغير خلال السنة الذي تولى فيه المستشار مأمون الهضيبي موقع الإرشاد، إذ بقيت الغالبية في قمة الهرم التنظيمي للمحسوبين على فكر الحرس القديم الذين يسمون رجال "الجهاز الخاص" أو الجهاز السري في الجماعة الذي استحدثه في الاربعينات من القرن الماضي المفكر والمنظر الأكبر لتيار التشدد سيد قطب.

وتشير المصادر في هذا السياق إلى أن الغالبية التي يتمتع بها التيار التقليدي المتشدد في قيادة "الإخوان" لا تبدو واضحة إذا ما نظر إلى تركيبة أعضاء مكتب الإرشاد من منظور أعمارهم، إذ تقل أعمار نصفهم تقريباً عن 55 سنة.

ومع ذلك فإن ثلثي أعضاء المكتب ينتمون فكرياً وتنظيمياً إلى المدرسة القديمة.

من هو مأمون الهضيبي ؟

ولد محمد مأمون الهضيبي ابن المرشد سابقاً حسن الهضيبي في إحدى قرى محافظة سوهاج في صعيد مصر، غير أن أسرة الهضيبي عاشت في قرية الصوالحة التابعة لمدينة شبين القناطر في محافظة القليوبية، وتنقلت في أماكن عدة في مصر إذ كان والده قاضياً في وزارة العدل المصرية قبل أن يصير المرشد الثاني للجماعة من 1950 حتى وفاته في تشرين الثاني 1973.

التحق الهضيبي الابن بمراحل التعليم العام في مصر حتى تخرج من كلية الحقوق في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حالياً)، وكان ترتيبه العاشر بين طلاب دفعته، وصدر القرار بتعيينه وكيلاً للنيابة، وتدرج في السلم الوظيفي حتى صار رئيساً لمحكمة النقض على رغم اعتقاله فترات عدة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

غادر مصر عام 9811 قبيل موجة الاعتقالات التي أمر بها الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وتوجه إلى المملكة السعودية ومنها إلى ألمانيا حيث مكث فترة ساهم خلالها في نشاط التنظيم الدولي لـ"الإخوان"، وعاد إلى مصر قبل وفاة المرشد العام السابق عمر التلمساني.

كلمات قيادية في الهضيبي :

كلمة الأستاذ أبو الحمد ربيع : عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين:

(( وهكذا تمضي الحياة بالناس.. فلا خلود لأحد.. ولا بقاء لمخلوق، فالكل راحل، إلا أن هناك موتى أحياءً وأحياءً موتى، كما عبر عن ذلك شاعر عربي قائلاً:

ليس من مات فاستراح بميت   إنما الميت ميت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبًا      كاسفًا باله قليل الرجاء

ومن النوع الأول أستاذنا ومرشدنا المستشار/ محمد المأمون الهضيبي، فهو وإن غيبه الثرى، وطويت صفحة في الدنيا، فهو حي باقٍ في نفوس الكثيرين، ممن عاشروه، وشاركوه مسيرة الدعوة المباركة.. إذ رأوا فيه سمت القاضي، وخُلق الداعية، وبعد نظره، في شجاعته تدفعه إلى قبول الرأي الآخر، وإن كان مخالفًا لرأيه التزامًا بمبدأ الشورى؛ ليضرب المثل في القدوة، في ثباتٍ على الحق لا يتزلزل، وصبر على مسيرة الدعوة، رغم وعورة الطريق، وصعوبة المسالك.

إذ كان يذكِّر إخوانه دائمًا بأن طريق الدعوة هذا ليس مفروشًا بالورود والرياحين، ولكنه طريق مفروش بالأشواك.

رحم الله أستاذنا ومرشدنا، وتقبل الله مرشدينا السابقين، الذين كانوا معالم للهدى، ونسأل الله أن يحشرهم جميعًا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

كلمة الأستاذ لاشين أبو شنب : من رموز إخوان الغربية :

((جرى قضاء الله على فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين المستشار/ محمد المأمون الهضيبي، بعد حياةٍ حافلة بصور الجهاد في ميادين كثيرة، منها السياسية والاجتماعية والدينية والقانونية. وكان جهاده منصبًّا على دعائم ثابتة، أساسها كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- والسابقين الأولين من خلفاء النبيِّ- رضوان الله عليهم.

وظل ينافحُ، ويكافحُ في بيان ما يجب على كل مسلم إزاءَ دينه ووطنه، ولقي في سبيل ذلك ألوانًا شتَّى من العنَت والادعاءات، لكنه ظل كالطود الراسخ، لا يخشى في الحق لومة لائم في تواضع جمٍّ، بإخلاص متين ومثالية في الخُلُق تجعله قريبًا من كل نفس، مقبولاً من كل إنسان.. وقد تعاملنا معه قبل أن يكون نائبًا للمرشد العام يوم أن كان مستشارًا لوزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية، ثم تعاملنا معه نائبًا للمرشد العام في حياة الأستاذ/ محمد حامد أبو النصر، وفي حياة الأستاذ/ مصطفى مشهور- رحمهما الله.

تغيرت ملامح الصورة في أي فترة من الفترات؛ مما كان عليه وما عرف عنه، وكانت غيرته على الحق، وشدته في الأخذ بأقوم المثل من الأمور التي قد يصفها البعض- بناءً عليها- بأنه من المتشددين، لكن خبرتنا به أنه كان رفيقًا، ودودًا، عطوفًا، محبًا لإخوانه، رجاعًا إلى الحق حين تبين له الوجه الصحيح فيه، وكانت خبرته مهمة لكثير منا، وقد بدت هذه الخبرة ولمسناها عن قرب، حين عملنا معه مرشدًا عامًا للإخوان المسلمين.

وكان ذا رأي صائب في أغلب الأحيان في القضايا التي تنشأ نتيجةً للصراعات الداخلية أو الخارجية في المجتمع، كما كان صاحبَ نظرة واعية فاحصة في المشكلات السياسية، سواء ما اتصل منها بأوضاعنا الداخلية أو الخارجية، وكم كانت له بصماتٌ غائرة في أوجه الإصلاح المنشودة، حتى ولو بدت على عكس ما يظن الناس في شئون الحكم والسلطان، وكانت شدته في الحق تدفعه دائمًا إلى أن يجاهر برأيه ويسهم بتوجيهاته حتى لأقرب المقربين منه، على أن ذلك كان يقوي المودة، وإذا كانت دعوة الإخوان المسلمين قد تعرضت لقضاء الله فيه فإنها- والحمد لله- دعوة والدعوة لا تُعدم الرجال ولا تهزمها الأحداث، وقد أثبت التاريخ أن ما تعرضت وتتعرض له من نكبات لن يزيدها إلا إيمانًا بالحق واستعلاءً بالإيمان، وبذلاً وتضحيةً في سبيل الله، وإصرارًا على مواصلة الطريق مهما كانت تكاليف العمل ومشقات الصراع.

فإذا كنا قد فقدنا اليوم مرشدنا الراحل "محمد المأمون الهضيبي" فإنه ذهب لينضمَّ إلى الخالدين من مرشدينا "حسن البنا" و"حسن الهضيبي" و"عمر التلمساني" و"محمد حامد أبو النصر" و"مصطفى مشهور" الكوكبة المضيئة من الراحلين، الذين أفنوا عمرهم في دعوة الحق والقوة والحرية، حتى كانت ثمرتها اليانعة في جميع أنحاء العالم تحيي الأمل، وتوقظ الهمم، وتقرب من الغاية؛ حتى يتم نور الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم.)) . كلمة الدكتور/ عبد الحميد الغزالي : أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة القاهرة :

(( فلقد رحل عنا فجأةً أستاذنا ومرشدنا فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ/ محمد المأمون الهضيبي، فكان صدمةً شديدةً، وخطبًا جللاً، ولكننا- رغم دمع العين وحزن القلب- لا نملك إلا أن نقول إلا ما يُرضي ربنا سبحانه: ?إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ?.

