منظومة الأدب الإسلامي

clip_image002_dd55f.png

تأليف/ دكتور صلاح عدس

يقول الأستاذ الدكتور (عبد العزيز حمودة ) :

clip_image004_2044f.jpg

" أنت لا تستطيع أن تقدم واقعاً ميتافيزيقيا لجمهور يشغله واقع مفرداته : لقمة العيش ، وحرة التعبير والديمقراطية السياسية " ([2]) 

لاتزال هزيمة 1967 وما أصاب الأمة الإسلامية بعدها وحتى الآن تعمل عملها في واقع مشحون بالتخلف والعجز والتبعية وقد انسحبت ظلالها السوداء على كل حياتنا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية ولا أبالغ إذا قلت أن هزيمة 67 جعلتنا أكثر تخلفاً وعجزاً وتبعية . لقد ضاعت هوية الأمة وكسرت عزيمتها وشقت الصفوف أو ما تبقى من صفوف . لقد هددت 1967 هويتنا . لقد أصبحنا أمة فارغة فكان للغزو الثقافي أن يتمدد في فراغنا بكل أشكاله . لم نترجم العلوم وكنا أفقر إليها من الروايات الغرامية والجنائية التي زحمت بها لغتنا وشغلوا بها أولادنا .. ويقول الشيخ الغزالي :

[ إن الإنهيار الحضاري في الأمة الإسلامية جاء وليد تخلف عقلي اجتاح أرجاءها بعد خيانات علمية وتربوية واجتماعية وسياسية شملتها من القمة إلى القاع وجعلت الإسلام أثراً بعد عين ] (الأولى منظومة مستمدة من المنهج الإلهي .

الثاني منظومة مستمدة من أقوال البشر .

وعليه فالقضية ليست موضع أخذ وعطاء ولا يمكن تطعيم واحدة من الأخرى كما يرى البعض . وقد وصف العلامة (عماد الدين خليل ) في كتابه ( فوضى العالم في المسرح الغربي ) والعنوان فيه الكفاية !! منظومتنا الأدبية والفنية لا تعرف الفوضى ولا تعرف اللامعقول ولا تعرف العبث والمجون .

أمه صاحبة رسالة . أمه جادة . أمه تنهى عن الفحشاء وتأمر بالمعروف فهل قامت الأمة الإسلامية بتحقيق الاستخلاف في الأرض ؟ وحتى لا نخرج عن موضوعنا وهو عرض كتاب (منظومة الأدب الإسلامي) للدكتور صلاح عدس فهو يعرف الأدب الإسلامي بأنه التصوير الفني أو التعبير الجمالي من شعر وقصة ومسرح ومقال عن مضمون إسلامي أي الرؤية أو التصور الكلي لله والكون والإنسان والحياة ([5]) والحقيقة أن " عبارة الإسلام منظومها مركزها التوحيد وأطرافها هي كل حياتنا " عبارة دقيقة للغاية وتدل أننا لسنا فقط أمام كتاب يأصل لنظرية نقدية ولكننا أيضاً أمام كاتب يملك اليقين الذي يمكنه من صياغة مفاهيم مستمدة من عقيدته وينقل عن (برو كلمان) قوله :

-      ( أن الأدب العربي هو تعبير عن الثقافة الإسلامية وانعكاس لها كحضارة ودين )([7]) وقد حدثني بنفسه عن تأثره في شبابه بكتاب (هولاء علموني) لسلامة موسى !!! وذكرني بما قاله العالم الكبير مصطفى محمود أنه بدأ بقراءة (سلامة موسى) ولا أدري قد يكون كتاب ( المرأة في الأدب العالمي ) للدكتور صلاح عدس نتيجة تأثره بالهالك (سلامة موسى) وكتابه (المرأة ليست لعبة الرجل) !

وكاتب هذه السطور لا يزال عند رأيه أن معظم جيل عشرينات القرن الماضي أفسد ثقافة الأمة وأساء إلى عقيدتها برفضهم منهج الخالق سبحانه وتعالى وتصوراتهم المخبولة التي هي مجموعة من الأفكار المضطربة والمتصارعة والمتضادة والساذجة في أحيان كثيرة والتي تحمل كل قصور العقل المحدود في المجالات الغيبية . ( ولقد انطلقت الحضارة الإسلامية في علومها من منطلق إيماني فكان اتجاهها تجريباً محضاً وانقذت البشرية من العموميات الوصفية التي ورثتها من الحضارة اليونانية (أبو زيد الهلالي

