"هواجس الماء.. أمنيات الزّبد".. خواطر نسب أديب حسين

clip_image002_98663.jpg

حكمة "الماء" تستدعي الهواجس تجمعها.. و"الزبد" يبدّدها من جديد.

صدر كتاب" هواجس الماء...أمنيات الزّبد" للأديبة الفلسطينيّة نسب أديب حسين،  عن دار "الأهليّة للنّشر والتّوزيع" في عمّان، ويقع في 151 صفحة من الحجم المتوسّط، ويحمل غلافه الأوّل صورة لتمثال من صنع  سوزان لوردي وتصميم زهير أبو شايب.

لم يأت العنوان عبثا، ( هواجس الماء.. أمنيات الزبد)، فللماء دلالات، وللزبد أيضا دلالات، ولا زلنا تائهين بين حكمة الماء وهواجسها التي تستدعي الأمنيات، وبين الزّبد الذي يبدّدها؛ لنقع في دوامة هواجسنا من جديد.

  الكاتبة الجليلية  نسب أديب حسين جمعت عددا كبيرا من هواجسها بين دفتي كتاب، وزعتها تحت سبعة عناوين رئيسة.  جميعها كان فيها للماء نصيب، ولو بعنوان واحد. والماء له قدسية خاصة، فهو أساس الحياة، والقوة والقدرة على اجتذاب السلام.

الصورة المنعكسة عن الماء تفتح الطريق إلى عالم الخيال، ومرآة الماء هي فرصة للخيال المنفتح، تسحبنا نحو الأعماق حيث الجمال. الماء يضفي الشمولية والكمال، هو رمز للطهارة والنقاء والسكينة والهدوء، هو الحنين للمكان والذكريات والأطلال،  تجد فيه المقاومة والنضال والغياب، وفيه تجد أيضا بلسم النسيان.

هناك اصطحبتنا الكاتبة لنبحر في هواجس البحر والنهر داخل الوطن وخارجه، حيث الطبيعة، فلا أحلام تتحقق بعيدة عن الطبيعة البكر.

فتحت الكاتبة أبوابا، أدخلتنا أنفاقا، سرنا مسافة 147 صفحة من القطع المتوسط، ليطل علينا بعض نور يستشرف مستقبلا نأمل أن يكون كما نشاء. على الرغم من تيه طالنا حتى النخاع.

كان لفلسطين الحضور الأقوى، أوجعتنا غزّة، وتنهد سور القدس، وسمعنا صرخة استغاثة من عواصم الوطن الأكبر المنكوبة، فلا موانىء ولا ملاجىء.

أمّا الابداع فقد تجلى فيما يخص الراحل سميح القاسم، حيث قالت الكاتبة:

"فكيف يسقط شعب يدرك أنك ابنه يا سميح؟ وكيف المدن لا ترقص حيث تسمع صهيل ابتساماتك عند المداخل، ولا تتعطّر وترتدي القصائد، وتقف في الأزقّة تنتظر عينيك، تزيّن الدّرب الرّياحين"؟

وأكدت فخورة في ختام خاطرتها: "ونسير شامخين فما انحنى شعبٌ ومنه سميح".

وقد أتت صورة الغلاف، صورة لتمثالٍ من صنع الفنانة سوزان لوردي، بعدسة المصور عبدالله القضماني.  الصورة لشجرة شامخة، لون جذعها أبيض، دلالة الطهارة والنقاء، لها رأس امرأة، جذعها راسخ في الأرض يحدث عن جذور عميقة، من الصعب اقتلاعها. الرأس مرفوع شامخ حدوده السماء، الساعدان قويان بمثابة الملجأ الآمن لكل صاحب حاجة. فالعصافير المهاجرة تحط عليهما بأمان. ربما قصدت به الوطن الأكبر؛ الوطن العربي.

هي إحدى الامنيات التي حملها لنا رذاذ البحر، فأنعشنا بها.

ويبدو أن الطّفولة لا تمحى من الذاكرة أبدا، حتى لو كانت خارج الوطن، حتى لو كان المكان "سويسرا"  وتحديدا على ضفة نهر الراين، حيث ولدت الكاتبة.  فالحنين دوما يشدنا إلى الماضي بكل ما فيه من ذكريات، تنغمس في خيال محبب يحلّق بنا عاليا، فينتج لوحة إنسانية جميلة تحرّك بنا مشاعر مضت، تطفو على النفس،  فتعتصر دمعة في الحاضر، تولّد أملا لمستقبل آت ينتظرنا.

سمعناه يهمس، أسمعتنا الكاتبة النهر وهو يهمس في قلبها، " حبيبتي أنت"، بعد أن تمدّد في جسدها، حيث غابت كل الأصوات ولم نسمع سوى صدى حكمة "الماء" ونقائه، لتعيد لنا التوازن العاطفي رغم جل التناقضات التي نحياها، ولا زلنا نغوص فيها.

وسوم: العدد 721