وعزاؤنا أن راحلنا الحبيب قد أدى الأمانة على أكمل وخير ما يكون بالالتزام الصادق والإيمان الخالص، والعزيمة التي لا تلين، وعلى مدى عمره لم يتغير، ولم يتبدل، طريقه واضح، وخطه مستقيم، من النَّبع الصافي- كتاب ربنا وسنة رسولنا- في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة بمسئولية إسلامية، وقوام فطري، وحنفية سمحاء، ولا نزكِّيه على الله تعالى، ونسأله- سبحانه- أن يتغمَّده بواسع رحمته.. ويحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

وإننا- أبناء الصف الإخواني- لنؤكد أننا على الدرب سائرون، ووفق فقه دعوتنا ملتزمون، داعين المولى- عز وجل- أن يحفظ دعوتَنا، ويباركَ في قادتِنا..

وإذ نتذكر إخوتنا الأحبة الذين رحلوا عنا بصالح الدعاء لَنستصحب قول الحق تبارك وتعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ? صدق الله العظيم.

كلمة الدكتور/ سناء أبو زيد : من رموز الإخوان المسلمين :

تجمعت لي مواقف للأستاذ الهضيبي- رحمه الله - حكايةً عمن لا أتهمهم في خلقٍ ولا دين:

1- لقطة عبادية: تجمعت لي مواقف للإمام "الهضيبي"- رحمه الله- من حكاية من لا أتهمهم في خلُق ولا دين..

في لقاء حاشد ممتد، وفي يوم حار، والأستاذ "الهضيبي"- رحمه الله- هو الذي يرأَس الاجتماع، ويدير المناقشة، فلما كان المغرب قطع اللقاء للصلاة.. فغذا بأحد الحضور يلاحظه في ركن حجرة أخرى يتناول بعض الطعام على عجل؛ حتى يخرج للمشاركة في صلاة الجماعة، من غير أن يكشف سره هذا أحدٌ من خلق الله، ولم يكن أحد سواه-تقريبًا- صائمًا في ذلك اليوم، فهذه عبادةُ السر، وبها يستمدُّ العبد عونَ الله تعالى، وتوفيقَه.

2- لقطة اجتماعية: بعدما تزوج ابن الأستاذ "الهضيبي"- وهو يقيم معه- قال قريب زوجة الابن ووليها للأستاذ- رحمه الله- ستكون فلانة في خدمة زوجكم الكريمة، شفاها الله.. فإذا به يفاجئُه بقوله: أنا أولى بها..

فانظروا كيف يكون رجل بهذه المسئوليات الجسام والهموم الكبيرة مشمِّرًا إذا رجع إلى بيته في خدمة أهله، وما هذا إلا حال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا عجب أن يترسم الأستاذ- رحمه الله- خطاه، وهو الذي طالما هتفَ في حياته (الله غايتنا، والرسول قدوتنا).

3- لقطة تفكُّرية: كان يجلس- رحمه الله- ذات مرة على شاطئ البحر، فاقترب منه أحد الإخوان وطلب منه خاطرةً جالت في نفسه من المنظر، فقال : استحضرت قول الله تعالى: ?قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا? (الكهف:109)، وقوله: ?وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? (لقمان:27).

واستطرد: فانظر إلى هذا التمثيل البلاغي، فمَن مِن البشر يخطُر على بالِه مثلَ هذا، ولا شكَّ أن مظاهر الإعجاز القرآني تتنوع، ولكن من أعجبها مثل هذه المواضع التي لا يتصور أحد أن يصل إليها خيالُ بشر أو إدراكه..

وهذا يؤكد مع سائر صور الإعجاز أنَّه كلامه- عز وجل- الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..

رحمه الله رحمةً واسعةً، وتقبل جهاده، وأعلى درجته..

ورحل المستشار المأمون الهضيبي : بقلم الدكتور عصام العريان :

في حشد مهيب، لا يقل عن ربع مليون مواطن، تمَّ وداعُ مرشد (الإخوان المسلمين) السادس المرحوم المستشار/ محمد المأمون الهضيبي، حيث تمت مراسم صلاة الجنازة في مسجد رابعة العدوية بحي (مدينة نصر)، عقب صلاة الجمعة 9/1/2004م، ثم سار الموكب الكبير أكثر من ستين كيلو مترًا؛ لدفن الجثمان بجوار المرشد الثاني المستشار/ حسن الهضيبي- والد المرحوم- في مدافن الأسرة بقرية (عرب الصوالحة) بشبين القناطر بالقليوبية.

وعند صلاة المغرب كان الإخوان يقدمون العزاء لأسرة الفقيد، ولأهالي بلدته، ثم يعودون إلى مدنهم وقراهم في كل ربوع مصر؛ ليستعدوا لاستقبال العزاء يوم السبت 10/1/2004م، والذي شارك فيه كل رجالات مصر والعالم العربي والإسلامي، رغم أن الوفاةَ كانت مفاجئةً للجميع.

رأيت الأستاذ للمرَّة الأخيرة- قبل وفاته بيومين- في المكتب كالمعتاد، وكان يشتكِي من تزايد آلام في المعِدة والقَولون، وتم ترتيب إجراء فحوصات بالمنظار؛ لمعرفة أسباب الآلام التي لم تقعده عن ممارسة نشاطه، والدوام اليومي مع إخوانه، وتحدثت تليفونيًا قبيل وفاته بسُويعات قليلة- حوالي 3 ساعات- فرد عليَّ حفيدُه "محمد خالد"، قائلاً إنه في المستشفى.. وتعجبت؛ لأن الموعد لم يحِن كالمقرر، ولكنه تعجل إجراء الفحص، وقال لي- الحفيد- إنه سيبلغه بالاتصال والسلام، وفعلاً أخبرني قبيل صلاة الجنازة أنه أخبره بالاتصال؛ مما يدل على أنه كان في حالٍ جيدة عندما عاد من المستشفى إلى البيت؛ ليودع أهله قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلى دار البقاء.

وبعد منتصف الليل (ليل الجمعة المباركة) كان الإبلاغ بالمفاجأة المذهلة.. لقد رحل المستشار/ الهضيبي، لقد فارق الحياة.. سبحان من له الدوام..!!

وحاولت أن ألملِم نفسي، وأسترجع ذكرياتي مع المستشار الراحل، الذي عرفته لأول مرة حال عودته من السعودية، بطلب من الأستاذ المرحوم/ عمر التلمساني- المرشد الثالث- الذي تربينا على يديه، وحين طالبت الأستاذ/ عمر- رحمه الله- أن نستفيد بوجده في لقاءات خاصة فلم يأذن لي قائلاً: لا تستعجل إن له مهمةً خاصةً، وطالت الذكريات بعد أن تتلمذت على يديه في البرلمان، وبعد ذلك بكثير.

وطاردتني الذكريات، ومعها التليفونات التي لم تنقطع، وحاولت النومَ وأنَّي يأتي نوم وأنا أعلم أن أمامنا يومًا طويلاً؛ للتجهيز للدفن، والاستعداد للجنازة، ثم الجنازة وما بعدها.. وطار النوم من عيني، تطاردني فيها صورة الوجه الصبوح للراحل الكريم، مع كل الدعاء له أن يغفر له الله، وأن يتقبَّل جهادَه وعملَه وأن يعوِّضنا عنه خيرًا.

كان الجميع في حال ذهول من المفاجأة التي لم تستوعبها أجهزةُ الإعلام، فكان أول حديث إلى إذاعة لندن من لندن مع "أكرم شعبان"، ثم توالت مع الجزيرة والعربية وغيرها.

وأصبح الحديث في كل الإعلام عن الإخوان ومستقبل الإخوان، وكأن الإخوان المسلمين يفرضون أنفسَهم كحدث وحديث على الجميع، حال النشاط والحركة، وحال الموت والوفاة، وكأن موت أحد قادتهم حدث في حد ذاته له ما بعده، دون غيرهم من الحركات..

لا تنتهي به الجماعة ولا الحركة، بل تبدأ به مرحلةً جديدةً يستعدُّ لها الجميع فهي جماعةٌ ولودٌ، وكأن استشهاد أحد أبنائهم يفرض نفسه دون غيره؛ لأنها الجماعة المعتدلة الوسط، التي تستحق من النظام معاملةً تختلف عن بقية الحركات.

ولذلك عندما استأذنت الأستاذ/ محمد هلال- القائم بأعمال المرشد، الذي تولى ذلك صبيحة يوم الوفاة- للمشاركة في برنامج (حديث الساعة) من الاستديو، حول مستقبل (الإخوان المسلمين)- بعد اتصال أ. "حسن أبو العلا" وإلحاحه في طلب الحضور شخصيًّا لأهمية حضوري- لم يتلجلج فضيلته، بل أمرني بالذهاب عقب صلاة الجنازة، وإذا استطعت عقب البرنامج العودة إلى المدافن فبِها ونعمت، وإلا فإنَّني في حلٍّ، وقد كان..