مأساة المعتمد بن عباد بلال الثائر عبدالله بن حذافة والقيصر حبيب بن زيد ومسيلمة الكذاب البعث

الترجمة :

رواية كولدني في باريس من الأدب الفرنسي رواية وادي العرائس من الأدب الأمريكي

سيرة وتاريخ :

مختصر سيرة بن هشام مختصر فتح الباري مختصر أسد الغابة مختصر تفسير بن كثير ملامح الإسلام مختصر الحروب الصليبية

والمتأمل في قائمة أعمال الدكتور صلاح عدس يدرك أن الرجل صاحب رسالة يبذل في تحقيقها كل جهده وذلك من خلال تبسيط أمهات الكتب التي يقع أغلبها في عدة أجزاء إضافة إى لغتها التي قد تكون أعلى كثيراً من المستوى الثقافي الذي وصل إليه القارئ إن وجد أصلاً . إذن هو يقوم بعمل لا تقوم به إلا مؤسسات . تقبل الله عمله بالقبول الحسن .

ومما لا شك فيه أن الدكتور صلاح عدس يتمتع بقدرة هائلة على فحص معرفته والتي أوصلته إلى هجر الأفكار الغربية المضطربة ورفض كل أشكال الفكر (الوثني) واللامعقول والعبث الذي قدمه ما يطلق عليه (الفكر الغربي) أو كما يقول (روجيه جارودي) مخلفات الوثنية الإغريقية/ الرومانية ! لقد انطلق الدكتور صلاح من مفهوم عقيدي كما يقول العلامة محسن عبد الحميد فى كتابه (المذهبية الإسلامية) (تجنباً لعدم الخلط بين إفرازات العقل واجتهاداته بين الكتاب والسنة كوحي معصوم لأن العقل الإنساني وجد أصلاً ليعمل في إطار عالم المادة فيحاول الكشف عن قوانينه وأسراره) ([10]) هذه من الجذور التاريخية ، أما الجذور الفكرية ظهرت مع السفوفسطائية في الخامس قبل الميلاد وتزعمها (بروتاجوراس) الذي هدم المعرفة بشكه الفلسفي وذلك لهدم الدين والمجتمع ونادى بالنسبية وأن الإنسان مقياس الحق والباطل وصولاً إلى الفلسفة المادية (هيوم وفورباخ) ([12]) وقد اختصر الدكتور صلاح عدس الأمر كله في جملة واحدة بقوله:

-      منظوماتان متناقضتان !! ويقول أيضاً : ( إن المنظومة مبدأ كوني يعني أن كل مخلوقات الله هي وحدة لها مركز ومحيط ولها قانون حاكم نسير بمقتضاه) ([14])

إذن هو التقليد الأعمى لا غير وقد قام بعض النقاد اساتذة الجامعة بمحاربة الأدب الإسلامي وزعموا أنه أدب المباشرو والمواعظ !!

إن كلمة الله في العقيدة الإسلامية مفرد لا جمع له وذلك بعكس كلمة الإله في ديانات التعدد الوثنية إذن جمعها هو الآله ولذلك فإن الأدب الإغريقي مثلاً أدب وثني لذلك يصور أسخيلوس وسوفوكليس في مسرحياتهم صراع الألهة بعضهم البعض ويقوم الأدب الغربي كله على أساس الصراع مع القدر الذي هو يد الله في الأرض في المفهوم الإسلامي كما تشكل أسطورة (بندورا) كل المفاهيم الغربية الحالية . أداب وثنية شديدة الغرابة ولا أزيد .

إذن نحن أمام منظومتان :

منظومة توحيد منظومة وثنية

وعليه فكل نشاطات المنظومة الأولى مرتبطة بالتوحيد وكل نشاطات المنظومة الثانية مرتبطة بالوثنية لا تقابل مطلقاً ولا حوار كما يزعم البعض إنه فقط (التعارف) كما أمر به الدين وليس أكثر والتقليد لفنون الغرب بلا ضابط ولا رابط هو هزيمة كبرى وخيانة عظمى .