واستمع (الإخوان)- أثناء سيرهم خلف الجثمان إلى المقبرة، من الإذاعة في سياراتهم- إلى ساعة كاملة حول (الإخوان)، وشارك د. "محمد مرسي" من تليفونه في الحوار، وانقضت الساعة، وقال أ/ حسن: إنها لا تكفي، وإننا في حاجة إلى حلقات أخرى؛ كي توفي الإخوان حقَّهم.

وهكذا فرض الاخوان أنفسهم- رغم الحظر القانوني- على الإعلام، وعلى النظام، ولكنهم أدركوا مدى حب الناس لهم، ومدى ما يحيطونهم من تقدير وتكريم يظهر دائمًا حال الوفيات؛ لأن عشرات الآلاف التي تودع الراحلين- وبيننا وبينهم الجنائز- ليسوا جميعًا منتظمين في الصف الإخواني، بل كثير منهم من محبِّي الإخوان وأنصارهم، ولولا الحشود الأمنية والحواجز البوليسية لارتفع عدد المشاركين إلى أضعاف الأضعاف، ووصل إلى الملايين، ولضاقت بهم الساحات والميادين.

ورغم أن الأمن وعد بتذليل العقبات وعدم وضع عراقيل في وجه المشيعين- حيث تمت الاستجابة إلى رغبتهم في مكان الصلاة وفي خط سير الجنازة، الذي طال 30 كم أكثر من المعتاد- إلا أنه تم إبلاغي بوجود عدد من الكمائن عرقلت وصولَ الكثيرين خاصةً في الساعة الأخيرة قبل صلاة الجمعة.. وكان الحشد هائلاً، ولم يستطع أحد تقدير الأعداد؛ لأنه لم يحط بكل الموجودين، ولكنه وكما أخبرني الثقات لا يقلُّ بحال من الأحوال عن العدد الذي شيع المرشد الخامس المرحوم الأستاذ/ مصطفى مشهور، والذي قدره الرئيس "مبارك" بثمانين ألفًا، ووصلت تقديرات الإخوان إلى 300 ألف.

وأخبرتني مراسلةُ (الأسيوشيتد برس) أنه لا يقلُّ بحال عن50 ألفًا، وكل المراسلين لم يضع رقمًا للأعداد؛ خشية الخطأ أو اللوم، ويحاول البعض التقليل من العدد؛ نظرًا لمفاجأة الوفاة ولسرعة الدفن بعد ساعات؛ مما يعد عائقًا عن الإبلاغ، إلا أنني رأيت في الجنازة إخوانًا من كل المحافظات باستثناء الصعيد ومن كل الأعمار، حيث شارك شباب تحت الخامسة عشرة بجوار شباب في الثمانين.

وهنا يجدر الإشارة إلى أن البعض يعبر عن ذلك بالموت السياسي، بمعنى أن الناس يحتشدون للتعبير عن اتجاههم السياسي، حيث يُمنعون من ذلك عبر الطرق الطبيعية من انتخابات أو تشكيل أحزاب أو تنظيم مظاهرات.

لن أستطيع في هذه الكلمات- التي أكتبها وسط زحام الأحداث وكثرة المهمات- أن ألقي الضوء على الراحل الكريم، وأثره الكبير في الدعوة والجماعة، حيث تولى فيها مهام المتحدث الرسمي، ثم رئيس الكتلة البرلمانية، ثم نائب المرشد؛ حتى أصبح المرشد العام منذ أربعة عشر شهرًا، وما أضافه إلى الإخوان قبل ذلك من مشاركةٍ في التصدي لفكر التكفير والغلو والديمقراطية وحقوق المرأة والمشاركة السياسية، ولنا عودة إلى ذلك بالتفصيل، كما أنني أؤجل الحديث حول المستقبل بعد رحيل المرشد السادس، وبه كثير من الأسئلة والنقاش، وما يثيره البعض حول صراع الأجيال، والانتقال إلى المؤسسية والعلاقة مع النظام.. إلخ.

رحم الله الفقيد الكبير.. وأجزل له الثواب... وأسكنه فسيح الجنات.. وعوضنا عنه خيرًا.. آمين، وإلى لقاء قريب.

وقائع الحفل التأبيني الذي أقامته الجماعة الإسلامية في لبنان

أقامت الجماعة الإسلامية في لبنان حفلاً تأبينياً بمناسبة وفاة المستشار مأمون الهضيبي. تكلم على التوالي كل من :

 * أسامة حمدان عن حماس * الداعية فتحي يكن * الشيخ عن حزب الله * الشيخ فيصل مولوي .

* أكد المستشار "فيصل مولوي"- أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان (الإخوان المسلمون)- عدم وجود أي خلافات بين شباب وشيوخ جماعة (الإخوان المسلمين) على خلافة المرشد العام للجماعة، معتبرًا أن حركة (الإخوان) ليس في قاموسها شباب أو شيوخ، وأن هدف المنتمين للجماعة هو الدعوة، وليس التنافس على مغانم أو مناصب.

وقال "مولوي"- في كلمة ألقاها خلال حفلٍ تأبينيٍّ أقامته الجماعة الإسلامية لتأبين المستشار "الهضيبي" أمس الأحد 11/1/2004م-: "الذين يدَّعون هذا (الخلاف) لا يعرفون حقيقة الإسلام، ولا يعرفون حقيقة حركة (الإخوان المسلمين)؛ فـ(الإخوان) أناس التقَوا على الله، وليس في الدرب مغانم أو مناصب؛ ليزيح بعضهم بعضًا".

وشدَّد على أن حركة (الإخوان المسلمين) ليس في قاموسها شباب وشيوخ، وأن "كلَّ منتمٍ إليها يعمل في خدمة هذه الدعوة"، كما رأى "مولوي" أنه "رغم كل التضييق الذي يعانيه (الإخوان) في مصر، وعدم إعطائهم التشريع القانوني لحركتهم، فإنهم يُصنَّفون- بشهادة الصديق والعدو- بأنهم الحركة الأولى بمصر".

*من ناحيته أكد الأستاذ "أسامة حمدان"- رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان- قوة علاقة "الهضيبي" بفلسطين؛ "حيث عُيِّن قاضيًا في قطاع غزة بعد احتلاله عام 48، فعمِل على تنظيم صفوف المجاهدين، فكان المحرِّكَ الأول لعمليات المقاومة، ووقع في الأسر، ثم تمت مبادلته بين الأسرى المصريِّين والصهاينة".

* وفى كلمته أكد د. "فتحي يكن"- أمين عام الجماعة الإسلامية اللبنانية سابقًا- أن استشهاد أو موت قادة (الإخوان) يزيد من رسوخ الحركة وامتدادها في الأرض، مُطَمْئِنًا بأنه لا خوف على المسيرة بعد "الهضيبي"؛ لأن الحركة مستمرة هادرة.

وفي كلمته أكد الشيخ "نعيم قاسم"- الأمين العام المساعد لـ(حزب الله اللبناني): "إن انطلاق حركة (الإخوان المسلمين) أسست للعمل الإسلامي في كثير من الأقطار في العالم".

وأضاف: "نحن مستهدَفون جميعًا؛ ولذلك نحن بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى، وأن نقف أمام وحدة القرآن والنبي-صلى الله عليه وسلم- والمسار والمصير؛ لأننا في خندق واحد، ونجتمع على قضية واحدة هي فلسطين".

حفل التأبين في الصحف اللبنانية :

قالت اللواء في 12/1/2004

أقامت الجماعة الإسلامية في لبنان حفل تأبين بوفاة المرشد العام للإخوان المسلمين المستشار مأمون الهضيبي في مركز الجماعة في بيروت حضره الرئيس الدكتور سليم الحص، الأمين العام للجماعة الاسلامية المستشار الشيخ فيصل مولوي، ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، النائب محمد برجاوي والنواب السابقون تمام سلام، بهاء الدين عيتاني، أسعد هرموش، زهير العبيدي، فتحي يكن، رئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس، مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو، وشخصيات علمائية وحزبية واجتماعية لبنانية وفلسطينية·

وألقى حمدان كلمة "حماس" فأكد على علاقة الهضيبي بفلسطين حيث عين قاضياً في قطاع غزة بعد احتلاله عام 48، فعمل على تنظيم صفوف المجاهدين، فكان المحرك الأول لعمليات المقاومة ووقع في الأسر، ثم تمت مبادلته بين الأسرى المصريين والصهاينة·

ثم تحدث (يكن) فاعتبر أن استشهاد أو موت قادة الإخوان يزيد من رسوخ الحركة وامتدادها في الأرض، مطمئناً بأن لا خوف على المسيرة بعد الهضيبي لأن الحركة مستمرة هادرة·

بعد ذلك تحدث الشيخ قاسم، فأكد "إن انطلاق حركة الإخوان المسلمين أسست للعمل الإسلامي في كثير من الأقطار في العالم"·

وأضاف: "نحن مستهدفون جميعاً، ولذلك نحن بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى وأن نقف أمام وحدة القرآن والنبي والمسار والمصير، لأننا في خندق واحد، ونجتمع على قضية واحدة هي فلسطين"·

وأخيراً تحدث أمين عام الجماعة الشيخ مولوي عن دور الراحل وفكره، ثم تطرق إلى منع الحجاب في فرنسا، فقال: "لا تظنوا أن العلمانية الفرنسية تتأثر بحجاب فتاة مسلمة وتضطر إلى تشريع قانون لمنعه، السبب أعمق بكثير، حيث إن العلمانية الفرنسية اليوم أمام محك خطير، فقد فوجئت هذه العلمانية أن شريحة كبيرة من المثقفين الفرنسيين تتأثر بالإسلام وتدخل في الإسلام، ووجدت الإسلام ينتشر بين أوساط المثقفين بأسلوب لا يتصادم مع المجتمع الفرنسي، حيث يغزو الإسلام المجتمع الفرنسي بالقناعة·

وفي هذا الإطار أبرق الأمين العام للمؤتمر القومي العربي معن بشور إلى المرشد العام للإخوان المسلمين محمد هلال معزياً بالهضيبي·

وكتبت جريدة السفير 12/1/2004 تقول :

أقامت ((الجماعة الإسلامية)) في لبنان أمس، حفل تأبين للمرشد العام للإخوان المسلمين المستشار مأمون الهضيبي، حضره، إضافة الى قيادة الجماعة، الرئيس سليم الحص، الأمين العام للجماعة المستشار الشيخ فيصل مولوي، نائب أمين عام ((حزب الله)) الشيخ نعيم قاسم، ممثل حركة ((حماس)) في لبنان أسامة حمدان.  وألقى ممثل حركة حماس (أسامة حمدان )كلمة، فقال: المرشد العام الراحل له علاقة خاصة بفلسطين، بحكم علاقة الإخوان المسلمين بفلسطين، حيث عيّن قاضيا في قطاع غزة، لكنه اشتغل بتنظيم صفوف المجاهدين في القطاع، فكان المحرك الأول والأساس لعمليات مقاومة الاحتلال.  ثم تحدث فتحي يكن، فقال: إن حركة الإخوان المسلمين هي من الأصالة بمكان، حيث أن استشهاد أو موت قادتها لا يزيدها إلا رسوخاً وامتداداً في الأرض. وانتقد الاجراءات والتضييقات تجاه مشيعي الهضيبي في مصر، وقال انه تم منع مئات سيارات ((الإخوان)) من المشاركة، وفرضت السلطات المصرية طوقاً أمنياً على مداخل مدينة القاهرة. وبالرغم من ذلك شارك قرابة نصف مليون شخص في التشييع. وأكد ان لا خوف على المسيرة بعد وفاة الهضيبي.  ثم تحدث الشيخ نعيم قاسم، فقال: نعتبر أن الحركة الإسلامية التي انطلق من خلالها ((الاخوان المسلمون)) أدت، وأسست في كثير من أقطار العالم للعمل الإسلامي، وهي تعبّر عن وجهة نظر تطرح الإسلام طرحا يواكب الحياة، ويقدم تجربة مهمة.  وأضاف: نعتبر أن الحركة الإسلامية اليوم في أعلى مراتب التحديات، وتواجه مؤامرات شتى في مختلف المواقع، لكنها أصيلة وقادرة على المواجهة. ونحن بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى في الخندق الواحد، وأن نجتمع على قضيتنا الموحدة، وهي قضية فلسطين.  ثم ألقى أمين عام الجماعة الشيخ فيصل المولوي كلمة تحدث فيها عن دور المرشد الراحل في تأصيل فكرة الدعوة ونبذ أفكار العنف.

 وقال: ((الإخوان المسلمون)) حركة وتنظيم، لكن تيار الإسلام المعتدل والأصيل تيار أوسع بكثير، وقيادة الإخوان تشكّل مرجعية فكرية وسياسية في مدار الأرض.  وختم مولوي: يتحدثون عن صراع بين شباب وشيوخ الحركة على الخلافة، ونقول: أنتم لا تعرفون حقيقة الإسلام وحقيقة هذه الثلة المؤمنة، هم مجموعة من الشباب التقوا على الله، وليس في هذا الدرب مغانم او مناصب ليزيح بعضهم بعضا. وليس في قاموسنا صراع بين شباب وشيوخ، والكل في خدمة العمل. وهذه الحركة سيوفقها الله إلى مرشد جديد يتابع المسيرة.

 وانتقد مولوي قرار فرنسا بمنع الحجاب في مدارسها الرسمية، معتبراً أن أساسه هو انتشار الإسلام في شرائح المثقفين. من خطاب الشيخ فيصل المولوي :

نفى أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان المستشار فيصل مولوي وجود أي خلافات بين شباب وشيوخ جماعة الإخوان المسلمين على خلافة المرشد العام للجماعة، معتبرا أن حركة الإخوان ليس في قاموسها شباب أو شيوخ، وأن هدف المنتمين للجماعة هو الدعوة، وليس التنافس على "مغانم أو مناصب".

وفي أعقاب وفاة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المستشار محمد المأمون الهضيبي فجر الجمعة 9-1-2004 في القاهرة، قرر مكتب إرشاد الجماعة تكليف محمد هلال -أكبر الأعضاء سنًا- للقيام بمهام المرشد العام لحين الانتهاء من إجراءات انتخاب المرشد العام الجديد.

وقال مولوي في كلمة ألقاها خلال حفل تأبيني أقامته الجماعة الإسلامية لتأبين المستشار الهضيبي الأحد 11-1-2004: "الذين يدّعون هذا (الخلاف) لا يعرفون حقيقة الإسلام ولا يعرفون حقيقة حركة الإخوان المسلمين؛ فالإخوان أناس التقوا على الله وليس في الدرب مغانم أو مناصب ليزيح بعضهم بعضاً".

وشدد على أن حركة الإخوان المسلمين "ليس في قاموسها شباب وشيوخ وأن كل منتمٍ إليها يعمل في خدمة هذه الدعوة". ورأى مولوي أنه "رغم كل التضييق الذي يعانيه الإخوان في مصر وعدم إعطائهم التشريع القانوني لحركتهم، فإنهم يصنفون بشهادة الصديق والعدو بأنهم الحركة الأولى بمصر".

وأعرب مولوي عن اعتقاده بأن حركة الإخوان المسلمين "سيوفقها الله إلى اختيار مرشد جديد يتابع المسيرة".

كلمة الداعية فتحي يكن في حفل التأبين :

 ((شجرة طيبة  أصلها ثابت، وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها))

من دلائل الأصالة في الحركات والجماعات والتنظيمات، أنها لا تموت بموت مؤسسيها وقادتها، وانما تنمو، وتمتد، وتزدهر.. ولكم قامت حركات وأحزاب هنا وهناك وهنالك، ماتت بموت مؤسسها، وانتهت، واندثرت، وأصبحت أثراً بعد عين .

وحركة الإخوان المسلمين هي من النوع الأول، هي من الأصالة بحيث أن استشهاد وموت قادتها لم يزدها إلا رسوخاً وشموخاً وامتداداً في الأرض ..

كيف لا وهي امتداد للأمة التي وقع عليها القدر لإنـقـاذ العالمين .. وهي المستخلفة في الأرض للشهود على البشرية، ولإقامة الحجة على الناس أجمعـين:   [ لئلا  يكون للـناس على الله  حجة ٌ بعـد الرسل ]  [ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكونَ الرسول ُ عليكم شهيدا ] .