ليس هناك ما يسمى بالوسط في هذا الأمر . لا وسط بين التوحيد الخالص والوثنية . إن الأداب والفنون وجميع النشاطات الإنسانية في المجتمع المسلم مربوطة بالدين الذي هو العقيدة وكل مخالفة واضحة أو غامضة هي كما قال الإمام الأكبر جاد الحق علي جاد الحق هي (خيانة كبرى وخيانة عظمى) ويحدثنا الدكتور صلاح عدس عن الرؤية الإسلامة للإنسان إنها تحمل تكريماً له بينما الرؤية الغربية تحمل له الإهانة والتحقير (منذ حاول هيوم وفيورباج) تطبيق الحتمية المادية في العلوم الطبيعية على الإنسان وكذا (كونت وصن كايم) إنهم جميعاً يشتركون في رؤية واحدة للإنسان أنه لا إرادة ولا اختيار ومن ثم لا مسئولية فهو مجرد ضحية سلبية للمجتمع ونتاج حتمي للبيئة !! إضطراب وخلل عقلي .

ويحدثنا المؤلف الكريم أن الرؤية الإسلامية للحياة هي السعي نحو مرضاة الله . وان (خلاص) الإنسان عمل فردي وليس كما جاء في اللاهوت المسيحي والقائم على مصطلحات الخطيئة والصلب والفداء والغفران.

ويحدثنا أيضاً عن الرؤية الإسلامية للكون وأن الكون منظومة خاضعة لله سبحانه وتعالى بقوانين صارمة لا تحيد عنها .

ويعرف الدكتور صلاح المنظومة بقوله :

" هي مجموعة من العناصر التي تعمل معاً في تكامل وهارمونية لتحقيق هدف واحد "([16])

وأيضاً يقول حفظه الله :

" الإسلام منظومة لا يمكن فصل أحد عناصرها أو الاستغناء به عن الباقي"(رثاء الاندلس ( أبو البقاء الرفدي عام 684هـ )

-      القبو الزجاجي ( د. صابر عبد الدايم )

-      جواب الشهيد ( د. محمد عبد المنعم العربي )

-      الطائي والمعتصم (د. محمد الغرباوي)

والكتاب على صغر حجمه عظيم الفائدة . يميل كتابه إلى التركيز والتكثيف . أنه قدم لنا الفروق الكبيرة بين منظومة الأدب العربي ومنظومة الفكر الغربي وقد أختصر المسألة في جملة " منظومة الأدب الإسلامي هي منظومة مركزها التوحيد واطرافها هي كل حياتنا "

المراجع :

المرايا المحدبة ، عبد العزيز حمودة ، سلسلة عالم المعرفة/232 ، ص40 المرايا المقعرة ، عبد العزيز حمودة ، سلسلة عالم المعرفة/272 ، المقدمة الغزو الثقافي يمتد في فراغنا ، مؤسسة الشرق الأردن ، 1985 ، ص 108 منظومة الأدب الإسلامي ، د. صلاح عدس ، مكتبة جزيرة الورد ، ص95 منظومة الأدب الإسلامي ، د. صلاح عدس ، مكتبة جزيرة الورد ، ص10 منظومة الأدب الإسلامي ، د. صلاح عدس ، مكتبة جزيرة الورد ، ص26 ملامح الفكر الأوربي المعاصر ، دار الهلال (بدون بيانات) المذهبية الإسلامية ، د. محسن عبد الحميد ، كتاب الأمة رقم (6) ص88 ، 1404هـ . بية الإسلامية ، د. محسن عبد الحمي (المقدمة) مرجع سبق ذكره منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ، ص15 منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ، ص16 الحقيقة المطلقة ، محمد إسماعيل الحسيني ، مكتبة وهبة ، ص297 ، 1999 . منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ، ص9 منهج الفن الإسلامي ، محمد قطب ، دار الشروق مصر ، ص8 ، طـ 8 ، 1403هـ/1983 منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ص1016)         منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ص11

([2])  المرايا المقعرة ، عبد العزيز حمودة ، سلسلة عالم المعرفة/272 ، المقدمة

([4])  منظومة الأدب الإسلامي ، د. صلاح عدس ، مكتبة جزيرة الورد ، ص95

([6])  منظومة الأدب الإسلامي ، د. صلاح عدس ، مكتبة جزيرة الورد ، ص26

([8])  المذهبية الإسلامية ، د. محسن عبد الحميد ، كتاب الأمة رقم (6) ص88 ، 1404هـ .

([10])  منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ، ص15

([12])  الحقيقة المطلقة ، محمد إسماعيل الحسيني ، مكتبة وهبة ، ص297 ، 1999 .

([14])  منهج الفن الإسلامي ، محمد قطب ، دار الشروق مصر ، ص8 ، طـ 8 ، 1403هـ/1983

([16])  منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ص10

([17])  منظومة الأدب الإسلامي ، مرجع سبق ذكره ص11

وسوم: العدد 719