الأمة الاسلامية التي لم تمت بموت نبيها ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لا يمكن أن تموت بموت أحد من بعده كائنا من كان .. وصدق الله تعالى حيث يقول :{ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلبْ على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين }

في الثاني عشر من شهر شباط عام 1949اغتيل مؤسس الحركة ومرشدها الإمام حسن البنا جهارا نهارا ـ من قبل الانجليز والملك فاروق ـ  وفي أكبر شوارع القاهرة .. وترك الفقيد ينزف قبل أن تصل سيارة الاسعاف لنقله الى المستشفى حيث وافاه الأجل قبل بلوغها ..

وبعد  منتصف الليل، تقدمت قافلة  من عربات الشرطة في سكون الليل، لتصل إلى أحد شوارع الحلمية بمدينة القاهرة، حيث توقفت واند فع منها الجند بأسلحتهم لحصار الشارع كله.. وأمام بيت متواضع في منتصف الشارع، توقفت إحدى سيارات الشرطة ، وتم نقل جثمان البنا بلمح البصر.. يطرق أحد الضابط الباب  فيفتح  شيخ جاوز التسعين من عمره هو والد الشهيد البنا..

يدخل عدد من الضباط إلى البيت قبل نقل الجثمان للتأكد من عدم وجود آخرين في المنزل.. يوجه الضابط المسؤول تعليمات صارمة للشيخ: لا صوت، لا عزاء، ولا حتى أحد من العاملين  بغسل الاموات ودفنهم، فقط أنت وأهل البيت، وفي تمام التاسعة صباحًا يجب أن يتم دفن الميت.

وبالرغم من الفجيعة، والشيخوخة ، قام الشيخ عبدالرحمن البنا  بإعداد ابنه للدفن

ويطلع الصباح ، ويصل الضباط والجنود  في موعدهم مبتدرين الأب المفجوع :هلمّ بابنك لتدفنه، فيصرخ الأب ذو التسعين عامًا، كيف لي بحمله؟ فليحمله الجنود! فيرفض الضباط، ويقولون فليحمله أهل البيت .

وتحمل  زوجته وبناته الجثمان، ويمشي خلفه والده ، ومن تجرأ على السير في الجنازة كان المعتقل مآله .. تصل الجنازة إلى المسجد ، فإذا به خاليًا حتى من خدمه، فيصلي الوالد ومن خلفه أهل البيت من النساء، ويقومون بإنزاله إلى قبره، ويعود الجميع إلى البيت في حراسة مشددة، هذه هي جنازة الإمام الشهيد "حسن البَنَّا".

 هذا جانب من المشهد  وفي  الجانب الآخر كان ملك البلاد [ صنيعة الإنجليز فاروق ] قد أجّل الاحتفال بعيد ميلاده من 11 شباط [ فبراير ] إلى 12 منه ؛ ليحتفل مع من يحتفل بموت حسن البنا..

 ويروي أحد النافذين ، أنه شاهد احتفالات في أحد الفنادق في الولايات المتحدة الأمريكية، أقيمت  ابتهاجٌا بموت حسن البنا !

وإن كان الحقُ ما يشهد به الأعداء أحيانا ، فإن مراكز الأبحاث في فرنسا وأمريكا اشتركت في وضع قائمة بأهم مائة شخصية أثّرت في العالم في القرن العشرين، فكان من العالم العربي اثنان هما: الإمام الشهيد "حسن البنا"، والآخر هو جمال عبد الناصر."

وتمر الأيام .. وتتابع المحن في مسيرة هذه الجماعة المباركة، وتتكرر المشاهد والصور والمواقف .. أفواج تقدم الى حبال المشانق من أمثال الشهداء: [عبدالقادر عودة + محمد فرغلي + سيد قطب + وغيرهم ]  بينما  تساق أفواج أخرى الى غياهب السجون، بالرغم من وسطية منهجها ومواقفها المتأنية الحكيمة ، ليتأكد أنها أم الساحة الاسلامية بلا منازع، والأكثر إخافة لأعداء الاسلام، وأن الاسلام هو المستهدف، كائنا ما كانت الراية المرفوعة، والاسم المعتمد والشعار المعتمد !!

وبالرغم من المحن المتلاحقة التي لم ينزل مثيلها على حركة من الحركات في العالم ، فقد استعصت حركة الإخوان ـ بفضل الله وحفظه ـ على معاول الهدم ، ومؤامرات الشرق والغرب، ومكائد أعداء الله أجمعين، وغدت ملء عين العالم وسمعه وبصره، بعد أن بلغت الآفاق، وغدت الحركة الاسلامية العالمية ، وعلى امتداد العالم .

واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على وقائع جنازة الإمام الشهيد حسن البنا ،، فإن موقف السلطات المصرية هي هي، إزاء تشييع المرشد السادس للإخوان المسلمين المستشار مأمون الهضيبي ..

فمن دون مراعاةٍ لحرمة الأموات والأخلاق والأعراف باشرت ـ كعادتها ـ قواتُ الأمن المصرية أساليبها القمعية،  بالتضييق على جموع الإخوان ومنعهم من الوصول إلى القاهرة للمشاركة في تشييع الجنازة التي انطلقت من مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة إلى مقابر أسرته بمحافظة القليوبية.

ففي محافظات بورسعيد والإسماعيلية والشرقية تمّ منع المئات من سيارات الإخوان من الخروج للمشاركة في تشييع الجنازة، كما تمَّ تشديد إجراءات الأمن وفرض طوق أمني شديد على مداخل القاهرة والتدقيق في هُويات القادمين إليها.

وبالرغم من كل ذلك ، فقد شارك في التشييع قرابة نصف مليون شخص، بحسب تقارير العديد من مراكز الاحصاء والبحوث والإعلام المحايدة !

وهكذا تمضي حركة الاخوان المسلمين صامدة قوية راسخة .. وتنتقل راية القيادة ـ برغم تلاحق المحن وضراوة التحدي ـ من يد أمينة  الى أخرى أمينة ، لتتأكد سنة الله في بقاء ونماء واستمرار الشجرة الطيبة والكلمة الطيبة ، المعنية  بقول الله تعالى :{ ألم تر كيف ضرب الله مثلا  كلمة طيبة كشجرة طيبة ، أصلها ثابت ، وفرعها في السماء * تؤتي أكلها  كل حين بإذن ربها ، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون }سورة ابراهيم الآية24

وبهذه المناسبة نود أن نطمئن الغيارى ، ونقول للمصطادين بالماء العكر ، الذين سودت أقلامهم المرجفة الحاقدة صفحات ِ معظم الصحف اللبنانية والعالمية ، أن لا خوف على المسيرة بعد الهضيبي ..

فالحركة بكل أجيالها استمرت بعد حسن البنا ، وبعد حسن الهضيبي ، وبعد عمر التلمساني ، وبعد حامد أبو النصر ، وبعد مصطفى مشهور ، وستستمر بعون الله قوية هادرة بعد مأمون الهضيبي ..

أن  تتناغم الأجيال وتتنافس في بلوغ الأفضل والأمثل عبر مـُـناخ شوري حقيقي وشفاف  فإنه عين المطلوب [ وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون ] 

فالحمد لله على ما أعطى .. وله الرضى على ما أخذ .. ومع العين الدامعة ، والقلب المحزون ، لا نقول إلا ما علمنا ربنا عزَّ وجل: { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، واولئك هم المفلحون } صدق الله العظيم ، وصلى الله تعالى على نبيه الكريم ، والله أكبر، ولله الحمد . في 11/1/2004

القرضاوي في خطبة الجمعة : قيادة الإخوان مغرم لا مغنم :

نعى فضيلة الشيخ العلامة الدكتور "يوسف القرضاوي"- في خطبة الجمعة الماضية- الفقيد "الهضيبي".

وقال- في خطبته التي بثها موقعه الخاص على الإنترنت (www.qaradawi.net) اليوم الاثنين 12/1/2004م-: "هذا الرجل الذي عُذِّب في الله، وأُوذي في الله هو وأسرته جميعًا؛ هو ووالده وإخوانه، كلهم أوذوا في الله سَنة 54 وفي سنة 65، لكن هذه الأسرة عُرِفت بالصبر والجَلَد والثبَات ?فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ?.

وأضاف "القرضاوي": "وعاشَ لهذه الدعوة ومات عليها، وقَدَّم لها أغلى ما يملك الإنسان، رغم أنَّ حَمْل هذِه الدعوة في هذه الظروف ليس مَغنمًا ولكنه مَغرم؛ ليس استفادة ولكنه تضحية.. فالذي يحمل هذه الدعوة في هذه الأجواء، والعالم كله يقف ضد الإسلام، العالم الغربي والقوى الكبرى تصادر حق هذا الدين في الدعوة، وحتى في بلادنا- للأسف- يقف الإسلام محرومًا من حقه في التعبير عن نفسه في كثير من البلاد، وفي بعض البلاد يُحارَب حتى مَنْ عبَّر عن نفسه! حتى المسلمة التي تعبر عن نفسها بلبس خمار على رأسها تُمنَع! بهذا احتج علينا الفرنسيون؛ قالوا: إذا كان عندكم في بلاد المسلمين مَن يمنع هذا؛ لماذا تنكرون علينا؟!".

وبيَّن فضيلته أن مَن حَمَلَ لواء الدعوة ومنصب المرشد العام في هذه الظروف، فإنه يحمل مَغرمًا لا مَغنمًا، ويتعرَّض لبلاءٍ لا يصبر عليه إلا ذو حظ عظيم.

كان فضيلة العلامة "القرضاوي" قد أدى صلاة الغائب على الفقيد "الهضيبي" بعد صلاة الجمعة، وقام بإمامة آلاف المصلين، الذين اصطفوا خلفه لأداء الصلاة على الفقيد "الهضيبي"، كما أرسل فضيلته رسالة عزاء إلى (الإخوان)، يعزِّيهم فيها في وفاة المرشد الراحل.

من ناحية أخرى نقل موقع (القرضاوي على الإنترنت) تصريحات عنه، نفى فيها أن يكون عُرِض عليه تَولِّي مهمَّة المرشد لجماعة (الإخوان)، وقال "القرضاوي"- في تصريحات له أمس الأحد 11/1/2004م-: "آثرت منذ زمن أن أعمل للإسلام من خلال العمل العلمي التربوي والدعوي والفكري والإعلامي العام، وألا أرتبط بأي تنظيم يُقيِّد من حركتي، ولو كان هو تنظيم (الإخوان المسلمين)، الجماعة التي نشأت في ظلالها، وقضيت شبابي وكهولتي في نصرتها، وأرى أنها الآن تمثل في مجموعها التيار الوسطي الذي يؤمن بالحوار، ويدعو إلى التسامح، ويحترم حقوق المرأة وحقوق الأقليات، ويتبنَّى الديمقراطية في إطار الأصول الإسلامية، ويتجنَّب كل مظاهر العنف؛ وهو التيار الذي أتبناه وأدعو إليه، ومع هذا رأيت من الخير أن أكون للمسلمين جميعًا، لا لجماعة خاصة، وإن كنت أتمنى لها من كل قلبي التوفيق في مسيرتها".

 وأضاف فضيلته: "لقد عُرض عليَّ منصب المرشد العام بعد وفاة الأستاذ "حسن الهضيبي"، وقبَيل وفاة الأستاذ "عمر التلمساني"، فاعتذرت للإخوة الكرام، الذين رشَّحوني وزكُّوني، وكنت في ذلك الوقت أَصَحَّ عزمًا، وأقوى جِسمًا، وأقدرَ على حمل العبء مني اليوم.. أفَبَعد أن جاوزت السابعة والسبعين أقبل ما اعتذرتُ عنه وأنا في التاسعة والأربعين؟! أدعو الله- تبارك وتعالى- أن يوفق (الإخوان) إلى اختيار المرشد القويِّ الأمين، الحفيظ العليم".

الأخوان في الأردن يقيمون مجلس عزاء :

 أقامت جماعة (الإخوان المسلمين) بالأردن ملتقى لتقبل العزاء بوفاة فضيلة المرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمين) المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، وشارك في الملتقى مئاتٌ من المعزين من كافة الفعاليات السياسية والنيابية والنقابية والحزبية والاجتماعية وأبناء العشائر والشخصيات المستقلة وجمع غفير من المواطنين.

وقال الناطق الرسمي باسم جماعة (الإخوان المسلمين) بالأردن المراقب العام الشيخ "عبدالمجيد الذنيبات": "إن هذا الملتقى يعتبر وقفة وفاء لفقيد الأمة والحركة الإسلامية المرشد السادس لجماعة (الإخوان المسلمين)، وأخذ العبرة والدروس من سيرة الفقيد وما قدمه للحركة الإسلامية والأمة العربية والإسلامية في الدفاع عن قضاياها.

وأضاف أن جماعة (الإخوان المسلمين) في الأردن إذ تشكر جميع الذين حضروا هذا الملتقى للعزاء بوفاة الفقيد لترجو الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يخلفنا عنه بخير.

وتحدث في الحفل عدد من العلماء والمفكرين والشخصيات الوطنية والإسلامية من بينهم نائب المراقب العام للجماعة بالأردن الدكتور "همام سعيد" وعضو المكتب التنفيذي للجماعة الشيخ "أحمد الكفاوين" وأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ "حمزة منصور" والدكتور "هاني الخصاونة" و"سفيان الشوا" والنائب السابق الدكتور "عبدالمجيد الأقطش" و"جمال عايش" والدكتور "أسحق الفرحان" والشاعر "غازي الجمل" و"عبدالعزيز السيد" و"محمد أبو سردانة" و"عبدالمجيد الليمون" وأجمعوا في كلماتهم على أن الراحل، فقيد الأمة جميعًا وليس جماعة (الإخوان المسلمين) فقط، مشيدين بمناقبه وآثاره ودور جماعة (الإخوان المسلمين) في الدفاع عن قضايا الأمة ودورها في التماسك الاجتماعي.

ويذكر أن الجماعة أرسلت وفدًا للمشاركة في تقديم العزاء للـ(إخوان المسلمين) في مصر برئاسة الدكتور "همام سعيد" وعضوية "حمزة منصور" والمهندس "عزام الهنيدي" والدكتور "أحمد الكوفحي" والأستاذ "أحمد الكفاوين".

حركة التوحيد والإصلاح  المغربية تنعي الفقيد الهضيبي :

نعت حركة (التوحيد والإصلاح) المغريبة الفقيد الهضيبي، وقالت الحركة- في نعيها للفقيد- إنها اعتبرت وفاته- مع رضاها بقضاء الله وقدره- خسارةً كبرى للحركة الإسلامية؛ نظرًا لتاريخه الحافل بالجهاد والعطاء في طريق الدعوة إلى الله والتحمل والصبر على الأذى في طريقها، والمصابرة على خط الوسطية والاعتدال؛ وذلك سيرًا على نهج أسلافه من المرشدين السابقين، ومواصلةً للدور الريادي الذي قامت به جماعة (الإخوان المسلمين) على مستوى تجديد الدعوة إلى التزام المسلمين بدينهم، والإسهام في وضع أسس الصحوة الإسلامية المعاصرة.  كما نعى (حزب العدالة والتنمية) المغربي الفقيدَ الهضيبي، وقال الأمين العام للحزب دكتور عبد الكريم الخطيب: أتقدم إليكم أصالةً عن نفسي، ونيابةً عن أعضاء الأمانة العامة وكافة أعضاء حزب (العدالة والتنمية) بتعازينا الصادقة ومواساتنا القلبية إلى كافة أفراد أسرة الفقيد، وإلى أعضاء مجلس إرشاد الجماعة.

شخصية المرشد محمد مأمون الهضيبي في الشعر الإسلامي المعاصر .

وقال الأستاذ على متولى من إخوان الشرقية، مشيداً بجهود الإمام مأمون الهضيبي في الدفاع عن تعاليم الإسلام، وتطبيق الشريعة، وأشاد بدوره التكاملي مع أئمة الدعوة الذين سبقوه:

بالعلم بالقانون تدفع عن سنا الـ إسـلام نـهجاً في هدى القرآن وحـذوت مـنهج مرشدين أئمة قـادوا الـمسيرة للهدى الرباني هذا الهضيبي بعد مشهور سمت                      أرواحـهـم  لمنازل الرضوان

"أفـلَ النجـم"

أحبابي الكرام ودعنا بالأمس القريب أحد أعمدة العمل الإسلامي ودعنا المرشد العام الشيخ مأمون الهضيبي هذا العلم الذي لم توفه وسائل الإعلام حقه من التقدير فلو أن من مات كان مغنياً أو ممثلاً أو شاعرا ًكنزار أو لاعب كرة لغطت وسائل الإعلام مراسم دفنه كاملة، ولعقدت الندوات، وأعلن الحداد، ولكن هذا زمن يوزن الناس بأرجلهم وأوتارهم لا بعلمهم وعملهم، وقد رأيت أن من أوجب الواجبات في حقي أن أكتب في رحيل هذا العلم الذي لا يحيط بقدره شعر و لا نثر، ولكن عسى أن يكون فيما أكتب غيضاً من فيضه أو لعلني أوفيه بعض حقه علينا كمسلمين . إن الكلام على أعلام كهذا الجليل لا ينتهي، ولكن سأترك الشعر يتكلم عن النجم الذي أفل، فها هو الشاعر الإسلامي يصوّر حال الأمة بعد رحيل الإمام، فيقول :

أفَـــــلَ الـهُـضَـيْـبِـي  والأنــيـــنُ  تـــــردَّدَا      والكـونُ مـنْ صـمـتِ الـظـلامِ تـأبَّـدَا

والـدمــعُ فـــي مُـقَــلِ الأحــبــةِ  أنــهــرٌ       والـبــحــرُ أرغـــــى  لـلــفــراقِ  وأزبَـــــدَا

أبـتــاهُ قـــدْ أرخـــى الـظــلامُ  ســدولَــهُ      والكـونُ أصـبـحَ مــنْ فـراقِـكَ  أربَــدَا

أبـتــاه كـيــفَ أعـيــشُ بـعــدكَ  إنــنــي     مِنْ غيرِ حضنِكَ قدْ أعيشُ مُشَـرَّدَا

أرنـــو إلـــى وجـــهِ  الـسـمــاءِ  مــوَدِّعــاً       نجـمـاً تـألَّــقَ فـــي الـفـضـاءِ  وأوقَـــدَا

لقد كان الهضيبي نجماً من نجوم الدعوة، بل منارة من منارات التوحيد الشامخة، ويعلن حزنه وجزعه على فقد الإمام، فيقول :

يا أيُّـهَـا النـجـمُ الـمُـطِـلُّ عـلــى  الـرُّبَــا     يــا مَــنْ أنــارَ لـنـا الــدروبَ  وأرشـــدَا

قـــدْ كـنــتَ لـلإخــوانِ خـيــرَ  مــنــارةٍ       يـــا مـــنْ بــــهِ هــــذا  الــظــلامُ  تــبــدَّدَا

إنِّـي جَرَعْـتُ لِبُعْدِكـمْ كـأسَ  النَّـوَى      ولـقــيــتُ يــومـــاً  مـسـتـطـيـراً  أنــكَـــدَا

وكـأنـنـي والـحــزنُ يـعـصــرُ  مـهـجـتـي       شَــبَـــحٌ إلــــــى فــــــكِّ  الـمـنــيــةِ  أُوِردَا

أخلاق الإمام وسجاياه :

لقد امتاز الإمام الراحل بالتقى والصلاح، وكان قلبه يفيض بالحب والحنان، فكان حكيماً مرشداً ، ومعلماً نبيلاً :

يـا سـيِّــدَ الإخـــــوانِ  يـا عَــلَــمَ  الـتُّــقَــى   يـا أيُّـهَــا الـمـأْمُــونُ  يـا عَـلــمَ  الــهُـــدَى

يــامــنْ لــــهُ قــلـــبٌ  يـفــيــضُ  مـحــبــةً       وحنانُهُ يسقي القلوبَ على المَدَى

كمْ سرْتَ في رَكْبِ الدُّعَـاةِ مُبَشِّـراً       بلْ كنْـتَ يا أبتـي الحكيـمَ المُرْشِـدَا

قـــدْ كـنــتَ لـلإخــوانِ خـيــرَ  مُـعَـلِّــمٍ      بـلْ كنْـتَ فـي ركْـبِ الأُبَـاةِ السَّيِّـدَا

يـا ذا الــذي تَسـمـو النـفـوسَ  بـذكـرِهِ      وبــحُــبِّـــهِ  هـــــــذا  الــــنــــداءُ  تــــــــردَّدَا

تعلمنا في مدرسة الإمام أن الحياة عقيدة، وأن العقيدة تستحق أن نبذل الروح والدم في سبيل نصرتها :

عـلَّــمْــتَــنَــا  أنَّ  الـــحـــيـــاةَ  عـــقـــيــــدةٌ      مِنْ أجلِهَا بالـروحِ قـدْ طـابَ الفِـدَا

عـلَّـمْــتَــنَــا  أنَّ  الـــحـــيـــاةَ  رخـــيـــصـــةٌ    ولأجــلِ ديـــنِ اللهِ مـا أحـلـى  الـــرَّدَى

اللهُ غــايــتُـــنَـــا  ونـــــــــــورُ  مـــحــــمــــدٍ         يهـدي السُّـرَاةَ السائريـنَ السـؤْدَدَا

نَسْـقِـي عِـطـاشَ الــروحِ مِـــنْ  قـرآنـنـا      وسُـلاسِــلُ الـقــرآنِ أعـــذبُ  مـــورداَ

نبـنـي بـعــزِّ الـديــنِ صـرْحــاً  شـامـخـاً      ونعزُّ مِنْ طـولِ السجـودِ المَسْجِـدَا

سـيـظـلُّ صـــوتُ الخـالـديـنَ  مــدويــاً     يهـدي إلــى الدنـيـا تباشـيـرَ  الـهُـدَى

وتـــــرددُ الآفــــــاقُ  صــــــدْحَ  مــــــآذنٍ      ولتصحوَ الدنيا على رَجْعِ الصَّـدَى

ونـــعـــزُّ بـالـتـكـبـيـرِ  ديــــــنَ  مــحــمـــدٍ       ونــــــذلُّ بـالــبــتــارِ  أعـــنــــاقَ  الـــعِــــدَا

ونـحــررُ الأقــصــى الأســيــرَ  بـعـزمــةٍ      "وسنـجـعـلُ الـيـرمـوكَ تأتـيـنَـا  غــــدَا"

يـا خـيــبــرَ الــكــفَّـــارِ  هـــــــذا  زحــفُــنَـــا    بـكـتـائـبِ الإخــــوانِ منـتـفـضـاً  بــــدَا

سـنـسـيــرُ يـا مــأمــونُ  خـلــفــك  إنـــنَـــا    رغمَ المصاعبِ ما خفرْنَـا الموعِـدَا

مـا مــاتَ نـجْــمٌ أو تــــوارى  كــوكــبٌ   إلاَّ شــهِـــدْنَـــا بــــعــــدَ  لأيٍ  مــــولـــــدَا

فالـشـمـسُ تـأفــلُ أو يُـكَــوَّرُ  نــورُهــا     لـــكـــنَّ ديــــــنَ اللهِ  لالـــــــنْ  يــهــمـــدَا

لــو أغـمـدتْ كَــفُّ المـنـيـةِ  صـارمــاً    مــا كـــانَ لـــــولا كـفُّــهَــا  أنْ  يُــغْــمَــدَا

لـرأيـتَ مــنْ بـيـنِ الجـمـوعِ  صـوارمـاً    ورأيـــــتَ سـيــفــاً  لـلـجـهــادِ  مُــجَـــرَّدَا

الوفاء لخط الإمام الراحل :

ويعاهد الشاعر الإمام على المضي في طريقه، والوفاء لنهجه، فيقول :

لا لـــنْ نـحـيـدَ عَـــنِ  الـسـبـيـلِ  وربِّــنَــا   لا لـنْ نضيـعَ غراسَكـمْ فينـا سُــدَى

سـتـظــلُ رايـــــاتُ  الــهُـــدَى  خَـفَّــاقــةً     يلتـفُّ تحـتَ ظِلالِهِـنَّ مَــنِ اهْـتـدَى

سنـظـلُ روحــاً فــي شـرايـيـنِ  الـــورى   تسري كما الأنسامِ أو طلِّ النـدى

ستـرى زهـورَ الأرض كيـفَ تألـقـتْ    والـطـيــرَ فــــوقَ غـصـونـهِــنَّ  مُــغَـــرِّدَا

وبــلابــلُ الـشـعــراءِ تــصــدحُ  بـالــرُّبَــا     تــشــدو لـنـصــرِ اللهِ حــيــنَ  تــجــدَّدَا

لحـنـاً تطـيـبُ بــهِ النـفـوسُ  وتنتـشـي    لـحـنــاً يــلــذُّ لــمــنْ تــرَنَّــمَ  أو  شَـــــدَا

أبتـاهُ هـل أبـكـي علـيـك وقــدْ  رأت   عـيـنـاي أنَّـــكَ فـــي النـعـيـمِ  مـخـلَّـدَا

وأراكَ تــمـــرحُ فـــــي  جـــــوارِ  أحــبـــةٍ    فــي جـنـةِ الـفـردوسِ تلـقَـى  أحـمــدَا

يـلـقــاكَ بـالأحــضــانِ فـــــي  أفـنـانِـهــا    ويقـولُ مرحـى قـدْ رشـدتَ محـمَّـدَا

قائد المسيرة :

وقد قيل في رثائه كثير من الشعر نذكر منه قصيدة الدكتور جابر قميحة التي حلّق فيها في سماء الطهر والفضيلة وصور أخلاق الإمام وسجاياه ، وأشاد فيها بجهود الراحل ودوره في خدمة الدعوة ، يقول في مستهلها:

هو الموت أعجزَ طب الطبيب                وفاق بيان الأديب الأريبِ

فللموت أوفى بيان.. مبين                    بقدرة علاّم أخفى الغيوبِ

قضاء إذا حُمَّ فضّ الحياة                    بسهم قوي عدول ضروبِ

ويبين فزعه لرحيل الإمام صاحب القلب الكبير، ويشير إلى الرابطة القوية التي كانت تجمع بينه وبين الراحل، فيقول :

ولكن فزعنا بنزف القلوب                       لفرقة قلب كبير حبيبِ

وكان كطود رفيع مهيب                     ففي جنة رحبة يا «هضيبي»

أولاً : معايشة الجوانب النفسية والعقلية والروحية وقيم المرثي الدعوية :

وقد أعلن الدكتور جابر قميحة حزنه وأساه لمصاب الهضيبي الثاني المرشد السادس، فعدد مآثره وفي غير ما ادعاء زائف أو مجاملة تقتضيها  ! عند الغير سياقات المصاب .. يقول :

أَفِي كلِّ عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــامٍ لنا مِحْنةٌ      فنفجعَ في مـــــــــــــــــرشدٍ بالمغيب ؟

مضى "مصطفى" فرفعتَ اللواءَ    بعزمٍ قـــــــــــــــــــــــــــديرٍ وعقلٍ خصيب

وَقُدْتَ المسيرَة لا الصفُّ هَانَ      ولا أَضْعفتك دواعي المشيب

فعشتَ المشيبَ بروح الشبابِ       دؤوباً قوى السنا والشبوب

بعزم وفيٍّ وقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلب فتيٍّ           وفكر مُضىءٍ ثريٍّ نجيب

وكنتَ الصمودَ الذي لا يهون        بليلٍ ظلومٍ ، ويومٍ عصيب

إن دعوة الإخوان المباركة قد فقدت اثنين من قادتها في عام واحد، فكانت هذه المصيبة خسارة لا تعوض، حيث قاد الهضيبي المسيرة بعد رحيل الإمام مصطفى مشهور، فكان قائداً بارزاً يتمتع بحكمة الشيوخ، ونجدة الشبان، ودعا شباب الإسلام إلى أن يعيشوا شموخ الجبال ، وأن يستقيموا بالثبات على المبادئ :

وناديت: عيشوا شموخ الجبال             فما كان منا سوى المستجيبِ

وقلت: هو النصر لا يستحَق               بغير الثبات وتقوى القلوبِ

هو الخير باق ليوم المعاد                    فعيشوا الحياة لخير الشعوبِ

وأعاد الأستاذ (مأمون ) سيرة والده العظيم حسن الهضيبي الذي كان طوداً شامخاً ، ومنارة تهتدي بها الأجيال، ولم ينحني للعواصف، ولم يسجد جبينه إلا لله :

أعدت أباك «الهضيبي» الكبير              بعلم وصدق وجهد صليبِ

فقد كان طوداً أشم العلاء               وما اهتز يوماً لعصف الهبوبِ

ولا هاب يوماً نباح الكلاب                   ولا أفزعته حداد النيوبِ

وقال: دعاة ولسنا قضاة                        ومرجعنا للإله الحسيبِ

فسرت على الدرب «مأمونها»             ودربك يزري بكل الدروبِ

 ويبدو أن الرحيل بغير وداع مما يؤلم الشاعر المحب؛ الأمر الذي نلمسه مجدداً في رثاء المستشار الهضيبي الثاني حين يقول الشاعر الدكتور :

رحـــــــــــــــــــــــلت بدونِ وَدَاعٍ لذَا        حنايا القلوبِ لظى من نَحِيبِ

فهذي حشودٌ تليها حشودٌ       وقد رُوِّعَتْ من شبابٍ وشِيبِ

لتنعاكَ بالدمــــــــــــــــــــــــــوعِ الغزَارِ         ولكن بأكبادنا والقــــــــــــــــــــــــــــــلوبِ

ويجد المُطَّلع في بكائيات الدكتور قميحة ثقة لا تتزعزع بنصر الله وانبلاج الفجر الصادق رغم ضخامة التحديات، باعثاً بذلك على الأمل وائداً لليأس وصانعاً للبأس، إذ لن يحول شيء دون مراد الله الغالب على أمره، فيقول مقارناً بين أنظمة الحكم الاستبدادي ودعوات الإصلاح السمحة :

وَشَتَّــــــــــــــــانَ بين نِظَامٍ طَغَى         بحـــــــــــــظر وســــــــــــــجن وأنياب ذيبِ

ودعوة حقٍّ وعــــــــــــــدل ونورٍ        مـــــــــــــــن الله تزري بكل الخــــــــــطوبِ

وإن الجسوم إذا حوصرتْ        فمن ذا سيحظر نبض القلوب؟

لقد كان مأمن الهضيبي زهرة في حديقة الإسلام اليانعة ، وغرسة في دوحة الإخوان، وفرعاً نبيلاً في أسرة الإمام حسن إسماعيل الهضيبي، إنه رجل آتاه الله من الحكمة ما بهر الخصوم، وألقمهم الحجر، ومن يقرأ حواره مع الكاتب الناصري سليمان الحكيم في آخر كتابه ( عبد الناصر الإخوان ) يدرك دقة ما أقول، تربى في بيت الفضيلة والعفاف، وترعرع في ظلال دعوة الحق والخير والحرية، تلك الشجرة الطيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء، رحل الإمام الهضيبي عن دنيانا الفانية، وقد عاش حميداً، ومات مجاهداً سعيداً، فهنيئاً له صحبة الأبرار في فسيح جنان الخلد، مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً .

مصادر البحث :

1-المستشار محمد المأمون الهضيبي ..الفارس الذي رحل - عبده مصطفى دسوقي

2-المستشار محمد المأمون الهضيبي : المرشد السادس للإخوان المسلمين.

3– محمد المأمون الهضيبى، الإخوان المسلمون 60 قضية ساخنة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1998م.

 4– حوار أجراه الأستاذ شعبان عبد الرحمن لمجلة المجتمع، في العددين (1545، 1546) بتاريخ 5، 12/4/2003م.

5– جابر رزق، حسن الهضيبي الإمام الممتحن، اللواء للطباعة والنشر، 1991م.

6– هالة مصطفى، الدولة والحركات الإسلامية المعارضة بين المهادنة والمواجهة في عهدي السادات ومبارك، دار المحروسة، 1995م.

7– محمد الصروي، الإخوان المسلمون في محنة 1965م (الزلزال والصحوة)، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1425هـ، 2004م.

8– طلعت رميح، الوسط والإخوان، مركز يافا للدراسات والأبحاث.

9– عمرو الشوبكي وآخرون، إسلاميون وديمقراطيون، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية (الأهرام)، 2004م.

10-موقع إخوان ويكي ..ومواقع الكترونية أخرى .

وسوم: العدد 719